مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة
منذّ إعلان الكفاح المسلح في أرتريا في الفاتح من سبتمبر عام 1961 إيذاناً بإعلان الثورة الأرترية وإحقاق الحق بدأت مسيرة التحرير, وقدم الشعب الأرتري قوافل من الشهداء من القادة الأبطال والجنود الشرفاء من أبنائه في سبيل حرية الأرض والإنسان .
وبتراكم نضالات الشعب الأرتري وتعاظم كفاحه تحقق النصر بجلاء آخر جندي من قوات الاحتلال بتاريخ 24/5/1991 وتكلل ذلك بإعلان دولة أرتريا في العام 1993 كاملة العضوية بين الأمم .
وتطبب الشعب الأرتري من جراحات الظلم والقهر والعدوان بهذا النصر العظيم وتحقق حلم الإنسان الأرتري في دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة دون وصايا من أحد بدماء أبنائه الطاهرة التي روت شجرة الحرية .
وأصبحت هذه الحرية عزاءً لكل من فقد عزيز( ابن – أم – أب – أخت – زوج ) أو قريبا من أهله وذويه من أجل ترابك يا بلادي يهون الغالي والنفيس بدمائنا وأرواحنا وفلذات أكبادنا فداك .
انتصر الشعب الأرتري وتشابكت الأيادي وتعانقت الحناجر مبروك يا شعبي العزيز, وبدأت المرحلة الأصعب ألا وهي تحقيق حرية الإنسان من خلال بناء مؤسسات تقوم عليها دولة أرتريا الحديثة وإحقاق المبادئ التي ترتكز عليها في بناء هذه المؤسسات (الحرية-الوحدة-العدالة).
قبل أن تجف دموع الفرح ونشوة الانتصار قام أسياس و جماعته بتسريح قوات التحرير التي دكت حصون العدو وفتحت أبواب العاصمة (أسمرا) إعلاناً بميلاد فجر جديد كتبت حروفه بدماء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر, وعندما تساءلت الناس لماذا؟ وما العمل؟ أعلن أسياس وجماعته حروب الجهات الأربعة ( السودان – اليمن – جيبوتي – السعودية – أثيوبيا ) والكل يعلم بأن أعداداً غفيرة من أبناء الشعب الأرتري راحت ضحية هذه الحروب بحجة الدفاع عن الوطن ولكن حقا هي كانت للدفاع عن نظام أسياس وجماعته وهذا موثق ومدون في مفكرة الشعب الأرتري البطل .
عندما تساءل الناس وحتى الذين صحى ضميرهم من داخل جماعة أسياس لماذا هذه الحرب؟ ومن المسؤول؟
كانوا يزجون بالسجون إلى جانب الشرفاء الذين سبقوهم من أمثال الشيخ المناضل محمود ديناي والمناضل محمد خير موسى وكل الأوفياء من أبناء الشعب الأرتري البطل من كافة قطاعاته.
أما هذه القوة التي أطلق عليها مجموعة /13/ ومجموعة /15/ وآخرين جميعهم أعضاء للحكومة الأرترية المؤقتة التي امتد عمرها إلى عشرين عاما والتي اتخذت الجمعيات الحقوقية الأرترية تاريخ اعتقالهم 18/9/ يوم الأسير أو المعتقل والسجين الأرتري المحروم من الحقوق المدنية يوم عيد الأسير الأرتري.
لا أريد أن أسبح عكس التيار في هذه المسألة وأقول نرفض هذا التاريخ ولكن أتحفظ عليه لأنه يجحف في حق آلاف المعتقلين والمفقودين من الشعب الأرتري منذ إعلان الكفاح الأرتري السلمي والعسكري إلى يومنا هذا في مسيرة حرية الأرض والأنسان .
وهنا لا بأس فهؤلاء أيضا من أبناء الشعب الأرتري ومن حقهم أن يعترضوا وأن يتساءلوا لماذا؟ ومن المسؤول؟
وهم أيضا أعضاء بارزون في الجبهة الشعبية والحكومة المؤقتة على سبيل المثال(شريفو-هيلي دروع- بطرس سلمون-حامد حمد) إلى آخر القائمة.
ولكن عزاءنا في تلك الكوكبة من الشرفاء المناضلين من كتاب وصحفيين وفنانين وسياسيين وكل من عمل من أجل شعبه بإخلاص وهذا لكي لا نقع في التعميم لأن كل شيء في هذه الدنيا نسبي حتى العدالة نسبيه، فقط عدالة السماء هي المطلقة.
