منعطفات ارترية … وعشم إبـلـيـس فى سـريّة أدّيس
(الحلقة الثالثة)
بقلم: عبدالفتّاح ودّ الخليفة
31أكتوبر 2012
القارئ الكريم السّلام عليك ورحمة الله وبركاته
هذه الحلقة الثالثة من محاولاتى التدوينية فى منعطفاتنا الإرترية للوصول بها إلى موضوع (سريّة أديس ) خصّصتها لإعطاء إشارات ولأمرّ مرور الكرام على أحداث الأربعينيات والخمسينيات والستّينيات حتى الوصول إلى أحداث (سريّة أدّيس ) عنوان موضوعى . ذكرت فى الحلقة الفائتة بأن (سرية أديس ) منعطف حاد فى تأريخ الثورة ،يهتم به كثير من أبناء الهضبة نسبة للدعاية الكبيرة التى صاحبته وخوصوصا من تنظيم (سلفى ناطنّت) ،والّذى عرف وكشف عن نواياه فى بيانه (نحنان علامانان)… ولأنّ الموضوع له ما قبله أريد أن ألقى بعض الضّوء على ما قبله من أحداث حتى وإن كانت معروفة لكثير من المتابعين.. فقط أحاول ترتيبها لتكتمل الصورة وتتّضح أكثر عند الحديث عن (سريّة أديس)
تحدثنا عن دور (حزب الوحدة) وأزرعه العسكريّة، ونجاح إثيوبيا ومعها (حزب الوحدة) إضفاء الصّبغة الطاّئفية على الصراع ظنّا منهم بأنّه سوف يكون هو السلاح البتّار والوحيد وسريع المفعول لحسم الصراع لصالح المشروع الإثيوبى.. وحتّى اليوم وبالرّغم من إعتراف إثوبيا الرّسمية بإستقلال إرتريا السياسى تريد ترتيب الأمور وتثبيت أواصر الثّقافة والتأريخ المشترك مع لهضبة الإرتريّة .. ومن الجانب الإرترى قد نرى ورأينا ونسمع قائلا ما يقول: ما وصلنا إليه من إستقلال سياسى والّذى ثبت شرعا وقانونا لا يضمن بما فيه الكفاية (ثقافتنا الحبشية ) ولا يحمى مصالحنا المستقبليّة ، ويعوّل على خصوصية العلاقة مع الجارة إثيوبيا وليذهب باقى شعوب إرتريا إن أراد إلى الجحيم ، أو يقبل بما نعطيه نحن من باقى الكعكة بأيدينا وبمحض إرادتنا راجيا وراغبا الديمومة والثّبات للهوية الحبشية لتبقى هى الأولى والمهيمنة فى إرتريا !!!
وفى قديم الزّمان إرتبط سكان الهضبة المسيحيون فى إرتريا بالأم (إثيوبيا) اوكافحو وناضلو فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى لربط مصالحهم بها وجرّ الوطن كلّه معهم ، وإن فشلو كانو على إستعداد ليأخذو نفسهم وإقليمهم وإن كان على حساب الوطن الكلْ، الّذى لا يقبل القسمة على إثنين ، ولكن بعد ظهور الوجه االإثيوبى-الأمحراوى والحقيقى ، وعندها فقط فهم النّافذون فى مجتمعنا الـ (كبساوى) بأنّ (الأمحرا) أرادوا أن يجعلو منه حصان طراودة ، للوصول إلى المبتغى ، وحينها أعاد الكثيرون منهم الحسابات وبدأو فى التّقهقر والإنسحاب من تأييد الملك والمُلك الظّالم أهله قبل الآخرين… و إنفجرت الثورة بعللها وعلاّتها وفى الطريق سقط الكثير وأبيدت قرى ومسحت من الوجود بفعل إثيوبيا وبفعل الإرتريين أنفسهم(كوماندوز). وحتى الوصول مع شعبنا الكبساوى إلى فهم مشترك لمعنى الوطن دفع الجزء لمسلم من الشعب الإرترى الثمن غاليا وغاليا جدّا ،فجرحت الكرامة وتسمّمت العقول وأصيبت الأنفس بأذى لم يمحى حتى اليوم ….ومداوات هذه الجروح تمشى الهويْنا وببطئ شديد لأنّها تطْمر كلّ يوم بأحداث وتظلّمات جديدة.
