مـاذا يطبـخ في الغـرف الخلـفية (2) ..!!

يعتقـد البعـض ان هنـاك عمـلا سـياسـيـا وامنيـا وعسـكـريـا يتـم التخـطيط له بحـذر شـديـد وفي سـرية تـامة، ولـكن البعـض الآخـر يجـزم بوجـوده ويؤكـد بأن الجهـات التى كلفـت او بالأحـرى اخـذت على عاتقهـا مسـئولية مهـام تسـوية وتنظيـم وتغييـر وتبـديـل انظـمة منـطقة القـرن الافـريقي، بـدأت فعـلا مواصـلة مهـامهـا المنـوط بهـا تنفيـدهـا مـن قبـل السـيـد الجـديـد، وهى اليـوم تعمـل بهـمة ونشـاط ملحـوظ لاٍخـراج الطبـخة الجـديـدة بمـا يتناسـب مـع امـزجة وسـياسـات السـيـد الجـديـد للعالـم القـديـم الـذى يـراد تشـكيله مـن جـديـد !!، وقطعـا نحـن لسـنـا اسـتثنـاءا مـن التعـاطى مـع ظاهـرة التشكيـل الجـديـد او خـارجـا عـن نتاجهـا الـذى سـتأتى بـه الطبـخة الجـديـدة، وعلى اقـل تقـديـر نحـن حـوائجهـا ومصـدر رائحتهـا اذا افتـرضنـا ان غيـرنـا هـم عناصـرهـا وهياكلهـا الاسـاسـية الاخـرى.

هـذه المعلـومـات قطعـا ليـسـت سـرا يـذاع لأول مـرة مـن خـلال هـذه السـطـور او كاتبهـا المغمـور، ولا هى الشـيئ الـذى يمـكن اخفـاءه طالمـا قـرر السـيـد اعـلانه وأمـر بتفعيـله على مـرأى مـن القـاصى والـداني، ومـن ثـم قـام باسـنـاد المهـام لمـن يقـوم بتنفيـذهـا طبقـا لارادته وتعليمـاته وامـلاءاته الفـوقية التى لا تنقـد ولا تناقـش مـن قبـل المنفـذيـن، ولا شـك ان الأغلـبية الـتى يهمهـا الأمـر هنـا وهنـاك ومابينهمـا قـد علمـت بالخبـر اليقـين ووافقـت عليه طائعة او مجبـرة دون ان تعلـن تـذمـرهـا او حتى رفضهـا المضمـر لأنهـا لا تسـتطيـع ان تخـرج علينـا بـرفـض معلـن او بوجهـة نظـر تـوازى بـرامج السـيـد، كمـا لا تجـرؤ على مناقشـة القضايـا مـع الجـهة المنـاط لهـا بالتنفيـذ والمتابـعة، ذلك لأن الاخيـرة ايضـا لا تمـلك جـرأت مـراجـعة سـيـد العالـم، ولا هى مجبـرة لمناقشـة صـاحـب الشـأن الـذى اصبـح شـاهـدا على ضيـاع حقـوقه وممتلكاته المـوروثة ابـا عـن جـد.

انطـلاقـا ممـا ذكـر آنفـا وخوفـا على مصيـر الوطـن الغـالى جـدا، واسـتباقـا لمنع اى نـوع مـن اللبـس والتـدليـس، وحفاظـا على مقـدرات شـعبنـا البطـل، ايضـا تحقيقـا لـرغبة عـارمة يهمهـا معـرفة مجـريـات الامـور ـ نـريـد ان نتسـائـل مـن موقعنـا المنـزوى جـدا مـن خـلف المتاريـس البشـرية، ومـن مؤخـرة صفـوف القـوى الوطـنية المناضـلة، ومـن خلفـية شـعبنـا الـذى نعتبـره حجابنـا الحصـين، ودون ان نتطـاول على ســيد العالـم الجـديـد او نتحـرش بمنفـذ تعليمـاته، وايضـا بعيـدا عـن مـلاعـب مـن وقـع عليه الاختيـار ليصبـح ( دوبلاجـا) للبطـل القـومي، ومـن غيـر ان نتعـرض لغضـب السـماسـرة والمـرابـين ومـن سـتصيبهـم ذراة رزق معجـون بالـذل والمسـكنة والهــوان، وبعـد السـلام واداء واجبـات الاحتـرام لأصحـاب الشـأن العظيـم، اولئـك المحـرومـين الصامـتين الـذيـن سـتكون لهـم الكلـمة الفصـل بـل الكـلمة الاخيـرة اليـوم او غـدا ـ ورغـم انـف المتفقـين والمختلفـين وصناعهـم في الـداخـل والخـارج .. بعـد المـرور بـكل تـلك المحطـات يسـرنـا ان نسـأل، ونتسـائـل ومـن ثـم نتعـرف سـلفـا على ما قـد يفاجئ سـاحتنـا وما يعكـر صفـاء ذهـن قادتنـا ومـن يـدور في فلكهـم .

