مصادرة الإسلام والسلام في إرتريا قوة داخلية وجبن خارجي
بقلم : دكتور الجبرتي
في زحمة من تطور الحالة الروهنجية واستغفال الراي العام الدولي والاقليمي باوضاع المسلمين في بورما ، اصدر النظام الارتري قراراته لاقتلاع آخر حصون الاسلام في العاصمة اسمرا ، بعد أن ضمن العقوبة من الخارج ، وساعده الصمت والتجاهل الاسلامي الاقليمي ، من الدول والمنظمات الرسمية والشعبية و الإعلامية .
حتي تجار الدين من منظمات وتنظيمات وافراد ، ارتريين وغيرهم ، لم يتحركوا بعد حتي بالحجم الذي يساوي مصلحتهم الخاصة من عرض القضية الاسلامية في ارتريا . فالوضع الاقليمي والدولي إثر التحولات في الخليج العربي الداعم الرئيسي للعمالة والبزنز الاسلامي ، مصاب بحمي الصراع العربي العربي ضد دعم عملاء السياسات المذهبية والفكرية ، وتصدير الافكار الارهابية من هنا وهناك بشتي السبل . و مابين هذا وذاك تغطي عيون العالم الاسلامي ومنظمات الامم المتحدة الانسانية ، غيمة سوداء تمنع وصول اخبار الاضطهاد الديني والعرقي والسياسي في ارتريا .
مدرسةالضياء الاسلامية ، اخر القلاع في العاصمة الارترية اسمرا ، والتي بقيت رمزا للتعليم الاهلي في اسمرا منذ العهد الامبراطوري وحتي عهد الشيوعية الحمراء ، ظلت تنشر الضياء بفضل ادارتها الاهلية الخبيرة في التعامل مع تقلبات الدهر والحكومات والنظم القهرية ، ولم تتعرض لسوء يقصم ظهرها كما اليوم ، لانها تلتزم بكل معايير القانون الذي تم انشاؤها بموجبه ، كما لم تتعرض لأية نظام حكم او تشارك في جهوية او مذهبية دينية او صراع عقائدي مع النصاري ، فاستطاعت ان تعيش وسط كل الظلام نورا ينشر ضياءه للجميع مسلمين ونصاري ، دعما للفكر الاسلامي المستنير المتعايش .
ثم ورثها النظام الارتري بعد الاستغلال ، و بفكره الشيطاني و توجهه المعادي للتعايش والحوار الثقافي والاجتماعي بين الجماهير الارترية ، ظل ومنذ وصوله لسدة الحكم يبحث عن كل ما يشتت شمل الامة الارترية وتماسكها . فتارة يزرع كوادره المخربة في المؤسسات والتنظيمات الدينية في الداخل والخارج ، ليصنع الجدال والصراع بين فئات المجتمع ، وتارة يستخدم ادواته في السلطة ليزيد من الشقة وليضعف اللحمة بين ابناء الفئة الواحدة ، وابناء الوطن المتحد .
وبدأ النظام في التلصص علي المدرسة وزرع عيونه وعملائه ، ممن تلبسوا المذاهب الاسلامية المتعددة ، الارهابية منها والسلامية . الا ان حنكة الادارات الاهلية افشلت كل محاولات اظهار توجه موحد لفئة دون فئة في المدرسة . ورغم ذلك فرض النظام منهجه الدراسي العقيم علي المدرسة ، وقبلت به علي مضض ، واستطاعت ان تتماشي معه بتوفير فرص لدراسة الثقافة الاسلامية واللغة العربية خارج الاطار المنهجي لمقررات النظام ومعه .
رغم هذا التخاذل الذي تعاني منه الحالة الانسانية والحقوقية في ارتريا ، صمد قادة الضياء الاسلامي ، في وجه الاضطهاد والجبروت من النظام المتسلط ، ورفضوا الا ان تتم كل الاجراءات بالديموقرطية والشوري التي سارت عليها ادارتها خلال عمرها المديد ، وعبر كل السلطات المستعمرة والمحلية . وبعد جدال من اجهزة وادوات النظام ، وحوار وعقلانية من ادارة المدرسة ، استعجل النظام قراراته ، خوفا من تجييش القضية للصف الاسلامي و الانساني في ارتريا ، وقام باعتقال المئات من اعضاء الادارة ومجالسها الشورية ، ومعظمهم من كبار السن الثابتين علي المبادئ المصارعين من الداخل كل النظم و الاجهزة القمعية ، ممن تجاوزت أعمارهم السبعين والثمانين والتسعين عاما .
وكانت الادارات الاهلية وفي كل مراحلها للنقاش الموضوعي مع النظام ، تسأل لماذا لا يتامل النظام بنفس الاسلوب مع المدارس الكنسية ؟ لماذا لا يصادر ممتلكاتها ويغير مناهجها ؟ لماذا لا يحاول التدخل في طريقة اداراتها ؟ وهو سؤال منطقي لابد من البحث له عن اجابة ؟
وكعادة المنظمات الاسلاموية الربحية خارج ارتريا والمنشغلة بتوزيع الارباح تقاسم ما تبقي من اموال الاضاحي وافطارات رمضان ودعم اللاجئين وطلابهم وملابس اعياد اللاجئين في كنتوناتها الجهوية الدينية . لم يبلغها الخبر الا بعد ان شاع في الاوساط الاجتماعية بعد اشهر من الصراع المر بين ادارة المدرسة والنظام لفترة تجاوزت السنة ، بالحوار المباشر ، وقبلها بالحوار غير المباشر عقب وفاة المفتي السابق للنظام الارتري .
ولتشتتها المبيٍن لعمالتها السياسية و رعايتها لمصالح الجهات والدول الداعمة ، بين الاخوانية العالمية والاقليمية ،والسلفية بكل تفاصيلها الاقليمية ، لم تستطع حتي اليوم قولا ولا فعلا ، فقد ضعفت انتهازيتها الجهوية والمذهبية مع ضعف الداعم الصاحب الفكرة الرئيسية من صناعتها .
حتي النظم الحاكمة المتلبسة باسم الاسلام والعروبة في الاقليم العربي ، والتي ترتع في بلادها هذه التنظيمات العميلة ، لم تقم باي شيئ يوازي ادعاءاتها الانسانية و الاسلامية . فحجم ماساة الانسانية والاسلام في ارتريا ليس مهما لتناوله والانشغال به حسب رؤيتها الدينية والمذهبية . فالمسلم الابيض لديهم اهم وافضل واكثر ربحية من المسلم الاسود .
مدرسة الاستاذ بشير ، وهو الاسم الذي اشتهرت به مدرسة الضياء ، وخرجت الافذاذ من حملة الفكر السلامي والتعايش والحوار ، مثبتتة به مبادئ الانسانية والاسلام الشامل الكبير في ارتريا . ستظل نورا للجميع بلا جهوية او مذهبية كما كانت ، وستظل الشعلة التي تضئ بلا من ولا رياء ، وسيدفع الجميع ثمن بقائها واستمرارها تعايشا وحوارا وبناء .
وانا اكتب هذه الخاطرة او المقالة ، سألني أحد الاخوة المتابعين للشان الارتري ، اين طه توكل مسؤول قناة الجزيرة في اديس ابابا من هذه الازمة ؟ أليس هو المسؤول في هذه المرحلة عن نشر الحالة الانسانية لاهله واخوته الارتريين ؟ فلم استطع الاجابة عليه ، لاني اعلم يقينا ان موزة قطر القرادة البدوية وصبيها الحاكم وخارجيتها وصرصارها المزعج خناة الجزيرة ، ومذهبهم الاخواني ، مشارك في الجريمة وكل مراسليه ، ولا يمكنهم فضح انفسهم ونشر جرائمهم الداعمة للنظام الارتري .
ومن هنا اقول لماذا لا يقوم الارتريون في الخارج والكثيرون مالا وعددا ومنظمات مدنية ربحية وغير ربحية ، جهوية وغير جهوية ، دينية وغير دينية ، افرادا وجماعات ، بانشاء قناة فضائية ، تحكي قصتهم بطريقة خبيرة ؟ وقيمتها الشهرية الان لا تساوي اكثر من 6000 الف دولار ، وهي اقل مما ينفقونه في تدخين السجائر شهريا ؟ لماذا يبحثون عن الاخرين ليبكوا عنهم جراحهم ؟ الم يكتفوا من البحث عن بكائين ومضمدين لهم من الخارج ؟ الم يأن للارتريين ان تخشع قلوبهم وعيونهم لاوضاع بلادهم حقيقة ؟
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=42202
أحدث النعليقات