أمّا موقف المسلم الإرترى لا يحتاج منّا إلى تفنيد لأنّه على لسان زعماءه طالب بالإستقلال منذ أن سمحت بريطانيا بمزاولة النشاط السياسى وتكوين الأحزاب.فى عام 1947 . وما (حزب الرّابطة الإسلامية ) إلا أكبر نموزج يعبر عن رأى المسلم الإرترى فى الوطن ،والموقف من إثيوبيا والوحدة معها ولا أدلّ على ذالك من رسالة الشهيد (عبدالقادر كبيرى ) المنشورة فى كتب التّأريخ فهى تلخيصا لموقف الرابطة ومبادئها ومواقفها ولا بأس هنا من إيراد الرّسالة لعوامل ربط الحديث فيقول الشهيد:
“ليس الهدف إضّهاد المسيحيين من أبناء بلادنا ولا العمل على توسيع رقعة الإسلام إنّ الهدف هو العمل على الرّفض التّـام لفكرة إقامة إتّحاد فدرالى مع إثيوبيا… والسّـبب أنّه ما دام قد منحنا الله السّميع العليم العقل فكيف لنا أن نقبل بالإنضمام إلى إثيوبيا .. هذه الدّولة الظّـالمة والمستبدّة” …..” ألا يكفى ما نراه و ما آل إليه حال عشرة ملايين مسلم فى إثيوبيا اللذين أصبحو لا حول لهم ولا قوّة , لهذا قرّرنا أن نتوحّد وسنطالب بكلّ صلابة حقوقنا وندافع عنها حتّى الموت”
” ونحن لسنا بحاجة لتبرير موقفنا هذا وإن صادف- لا سمح الله- ولم ننجح فى تحقيق مبتغانا فسيكون فى الأقل هدفنا قد أصبح معروفا لدى الله وخلقه وسيأتى التأريخ يوما ليأكّده إنّ الحياة بعزّة وكرامة ليوم واحد أشرف من العيش فى ذلّ ومهانة لألف عام (1)…
ويلقى الكاتب (جرماى كدانى- ودّى فليبا) بعضا من الضّو على حقبة نهاية الخمسينيات وبداية السّتينيات) فى مقال نشر له فى عام 2011 فى( تقوروبا دوت كوم)……
يقول ( ودّى فليبا) فى معرض تفنيده مواقف بعضا من المسيحيين الإرتريين فى حقبة الأربعينيات والخمسينيات….
(.. (دومونيكو بهلبى) الّذى كان من مستشارى الجنرال(نقّــا هـيلى سلاسى) المجرم ألّذى أرسله الملك (هيلى سلاسى ) لإكمال سناريو الإستيلاء على (إرتريا)… والمعروف فى تلك الأجواء أغتيل المناضل الأب (عبدالقادر كبيرى) بتدبير من (نقاّ هيلى سلاسى) والمجرم الثّانى العقيد (تكولا قبرى مدهن) …إذن كان (بلاتا دومونيكو بهلبى) هو مستشار القتلة المحترفين “
وقال: ( إنّ دومونيكو بهلبّى ) كان من اللّجان المساعدة لحزب(الأندنّت) الحزب الوحدوى مع إثيوبيا…فى حى (كيدانى مهرت) فى أسمرا.. بمعية الأستاذ(تدلا بايرو عقبيت) ودقيّات حقوص قبرى(عمدة أسمرا سابقا) ودقّيات (قرقيس هبتيت) والد تسفامكئيل (جورجو) ودقيات (زرؤوم كفلى) والّذى قتل فى عمليّة فدائية.. و(دقّيات) أرأيا واسى فانتا)….