ولكن هل اعتراضهم كان من منطلق إيمانهم بحرية الإنسان الأرتري في عملية اختيار قرار الحرب والسلم أم هو الاختلاف على النفوذ في تقاسم الكعكة لأنهم من جماعة واحدة وأصحاب مشروع واحد (نحن وأهدافنا) باستثناء القلة الذين جاؤوا بهم من أجل التجمل والرتوش كي لا تخرج الصورة بلون واحد .
وهذ فقط لتسليط الضوء على أعمال منظمات المجتمع المدني التابعة للتحالف الديمقراطي الأرتري وتنبيهها في الأخذ بعين الاعتبار كل خطوة تخطوها في العمل النضالي لأن عيون وأفئدة الشعب الأرتري تنظر أليهم وتنتظر منهم الكثير من أجل إحقاق الحق ونصرة المظلوم.
لنعد إلى المؤتمر القادم ببشائر الخير والحق والمجلس الوطني الواحد والمرجعية الواحدة بشرط أن يأخذ كل المسائل العالقة بعين الاعتبار بالبحث والدراسة ولا سيما مع قيادة التحالف الديمقراطي لكي نخرج بمشروع توافقي يلبي طموحات الشعب الأرتري في (الحرية- الوحدة- العدالة) .
فسقوط نظام اسياس وجماعته وارد في أي وقت بحكم الربيع العربي الثائر الذي له التأثير المباشر علينا ,فماذا لو سقط نظام أسياس وجماعته ونحن لا نملك مرجعية واحدة ولا مشروع وطني واحد متكامل من أجل الحكم والبناء والتنمية .
ولو رجعنا إلى الوراء قليلا لسبر مسيرة النضال الأرتري فجبهة التحرير رائدة الكفاح الأرتري كان همها الأول والأخير تحرير أرتريا ولم يكن لديها مشروع كامل لما بعد التحرير وكيفية تهيئة وتكوين التحالفات وتقاطع القوى الكبرى في المنطقة وحتى الإقليمية منها .
على سبيل المثال طلبت أمريكا في ثمانينيات القرن الماضي من جبهة التحرير الأرترية المساعدة في عملية إيصال السلاح والمؤن للجبهة الشعبية للتحرير تغراي (جماعة زيناوي) رئيس وزراء أثيوبيا الحالي فرفضت أولم ترد على الطلب الأمريكي قيادة حزب العمل التي كانت تسيطر على مقاليد الأمور في جبهة التحرير الأرترية.
وعندما عرض هذا الطلب على الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا تلقفته على جناح السرعة القصوى وعرضت خدماتها بشرط أن ينوبها من الحب جانب.
وكان لها ما أرادت وباركت أمريكا لإخراج جبهة التحرير من الساحة الأرترية وهنأت قيام التحالف بين الشعبيتين الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا (جماعة أسياس) والجبهة الشعبية لتحرير تغراي (جماعة زيناوي) وهيأت له إقليميا ودوليا انتهاءً باستيلاء الشعبيتين على مقاليد السلطة في كل من أثيوبيا (جماعة زيناوي)وفي أرتريا (جماعة أسياس) والحق يقال نجحت حكومة (ملس زيناوي) في إقرار نظام ديمقراطي في أثيوبيا ولو نسبياً أما حكومة أسياس وجماعته هيهات .
ولكي لا يتكرر المشهد يجب أن نقر في المؤتمر القادم مسودة الدستور الانتقالي لتكون المرجعية في إدارة البلاد بعد سقوط النظام ومجلس وطني تقع على عاتقه مسؤولية إيجاد العون والتأييد إقليميا ودوليا من أجل الخلاص من نظام أسياس وجماعته وتأسيس اللبنة الأولى لبناء أرتريا الحديثة دولة المواطنة.
وهذا للتذكير والتأكيد لقوى المعارضة الأرترية بقيادة التحالف الديمقراطي , ليس لدينا مشكلة مع أشخاص ولا مع دينهم ولا عرقهم ولا مناطقهم بل فقط نطالب أن تكون لنا مرجعية واحدة تبدأ بإقرار مسودة الدستور الانتقالي ونؤمن عليها لتكون ضمانة لنا جميعا وحجة بوجه كل معترض أو متسائل أو مشكك .
وبالطبع ليست مسودة الدستور الانتقالي منزلة من السماء بل هي من صنع البشر بالتوافق والاستئناس ويمكن أن تحذف منها مواد أو تضاف أليها مواد ليكتمل دستور البلاد العتيد (حرية- وحدة- عدالة).
الصحفي: محمد نور وسوك
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18154
أحدث النعليقات