مقتطفات من سيرة المحامي محمد عمر قاضي – الجزء الثاني
بعد الضغوط المتزايدة التي تعرض اليها غادر ارتريا الى السودان ومنها الى جمهورية مصر العربية التي قبلته كلاجئ سياسي، اجرى الكثير من الاتصالات بعض الجهات الإقليمية والدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، ثم سافر الى السعودية وقابل الملك سعود وقدم له مذكرة شارحا الظروف التي تمر بها ارتريا والمظالم التي وقعت على شعبها ومطالبا تدخل المملكة العربية السعودية للتوسط لدى الادارة الامريكية لمخاطبة حليفها الامبراطور الاثيوبي. حول الأمين العام للأمم المتحدة مذكرة السيد محمد عمر قاضي للإمبراطور طالبا الرد عليها وكان رد الحكومة الاثيوبية ان الامبراطور لا علم له بما ذكر في المذكرة وانه يطلب حضور السيد قاضي والتحدث الى الامبراطور مباشرة وتقديم المذكرة اليه، نصحت بعض الجهات بقبول عرض الامبراطور ولكنه قبل العرض بشرط ضمان سلامته وكان رد الامبراطور قبول الشرط بضمان سلامته وحريته الشخصية ، وعلى الرغم من اعتراض بعض رفاقه بعدم الذهاب الا انه رجع الى اديس ابابا في 21 ديسمبر 1957م وقابل الامبراطور مباشرة ثم وزير الخارجية الذي طلب منه تسليمه المذكرة وامره بالانتظار الى حين ترجمة المذكرة الى اللغة الامهرية ويردوا عليها.
سافر الى اسمرا لزيارة اهله هناك وكان في استقباله جمع كبير من المواطنين في المحطة واخذت الجماهير تتردد على داره لفترة، ثم قام بزيارة كل من مصوع وكرن وكان الحشود المستقبلة كالذي حدث في اسمرا الامر الذي جعل السلطات يضيق صدرها وتحدد اقامته في مدينة اسمرا، تعرض منزله للتفتيش عدة مرات وصادرت السلطات العديد من الوثائق المهمة من داره. قدم الى المحاكمة بحجة خروجه من البلاد بطريقة غير شرعية. واتهامه الاتصال بدول خارجية كالسودان ومصر والسعودية وإيطاليا وسويسرا وتقديم مذكرات لتلك الدول والأمم المتحدة شوه فيها سمعة الامبراطور وسمعة البلاد. تولى الدفاع عنه المحامي “قبر لؤل” من أهالي حماسين وهو نفس المحامي الذي ترافع عن الزعيمين السياسيين الحاج سليمان احمد عمر والحاج امام موسى، وقد أمرت المحكمة في حينه بسجنه تحفظيا حتى لا يفر من البلد، وبعد مداولات استمرت فترة من الزمن قضت المحكمة بسجنه 10 سنوات بتهمة الخيانة العظمى. خرج من السجن بعد قضى مدة 5 أعوام وثلاثة شهور في العام 1963م بعد اشترطوا عليه عدم ممارسة العمل السياسي وعدم عقد الاجتماعات. في اجتماع عقده رئيس الحكومة الارترية “اسرات كاسا” العام 1965 دعى اليه كبار واعيان البلد للتشاور معهم حول كيفية القضاء على التوتر الحاصل في البلد وارجاع الخارجين عن القانون كما سماه، فكانت مداخلة المحامي محمد عمر قاضي ان قال له بكل جراءة ووضوح ارجاع الحكم الفدرالي الامر الذي اغضب رئيس الحكومة وأمر باعتقاله في 17 أكتوبر من نفس العام وارساله الى اديس ابابا حيث قضى في المعتقل 6 أشهر افرج عنه بعدها.
ادرك المحامي محمد عمر قاضي حكم العقيد منقستو هيلي ماريام وسجن في عهده لمدة عام ، وفي العام 1977م غادر البلاد الى الرياض بالمملكة العربية السعودية حيث توفاه الله في العام 1981م رحمه الله تعالى.
في الختام اود ان اذكر ان شخصي والمرحوم إبراهيم اسمرا تم تكليفنا من قبل فرع الرابطة بمدينة كرن لتسليم مذكرة احتجاج الى الامبراطور عن المظاهرات والاحتجاجات التي جرت في المدينة والصدام الذي حدث بن المحتجين ورجال الشرطة وبالفعل قمنا بتسليم المذكرة الى رئاسة فرع الرابطة أسمرا وكان بينهم المرحوم امام موسى واخرين وقد اتيحت لنا فرصة زيارة المحامي محمد عمر قاضي الذي كان عائدا من الأمم المتحدة وكانت الزيارة في منزله العامر حيث كان في الإقامة الجبرية ، شرحنا له الأوضاع التي تمر بها مدينة والافراد الذين تم اعتقالهم ، وقد ابدى استعداده بالدفاع عنهم وانه وبقية زملائه سوف يقومون بما يستطيعون لحل المشكل القائم ، الا اننا علمنا فيما بعد ان السلطات منعته من السفر وقد تم ارجاعه بعد ان وصل الى مدينة عدتكليزات على بعد 40 كلم ليعود ادراجه الى أسمرا ليقوم بمهمة تولي الدفاع عن المعتقلين المحامي الوطني “قبر لؤل يسوس ” بدلا عنه الذي ترافع بالدفاع عن المعتقلين وكان دوره مميزا ووطنيا.
علي محمد صالح شوم
لندن- 26/08/2024
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47142
أحدث النعليقات