أماّ مجموعة أو لجنة وسط المدينة وحى (أبا شاول) فكان على رأسهم السيّد (أفورقى أبرها) والد الرّئيس أسياس أفورقى.. والسّـيد (قرى سلاسى قرزا) وهو العضو والمحرّض الأساسى لمضايقة الجبرتا…. وبلاتا (دمساس) قاضى منطقة (أبا شــاول)… ومجموعة من النساء كنّ مكلفات بالتحريض وعلى رأسهن السيّدة (طهايتو المعروفة (بقال زنّـار)…. ومن الكهنة المحرّضين(لحزب الوحدة مع إثيوبيا)…. نذكر القس (ديميطروس قبرى ماريام) والقس كحساى أدحنوم من مواليد مدينة (كرن).. وغيرهم.
وأضاف الكاتب (قرماى كيدانى- ودّى فليبّا) بأن تنظيم (حزب الإنضمام إلى إثيوبيا) كان كبيرا فقط ذكرت لكم بعضا من المعلومات ومؤشّرات تساعد على فهم الحال والواقع حينها…(إنتهى)….
وليس أدلّ على إنقسام مزاج الشارع الإرترى حول الأستقلال … والتعبئة الطاّئفية أكثر من الأهازيج أدناه توبّخ وتهزأ من الإستقلاليين بالتقرنية تفسّر نفسية الشارع العام الكبساوى ومدى سقوطه صريعا للدعاية الإثيوبية ، بعضا منها صارخ وجارح،القصد منها التّشويه وإساءة سمعة (الإستقلاليين) لينفضّ من حولهم المؤيّدون فى الوقت الذّى تغنى فيه الأمهات فى مناطق إرتريا الأخرى للإستقلال ، والسيادة ، والحريّة ،نورد منها نقلا من كتاب (مدخل إلى تأريخ إرتريا.. وتجربتى فى الثورة الإرترية) للمناضل (فسّهاطين قبرى ) ما يلى :
ما خص منها (الرّاس تسما أسبروم)….
راس تسما كبدى حسما…شمتكا طفيآ إيلوما
وتعنى (رأس تسما بطن الخنزير.. ضاعت رآستك (ضاع جاهك)
رأسى تسمّا بعل معربا… مس أسلام قيرو زربا
(رأسى تسمّـا صاحب (معربا ) (2).. إتفق مع المسلمين
قطلى حبنى… حساب تسمّا أنقع تبتّنى..
(يا شجرة المروءة… أفكار (تسمّا) أصبحت موبوءة
قرافى شقرتى… تسمّا زولدت حنتى طللتى…
يا قشّار البصل..من أنجبت (تسمّا) معتوهة
ولم ينجو الزّعيم إبراهيم سلطان أيضا من الهجو حيث قيل فيه:
إبراهيم سلطان ودىّ عرب… بقداى إرترا كاى تزارب
(إبراهيم سلطان يا عربى… لا تتحدث بشـأن إرتريا
إبراهيم سلطان… شهاى برخا… فليطناكا ألنا ودى سودان إخا..
(إبراهيم سلطان يا ساهو يا بدوى.. لقد عرفاك أنك من السودان
و قيل فيما خصّ المناضل (ولدآب ولدى ماريام)
ولدآب ولدى ماريام عدّى قدف.. كم كبيرى بطيت كى تقزّف
(ولدآب ولدى ماريام أترك البلد. .حتى لا تقتلك طلقة مثل كبيرى
والحملة الإعلاميّة هذه تبعها عمل عصاباتى حول المدن والطّرقات الوطنية العامة ، فكان الحرب والقتل وحرق القرى وإستعمال السلاح بادرة سيئة فى حلحلة المشاكل السّياسية الإرترية ، وإنجرف فيها المواطن الكبساى المسيحى الإرترى وراء (السّراب الأمحراوى) ومارس القتل والتشريد والحرق والإبادة فى قرى آمنة ومسالمة منضويا تحت أمراء حرب وخارجين عن القانون مثل(قبرى تسفاطين من (دقى شحاى- وحقوص تمنوّو- )(عيلا برعد ) ودقى موسى إزقى فى أكلو قوزاى- وأسرهسى إمباىّ سيّئ السمعة من سراى) ومن ثمّ الإنضواء فى عصابات ومليشيات فى معظم قرى المرتفعات(باندا- نشّـى لبّاس).