من وحي ندوة واشنطن

أقامت مفوضية الحوار الوطني فرع واشنطن ندوة حوارية بتاريخ 7 أغسطس 2011 استضافت فيها كل من الدكتور/ خالد بشير، الدكتور / يعيبو ولدي ماريام، والأستاذ / تخلاي أبرها ممثل المفوضية بأمريكا الشمالية وكان المتحدثون قد تناولوا هموم الساعة الإرترية وأشبعوها تحليلا مفيداً أعطى طابعا لدى الحضور بأن مساهمة أصحاب العقول النيرة والإمكانات العلمية المرموقة ستدفع بالحوار الوطني إلى مراميه المأمولة. وكالعادة وبعد الانتهاء من حديثهم، فتح باب الأسئلة والآراء. وكل من وجد فرصة الحديث قد أدلى بدلوه في الحوار الوطني الجاري الآن بين مكونات شعبنا. وكان أكثر من أطال في الحديث هو الأخ / أدحنوم فيرماريام الذي أثار حديثه حفيظة الناس، لتبدأ ردود الأفعال فيما قال، وقد حاولت أثناء الجلسة أن أترجم بعضا من مقاصده ظناً مني بأن ما تفضل به أسيء فهمه، إلا أن جزيئة مما قال يستحق النقاش، رأيت عبر طرحها هنا أن أشرك فيها آخرين لم يتمكنوا من حضور الندوة. وهذه الجزئية هي أنه قال – ضمن حديثه الطويل – إنه – أي أدحنوم – يقابل بعض الناس ويقولون له، لماذا المفوضية تطرح دستوراً جديدا ونحن عندنا دستور 1997؟ لو جاء هذا الحديث على لسان أي مواطن عادي لما تحملت مشاق طرحه هنا ولما أثقلت به كاهل الآخرين. ولكن ولأنه جاء على لسان رجل يعد أحد صناع القرار السياسي في ساحة المعارضة الإرترية أولاً ولأن الأخ / أدحنوم لم يقل لنا ماذا كان رده على أولئك المطالبين بدستور “أفورقي”. ثانيا ولأنه لم يعد إلى الندوة بعد الاستراحة ليسمع آراء الآخرين فيما طرح هو. لهذا كله رأيت من الأهمية بمكان أن أضع نفسي مكان الأخ أدحنوم وأجيب على أولئك الذين أمطروه بأسئلتهم. لو كنت مكان الأخ أدحنوم لقلت لأصحاب ذلك الرأي إن دستور 1997 كان انقلاباً على دستور 1952 الذي تراضى فيه ممثلو الشعب الإرتري وأرسوا من خلاله ثوابت وطنية، ولقلت أيضاً إن من وضع مسودة العناوين الأساسية لذلك الدستور هو الدكتاتور الذي دمر وشرد وقتل وسجن ومارس وما زال كل الموبقات. كما أننا لم نكن بعد الاستقلال بحاجة لوضع دستور جديد بقدر ما كنا بحاجة لترميم دستور 1952، ولو كنا فعلنا ذلك لما عدنا اليوم إلى المربع الأول ولوفرنا كثيراً من الجهد والمال والوقت. إضافة إلى ذلك إن دستور 1997 وضع في ظل دولة بوليسية صادرت الحريات وغيبت القوى السياسية ومنعت اللاجئين من العودة. إن دستور 1997 يكتسب شرعيته من سلطة لا تمتلك أدنى شروط الشرعية! فكيف بالله عليكم يسمى دستورا؟ ناهيك أن يطالب البعض بتطبيقه بعد رحيل أفورقي. في ظني أن من يطالب بدستور أفورقي يحتاج إلى إعادة تأهيل وطني قبل الحديث عن المعارضة والدستور. إن الدساتير الحقيقية هي التي تقوم ببنائها الشعوب في ظل أجواء تسودها الحرية ويطرح فيها الناس كل ما يجيش بخواطرهم، ويمثل مصالحهم، ويحدد علاقاتهم فيما بينهم. أما دستور 1997، فقد وضعت ديباجته الأولى في دهاليز مظلمة وبعقلية مريضة لا تنشد خيراً للشعب الإرتري ولا تؤمن بالتعايش السلمي. فكيف يطالب به البعض ولماذا يسميه أصلا ً دستوراً ولماذا لم يجبهم الأخ القيادي أدحنوم هكذا؟ أم وراء الأكمة ما وراءها؟      

                                                                عبد الرحمن محمود

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16815

نشرت بواسطة في أغسطس 14 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010