{ من يجرؤ على الكلام ؟} بول فندلي … المهددات والتحديات في ارتريا
بقلم / محمد عبد السلام
3/ 9/ 2012م
أولا / قبل الدخول في صلب الموضوع أرى من الضروري الإشارة إلى أمر مهم وهو انه ورغم وجود كتاب يقدمون أفكار مهمة مفيدة وناضجة وعلمية وهم كثر والحمد لله إلا انه ومن الملاحظ انه يعلوا عليهم صوت قلة تضخ غثاء من الأفكار السطحية الأقرب إلى التهريج والتجريح . مستغلة نعمة فضاء الانترنيت المفتوح باسوا الصور ومع ذلك لا باس بالا فكار مهما كانت والأفضل أن تخرج إلى الهواء الطلق لعلها تجد الأوكسجين الذي ينقيها بدلا من أن تحبس في صدور أصحابها بالرغم من إن أصحاب الأقلام هذه يعتمدون في كتابتهم على تبخيس بضاعة غيرهم دون أن يقدموا ما يفيد فننصرف إلى قضايا وسجالات لا طائل من ورائها وتضيع في الزحمة القضايا الجوهرية .وأنا أؤمن واعتقد وقد لا أكون صائبا بان ابلغ رد على من أساء هو عدم الرد . آمل أن أقدم ما يفيد وأرجو أن يقدم لي من يخالفني الرأي الحجة المفيدة لي ولمن يهمهم الأمر .
ثانيا/ كنت قد كتبت الجزء الأكبر من مقالي هذا بعد مؤتمر اواسا بحوالي شهر أو أكثر أي بعد مقال كتبته عن ذلك المؤتمر ولان إخوة أكن لهم تقدير واحترام فهموا مقاصدي في ذلك المقال على خلاف حقيقته واعتقد البعض منهم وخلافا لمقصدي انه موجه ضدهم وأني قصدتهم فقررت إرجاء تكملة ونشر مقالي هذا إلى الآن وذلك حتى يتأكد الإخوة الذين ذكرتهم بأنهم أساءوا الفهم والمقصد وحتى تبين الأيام أيضا صدق تحليلي واستنتاجاتي عن اواسا .
ثالثا / قد لا يحيط المقال الذي بين يديكم بكل التحديات والمهددات في ارتريا وأنا هنا اقصد الرئيسية والمهمة فان من يقرا ما كتبت قد يسترعي اهتمام البعض وهو يسعدني فإنني آمل أن يضيفوا عليها أو يحذفوا منها ويعالجوها بصورة أفضل مما جاء في مقالي هذا ولكم الود .
المهددات والتحديات :-
1 / الثنائية المختلة وفشل التعايش
2 / القبلية السياسية
3 / الهجرة وفقدان الهوية
4 / مقاومة التغيير وتغييب الشباب
5 / أشباه المثقفين
6 / ثقافة التوجس وتأصل الضيق بالرأي الآخر
*الثنائية المختلة وفشل التعايش
ضمن متطلبات التخرج من الجامعة في النصف الثاني من الثمانينات طلب مني أن أقدم بحث عن ارتريا وشعبها وثورتها فقررت أن يكون بحثي شاملا يقدم صورة وردية عن الشعب الارتري الواحد الذي يقف كله خلف الثورة بغض النظر عن انتماءاته الدينية أو القبلية . ولم أجد صعوبة في بلوغ مرامي في تقديم الأمثلة الحية والموثقة بقدر تعلق الأمر بالمكون الذي يشكل أغلبية الشعب الارتري ولكني وجدت مشقة بالغة فيما يخص الأقلية أي الشركاء ليس هذا فقط بل سدت أمامي الصفحات السوداء في تاريخ ودور هذا الجزء من الشعب الارتري . غير إنني وأنا القادم إلى مقاعد الدراسة من صفوف جيش التحرير الارتري وما يعنيه ذلك لم أكن مستعدا للتفكير والتأمل في الأمر كثيرا بل بحثت ونقبت ووجدت بعض الأسماء قبل الثورة فأقحمتها إقحاما في أنهم زعماء وطنيون أما في احد الثورة لم أجد مشقة كبيرة لوجود أسماء يعتز بها الشعب الارتري كمناضلين هجروا وانفصلوا عن مجتمعهم الذي وقف بشكل شبه كلي في الخندق المعادي للثورة ونقشوا أسمائهم في سجل الشرف ودفع معظمهم ثمن ذلك حياته على يد الفئة التي ينتمون إليها في الوطن . استعيد هذه الذكريات وأنا قد تشبعت من الدروس التي تؤكد بان الشعب الارتري ومنذ أن عرف الوطن الذي أطلق عليه هذا الاسم وبحدوده الحالية في العقد الأخير من القرن التاسع عشر لم تثبت الوقائع طيلة هذه الفترة الممتدة والطويلة بأنه يمكن أن يشكل شعب واحد في دولة واحدة والتجارب والأمثلة الحية شاهد على ما أقول