(3)….. وثالثة الأثافى كانت موجة الكوماندوز بقياداتهم وفى غالبيتها مسيحية ومن المرتفعات ومع بداية عام 1965 وبذالك عمدت على بذر روح الفتنة الطائفية ونفخت فيها روحا جديدة حتى لا تنطفئ ، وجلبت لهم مدرّبون من إسراءيل وكان معسكر التدريب الرّئيسى فى مدينة (دقى أمحرى) التى تبعد عن العاصمة أسمرا بما يقارب العشرون كيلو مترا… وعاس هؤلاء فسادا لا مثيل له فى فترة الستينيات وحتى منتصف السّبعينيات وأبدو إحتقارا لمناضلى الثّورة الإرترية حيث كانو يردّدون فى المعارك (قدف قربتكا كى تطيّق إيدكا هب) والمعنى (حتّى لا تشوّه بشرتك … سلّم نفسك) وكان هؤلاء هم الدّرع الواقى لأثيوبيا ، وكانو أداة لجعل المعركة ، إرتريّة خالصة .. ونجحت إثيوبيا جزئيا فى ذالك ، .. يذكر منهم (قرزجهير –وشّو الجنرال الحالى فى الحكومة الإرترية) و (شامبل مبرهتو تولدى مدهن_ إستشهد فى حادثة عقامت بمعيّة الشهيد إبراهيم عافة) و (الرّائد نقاش تسفاطين هو اليوم عميد فى جيش الحكومة الإرترية و(شامبل وقيتؤوم أسملاّش)( أتى إلى الجبهة طالبا العفو والغفران فكان مدرّبا للأسلحة الثقيلة فيها ولكن لأمر فى نفس يعقوب إنسحب بهدوء وإنزوى فى أحدى الأمريكتين.
ولكن المسلم الإرترى عفى وغفر.. ولكن لا أدرى ما ذا أسمّى (قول سلفى ناطنّت للعنصر المسيحى الإرترى: لا تخجل ولا تحسّ بالذّنب ممّا إقترفه آباءك وأجدادك من ذنب ،فى تأيدهم لإنضمام إرتريا إلى إثيوبيا” ولكنهم لا يتطرّقون إلى ما كان يفعله الكوماندوز فى حرق القرى وقتل المسلم أين ما وجد حتّى كان يلجأ بعضا من شباب المسلمين فى القرى بتعليق الصّليب ليبدوا وكأنّهم مسيحّيون ولينجوا من القتل !! ، والقرى الإرترية، فى مناطق المسلمين تحكى الكثير عن تلك المواقف اضف إليها ما يرويه سجناء إرتريا فى حقبة السّتينيات فى عهد (تدلا عقبيت) وخلفه (زرئى ماريام أزّازى)… ولكن الثّورة الإرترية كان يملى عليها واقع الحال الدّفاع المستميت عن بقاءها عبر فوهة البندقيّة وكان عليها أيضا مقارعة التآمر والمتآمرين والعمل على محاربة الطائفية السياسية لما سوف تحدثه من زعزعة المجتمع وتفريقه وزرع بذور الفتنة…لتمرير أهدافا ومآرب أخرى…تكون إثيوبيا هى المستفيد الوحيد منها.
ولكن لا شكّ بأن فى أبناء طائفتنا المسيحية كان ولا زال هناك الأحرار ،ومع بداية تكوين (حركة تحرير إرتريا) إنضمّ كثر فى هذا التنظيم الوطنى وعانو مثل ما عانى رفاقهم من مخابرات السوء،يذكر منهم دائما..(محارى دبساى) و(كيدانى كفلو) وحروى تدلا) (تكوء يحدقو) و(تخلاى حركا) و(دراجون رأس هيلى ملكوت ) و (جرماى كدانى- ودّى فليبا) و (ولداى قدى ) ومن المقاتلين ( : (سرقى بهتا) و (ودّى حمبرتى قبرى هوت) و (طقاى قبرمدهن) والأحرار الأشراف الذين لحقو بهم مثل (سيوم عقبانكئيل) و(قرزقهير تولدى) و (ولدى داويت تمسقن) والذين قضو فى السجون أكثر من عشرة أعوام و (ممهر عقبانئيل مسمر)..وغيرهم كثيرون لا يسع المجال لذكرهم.
