من وحي سمنار المثقفاتية في أديس أببا … أيهما سيسقط أولاً إسياس أفورقي أم ملس زيناوي !؟
أحمد صلاح الدين
يظل هاجس ” البديل ” هو المُعوِّق الجوهري الذي تتداوله مصالح السياسة الغربية ما بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية ، كما أن التخوّف من البديل هو القاسم المشترك
الذي يجمع أحيانا أهل السياسة حين ترد كلمة “التغير “لنظام بلدٍ ما بمجرد أن حكومة هذا البلد أو ذاك تتعارض و مصالح بلاد أخرى و أيّ كانت تلك البلاد من حيث دورها في قيادة السياسة العالمية – وأن الشعوب التي تعي ضرورة التغير في بلادها يغلقها هي الأخرى كثيراً مدى جاهزية البديل .
و الأنظمة الدكتاتورية هي وحدها التي يعي طاغيتها الديكتاتوري بأنه ينطلق أساساً في بقائه من قاعدة “وخلفي الطوفان ” وهي قاعدة اللابديل من بعده .
إلا أن غرابة أمر البديل أحيانا يستشعرها الديكتاتور نفسهه ، و ذلك إذا ما جاوره نظام يكتاتوري أخر على أحد حواف حدودهما المشتركة طال خطها أو قصر .. بالذات حينما يستهدف هذا الديكتاتور تغير ذاك الدكتاتور الذي يظنه مزعجاً ومهددا لديكتاتوريته – كالذي نراه من المحاولات المستمرة ما بين العاصمتين – أديس أببا و أسمرا- وفي كلٍ ديكتاتور من طراز آخر يلتقيان في البطش والقمع وبينهما برزخ يمنع وحدة خواصهما .
فوسيلة ” التحالف مع الشيطان” من أجل غاية تغير الدكتاتور كثيرا ما لا يحالفها نصيب النجاح ، ذلك ليس لإنها بعيدة من ألاعيب السياسة أو فنها الممكن .. لكن لأن إختيار الشيطان في حد ذاته يحتاج إلى شيطنة سياسية خاصة تعي كيفية التعامل مع تلك الوسيلة .
الآن .. يحق لنا أن نبين بأن نظام أديس أببا يرتب لإزاحة هاجس البديل الإرتري من الغرف الغربية ، ما إذا كانت تلك الغرف مستعدة لكي تدفع بالتغير في إرتريا .. لتعود أثيوبيا لهرقلتها التاريخية .. إلاّ أن نظام ملس زيناوي نسيّ أن أديس أببا لم تتحوّل بعد إلى ” أثيوبية الهم العام لأثيوبيا التاريخية التي كانت تغازل بمسيحيتها دول الغرب – وكوننا نستتدرك أمره حالياً و بمقدار نفي التحوّل المذكور – لإننا نعلم تماما أن من هم على عرش أديس أببا اليوم ، لم يطمئنو المكونات الأثيوبية ” بقومية الدولة ” و زخمها الإنائي الموحد للشعور بالشخصية المشتركة الهوية ، المرتكزة على المواطنة المستقرة حسيّا و ذهنيا ..
ثم أن الغرب يدرك أن مهددات التطاير الأثيوبي بفعل إنفرادية السلطة الذي إنتقل إلى شمال البلاد ، هو الأخطر من شعار” تقرير مصير القوميات الإرترية ” التي صنعتها أديس أببا من باب تحريك وململة عرش الدكتاتور النظير في أسمرا … لإن خطورة التطاير الأثيوبي له شرعيته الدستورية التي يمكن أن تعيد سلطان أديس أببا الحالي إلى عاصمة إقليمه ” مقلي ” … و أثيوبيا اليوم حافلة و حبلى بهرقليات الأورومو – الأمهرا و أُوغادين وووو … و هذا م تخافه أديس أببا ملس زيناوي بفعل أسمرا إسياس أفورقي .. فهذا زعِّيط و ذاك مِعِّيط !!
و مما تقدم نشير إلى أن سمنارات المعارضة الإرترية التي رتبتها أديس أببا أخيرا و غيرها من المؤتمرات التي جرت و ما ستجري على أرض ” أثيوبيا ” لم تكن يوما هماً ” أثيوبيا ” مشترك نحو مصالح ” أثيوبيا ” بقدرما جيئ و يجئي ذلك من قبيل مصلحة إقليم أثيوبي أوحد يعاني من روح إستعلاء أبنا العم في أسمرا و لاسيما في حماسين – المركز .. و إننا على ما نقول تأتي قناعتنا .. وكلتا العقليتين قد بان أمرهما….
و لأن أديس أببا من حقها أن تبحث عن شريك إرتري يبرهن لها أنه ، لا مجال للتخوف مستقبلاً من البديل في أسمرا ما بعد إسقاط أفورقي .. فيبقى لها الحق في ترتيب مثل تلك السمنارات .. و تلك المؤتمرات – ما تقدم منها و ما هو قادم .. إلا أن أديس أببا اليوم ، ليس بالجهة و العاصمة المؤهلة لكي تحدث التغير الديمقراطي في إرتريا لأن ارتريا الديمقراطية تحتاج إلى شريك ديمقراطي هو الآخر .. رغم أن يقيننا الديمقرطي بديلاً في إرتريا لا نراه إطلاقا يتمثل في مكونات هذه المعارضة التي يكمن في شاكليتها و إشكالاتها الحالية مدى إستمرار النظام الديكتاتوري في إرتريا و كأننا نقول : ” أن هذا النظام من تلك المعارضة !!”
أما كلمتنا المختصرة فيما يدور من سمنار ” النخبة أو المثقفاتية ” الذي يجري حاليا في أديس أببا – و بإشراف قيادات الشمال الأثيوبي صاحب السلطة الديكتاتورية في الجارة ” أثيوبيا ” ما يسعنا فيه وإلاّ بأن نردد معلقين نحوه بما جيئ على لسان المثل السوداني :
” البلد الما فيها تمساح يكتر فيها الورر ” … أي البلد الذي ينعدم فيه التمساح يكثُر فيها الورر .. وهذا حقا ما يجري هذه الأيام في أديس بإسم النخبة والمثقفين و الأكادمين الإرتريين … ولكن ما علينا إلاّ أن نقول كما قال أهلنا في السودان أيضا : ” إتلمّ التعيس على خايب الرجاء ” !!
فيا ترى من الذي سيسقط أولاً : الديكتاتور أفورقي – أم نظيره في ذات الوصف – زيناوي !؟!
ومن مثقفيننا يأتي اليقين للبحث عن الخط المستقيم – و شتان ما بين جهلي و معرفتي!!
Ahmed.salahaldeen406@gmail.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=17209
أحدث النعليقات