وإليكموها :-
أ – بعد الحرب العالمية الثانية وعندما لاحت في الأفق ولأول مرة فرصة في أن يقرر الشعب الارتري مصيره ويقيم دولة معلومة الحدود والشخصية المعنوية والاعتبارية والقانونية تبين بان هذا البلد يضم شعب يتكون من مكونين مختلفين في التطلع الى مستقبل يناقض كل منهم للآخر فالأغلبية تعتقد بان ارتريا لكل الارتريين ومن حق هذا الشعب ان يتحرر من الاستعمار ويقيم دولة يكون فيها معيار المواطنة تحت خيمة الحقوق والواجبات والمساواة التامة بينما ترى الأقلية بان منظارها وميزانها في الانتماء لهذه الدولة مصالحها هي فقط ولتشرب الأغلبية من البحر أو تذهب للجحيم وفي سبيل ترجمة هذه العقيدة القائمة على أساس أن البقاء في دولة يضمها مع الشريك الأكبر لا يمكنها من الاستحواذ على كل الوطن دون شريك بسبب كونها أقلية ولأنها لا تؤمن بالشراكة فأسست حزب الوحدة مع إثيوبيا الإمبراطور هيلي سلاسي بينما أسست الأغلبية الكتلة الاستقلالية التي تعتقد بان ارتريا لكل الارتريين وما تلا تلك الحقبة من الأحداث وما دفعناه من ثمن لاحقا وحتى اليوم معروف لكم .
ب – بعد انطلاق الثورة الارترية ممثلة في جبهة التحرير الارترية التي أعلنت هدفها الممثل في تحرير ارتريا أرضا وشعبا من الاستعمار وإقامة دولة يتمتع فيها كل الارتريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والقبلية والفكرية بنفس الحقوق اصطف شركاؤنا في الوطن أي الأقلية إلى جانب العدو المحتل وانخرطوا في جيشه وحملوا السلاح وقاتلوا الثورة وارتكبوا مجاز بشعة بحق الشعب الذي احتضن الثورة واحرقوا قراه ودفعوا جزءً منه إلى اللجوء إلى السودان بعد أن فقد كل ممتلكاته وأعداد كبيرة من الأنفس . لقد فاقت جرائم الكوماندو والباندا أسيادهم الطور سراويت جنود الاحتلال الإثيوبي وتفانوا في تثبيت دعائم الاحتلال في ارتريا ولكن الموازين اختلت لصالح الثورة بفضل الله ناصر الحق وتوفيقه ومن ثم بالتضحيات السخية لأبناء ارتريا الشرفاء.
فاضطر هؤلاء القوم للانحناء أمام العاصفة لتبدأ الصفحة الأقذر وهي ضرب الثورة من الداخل ونفث الأفعى ذات الرؤوس المتعددة ( اسياس) سمه في الجسد الارتري المنهك بفعل تحالفهم هم مع المستعمر وعندما تحول حال قوات الاحتلال ودارت عليه الدائرة تحالفوا مع قسم آخر من الإثيوبيين اقروا بحق اسياس وشعبيته بتحقيق ما جاء في إنجيلهم الجديد ( نحن وأهدافنا ) لتكون ارتريا خالصة للأقلية ويطرد أهل البلد الذين يشكلون ثلثي العدد وخرجت الجبهة من الساحة وتحررت ارتريا من الاحتلال المباشر وحكمت الأقلية وطبقت برنامجها الذي لا يقبل اقل من أن تكون ارتريا خالصة لهم وما نراه اليوم على ارض الواقع من مصادرة كل شيء [الأرض الهوية الثقافة اللغة التاريخ ….الخ[ٍ واوجدوا واقعا أصبحنا معه في خطين متوازيين لا يلتقيان ووصلت المعاناة درجة من التقيح لا تحتمل المزيد وبالتالي فإنني اعتقد بأننا في المرحلة قبل الأخيرة من الانفجار الذي ستكون نتيجته العصف بوطن اسمه ارتريا وهو المهدد الأخطر .
* القبلية السياسية
في واقعنا الارتري الذي نعيشه وقد استبيحت فيه المحرمات أصبح كل شيء يمشي على ساق واحدة ويدعي من فوقها بأنه يمشي على قدمين . فبعد أن ابتدع اسياس وشعبيته وكجزء من إستراتيجية فرق ومزق المقابل ( الأغلبية ) ما يسمي بالقوميات واخذ المخطط دورة الحضانة وفرخ ما يعرف اليوم بتنظيمات القوميات أي أن تتحول القبيلة إلى حزب سياسي . وحتى يفهم مقصدي بصورة صحيحة أقول إذا كان الظلم واقعا على الجميع أي على مكون الأغلبية لماذا نضعف قوانا ونواجه الخصم متفرقين . إن الواقع الذي هو تكوين الأحزاب القائمة على اساس قبائل والتي يطلق عليها ( تجميلا ) قوميات ستكون نتيجته التالي .
أ / إن الطرف الآخر أي الأقلية لن تصبح أقلية لأنها فرقت وجزأت الأغلبية إلى أجزاء صغيرة وضعيفة وهو عين الهدف من ما أسمته بالقوميات التسع
ب / إن العمل السياسي في ارتريا الديمقراطية سيتحول إلى عبث حيث ستكون التشكيلات السياسية قائمة ليس على أسس برامج سياسية ولكن على أرضية محاصصات قبلية وهذا يعني إننا ننساق ومعنا الوطن إلى هاوية الحروب والنزاعات القبلية .
انه مهدد آخر من مهددات ومخاطر تنتظر المعالجة وإلا ….
* الهجرة وفقدان الهوية
منذ العام 1967م أي العام الذي شهد اكبر عملية هجرة جماعة في ارتريا بسبب المجازر وإحراق القرى حيث عبر الآلاف من سكان غرب ارتريا وشرقها وشمالها الحدود إلى السودان واليمن بعد أن تركوا ورائهم قراهم المدمرة وممتلكاتهم المنهوبة وقبل ذلك آلاف الشهداء من المدنيين العزل ونحن نقترب اليوم من نصف قرن من الزمن . إلا إن الارتريين وحتى الذين ولدوا خارج وطنهم وكبروا وأنجبوا كانوا ارتريين وجدانا وانتماء لأنهم كانوا يعتقدون بان الحائل بينهم والعودة إلى وطن الآباء الأجداد المكان الذي يشعرون فيه بكامل حريتهم وكرامتهم هو جلاء الاحتلال ولكن هيهات . لقد كانت الصدمة صعبة الاحتمال عندما وجدوا أنفسهم بأنهم عادوا بآمالهم وأحلامهم إلى ما دون الصفر . كيف لهم أن يصدقوا بان من كان يدعي ويحمل اسم تحرير ارتريا يحول دون عودتهم إلى وطنهم الذي مهروه بالغالي بل يدفع بمن هم في داخله إما إلى السجون أو خارج الحدود . ولأنهم ارتريون ومن حقهم أن يعيشوا في كنفها توجهوا إلى البديل أي النضال من اجل تحقيق الحق ولأسباب لا يتسع المجال لإدراجها عجزت المعارضة أن تحقق لهم ما أرادوا وهناك جملة من المؤثرات تتنازعهم تشكل في خلاصتها بان يبقوا خارج الوطن وربما إلى الأبد ومنها ما يلي
أ / إن عدد غير قليل منهم خاصة سكان السودان الذين ولدوا فيها وهم أغلبية يجدون التشجيع من البلد المضيف للبقاء فيه كمواطنين ولان العوامل المشجعة للعودة ومقاومة هذا الإغراء ضعيفة ولان ارتباطهم بإرتريا هو مجرد ارتباط وجداني ولأنهم لا يرون ما يجعلهم يجازفون فإنهم عمليا أصبحوا مواطنين غير ارتريين وهو أمر في غاية الخطورة وتعمل حكومة الشعبية لتجعل منه أمرا واقعا ودائما من خلال برنامج الاستيطان الذي لم يترك لهم مكانا ليعودوا ويستقروا فيه في مواطنهم التي هاجروا منها وكذلك انسداد آفاق العيش والحياة الكريمة في دولة المكون الواحد
ب / فرص الهجرة إلى استراليا وأوروبا وأمريكا التي أصبحت ممرا إجباريا لكثيرين وجدوا أنفسهم مضطرين لخوض غمارها ومعظم الذين هاجرو من المناضلين الذين عملوا في صفوف الثورة ولكن جلهم أصبحوا في أعمار متقدمة وتكمن المعضلة هنا في أبنائهم وبناتهم الذين لا يعرفون عن ارتريا إلا اليسير الذي لا يسعفهم في أن يكون لهم سوى زيارات سياحية فيما إذا تغير الحال . إذن اعتقد بأنهم أصبحوا خارج الحسابات وهو أمر يضاف إلى ما سبق وما سوف يأتي ذكره من مخاطر تحيط بالوطن .
*مقاومة التغيير وتغييب الشباب
إن مسألة التشبث بالمنصب ومقاومة التغيير ليست مشكلة ارترية فقط ولكنها مشكلة عامة يبدو أنها مرتبطة بالنفس البشرية بغض النظر عن ثقافته أو درجة وعيه أو انتمائه أكان من عالمنا الثالث أو من العالم المتقدم سميه ما شئت والأدلة على ذلك كثيرة ولكني انتقي منها الأمثلة التالية :-
– في إفريقيا تنازل الرئيس السنغالي سنقور عن السلطة لنائبه عبدو ضيوف واعتبر ذلك حدثا غير مسبوق ووجد سنقور من الشعبية والاحترام خارج وطنه وداخلها ما لم يكن يملكها أثناء حكمه بل ربما كان مكروها ومنبوذا كونه أتى على السلطة كرجل لفرنسا التي سلمته السلطة بعد انسحابها من المستعمرة ( السنغال ) ورغم أن سنغور يستحق التقدير لصنيعه هذا ولكن سنغور عندما تنازل عن الحكم كان قد بلغ من العمر عتيا وأصبح غير قادر على القيام بأعباء الكم ولكن النموذج المشرق هو نموذج المناضل الإفريقي مانديلا ذلك الرجل صاحب القلب الكبير الذي لا يتسع المجال للحديث عن مناقبه 0
– أما أكثر الأمثلة وضوحا في مقاومة التغيير والتشبث بالكرسي نماذجها مثل الرئيس التونسي الأسبق بورقيبا الذي وصل به الحال درجة الخرف وهو ملتصق بالكرسي يحكم البلد وهو غائب عن الوعي ونموذج القادة السوفييت الذين في عهدهم عاش الغرب بل والعالم في رعب خشية أن تمتد يد برجنيف مثلا في لحظة نوبة خرف إلى الذر الذي يعطي الأمر الآلي لانطلاق الصواريخ النووية فتكون نهاية العالم 0 وحتى في بريطانيا فان انتظار ولي عهد بريطانيا قد طال فوالدته الزابيث متمسكة بالكرسي وقد احتفلت بمرور نصف قرن على اعتلائها العرش 0 بعد كل هذه النماذج ماذا سيكون رد الذين يعنيهم الأمر مباشرة وأنا ادعوهم ليفسحوا المجال للشباب ؟ الجواب ليس بالأمر الصعب ولكن ليس مهما الآن لنسكب فيه حبرا كثيرا 0 وأعود لواقعنا وكيف أراه.
في ارتريا وحسبما أرى يوجد ثلاث أجيال هم جيل الآباء الذين حملوا عبئ النضال من الستينات ووصلوا بالسفينة إلى المرسى أي جلاء الاحتلال واغلبهم الآن إما دفنوا أو يعيشون خارج الوطن والقليل منهم يمارس حتى الآن العمل العام في صفوف المعارضة – جيل السبعينات – وأخيرا جيل الثمانينات والتسعينات 0 لكل من هذه الأجيال جزء من مسئولية فالجيل الأول يمسك بتلابيب القيادة ويتصدر المشهد العام في السلطة او المعارضة في زمن هو ليس زمنهم ويقود بعقلية مرحلة حرب التحرير في عصر ثورة المعلوماتية ولا يدري بان لكل زمن رجاله وأدواته ووسائله بل وأهدافه ورحم الله من عرف قدر نفسه . فتشبث الآباء بمواقع القيادة في العمل السياسي المعارض أصبح عبئا على العمل الوطني وقدحا من رصيدهم وتاريخهم المجيد وسوف يدفع ذلك الشباب الذين يكنون لآبائهم كل التقدير والاحترام اتخاذ احد سبيلين وهما إما المبادرة بشق الشباب عصى الطاعة وانتزاع القيادة عنوة وما يعنيه ذلك من خدش لمشاعر الآباء المتمترسين خلف كراسيهم وما يترتب على ذلك من آثار غير محمودة والسبيل الآخر أن يبحث الشباب عن بدائلهم الخاصة ويبقى الآباء معتلين كراسيهم حتى يجدوا أنفسهم وحيدين وقد انفضت الجموع من حولهم ويموتون موتا بطيئا لا يليق ولا يتناسب مع تاريخهم وتضحياتهم العظيمة . أما الجيل الأوسط فيعد هو الخاسر الأكبر فلا الآباء أتاحوا له الفرصة ليدلي بدلوه ولن يتنازل له جيل الشاب كي يأخذ فرصته . خلاصة القول المطلوب من الشباب أن لا يستعجلوا ففي العجلة الندامة والآباء أيضا نقول لهم شكرا لقد أديتم الأمانة وبالتالي يجب أن يتم انتقال سلس من الآباء إلى الشباب دون تسرع ودون إبطاء وعلى الشباب الذين مع الأسف البعض منهم لا يعرف عن وطنه إلا القليل أن يعوا إن المستقبل الذي ينتظرهم ليس بنزهة كما يتخيلون وعلى الجميع أن يبحث على منطقة وسطى للخروج من هذا المأزق الذي يعد احد المخاطر والمهددات .
