ملتقى الحوار وزوبعــــة الفنجــــان

( ما لؤش في الورد عيب آلولو :- يا أحمر الخدين) ، وإحمرار الخدين عند الصبايا ميزة جمالية ، كذلك حين لم يجد أعداء الملتقي -أو قلها صراحة أعداء الحوار الوطني – عندما لم يجد هؤلاء مايعيبون به الملتقي توهموا أنهم قد وجدوا ضالتهم في قرار ( حق القوميات في تقرير مصيرها ) !

فقام القوم علي عجل  كل يحمل ( قديباي مرق) متوهما أنه أرسطو صائحا رافعا عقيرته إلى السماء (وجدتها وجدتها) في مشهد أقرب ما يكون إلي أفلام الكرتون ، وعادوا إلي دهاليز التاريخ آتين منه بكل الأراجيف والفزّاعات من غيلان وعنقاءات ومصطلحات خائبة لا تؤكد غير تحجر هؤلاء وتكلسهم .وإنتهازية أولئك الذين هم كل صباح في لبوس جديد وتحت لافتة جديدة ، يغيرون مبادئهم ومواقفهم ويستبدلونها بنفس الميكانيكية  والبساطةالتي  يستخدمونها في تبديل جواربهم، جادت عليهم عقولهم -المسكونة بنظريات التآمر والمتوقفة في حقب تاريخيةغابرة – بكل أدواة وآليات الفزع والتخويف مدّعين إن ما وراء هذه الفقرة إلاّ إثيوبيا  وأنها – أي إثيوبيا –  تخطط لاعادة إحتلال البلاد أو إستقطاع ميناء عصب!! – ما هذا العبط السياسي وافتراض الجهل في الآخرين ؟وأي خواء فكري هذا الذي تعاني منه رؤؤسهم؟إنها الشعوذة والغوغائية السياسية بعينها ، ثم ما رأي هؤلاء في حال الوحدة الداخليه في وقتنا الراهن؟ هل نحن كإرتريين نعيش فعلا ذاك التعايش المنشود ؟ وماذا كان سيحدث إن لم تك قوة الشعبية وتكميمها لأفواه العباد وبطشها بكل من تكلم عن حقوقه المسلوبة ؟الشعب الارتري في الداخل كما هو في الخارج بات في معسكرين متناحرين ، غاصب ذو سلطة  يلوح بها عند الحوجة ومغتصّب مسلطة عليه تلك السلطة ، تلك الحال خلقت واقعا مريرا” وأحدثت شرخا كبيرا في جدار الوحدة ، وأصبحت الثقة بين مكونّي المجتمع الارتري في حالة أقرب ما تكون إلي عهد بيت  قرقيس .وكما أسلفت  فلولا القوة التي تجيّرها الشعبية لصالح من أصدرت منفستو تأسيسها لتمكينهم لكان حالنا أقرب إلى الصوملة .

في هذا التوقيت والظرف عقد الملتقي مستصحبا معه هذا الواقع وضرورة  تفادي هذا المآل عند زوال هذه القوة أو إصابتها بالوهن ، عليه كان لابد من طمأنة المغبون وتمكينه من آليات تحميه من التغول عليه مجددا فكانت هذه الفقرة والتي هي بمثابة السلاح النووي الذي يستخدم ويلوّح به للردع فقط أو الاستخدام عند الضرورة القصوى حيث لا يكون من مخرج إلا ذاك.

عليه كانت هذه الفقرة غرة في جبين الملتقى ، ويجب أن تكون حالة فخر لكل من ساهم في تأكيدها ومكن المهمشين ، كل المهمشين من هذا السلاح والآلية الفيتو

نعم كان علي الملتقي أن يؤكد علي ذلك ، لأن الهدف من التنادي له كان هو التحاور البناء والشفاف وتأكيد الحقوق وبالتالي محاولة إستعادة روح الثقة بين مكونات المجتمع الارتري وإنقاذ وحدته الوطنية المترنحة علي شفا هاوية الصومال وجهنم ، والتي كان للنظام دور أساسي فبها بتغوله علي الآخر وطمس هوينه ومصادرة أراضيه وكل سبل كسب عيشه، مما أشعر الآخرين بأنهم مستهدفين في ثقافتهم وتاريخهم وفي أرضهم . إذا” كان لابد للآخر أن يشعر بالأمان من شر الأخر وحماية أرضه وحريته التي ناضل من أجلها مع هذا الآخر بتساو – ولا نريد أن نقول مع فضل السبق – فكانت هذه الفقرة سلاح الردع على الغول والتعويذة في وجه الشر.أيضا أننا أثبتنا بذلك بأننا شعب يتعاطي السياسة بنضج بعيدا عن عن المراهقة السياسية التي تغلّب فيها  العواطف السياسية والتي لا تجلب إلا خيبات الأمل والويل