على كل حـال نـريـد ان نتسـائـل ونعـرف بعضـا ممـا يـدور مـن حولنـا، ومايـدبـر في شـأن وطننـا الغـالى ومقـدرات شـعبنـا العظيـم، وذلك دون ان نقـلل مـن نخـوة شـبابنـا الـذى نتوقـع منه الهبـة الثانـية والصـرخة الأخيـرة، والغضـبة المـدمـرة التى تجمـع شـتات اهلنـا وتسـبق لحظـات انتصـار شـعبنـا الـوفي. مـن بعـد ذلك لسـنـا معـنيين بمـن يجـرى وراء السـراب او يجـارى ,, هامـان او فـرعـون،، ليـرمـوا له ببعـض الفتـات بـديـلا عـن مسـتحقاته الوطـنية.

عليه نتسـائـل مـا اذا كان السـيـد ,, منفـذ التعليمـات،، قـد درس فعـلا قضايـا شـعبنـا وعـرف مجمـل مطالبه ورغباته ومـا يـرمي اليه مـن وراء تمـرده وثـورته ضـد النظـام الـذى يحكـم البـلاد والعبـاد، مـن خـلال عـصـاه الغليـظة، آذانه الصمـاء، عيـونه العميـاء وعقـله المغلـق الـذى لا مكان فيه لمـا يسـمى حقـوق المواطـن الانسـان، واخيـرا مـن خـلال قلبه المبتـور الـذى خـلا مـن الـرحـمة والـرأفة ومـن كل ما توصـف به الاعمـال الخيـرة، وهـا هى تسـاؤلاتنـا السـياسـية والتنظيـمية وهمومنـا الوطـنية التى لانقبـل ان يتـلاعب بهـا انـس او جـان، ورغـم هـذا وذاك لابـد ان نقـدمهـا لـكل مـن يهـمه الأمـر.

في البـدء يهـمنى ان اوضـح بأننى لسـت معنيـا بمناقشـة موضـوع عولـمة سـياسـات منـطقة القـرن الافـريقى الآ ضمـن آخـريـن، لأنه شـأن مشـتـرك مـا بـين عـدد مـن الشـعـوب، عليه سـأحصـر تسـاؤلاتى في الآتى:

اذا كان ,, الوصى،، على المنـطقة عـازمـا على مواصـلة حـروبه التأديـبية في المنـطقة كمـا هـو واضـح مـن حشـود كـلا طـرفي الصـراع، فنحـن ضـد الحـرب سـواء جـاءت بشـكلهـا الانتقـامى او التأديبي، ايضـا لابـد ان نوضـح لمـن يهـمه الأمـر ـ بأننـا ورغـم تعـرضنـا للويـلات على اثـر الويـلات مـن جانـب نظـام الجبـهة الشـعبية، ورغـم معاناتنـا المسـتمـرة مـن جـوره وجبـروته الـذى طـال كل شـيئ بمـا ذلك الاسـتيـلاء على ارضنـا التاريخـية والاحـلال السـكاني الـذى يمارسـه النظـام ضـدنـا، اٍلآ اننـا لا نـرغـب ان يتعـرض وطننـا لأى نـوع مـن الغـزو الاجنبي، كمـا لا نـرغـب ان تسـفك دمـاء شـبابنـا مـن اجـل ارضـاء رغبـات رئيـس النظـام الـذى اصبـح يتلـذذ مـن رؤية منظـر دمائنـا المسـفوكة على يـديه او نتيـجة مباشـرة لسـياسـاته الـدكتاتـورية المـرفوضـة، ايضـا لا نـرغـب ان يتكـرر معنـا اسـلوب اسـتيـراد او نقـل الـديمقـراطية المـزعـومة !! وعلى النمـط الـذى شـاهـدنـاه في ,, افغانسـتـان والعـراق ومؤخـرا في الصـومـال،، ـ هـذا مـن جـهة ومـن جـهة اخـرى نـود ان نوجه بعـض التسـاؤلات المشـروعة الى السـيـد المنفـذ، لأننـا نؤمـن بأن الشـعوب مـن حقهـا ان تعلـم مايـدور في شـأنهـا :ـ مـاذا يـريـد السـيـد المنفـذ مـن وراء حـربه المتوقـعة ضـد النظـام الحاكم في ارتـريـا، ومـاهى الاهـداف الحـقيقية التى يـرغـب على تحقيقهـا مـن خـلال حـربه الجـديـدة على مسـتعمـرته السـابقة ..!!؟؟ واذا افتـرضنـا انه حـقق الانتصـار في حـربه المـزمعـة، ماهى الخطـوة التالية، هـل سـتبقى جيوشـه الغـازية الى مـاشـاء الله على الأرض الارتـرية، أم سـتعـود الى حـدودهـا الوطـنية بمجـرد اسـقاط نظـام الجبـهة الشـعبية ..؟؟. ومـن جـهة اخـرى كيـف يـريـد ان تحكـم ارتـريـا .. وبمـن ..؟؟. ومـاهي بنـوده غيـر المعلـنة التى يـرغـب تحقيقهـا ..؟؟. فاٍذا غـاب الـرئيـس ,, أسـياس،، مثـلا وبقي نظـام الشـعبية وعلى رأسـه متشـدد آخـر، او اعـلـن الـرئيـس ,, أسـياس،، تغييـر سـياسـاته المتشـددة تجـاه اثيوبيـا وقـدم فـروض الطـاعة ومـن ثـم طلـب اعـادة عـلاقاته القـديـمة، والقبـول للتعايـش مـع النهـج الـديمقـراطي الـذى يحكـم اثيوبيـا اليـوم، في هـذه الحـالة هـل يعتبـر المنفـذ انه حـقق رغباته وبلـغ مبتغـاه، ويبـدأ في اعـادة عـلاقاته مـع المتشـدد الجـديـد او الصـديـق القـديـم كل في موضـعه، أم سـيمضى قـدمـا ليبلـغ نهـايـات اخـرى تـرضيه مـن خـلال رضـاء المواطـن الارتـرى بهـا. واذا افتـرضنـا هـزيمته امـام النخـوة الارتـرية التى قطعـا سـتتجـاوز جـراحاتهـا ومآخـذهـا وخصوماتهـا لنظـام الجبـهة الشـعبية ورئيـسـه الـدمـوى، في هـذه الحـالة مـا هـو الحـل البـديـل الـذى اعـده ,, المنفـذ،، لمواصـلة سـيناريوهـات اسـقاط النظـام ..؟؟.

لتـلافي هـذه التـداخـلات التى قـد تعـرقـل تحـرك كـلا القـوى الـذاتية والـداعمة، يســتحسـن ان يـراهـن المنفـذ على انتصـار الشـعب الارتـرى، وان يثـق به وبقـدراته الـذاتية التى لا ينقصهـا الآ الـدعـم، عليه يفتـرض ان لا يشـتـرك المنفـذ فى عملية اسـقاط النظـام الارتـرى بشـكل مباشـر، وعلى ان يكتـفي بتقـديـم دعـم سـياسى واعـلامى ومـادى لـوجسـتى حقيقـى كبيـر للمعـارضـة الارتـرية ـ دعـم يغـطى كافـة الثغـرات ومختـلف الاحتياجـات ويتـرك تنظيـم العمـل وتسـوية الخـلافـات للـذات الارتـرية، وبمـا ان لـكل فعـل رد فعـل يسـاويه في المقـدار ويضـاديه في الاتجـاه، فان رد فعـل شـعبنـا تجـاه الاشـقـاء والاصـدقـاء وشـعـوب الجـوار مـن بعـد الخـلاص مـن هـذا النظـام الـدكتاتـورى المعـادى للاسـتقـرار والسـلام قطعـا هـو: اشـاعة سـياسـات السـلام العـادل في الـداخـل والخـارج .. الأخـذ بسـياسـات الاخـاء والصـداقة والاحتـرام المتبـادل .. العمـل مـن أجـل تحـقيق الاسـتقـرار والانتـاج وتشـجيـع التجـارة البيـنية والنضـال مـن اجـل الوصـول الى التكامـل بالتضامـن والتكافـل .. البـدء الفـورى لتفعيـل تبـادل المنافـع والتجـارب والخبـرات والمنتجـات .. تسـخيـر وتسـهيـل الممـرات المائية والبـرية والجـوية بمـا يفيـد حاجـات الـذات وشـعـوب الجـوار وفي مقـدمتهـا الشـعـوب الصـديـقة التى لا تتمتـع بوجـود مـرافئ او مـوانئ بحـرية وطـنية، وبـدء العمـل الفـورى لمـد خطـوط الاتصـال والمواصـلات البـرية والجـوية بينهمـا .. أمـا سـياسـات اشـاعة روح الجـوار المأمـون الـذى لا يتوقـع منه شـر او غـدر، فهي مـن اهـم البنـود التى سـبق ان حافـظ عليهـا شـعبنـا أبـان فتـرة حـرب التحـريـر، وقطعـا سـيحافـظ عليهـا مسـتقبلا باٍعتبارهـا المفاتـيح التى تؤمـن له اسـتمـرار التعـاون المتبادل مع الآخـر.

