من الخاسر ومن الرابح بعد المؤتمر الوطني؟
من الخاسر و من الرابح بعد المؤتمر الوطني؟ سؤال راودني ولا يزال يشغل جزا كبير من تفكيري اليومي منذ اسبوع مضي. حاولت ان انظر الي الموضوع من جوانب عدة لإيجاد إجابة مرضية او حتي عادلة لسؤال من هذا النوع. فإذا نظرنا الي الموضوع من ناحية التحالف الأرتري الوطني علينا العودة الي الوراء سنتين او اكثر قليلا لتشخيص حالة التحالف الذي بداء حينها يتصدع و أخذت بوادر الانشقاق في داخله تظهر بخروج حزب الشعب منه و ظهور جبهة التضامن في داخله وتحالفات أخرة غير معلن عنها يتحدث الشارع عنها هنا و هناك مثل حزب الشعب و المؤتمر الاسلامي الارتري و النهضة تارة وتارة أخرى بين الإنقاذ و النهضة و المؤتمر الاسلامي الارتري و احيان بين الإنقاذ و النهضة على حدة و الكلام كان كثير في المقاهي. ظهر تفكك التحالف في الآونة الاخيرة و على وجه التحديد اثناء عمل المفوضية في عدم قدرة التنسيق بين ممثلي التحالف ال٢٢ في المفوضية في القضاية الكبرى و حتي القضاية المتفق عليها داخل ميثاق التحالف. كما فشل التحالف حتي في خلق الية تنسيق بين الممثلين ال ٢٢ مما جعل كل ممثل يتصرف على حسب رؤية حزبه الخاصة واحيانا حتى على حسب رؤيته الخاصة. مثل اخر على حالت ضعف التحالف قبل المؤتمر هي عدم اتفاق الاحزاب ال١١ على مسالة تأجيل المؤتمر او قيامه في وقته بينما كان الإنقاذ و النهضة و الاحزاب القومية الآخرة ترى ان ينعقد المؤتمر في موعده المحدد سابقا و كان الاخرون يرون انه من الافضل ان يؤجل المؤتمر. مثل أخير و ليس للحصر لان الأمثلة كثيرة كانت هناك مسالة الدستور فقد صرح مثلا الإنقاذ بان ورقة الدستور يجب سحبها من أوراق المؤتمر (مع العلم ان احد ممثلي الإنقاذ الاثنين في المفوضية (د هبتي) كان في لجنة الدستور و من المتحمسين بشدة للدستور) بينما كانت هناك أحزاب في داخل التحالف تصارع للحفاظ علي ورقة الدستور. و بهذه الحالة دخل التحالف المؤتمر في غياب رؤية موحدة له و في غياب فكرة مشتركة متجانسة للاستمرارية بشكل جديد ديناميكي داخل المؤتمر او المجلس المرتقب حينها. و لكن علينا ان لا ننسي او حتى نتجرأ تناسي ان التحالف هو من مهد الطريق الي الملتقي و لاحقا المؤتمر فالحق حق حتي و ان كان التحالف قد حفر قبره بنفسه و حمل نعشه و دفنه بنفسه فهو يمثل مرحلة كانت مهمة في تاريخ المعارضة الارترية و خاصة في ترسيخ مفهوم المعارضة السياسية ضد نظام اسياس الديكتاتوري.