كما أن إستعادة الثقة بين مكونات المجتمع لاتتأتّي إلّا بالحوار الجاد العميق وإستئصال كل عوامل وأسباب  التوجس والتخوف من الآخر ، وبما أن الوطن شراكة وعقد إجتماعي بين مكوناته، يضمن حقوق مكونه السياسي والاجتماعي، كان لابد أن يخرج الملتقى بقرارات تؤكد تلك الشراكة المتكافأة وحق كل شريك في في إستخدام هذا الحق  إن هو هضمت حقوقه أو تغول عليها الآخرون ، وبالتالي يسعى كل الشركاء في حماية حقوقهم والآحرين لضمان إستمرارية تلك الشراكة التي أوصلت ذاك المجتمع إلي حوجته للتحاور. نعم هكذا بكل بساطة ، فإذا أنت أردت أن تشاركني في شئ – حتي لو كان ذلك الشئ وطن – لابد لي من ضمانات بأنك لاتريد تلك الشراكة إلا لمصالحك أنت فقط.

قد يتساءل سائل ( ضمانة من مـّن ولمن ؟) نقول ضمان من الجميع وللجميع وأن يؤكد ذلك في عقد إجتماعي يتواثق عليه الجميع،مع سن القوانين التي تحمي هذه الضمانات وعدم التغول عليها مستقبلا من أيي من أطراف هذا التواثق والتراضي .

وحق تقرير المصير وبعيدا عن التفذلك والتنظير هو مبدأ أساسي وحق طبيعي لاينكره إلاّ ذوي النزعات الشوفينية المتعالية ، ومن كان به من هوس الشعبية هوس ومن أحلامها ومشروعها في هيمنة قوميتها هوى

هنا يلح عليّ تساؤل ،إذا تحن  أكبرنا على الشعوب والقوميات حقها في تقرير مصائرها إذا” فمن له الحق في ذلك غيرها؟ من الذي يعبر عن آمال وأحلام الشعوب غيرها؟ هل مازالت من نسميها نخب تفكر بعقلية القرون الوسطى ؟ وأنها تلغي عقول العامة تحجر عليهم وتفكر نيابة عنهم ؟ تقرر عنهم ، تفصّل لهم وما عليهم إلاّ أن يلبسوا حامدين شاكرين؟  وهل فعلا أن الذين أثاروا تللك الزوبعة والغبار ،هل هم فعلا ضد أن المجتمعات لها الحق في تقرير مصائرها ومستقبلها؟ ثم ماذا سيحدث لو أن مكوّن ما من مكونات هذا الوطن فعلا يريدون الانفصال ؟ هل سيجرد له هؤلاء الجيوش والسرايا والتنكيل به وأخذ نسائه سبايا؟

ألم يكن الأجدر بنا مناقشة الأمر بكثير من الموضوعية والتروي وقليل من الانفعال والانجراف العاطفي ومحاولات التشفي والتربص والتصيد في المياه العكرة؟ إن الحرص الغبي علي الوحدة الوطنية التي ندعي، هو الذي سيفضي بنا إلي ذاك النفق المسدود والمتوقع ،وإلي تلك المآلات الكارثية التي نخاف ، كما هو حال  القطة وحرصها الغبي والمختل ،علي صغارها يدفعها لأن تأكلهم . فهل حرصنا علي الوحدة الوطنية يدفعنا إلي نكران حقوق بعضنا في تقرير مصيره و مايريد؟

ثم هل نريد كإرتريين بناء وطن قهرا وقسرا ( شعب واحد قلب واحد؟؟!!) هل نريده وطن يسفك دماء أبنائه ويستبيح خصوصياتهم وأراضيهم ؟

نريده وطن بالتراضي يربأ أن يرفع صوتا علي من إختلف من أبنائه ناهيك عن رفع سوط ، وطن يفتخر كل أبنائه بالانتماء إليه طواعية ويجد فيه ماضيه وحاضره ومستقبل أبنائه ، وطن يضحي من أجل وحدة ترابه رغبة لا خوفا و لارهبة . وبناء هكذا وطن يأتي بالحوار الحر المنفتح ، يأتي بتفشي روح الثقة وحرص الكل علي مصالح الكل وحرص الكل علي مشاركة الكل في تمتين الوحدة وبروح جديدة قائمة علي التعقل بعيدة عن الشعارات الجوفاء التي لا تبقي حرثا ولاتذر ملاّحة أو تؤمن مسكنا وترد أرضا منزوعة.