أمـا اذا كان يـريـدنـا المنظـم ان نـدخـل بـلادنـا على ظهـر دباباته، وان نمـر فـوق جثامـين ارتـرية او حصـون وطـنية تـدكهـا قـواه العسـكـرية، ومـن ثـم نصبـح غـدا العـوبة بـين يديـه او مقاطـعة تـرفـع اعـلام وهـمية وتؤتمـر بتعليمـات سـلطـانه مـن خـارج خـارطة بـلادهـا، او نسـتسـلـم للأخـذ بسـياسـات التابـع والمتبـوع ـ فهـذا ليـس مـن طبعنـا، ومـن يـريـد ان يفعـلهـا متجاوزا طباعنـا واخـلاقياتنـا قـد لا يتمـكن تجـاوز احـداث كابـول وبغــداد ومقاديشـو، هـذا الى جانـب ارثنـا الثـر وتاريخنـا النضـالى الناصـع الـذى يشـهـد لنـا ويؤكـد اصـالة شـعبنـا المناضـل الـذى سـبق ان صنـع المعجـزات بالاعتمـاد على الله وعلى مقـدراته الـذاتية المتواضـعة، وان معظـم دول الجـوار تعلـم وتشـهـد بان المصـدر الأول لسـلاح وذخيـرة الثورة الارتـرية في بـداياتهـا ـ كان مستودعات العـدو التى كان يهاجمها الثـوار كلمـا تطلـب الأمـر، وذلك بالـرغـم مـن تحصيناتهـا القـوية وكثـافة الجنـد الـذى كان يحـرسـهـا ليـل نهـار، وفي مجـال تأمـين توفيـر الأمـوال المطلـوبة لتغطـية اعبـاء العمـل الثـورى، ايضـا كان الاعتمـاد على شـعبنـا البطـل ومـن الممكـن ان يتجـدد ذلك اليـوم وغـدا، وبالتأكيـد هـذا لا يقـلل مـن شـأن الـدعـم العـربى العظيـم الـذى قـدم لاحقـا للشـعب الارتـري وثورته المبـاركة باذن الله، ولا شـك ان شـعبنـا الـوفي سـيظـل يعتـز بـذلك الـدعـم السـخي ويصـر على اسـتعـادته واسـتمـراره بمـا يناسـب متطلبـات المـرحلـة الـراهـنة واعبـاء نضالات شـعبنـا المتواصـلة.

اخيـرا وليـس آخـر يسـرنى ان انصـح اهـلى وبنى وطنـى ان يتسـابقـوا الى سـاحـات وحـدة الـرؤى ورص الصفـوف وتضميـد الجـراحـات، وبالمقابـل التخـلى عـن تـزكية النفـس والصـراع مـن اجـل الوصـول الى مواقـع المسـئولية لأسـباب تشـريفية لا عـلاقة لهـا بملئ الموقـع واداء المهـام وتقـديـس المسـئوليات، لابـد ان نعـى ذلك ونعمـل مـن اجـل اسـعـاد شـعبنـا وتحـقيق احـلامه، والآ مـا الفـرق مـا بـين الـرئيـس ,, أسـياس،، وبـين معارضـيه الـذيـن يجـب عليهـم ان يـزكـوا مـن هـم أهـلا للقيـام بالمهـام، واٍلآ سـتصبـح العـواقـب ضيـاع الوطـن والمواطـن. وبقـدر مماثـل مـن نفـس الصـدق ـ يسـرني ان انصـح ,, السـيـد المنفـذ،، ان لا يعــول على خـلافات فصائـل المعارضـة الارتـرية او خـلافاتهـا مـع النظـام الحاكـم، لأن لهـفة المواطـن الارتـرى على أمـن بـلاده والحـرص عليهـا وعلى كـرامتهـا تجعـله يتجـاوز خـلافاته مـع هـذا النظـام القهـرى الـذى لا يتمتـع ابـدا بحـب الشـعب الارتـرى رغـم مـاذكـر آنفـا، وعلى المنفـذ ان يعلـم ان للأوطـان سـحـرا قويـا يتجـاوز مـعه المـرء مختـلف النعـم والحواجـز والمتاريـس التى تتكسـر امـام ارادة عشـاق الأوطـان ومـريـديهـا الأوفيـاء، فهـل يســتمـع ويتفهـم الطـرفـان الى مانقـول … هـذا والسـلام العـادل والاحتـرام المتبـادل، همـا دائمـا المبتـدأ والخبـر والختـام.

جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم