مشـــــاهــــدات
مؤتمر المجلس الوطني:-
قد يقول قائل أنه لم يكن بالإمكان أبدع مما كان، ولكن:-
- الأمل كان معقوداً أن يخرج المؤتمر بما يتواءم مع حساسية المرحلة التي تولد فيها قوى مجهولة الهوية تباعاً وتتحرك بقوة داخل الأوساط الإرترية، ولا يتم ذكر المجلس في أي من نشاطاتها المكثفة لا من قريب ولا من بعيد.
- لم يظهر المجلس بما يمكنه من طرق الأبواب الدولية اللاهثة إلى ضمان خيارات تتماشى مع مقتضيات أجنداتها حال حدوث تغيير تراه تلك القوى حادثاً لا محالة، خاصة وأن المنطقة تتجه نحو الإتيان في شكل جديد وثوب أكثر قرباً من ألوان أعلام الدول العظمى، وما حدث بإثيوبيا والسودان ليس ببعيد.
- لم يسعَ المجلس إلى الوصول للأجيال الجديدة وخاصة القادمين من أهوال النظام، ومن ثم لم يتسم مؤتمره بالواقعية التي كنا نرجوا، ولم يجدّد كيانه وأسلوبه بعد فترة البيات الطويلة التي أعاق فيها كلّ أمل في العمل الوطني الجماعي.
- المحاصصة التي كانت سيدة الموقف لن توصل الى العمل الجاد المنضوي تحت المظلة الموحدة ومن ثم سيكون واقع الحال الإنتقال من جمود إلى جمود حيث الفرق الوحيد بينهما في الأسماء ثمّ قليل من الشرعية.
- لم يتم استحداث آليات وأجهزة تضمن العمل الفاعل وتضمن الوصول إلى الإنسان الإرتري المقهور في كل مكان.
- لم يتم العمل على ضمان مصادر التمويل لأنشطة المجلس، مع العلم بأنّ رأس مشكلة عدم تفعيل المجلس خلال أعوام القحط الماضية كان عدم وجود مصادر لتمويل الأنشطة وضمان التحرّك. هذا بالإضافة إلى مشكلة المحاصصة التي تبقي كلّ فرد في حضن حزبه ويعمل لصالحه أكثر من اهتمامه بالقضية المركزية التي وحدت كل الكيانات وتم على اساسها بناء كيان المجلس.
- لا توجد استراتيجية عمل معلنة يلتزم بها كل عضو منضو تحت سقف المجلس ومن ثم سيكون المجلس متفرجاً في الساحة التي أصبحت مرتعاً لكل من هب ودب، وليس أسخف مما ترى اليوم من تهاوي لمفهوم الكيان الإتري لصالح كيان تقراي الكبرى لدى البعض.
- ما زال المطبلون والفقاعيون أصحاب الصوت الأعلى في المجلس ومن ثم الأمل غير معقود عليه إلا إذا استقام وأقام عوده وعمل على مهمته الجوهرية بعيداً عن الصخب التي تقوم به تلك الأصوات.
- وحتى نختم بالإيجابي من الأمر فإنّ بعض الأسماء في قيادته الجديدة قد تتمكن من تحسين الخطاب إذا استطاعت أن تخرج عن أطر التقليدية التي لازمت المجلس.
مؤتمرات الشباب:-
ربما رأيت أنشطة الشباب هذه أهم الأحدات وأفضلها خلال الفترة الماضية وذلك للأسباب التالية:-
- هؤلاء الشباب هم من يتصدون لقفزات الهواء التي يعج بها الفضاء الإسفيرى التي تعمل على تشكيل الوعي العام لشبابنا ومجتمعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ولن يكون أقلها شأنا معركتهم الدائرة حالياً ضد من قالوا أنهم تقراويون أكثر من كونهم إرتريين، في مسعى تقراوي لإذابة الإنتماء الإرتري في الإنتماء القومي (التقراي – تقارنياوي)، علماً بأنّ التسجيلات الخاصة بهذه الأنشطة تصل إلى الداخل الإرتري بانتظام.
- واقع الحال يقول أن فكرة التأسيس لكيان شبابي مستقل ربما وجدت طريقها إلى النور بعد تهميش القوى السياسية لدور الشباب وعدم اكتراثها بإمكانياتهم ومشاكلهم وخبراتهم التي أصبحت أعمق من خبرات السياسيين التقليديين، وذلك لأنّ هؤولاء الشباب قد عانو الأمرين من النظام وعرفوا أساليبه وعانو من ويلاته، وحاربوا أجنداته في الخارج بكلّ الوسائل.
- عدم اكتراث أدعياء المعارضة بالعمل الجاد الذي يمكن أن يوصل إلى الضغط المباشر على النظام ومن ثم المساهمة في التغيير القادم.
- نقطة هامة أخيرة هي أنّ تجمع الشباب في حدّ ذاته إنجاز عظيم. أقول هذا ردّا على القائلين بعدم وجود أجندة واضحة لمؤتمرات الشباب، علماً بأنّ هذه المؤتمرات استكشافية أكثر من كونها مؤتمرات سياسية ذات أجندات تقليدية.
نصيحتي للجميع أن دعوا هؤولاء الشباب وشأنهم حتى يأتوننا بما لا قبل لنا به من أفكار ومشاريع وربما قد يأتوننا بالحل الأمثل الذي عجزنا نحن عن الوصول إليه. وعلى الجميع الكف عن محاولات اختراقهم وإلباسهم أثواباً ليس أثوابهم ولا تظهر في أي من مواقفهم ونشاطاتهم.
الســـــــــودان:-
الحال يمكن القول فيه بأنّ نصف ثورة خير من لا ثورة، وأنّ التعامل مع نصف النظام خير من التعامل مع كلّه، وسياسة الخطوة خطوة مع الثبات في الحشد الثوري سيؤدي الى الأهداف السامية للثورة السودانية بتكاليف أقلّ مما كان متوقعاً، وذلك لتغلغل النظام في كل مفاصل الدولة عبر ثلاثين عاما من السعي للـ”تمكين”، وأنّ من يتمّ التعامل معهم من كيانات الدولة الحاملة للسلاح، والكيانات الدعائية، ومراكز القوى المجتمعية جميعهم صنيعة النظام. وعليه فإنّ أفضل الحلول أن يستمر الضغط ويستمر معه تحقيق أهداف الثورة الواحدة تلو الأخرى، شريطة أن لا ينقطع ضغط التواجد المستمر في الشارع وإزعاج من بقي من النظام داخل مربع السلطة بالحراك القضائي حيث يتم إغراق المحاكم بالقضايا ضدهم وتثبيت تركيزهم في الدفاع عن أنفسهم.
ولا نشك هذا الحشد المستمر والحراك الثوري الثابت قد يستمر لسنوات وربما سيكون له أثرٌ إيجابي في نفوس أفراد شعبنا ومن ثم سيكون مصدر إلهام له في التحرك المتدرّج والدائم.
إثيـــــــــــوبيا:-
مشروع تمكين الأوروموا تحت مسمى “استعادة حقوق المضطهدين التاريخيين” مستمرّ، وفي المقابل تفجير الوضع بين قوى الحكم التقليدية الأمهرا والتقراي مستمرّ. والعازف الوحيد في هذه الأوركسترا هو ذاته المايستروا وهو ومجموعته هم من أعدّ سيناريوا اقتلاع القوى التقليدية وصرفها نحو الإضمحلال الذاتي بالتصارع فيما بينها، تؤججه القوى الحديثة متى ما بدت فيه سمات الهدوء والوصول إلى نقطة توازن القوى.
الدكتور أبي أحمد علي الذي امتلك كل أدوات النجاح في امكانياته وشخصيته وأسلوبه وواقع المنطقة التي ظلت تهوي إلى القيعان رغم إمكانياتها الهائلة من الثروات الطبيعية والبشرية والإسترتيجية؛ واجه وسيواجه هذا الواقع باحترافية رجل المخابرات ومتخصص فض المنازعات (وهو بالضرورة قادر على تأجيجها)، يجلس بتمكن فوق جبل البركان الهائج في إثيوبيا والمنطقة ويعمل على تقسيم وتوجيه حِمَمِه إلى حيث اقتضت مصالحه هو وفئته.
دراما الإنقلاب في إقليم الأمهرا ومقتل حاكم الإقليم الدكتور أمباتشو مكونن ونائبه ثم مقتل أقوى مهدّد لأبي أحمد من التقراي، رئيس الأركان الجنرال/ سعري مكونن التقراوي، والجنرال قزائي أبرّا التقراوي هو الآخر، في ظروف غامضة، وردّ حكومة أبي أحمد ببيان غير مقتع يكاد يقول صاحبه أنظروا إلي أنّني أحاول إخفاء الحقيقة ليطرح من وراء ذلك نظرية المؤامرة ويجدّد الصراع بين إقليمي الأمهرا والتقراي. ثمّ أنّه وإكمالاً لسيناريو صناعة المؤامرة فقد تمّ إتهام الجنرال الأمني أسامنو تسيقي الذي سجن مهدّدا لأمن الدولة وخرج أميناً على أمن الدولة بناءً على توصيات من متنفذين في إقليم الأمهرا!!
النتيجة الحتمية هي أنّ قوى الحكم التقليدية ستنصرف إلى حربها البينية أكثر عمقاً وأنّ أبي وصحبه سينطلقون في اتجاه تصفية موروث الحكم الأمهروي التقراوي.
الكنيسة الكاثوليكية:-
التعدي على ممتلكات الكنيسة الكاثوليكية غير مقبول جملة وتفصيلا بالرغم من أنّ تمدّدها كان غير منطقي نظراً لأنها كانت تقوم ببناء الكنائس في مناطق لا يوجد بها أيّ من معتقدي الديانة الكاثوليكية وقد كان ذلك تحت سمع وبصر النظام.
مجموعة يآاكّل (كفاية):-
فقاعة تتمدّد وتنتشر وتدّعي أنّها تعمل في الداخل بقوة وجدّية حتى ادعت مقتل أحد أفرادها ضمن الأنشطة المقاومة في أسمرا ولم يتم تقديم أي دليل على نشاطها في الداخل عدا حكاية القتيل غير الواضحة.
الغموض الذي يلف هذا الحراك قد يصل به إلى أن التلاشى والإختفاء في أي لحظة أو قد تجده يدخل في حظيرة النظام تحت أي إدعاء في أي وقت. ولكن ربما ينبت تحت ظله البديل المحتمل للنظام باعتباره حراكاً يعمل على السيطرة على الأضواء، ويسعى للظهور باعتباره العمل المقاوم الذي يزعج النظام، وربما النظام يهادنهم باعتبار أن مطالبهم سطحية وقابلة للتنفيذ دون أن يخسر النظام شيئاً (لقاء الوزيرة فوزية هاشم في دالاس على سبيل المثال).
هيلي منقريوس:-
ينتظر وينتظر وينتظر ويعمل على تلميع شخصيته، بالتعاون مع القوى الكبرى بانتظار الحدث – عن مؤتمر لندن (24/إبريل 2019) أتحدّث.
إنهيار قبة جامع كرن:-
الجامع العتيق في كرن أثر لا يحتمل أن تُبقى المدينة على إسمها بدونه. ولكن الأمر يسير نحو التغيير الشامل والتبديل الكامل، فبعد تغيير ديموغرافيا المدينة يتم تبديل معالمها، ومن ثم لن يحرّك النظام ساكنا لترميم الجامع ولا تظهر في الأفق أية ضغوط قد توصل إلى استعادة هذا المعلم الأثري.
بشرى بركت
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=44115
أحدث النعليقات