فى إعتقادى هذا هوالحال وهذا هو الشّرخ الذى حدث وليته كان ماديّا قابلا للتعديل والتبديل بل كان شرخا أصاب الوطن فى مقتل ,وقد حمله(المناضلون) معهم إلى ساحة النّضال لإرترية وأعتقد أنّ المناضلين (هيلى درّع وأسياس أفورقى) وغيرهم الكثيرون لم يمكثو كثيرا فى ساحة النّضال حتّى يتحدّثون عن مرارات.. حيث أسياس أفورقى أتى إلى الميدان فى سبتمبر من عام 1966 وقيل فى أكتوبر 1966(4)
ليتقابل الثالوث(أسياس- هيلى درّع- موسى تسفامكئيل) فى فبراير من عام 1967 فى كسلا ليحدّثهم (أسياس أفورقى ) : (أنّ الأمر الذى يحصل فى الميدان لا علاقة له بالوطن.لإنّ قيادات الجبهة تتشاجر وتتناحرفيما بينها قبليّا ومناطقيّا المناطقية ويقول لهم “أنّ الجبهة (خرابة) لا هدف لها ولا برنامج ” (5) ولتوّهم يشرعون فى تكوين حزب ويبايعون بعضهم على الإستمرار فى العهد حتّى الموت، ويمضونه بحرف الـ(e )( كناية عن إرتريا وإلتزاما بالعهد حتى الممات، لا شكّ فى أنّ أفكارهم تلك لم تكن وليدة تجربة أشهر قضوها فى رحاب (جبهة التّحرير الإرتريّة ) بل هى خميرة أفكار مبيّتة مسرحها كان مدينتى أسمرا وأدّيس أببا) . كان لهم ما يؤرّقهم فكانو صرعى للشّكوك والظّنون، وكان عندهم هاجس الخوف ممّا فعله الآباء والأجداد، فلم يجدو منه مخرجا إلا بخلق تنظيم مسيحى صرف لا يشاركهم فيه أحد ؟ ( راجع مقال ولديسوس عمار) … ولذالك وبسرعة هرول منهم من هرول عائدا إلى إثيوبيا(هيلى درّع_ موسى تسفانكئل ) ومنهم من إحتمى بالكنائس ليخرج منها حاملا صليبا وبيانا يعلن فيه خوفه وهواجسه.. ويطلب فيه النجدة من رفاق الدراسة وأصدقاء الصبى والطفولة…
وإنتشرت موجة التسليمات للعدوّ الإثيوبى ،من نفس أبناء المرتفعات وممّن إنضوو تحت لواء (جبهة التحرير الإرترية) ومن ثمّ الإنسحاب ليلا وفى الظّلام إلى (التنظيم الحلم )لأنّ عيشة الأضغال والخلاء عجّلت فى ظهور معادن الرّجال وأخرجت الكامن والمكمون فى العقل الباطنى فكانت (سلفى ناطنّت) والحقد الدّفين على الجبهة وأصحابها.. فكان حقدا وكرها وداءا عصيّا على الدّواء .