اذا نظرنا من زاوية أخرى لدور التضامن وأركانه الاربعة (جبهة التحرير الارترية، الحركة الفيدرالية، الحزب الاسلامي و حركة الاصلاح) والذي قبل بترحيب كبير من سكان المنخفضات الارترية بصورة خاصة عند تكوينه و أحيا نوع من الأمل لدي شريحة عريضة من الشعب الارتري لشعورها ان ظلم الحكومة الارترية أعنف في أراضيها نسبة لسياسة الاستيطان التي تتبعها الحكومة بصورة واضحة في منخفضات أرترية و يتمثل ذلك في استيلاء الاراضي و بسط الثقافة الكبساوية في اراضي المنخفضات. ولكن بقي تأثير التضامن نظري اكثر من عملي و مع مرور الزمن قلت شعبيته و ضجرت جماهيره من الانتظار لعدم وضوح الاهداف و تردد قياداته في اتخاذ قرارات حاسمة مثل توحيد القوة العسكرية و تقريب المسافات السياسية بين الاربعة تنظيمات و حتى جديتها في اقامة مؤتمر مشترك و الخروج منه بقيادة فعالة. حتي الخطاب السياسي كان ركيك و غير متناسق فلاحزاب الاسلامية كانت ترى او تعرف التضامن بانه هو وحدة مسلمين بحتة متجاهلة بذلك تركيبة الحركة الفيدرالية وجبهة التحرير المتكونة من مسيحيين و مسلمين. بينما كانت الحركة الفيدرالية تتحدث عن وحدة مصالح مشتركة لقطاع كبير من الارتريين و خاصة سكان المنخفضات التي ترتبط مصالحها بقضية الارض المسلوبة و السلطة المنفردة و توزيع الثروة الغير عادلة. الجدير بالذكر هنا ان تركيبة هذه التنظيمات من ناحية جماهيرها تختلف. فعلى سبيل المثال تتكون قواعد الحركة الفيدرالية و جبهة التحرير في المقام الاول من سكان المنخفضات مسلمين كان او مسيحيين من قوميات مختلفة بينما نجد في قواعد الحزب الأسلامي و الاصلاح فقط مسلمين من سكان المنخفضات و المرتفعات (الساهو و الجبرتة) و ان كانت قيادات التنظيمات الاربعة تشترك في ان روسائها ممثلون من المنخفضات. و يبدو ان التضامن دخل المؤتمر من غير تنسيق في الاهداف التي يريدها كجهة سياسية مؤتلفة. و حتي ان التضامن لم يضع خطة تعبئة مشتركة لقواعده قبل المؤتمر سواء بما يخص الاوراق السياسية او مسالة القيادة للمجلس الوطني. وجعل الموضوع عرضة للاجتهادات الخاصة لأعضاءه و للمتعاطفين معه. قد يكون التضامن قد حقق بعض أهدافه بما يخص الاوراق السياسية ولكنه لم يحقق نجاح يذكر في تواجده في المجلس التشريعي و اللجنة التنفيذية او حتى في محاولته لرأستها. فقد اتفقت قيادة التضامن علي مرشح لها في الزمن الضائع و لكن كان لبعض اعضاء التضامن مرشح اخر من خارج التضامن تم التسويق له منذ زمن. و خرج التضامن من المؤتمر اكثر غموضا و بلون باهت مما جعل الكثير من أنصاره يتسائلون ان كان التضامن سوف يبقى او لن يبقى؟ و هل هذه التنظيمات السياسية المكونة للتضامن متجانسة قياديا و جماهيريا؟ ام ان هذا الإتلاف التضامني هو فقط بين القيادات بينما القواعد لها راي اخر في هذا الإتلاف؟ وهل قواعد التنظيمات الاسلامية الكثيرة ذو الأصول الكبساوية تلتزم بمبايعتها لبرنامج احزابها السياسية و قيادتها ام انها تنحاز لأصولها العرقية عندما تدق طبول التصعيد و الترشيح؟ اعتقد ان التضامن سوف يعيد النظر في كثير من الامور و اولها في اهمية وجوده.