وإذا عدنا مرة أخرى إلي أولئك المنفعلون أو الذين يدعون الانفعال بهم وحدة التراب الارتري ، ألم يكن الأجدر أن يتساءلوا  ما الذي أوصلنا إلي ما نحن فيه ؟فإن الواقع المؤسف لوحدتنا الوطنية وما أصابها من وهن ودمامل أمر لا شك فيه،  ولا ينكر ذلك إلا من يعيش في بروج عالية أو في عوالم أخرى أو به مرض في الادراك والبصر ، ثم لماذا دوما نجد أننا نزكي أنفسنا بحب الوطن ووحدة ترابه وننزهها عن الخيانه الوطنية ونرمي بها الآخر  ؟ هل العفر أو الكناما أقل وطنية من الآخرين ؟ هل هم أقل حرصا علي الوحدة الوطنية ؟ووحدو التراب الارتري والثوابت والوطنية ؟  وإن كان ذلك صحيحا ، فما الذي أوصلهم لذلك ؟ أليس العفر هم الذين ظلوا يدافعون عن البحر الاحمر وشواطئه الغربية ضد هجمات ممالك الاحباش في كل تاريخهم وممالكهم ؟ أو ليس هؤلاء أحفاد أولئك؟ أو لم يرثوا تلك الأرض ويرثوا معها قدسية حمايتها من الطامعين فيها تاريخيا؟ إن تاريخ العفر وممالك الدنكل مع خصومهم الأحباش لهو أكثر دموية وريبة من  التعايش معا ، وإن للتاريخ تأثيراته النفسية في تركيبة الشعوب وعلاقاتها الآنية والمستقبلية وإذا إفترضنا جدلا بأن أهواءهم تتجه اليوم جنوبا فما ذاك إلا كالاستجارة بالرمضاء من النار ، وما هو إلا خلل يتنافي مع مآلات التاريخ الحتمية وجدلية المنطق.

في الختام دعوني أقول إن هذا الضجيج المفتعل ما هو إلا نتاج الاصابة بالخيبة والفشل والغيرة من النجاح فهؤلاء المنفعلون ما فتئوا يعبرون عن خيباتهم في كل مناسبة ويختلقون الأوهام والروايات البوليسية ذات الاخراج الرخيص قبل إنعقاد الملتقى وأثنائه ، وكلنا قرأ عن تلك المشاجرات والمضاربات التي كانوا يفبركونها، فايي سقوط هذا وأية مهازل هذه .

شـــــوارد

البعض أنكر على الملتقى الحق في إعطاء الحقوق ومثلوا ذلك بأنه حق أعطي من قبل من لاحق له في الاعطاء ربما بصياغة أخري ، هنا أتساءل أو ليس من حق أيي مواطن أن يبدي برأيه في أمر الوطن ؟أو ليس من حق أيي تجمع أن يعبر عن رأي أعضائه ؟ أوليس من حق الملتقي ومن يمثلهم أن يقول رأيه ويشرع وفق ما يراه هو ويقدمه لعموم الشعب ومن ثم يبت فيه الشعب ؟

أيضا من المسائل التي أثيرت حول الملتقى واعتبرها البعض مذمة فيه كانت الكيان الذي خرج به وأنه لم يكن متفق عليه مسبقا .

لكم  هذا مضحك ومثير للسخرية ، فهؤلاء مازالت عقولهم لم تتجاوز سبعينات وثمانينات القرن الذي مضي ، حيث كان كل شئ يعد ويطبخ سلفا وما على المؤتمرين إلا إجازة ما أتفق عليه سلفا ، ولكن ولأن الملتقى نقلة نوعية في التعاطي السياسي لم يستوعب الأخوة ذلك

نعم ربما كان البعض في تنظبمات التحالف يرى أن لا يخرج الملتقى بشئ ولكن ولأن الملتقى كان سيد نفسه فقد خرج بما يراه مناسبا لدواعي المرحلة بالرغم من أن ذلك لم يكن في الحسبان ولكن الملتقون رأوا ذلك وفرضوه وهذه لعمري ميزة وعلامة إيجابية للملتقى وكذلك للتحالف الذي أقر وآمن بحق الملتقون.

أقول قولي هذا و ما أريد إلا الحقيقة والخير لوطن يسكنني وأسكن عنه بعيدا

محمـــد أحمـــد حســـين

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9315

نشرت بواسطة في سبتمبر 23 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010