* أشباه المثقفين
ظهرت في زمننا هذا وخاصة في عالم الانترنت ( فيس وتويتر وبالتوك والكتابة في المواقع ) مجموعة من أدعياء المعرفة والثقافة والذين يجتهدون لتوجيه كل الأمور بالوجهة التي ترفع من شأنهم وهم في الحقيقة باحثين عن الذات أكثر منهم مثقفين يتقدمون ما ينفع الناس وهؤلاء النفر من أشباه المتعلمين وليس عيبا أن يكون الإنسان حرم أو لم يجد فرصة للتحصيل العلمي خاصة في واقعنا الارتري وكم من أفذاذ من رموزنا ومناضلي شعبنا لم ينالوا فرصة التحصيل العلمي والبعض منهم وجد الفرصة ولكنه تخلى عنها ليؤدي ويدفع ضريبة الوطن ولكن معشر أدعياء الثقافة من شبه الأميين الذين يبثون سموم الجهل يجدون مع الأسف من يستمع إليهم وهم يهرفون بما لا يعرفون كما يقول العرب . هذه الفئة تشكل خطرا على مستقبل الوطن والواجب التصدي لعقولهم الخاوية وهي احد المهددات الواجب معرفتها .
* ثقافة التوجس وتأصل الضيق بالرأي الآخر
نحن من مجتمع لا تزال تتحكم فيه البداوة التي تعتبر النقد انتقاصا واستهدافا تماما كما نحن اليوم وفي أغلبيتنا لا ننقد وإذا نقدنا ( نشطح) أي إن النقد البناء الذي هدفه الإصلاح أصبح نادرا وحل محله النقد الذي في ظاهره الإصلاح وفي جوهره خلاف ذلك . هذه الحالة نتج عنها حالة من التوجس وعدم الثقة حتى وان كان النقد أو الرأي الآخر هو الصواب . يضاف إلى هذا وجود أرضية خصبة أصلا لثقافة الضيق بالرأي الآخر . ومما لاحظته مثلا في غرف البالتوك فان الاخوة المشرفين على تلك الغرف وعندما يستضيفون احد قادة المعارضة الارترية يضعون سلسلة من الخطوط الحمراء والقيود على المشاركين حتى لا تتجاوز المداخلات والاسئلة هذه الخطوط والقيود وكأن الضيف غير ارتري او فوق النقد اقول هذا رغم اقراري بان ما يقدمه الاخوة المسئولين عن تلك الغرف لا يقدر بثمن ولهم كل الشكر والامتنان وملاحظتي تنحصر فقط فيما اشرت اليه . إذن هذا الواقع هو خلاصة لعقلية أو مشروع عقلية ديكتاتورية تؤمن وتعتقد بان من ليس معي فهو عدوي ( نظرية بوش الصغير ) وكمثال على ما أقول من النادر جدا أن تجد من يعترف بخطئه على الملأ خاصة إذا ما لا حظنا السجال الذي نعيشه بشكل يومي في عالم الانترنيت . في واقع كهذا كيف سيكون مستقبل ارتريا التي هذا هو رصيد إنسانها ، أقلية تتحكم في كل شيء ولا تؤمن بالشراكة وأكثرية كغثاء السيل . الله في عوننا جميعا
الخاتمة : رغم وجود الكثير الذي كان بالامكان سرده من التفاصيل والامثلة والحجج الا انني رايت ان اتناول المواضيع بصورة عامة ومعممة واخذت ايضا في الاعتبار التدرج وتجنب الصدمات بقدر ما استطعت . وانا على يقين بان الكمال لله وحده وانطلاقا من هذه الحقيقة ساكون تلميذا لاتعلم من أي أخ أو اخت يصوباني واكون شاكرا لهما ولكم التحية والتقدير
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=25680
أحدث النعليقات