اذا ليس التحالف و ليس التضامن. لنلقي النظر الى التحالفات الآخرة. فالتنظيمات السياسية القومية الواضحة ( النهضة، تنظيم الكونامة و تنظيم العفر) تحالفت قبل المؤتمر مع الإنقاذ و كذالك مجموعة ضخمة من حبش اقليم اكلي قوزاي و السؤال ما الذي يجمع هذه التنظيمات بعضها ببعض. فغالبية قاعدة الإنقاذ تنبثق من قومية الساهو و فروعها بشكل خاص و من اقليم اكلي قوزاي بشكل عام و قد نجد في قيادتها بعض الرموز القيادية القديمة من الأقاليم الآخرة. حتي عندما تكون الإنقاذ في شكله الحالي كان في الأساس وحدة بين الحركة الشعبية بقيادة عبدالله ادم وتنظيم صدقي بقيادة هنجمة و المجلس الوطني بقياداته التي دائما يكون محورها احمد ناصر وان اختلفت الأسامي. و كل هذه التنظيمات كانت قواعدها و غالبيت قياداتها من اكلي قزاي و حتي بعد انشاق الإنقاذ الاول و خروج عبدالله ادم و أخيرا هنجمة بقيت رموز بارزة من قياداتهم في الإنقاذ. اما النهضة فيتكون فقط من الجبرتة و لهم مصالحهم القومية بصورة خاصة والإقليمية بصورة عامة مع الإنقاذ. و قيادة النهضة لها محاولاتها الدائمة لتثبيت نفسها كقومية لها خصوصياتها بعيدا عن قومية التجرينة المسيحية )الحبش( في كبسة ( اعتقد ان الحركة الفيدرالية كانت اول تنظيم سياسي ارتري اعترف بالجبرتة كقومية في مؤتمر لها قبل عدة سنوات). السؤال الذي يبقى بلا إجابة واضحة ما هو سر تحالف العفر و الكونامة مع الإنقاذ. فكلاهما تنظيمين يؤمنان بالحكم اللامركزي و يذهبون الى أبعد من ذلك فهم يطالبون بحق تقرير المصير. و الكل يعلم ان الإنقاذ يؤمن بالحكم المركزي ولايؤمن بحق تقرير المصير. فتنظيم العفر كان علي تنسيق عسكري مع الإنقاذ منذ فترة و خاضو بعض المعارك المشتركة ضد النظام في ارتريا و أما حزب الكنامة كان بعيد عن هذا العمل العسكري المشترك. هل هناك ضغط اجنبي دفع الى هذا التحالف؟ ام هي عدم مقدرة تنظيمات المنخفضات على جذب هذين التنظيمين؟ مع العلم ان الحركة الفيدرالية هي اقرب تنظيم لهما من ناحية طرح الحل الفيدرالي حتى و ان لم يكن طرح الحركة فيدرالية قومية؟ و هل التنظيمات الاسلامية لم تكن جاذبة لتنظيم العفر (رغم ان العفر هي القومية الارترية الوحيدة التي تتكون من مسلمين فقط)؟ و لكن علينا ان لا نستعجل في الحكم و التحليل فوجود هذين التنظيمين لا يعني انهم يمثلون كل قوميتهم فكلنا يرى احيانا ان هناك من يكتب في صفحات الانترنت من بعد الأخوة الكنامة ان تنظيم الكنامة و طرحه لا يمثل كل الكنامة و ان قرنليوس يمثل فقط المجموعة الصغيرة التي معه. سنرى في المستقبل ان كان هذا التحالف مؤقت ام انه واحد من التحالفات الهشة التي تمت لمكاسب سياسية قصيرة المدى.
غياب حزب الشعب (خارج التحالف) ذو التمثيل الكبير من تجرينا حماسين و سراي لعب دور كبير في عدم وجود منافس اخر ذو وزن كبير من المرتفعات للإنقاذ وحلفائه في المؤتمر و رجح الكفة في اتجاه اكلي قزاي مما مكنهم مع حلفائهم من الحوز علي الاغلبية الساحقة في المجلس التشريعي و كذلك في التنفيذية ولذلك أهني الإنقاذ علي تكتيكهم السياسي البارع و لفوزهم بهذه الجولة. و حازت كبسة على مقعدين مهمين, رئاسة التنفيذية و رئاسة المجلس التشريعي. و لكنهم عليهم الان مسؤولية المحافظة و حماية مخرجات المؤتمر حتى و ان كانت تتضارب مع برامجهم السياسي.
و في الختام لقد اكد لي المؤتمر شئ قد ذكره الاستاذ علي برحتو قبل سنوات عديدة و الحركة الفدرالية من بعده و هو التقسيم الثلاثي الفدرالي كحكم اداري امثل وانا شخصيا لم امن به من قبل و لكن يبدو لي هذا هو واقعنا و ليس عيبا ان نعترف ان انتمانا القومي و الجغرافي لايزال يسيطر علينا و هذا أيضاً ليس عيبا, فقط اذا عرفنا كيف نستطيع الاستفادة من تنوعنا و تسخير تنوعنا كأداة لوحدتنا وتطورنا مع احترام خصوصياتنا. كما اشكر المؤتمر لانه اخرجني من دور المراقب الصامت و للحديث بقية كما يقولون.
بقلم
عمر نور كيكيا
2011-12-14
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=19525
أحدث النعليقات