ولكن وجب القول بأنّ التعصّب الكبساوى هذا لصالح إثيوبيا قد تراجع عندما إتضح الموقف الإثيوبى وكشّرت والشوفينية الأمحرواية عن أنيابها..فإختفى الجنرال المتعصّب(تدلا عقبيت) مقتولا أو منتحرا لإختلاف الرواة والرواية.وحتى يقال رفضته التربة الإرترية ورفضته قريته (ترا إمنى) فى إقليم (سراى) لما رفض أهلها دفنه هناك لأنه لم يولد فيها ولأنها ليست مسقط رأس أباءه وتراجع دور (تدلا بايرو) فبعث بعيدا ليمثّل إثيوبيا فى الدول الإسكندنافية.. ومات مقبونا ومقهورا أحد أهم مهندسى الوحدة مع إثيوبيا السكرتير (تأزاز ولدى قرقيس) فمات فى إحدى مستشفيات دولة السويد… وإنزوى أحد أهم فدائىّ إثيوبيا جالب السلاح والمال لحزب (الأندنّت) السيّد ( فيتورارى أبرها ولدى تاتيوس) واليد اليمنى للسكرتير (تأزاز ولدى قرقيس) .. إنزوى فى قريته(عدّى قريتو) فى سراى حتى مماته .. وتلك كانت بداية التراجع فى الموكب الإرترى المؤيّد لإثيوبيا. وبدأت الأصوات المعتذرة تعلو وترتفع ، ولكن بعد أن تركت الخلافات أثرا لا يمحى..ولكن المواطن العادى فى المرتفعات الإرترية لم يزل لزمن طويل صريع الدعاية الإثيوبية .. فكنّا حتى منتصف الثّمانينيات من القرن الماضى نعانى من قرى مسلحة تحت أسماء مختلفة مؤيّدة لإثيوبيا نذكر منها (جيش(ودى سلانسا).فى إقليم (سرى).(6) ولكن حتى فى عصرنا الحالى لا زالت أصوات الإعتذارات تظهر هنا وهناك فقد أدلى(هيلى ولدى تنسائى-درّع) عن شوفينية كبساوية قوية تظهر فى تنظيم الجبهة الشعبية وكأنّه يعتذر عن كلّ ما حصل وما يحصل(7)
ولكن جاءت إثيوبيا للمرة الثانية لتفسد الوئام والتقارب الّذى حصل…ولقتل مشروع الوطن ولإفشال الثورة من الداخل وذاك سوف يقودنا إلى موّال الجاسوسية والتخابر والعمالة .. وسوف أحاول إلقاء الضوء ..على أحداث رئيسية للوصول إلى حادثة (سريّة أديس )وذالك فى الحلقة القادمة….
1-(لا نفترق) ألم سقّد تسفاى…
2–معربا مكان ميلاد (رأس تسمّا )وعاصمة ملكه وهى ما بين علا وسقنيتى.
3- الباندا.. هم مليشيا من الشعب كانو يحملون السلاح ضدّ الثورة… والـ (نش لباش) كلمة بالأمحرنية تعنى أصحاب الملابس الخضراء والمقصود بهم هم المليشيا الشعبية التابعة لإثيوبيا.
4- مقال (برافو هيلى… أقنّع سيوم) الجزء 4 بقلم ولد إيسوس عمّار))
http://www.ehrea.org/Ammar.htm
5 – مقابلة الكاتب الأمريكى (دان كونيلل)مع (هيلى درّع )منشورة فى كتابه (حوار مع السّجناء) صفحة 23
6-كان فى سرايى ومنطقة (قوحايين) بالتحديد أمير حرب مشهور تحوّل من زعيم قرية مسلحة إلى قائد تتبعه مليشيا تعدادها بالآلاف وفى أيّـام حكم المجلس العسكرى الـ (درق) وجد الدّعم والسّند فأصبح طابورا خمسا فى السّاحة الإرترية وهو المعروف بـ (ودى سلانسا) حاولت (جبهة التحرير الإرترية )ثنيه عن حمل السلاح وتسليم سلاحه ولكن رفض وإختار المواجهة، وفى بداية عام 1980 حاصره القائد الجبهجى المشهور (ولدى داويت تمسقن ) ولواءه (61).. ودارت بينهم المعارك الدامية حتّى إنسحب الرجل مع قواته إلى إقليم تقراى المتاخم .. وبعد إنسحاب جبهة التحرير الإرترية من إقليم (سرى ) عاد (ودّى سلانسا ) أقوى ممّا كان مدعوما من إثيوبيا.. ولكن الجبهة الشعبية أيضا لم ترضى بذاك الطابور الخامس فقاد المعركة ضدّه (بيطروس سلومون) وإنتصر عليه وتشتّت قوات (ودّى سلانسا ) وقتل هو فى المعركة.
7- مقال (برافو هيلى… أقنّع سيوم) الجزء 3 بقلم ولد إيسوس عمّار))
http://www.ehrea.org/Ammar.htm
منعطفات ارترية … وعشم إبـلـيـس فى سـريّة أدّيس
(الحلقة الثانية)
منعطفات ارترية : وعشم ابليس في سرية أديس
-الحلقة الأولى-
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=26727
أحدث النعليقات