من اجل ان يتحول التحدى الى عمل بنّاء
بقلم عمر ليلش
لاهاى
ان المراقب للتطورات السياسية فى ارتريا ، قد يكون قرأ وبدون ادنى شك ، نبأ اغلاق الحكومة الأرترية لكافة مقاهى الأنترنت التجارية فى اسمرا.
ولذا لابد فى البداية ان نعبر عن شكرنا وتقديرنا الى مواقع “الأنترنت” الاريتريه التى اصبحت كابوساً يقلق راحة النظام القمعى فى ارتريا من خلال الجهود التى تبذلها عبر جنودها المجهولين، فى تغطية الأحداث ونشر الحوارات البناءة المثمرة و المبادرات القيّمة التى تخدم المصالح الوطنية و تكشف عورات النظام الطائفى المستبد فى ارتريا.
وحقاً قد اصبحت هذه المواقع الألكترونية بمثابة مزارع نموزجية مصغرة تغرس فيها بذور الديمقراطية التى تكفل حق ابداء الرأى و حرية التعبير.
وقد تجلى نتاج هذه المزارع النموزجية فى نشرها فى الأونه الأخيرة لمقالات وبيانات ومبادرات ودراسات وتحليلات وحقائق تاريخية فى غاية الأهمية من قِبل قوى المعارضة الأرترية على مستوى افراد وجماعات وتنظيمات من كافة التوجهات السياسية تتبنى النهج الديمقراطى ، وتفرد مساحات كبيرة للحديث ، وبكل جرأة ومسئولية ، وبعيداً عن المجاملات، عن الظلم والأستبداد الذى يمارسه نظام الفرد القمعى على الأرتريين.
كما تناولت تلك المقالات او التحليلات والمبادرات ، العقلية السلبيه لبعض الأفراد او القيادات الأرتريه الأتنهازية التى تمثل النظام خارج البلاد او تلك التى تلتقى معه فى وسط الطريق فى تفسيرها الخاطئ لمفهوم الوطن الذى يجب ان تسوده المساواة والعدل بين كافة افراد الشعب الأرترى بمختلف انتماءاته الدينية والعرقية و السياسية.
وإعجاباً منى لتلك المقالات القّيمة ، اخص بالذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر:
مقالة ألاستاذ عمر جابر تحت عنوان “رمضانيات” وكذلك مقالات الأساتذة الأفاضل \ ابوهمد حريراى – محمد طاهر دبساى – النعمان حب الدين – ابوحيوت – احمد اسناى والأخت الأستاذة سلوى سليمان و….الخ, وان اختلفت مقالاتهم من حيث العناويين و الكلمات او التعبير، قدّم هؤلاء مبادرات قيّمه وتحليلات موضوعية و اطروحات شجاعة وصيغ لحلول، لأيجاد مخرج من الورطة التى يعانى منها وطننا وشعبنا الأرترى، عبر اعتماد النهج الدمقراطى ، يكون محوره الأساسى الترسيخ والحفاظ على سيادة مبادئ الحرية و العدالة والمساوة فى السلطة والثروة. واننى اتفق مع اولئك الأساتذة فى اطروحاتهم التى تؤكد الى ان مشكلتنا ليست مشكلة الفرد الحاكم بقدر ما هى مشكلة العقلية أو البيئة التى اوجدت او تربى عليها ذلك الفرد المستبد الذى يحكم ارتريا بسياسات عقيمة. وهى بيئة فاسدة تتعامل مع الأمور من زاوية واحدة فقط وتحاول جادةً وعلناً ، تهميش، بل طمس واحتواء من يقع خارج محور زاويتها الضيقة.
ولذا يمكننا القول ، بأن كتابات اولئك الأساتذة، الأفاضل لم تكن لفضح الممارسات العنصرية والطائفية لهذا النظام القمعى فحسب، بل، انما هى تعبير عملى عن رغبة جامحة لدى الجميع من اجل الأنتقال من مرحلة القول الى وضع اسس عمل جاد يرتكز على فهم موضوعى ورؤية واضحة… وكذلك اصرار لايفتر على حشد كل قدراتنا فى النضال من اجل اهدافنا الوطنية.
فطرحهم الصريح والمباشر لتلك المعضلة هو بمثابة تشخيص… للداء الذى اصاب الوطن بعد تحريره. وبالتشخيص هذا نكون قد انتقلنا الى مرحلة ذات تحديات اكثر ، وهى مرحلة ايجاد الدواء المثالى لعلاج هذا المرض الذى كاد ان يتحول الى داء مزمن.
انطلاقاً من الحقائق السالفة الذكر ، اردت ان اساهم عبر امكانياتى المتواضعة مع اولئك الأخوة فى ايجاد احدى الوصفات العلاجية التى يمكن عبرها ان يتحول التحدى الى عمل بنّاء .
