من يحاسب من
بقلم الدكتور الجبرتي
نظرا لتسارع الاحداث في منطقتنا ، فقد رأيت أن الأفضل هذه الايام وللمواكبة طرح المفيد المختصر للرأي الارتري ، بدلا من الاسهاب التقليدي الذي تعودنا عليه ، وهذه قصاصة مبادرتي .
يتبادر الي أذهان صغار السياسيين دائما مبدأ محاسبة النظم بعد التغيير ، وهو مبدأ خطير جدا، إذا ما أصبح يعشعش في العقل السياسي بصورة جادة وعميقة . تم نقاش طويل بعدة صور وطرق قبل عشرة سنوات من اليوم ، حول هذا الموضوع ، وكنت متطرف في فكرة طرح وتنفيذ مبدأ المحاسبة لكل صغير وكبير نال من شعبنا واذاقه الويلات قتلا وسجنا وتجويعا . كنت كذلك رغم اقتناعي الكامل برؤية الطرف الآخر الواقعية و الأستراتيجية . وهو ما جعلني أتفكر اليوم في هذا المبدأ و إمكانية طرحه في الساحة الارترية الشعبية والمعارضة ، ومع هذه الظروف والتطورات الاستثنائية التي يمر بها القرن الأفريقي .
لم أجد مبررا واحدا يمنع طرح مبدأ المحاسبة ، فالالم كبير والجرح عميق جدا ، و الندوب علي وجوهنا لا يمكن تغطيتها ، فقد اصبحت علامة مميزة ، ووسما واسما لكل ارتري في كل بقاع العالم (يا كرنكي ) .
لكن و للامانة الفكرية ولتكون المحاسبة منتجة وواقعية و اخلاقية ، وجدت أن استمع في عقلي الي طرفي الصراع ، المعارضة والنظام ، من الجاني ومن المجني عليه ؟ وما حجم الاضرار التي تسببها كل منهم للشعب الارتري ، ومن سيحاسب من ؟
فالشعب الارتري اليوم ، لا تقل قوة لعناته واستياءه من المعارضة ، عن تلك التي يكيلها للنظام ، وقد بلغ به انتظار المعارضة سن اليأس من أن تلد حواءه ، شهما وشهابا أخر مثل عواتي أو موسي محمد نور .
ولما كنت ادعي انني في طرف المعارضة ، واردت العدل والحق والاستقرار ، ولعب السياسة بشيئ من النظافة ، أعترف أن مبدأ المحاسبة لن يجدي فتيلا ، وأن من لم يحاسب نفسه ، ليس له الحق في أن يحاسب الاطراف الاخري مهما فعلت ، وان البحث والنظر الي المستقبل والتسامح هو الطريق القويم ، اذا تحققت ادني فرصة للمشاركة في العمل الوطني من الداخل . وذلك هو الشعار الذي يجب أن يطرح والمبدأ الذي يجب أن يقود الجيل القادم ، ولنتنافس سويا من أجل تحقيق التنمية والسلام المحلي و الاقليمي والدولي . ولنبادر باللحاق بركب المستجدات المتسارعة التي لن تضع لنا بلا إن تمسكنا بمبادئ التاريخ التقليدي والبكاء علي الاطلال . نريد صناعة تاريخ جديد وعلاقات واقعية جديدة . ولنعيد ترتيب صفوفنا وأولوياتنا بما يناسب الموسم الجديد .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43298
الشعب الارتري ليس سلعتا تباع وتشترى على حسب الموسم وارتفاع وانخفاض الاسهم وحركة العملات الصعبة في الاسواق العالمية … سلعة الشعب الارتري سعرها ثابت لا يتبدل … مطالب الشعب الارتري هي مطالب الحرية والكرامة والعيش في أرض اجداده بسلامة … وهذه مطالب كل انسان في الوجود