من رموزنا الشامخة ( سماحة مفتي الديار الارترية الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر ) رحمه الله
بقلم / صالح كيكيا
في مثل هذا اليوم الخامس والعشرون من يونيو من كل عام تمر علينا ذكري رحيل علم من أعلام إرتريا ، ورائدا من رواد نهضتها المعاصرة ، وشيخا منافحا عن الحق غير هياب ولا خوار ، الشيخ إبراهيم المختار رحمه الله تعالي الذي انتقل لجوار ربه في يوم 25/06/1969م .
كان الشيخ رحمه الله عالما جليلا ومتقدما عن عصره ، عرف بغزارة علمه ، وجزالة حديثه ، وصلابة مواقفه الوطنية ، حتي عد رمزا من رموز الوطن وهرما بين أعلامه يشار إليه بالبنان .
كان رحمه الله مهتما بالتوثيق وحفظ الوثائق وترتيبها وقد ترك كنزا من الوثائق ومن المجلدات النادرة وما يزال الجزء الأكبر منها محفوظا بمكتبة الأوقاف الإسلامية في أسمرا.
كان الشيخ رحمه الله كاتبا زخرت صحف إرتريا في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي بالعديد من مقالاته خاصة الجريدة العربية الاسبوعية .وقد كتب عن هذا العالم الجليل مجلة الأزهر الصادرة في يوليو 1997م تحقيقا كتبه الدكتور السيد الجميلي ، تطرق فيه للكتب التي قام بتحقيقها لمؤلفاته التي طبعت بمصر ، كما ذكر عدد وأسماء مؤلفاته الدينية والإجتماعية وغيرها والتي بلغت تسع وثلاثون مؤلفا والكتب التاريخية والقومية وغيرها التي ألفها والتي بلغت ثمانية عشر مؤلفا . (1)
والشيخ بما كان يمثله من قيم نبيلة ومواقف وطنية شجاعة فقد كان لرحيله أسي كبير في النفوس وحزن عميق في القلوب ، وفي هذا المضمار فقد رثاه الأستاذ الراحل الشاعر عبد القادر إبراهيم أحد الطلاب النوابغ الذين درسوا في مصر وصاحب القريحة الشعرية التي طالما تغني بها للوطن ورموزه الذين صنعوا أمجاده
كانت مرثيته للشيخ تحمل هم الوطن وجرح المسلمين فيه. ننقل من هذه القصيدة الأبيات الآتية .
من للديار لها يا مفتي الدار
ودعتنا فجأة من غير إنذار
فأنت كنت لنا ثوبا يزيننا
ومن يا تري اليوم يكسي جسمنا العاري
وأنت كنت لنا حصنا نلوذ به
في كل ضائقة تأتي بأخطار
قد كنت دوما لنا نورا يضئ لنا
في ظلمة الليل أو في زحمة الساري
تركت فينا فراغا ليس يملؤه
فرد من الناس يا لهفي لمختار
كم من نفوس بكت في يوم رحلتكم
وكم من ضلوع كوتها حرقة النار
وكم دموع تري في العين قد جمدت
وليتها ذرفت دمعا بمدرار
يبكون فيك معان كنت تحملها
وعزة النفس والإخلاص للباري
يبكون فيك شجاعا غير مكترث
في الحق لا يرتضي إلا بإظهار
أين الكنوز التي كنت ترسلها
إلي الجرائد حتي يهتدي القارئ
أين المقالات في الأحكام ترشدنا
بل أين صوتك يشجينا بإبهار
من للمنابر يشدو فوق منبرها
من للمساجد يرعاها بإكبار
ومن يصون كتاب الله من عبث
ومن يدافع عنه غير خوار
ومن يغار علي دين الحنيفة من
يذود عن حوضها شهما بإصرار
مضي الفقيد يحامي عن عقيدته
كونوا حماة الهدي من بعد مختار
ولا تكونوا ضعافا في إرادتكم
والله ينصركم في كل أطوار
الله نسأل أن يكرم وفادته
يدخله من فضله جنات أبرار
هذه القصيدة استوقفتني أبياتها كثيرا ، وكأني بالأستاذ الراحل عبد القادر إبراهيم الذي رحل عن دنيانا شابا ، بعد أن شارك في الحركة الوطنية عضوا في حركة تحرير إرتريا وعضوا في الإتحاد العام لطلبة إرتريا بالقاهرة كأني به يخاطبنا اليوم في واقعنا البائس :
من للمنابر يشدو فوق منبرها
من للمساجد يرعاها بإكبار
مساجدنا التي إمتدت إليها الأيدي الآثمة تهديما في مندفرا وأماتري وتأميما لأراضيها في كرن يا تري من يسمع صيحاتها تقول وإسلاماه لعلها تلامس نخوة المعتصم .
مضي الفقيد يحامي عن عقيدته
كونوا حماة الهدي من بعد مختار
ولا تكونوا ضعافا في إرادتكم
والله ينصركم في كل أطوار .
نداء وجهه لنا هذا الفقيد قبل أكثر من ثلاثين عاما وكأنه يعيش معنا عذابات اليوم وبؤس الحال تحت حكم الطاغية .
لنتخذ من خطي تلك الرموز ومواقفها الأبية نبراسا يضئ لنا طريق مسيرتنا القاصدة إلي التحرر والانعتاق .
وإنني أضم صوتي إلي مبادرة الأخ الكاتب الأستاذ أحمد أسناي في دعوته للكتابة عن رموزنا وعظماؤنا حتي لا يندثر هذا الإرث الكبير .
وفي هذا الصدد ومن باب إرجاع الفضل إلي أهله فإن المعلومات الواردة في هذه الصفحات تعود بكليتها للأستاذ محمد سعيد ناود ، الذي تناول معلومات ثرة عن الشيخ إبراهيم المختار في كتابه القيم ( عمق العلاقات العربية الإرترية ) هذا الكتاب قد حوي معلومات تاريخية هامة وهو جدير بالقراءة .
( 1) المصدر ( عمق العلاقات العربية الإرترية ) المؤلف محمد سعيد ناود
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8628
أحدث النعليقات