فالأجدى والأجدر ان يتجه التفكير وينصب العمل الآن على كيفية توظيف هذا التطور وتحويل التحدى الى فرصة للتصحيح ورد الأمور الى نصابها وذلك فى اطار الأهداف الأساسية التالية:
اولاً: تسليط الأضواء بكثافة وبدون انقطاع فى فضح سياسة الأستيطان التى يطبقها نظام الفرد القمعى فى اسمرا كمحاولة يائسة لزرع الشقاق والفتن بين فئات الشعب الأرترى . مستندين فى ذلك على ذكر المشاكل المتفاقمة وحالات عدم الاستقرار و انعدام السلام والطمأنينه التى باتت تسود كل من البوسنة وصربيا وكسوفو واسرائيل وروسيا والشيشان و الفلبين واندونسيا والمغرب …الخ جراء تطبيق سياسة الأستيطان واتباع سياسات محاولة الهيمنة لفئة على اخرى.
ثانياً: التأكيد على ان التعدد الدينى ، الثقافى ، العرقى او اللغوى لايمكن ان يكون وعلى الأطلاق عائقاً فى بناء دولة ديمقراطية تسودهاالعداله والمساوة طالما ان الدولة تحتكم الى دستور يكفل الحقوق للجميع دون اى تمييز.
وفى هذا السياق نذكر على سبيل المثال دولة سويسرا التى بها ثلاث لغات رسمية اى ثلاث ثقافات مختلفة (الألمانية والفرنسية والأيطالية) وكذلك كندا (الأنجليزية والفرنسية) واخيراً بلجيكا (الهولنية والفرنسية) ، تتمتع بالرقى والتقدم والرفاهية واستتاب الأمن والطمأنينة.
من هنا يتضح لنا ان تباين اللغات على الصعيد العالمى لم يكن يوم سببا فى عدم القدرة على التعايش السلمى، اما على الصعيد المحلى فأن التاريخ شاهد على حياة التعايش السلمى الذى كان يسود الشعب الأرترى بمختلف انتماءاته الدينية والعرقية واللغوية فى فترة ماقبل تحرير تراب الوطن.
ثالثاً: التحاور بموضوعية وبعيداً من التعصب الدينى او اللغوى بين كافة افراد و فئات شرائح المجتمع الأرترى المختلفة وخاصةً مع تلك التى تتبنى نهج او عقلية نظام اسمرا الطائفى، كل منا فى موقعه…..
الطالب فى مدرسته او جامعته
السياسى مع افراد تنظيمه
الفلاح فى مزرعته
والام مع ابناءها وجيرانها
الأستاذ مع طلبته
العامل فى مصنعه
التاجر فى متجره
والكاتب بقلمه
ومن خلال تلك الحوارات سنتوصل جميعاً ، بأنه واذا اردنا ان نخرج بلادنا من هذا المأزق ، لابد ان نبدأ جميعاً بمختلف معتقداتنا الدينية وانتماءاتنا الأجتماعية والعرقيه والسياسية مسيرة عمل موحد يكون امتداداً لنضال الأوائل واستمرارا لعطاءتهم وانجازاتهم، ويوسع قاعدة العمل المشترك بين القوى ولابد ان نعمل سوياً لتحقيق هدف واحد فى مواجهة عدو واحد.
رابعاً: يجب ترجمة جميع المبادرات والأطروحات والتحليلات وخاصةً تلك التى تتناول مواضيع تخص الهوية الأرترية، إلى اللغتين العربية و التجرنية ، وذلك بهدف توسيع نطاق الحوار البنّاء والبحث المشترك فى ايجاد الحلول من ناحية ، ولتفادى توجيه هذة الأطروحات او الحلول المقترحه ، الى فئة ثقافية محددة دون الأخرى او مخاطبة جهه بعينها دون الأخرى وهو الأمر الذى ندين فيه سياسة النظام الطائفى القمعى فى اسمرا فى هذا السياق.
خامساً: ممارسة كل انواع الضغطوط الممكنة لمطالبة نظام الفرد القمعى للكشف على عدد اكبر ممكن من الحقائق والتفاصيل عن الأنتهاكات والتجاوزات التى ارتكبت ولازالت فى حق الآلاف من المواطنين.
وفى الختام اود ان اؤكد ، ان تحقيق هذه الأهداف يتطلب منا حشد الأمكانيات وتركيز الجهود واعداد القوائم والملفات وحصرالقضايا وحالات الأنتهاكات والأعتداءات بمختلف انواعها. ومن الوسائل التى تحتاج الى تفعيل ويمكن توظيفها فى هذا المضمار :
* حصر حالات الأختفاء القسرى والمفقودين وجمع كل البيانات والتفاصيل التى تثبت هذه الحالات وذلك بهدف الكشف عن مصير الضحايا.
* حصر مختلف اشكال الأعتداء على المواطنين وجمع الأدلة والمستندات والحيثيات والأثباتات بالوثائق والأقوال الشخصية وشهادات شهود العيان … وكل ما من شأنه اثبات الحالات والحقائق والوقائع.
* اعداد ملفات متكاملة لحالات نموزجية وعرضها على المؤسسات الدولية وتسليط الضوء عليها فى وسائل الأعلام وعلى وجه الخصوص على مواقع “الأنترنت” الأرترية والعالمية، للتدليل على التجاوزات والأنتهاكات وكسب الدعم المادى والمعنوى والأنسانى ومبادئ حقوق الأنسان فى ارتريا.
* تنظيم الأعتصامات والآحتجاجات السلمية امام السفارات الأرترية للفت نظرالرأى العام العالمى.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5941
أحدث النعليقات