مهـلا ياأخى

فالنتعـرف أولا على أغـوار الأنهـار قبـل أن نخوض فيهـا !!

ولنسـتوضـح الأمـر جليـا، حتى لا نحـول الصـديق الى خصـم !!

جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم

.. جـاء الغـريب الـذى ظل بيننـا غـريبـا الى يـوم رحيلـه مـن غيـر عـودة، جـاء باٍسـمنـا وهـو فى الحقـيقة ليـس منـا ولا يحمـل سـماتنـا، جـاء فجـأة واختـفى فجـأة ولــكن بعـد ان أفقـدنـا حصيلة الأربعـون عامـا التى سـبقت تاريخ مجيـئه .. قاتـل ألله الـذين جاؤوا يحملـونه، ورحـم مـن تصـدوا له .. ذلك الغـريب كان سـبب بـلاؤنـا وغـربتنـا، فقـد ظلمنـا ظلم الحسـن والحسـين ثـم شـجـع مـن يظلمنـا حتى السـاعة، أمـا مـن تقمص دوره باٍسـمنـا وأخـذ يطحـن ويعـجن عظامنـا، كان جاهـلا يحمـل مالآ يعلم ومالآ يناسـب شـعـبه المتـدين، وهـذا قطـع شـك كان السـبب والمتسـبب عمـا نحـن فيه الآن والبقـية فى الطـريق اذا لم نتـدارك الأمـر عاجــلا … !!.

بالأمـس حمـل بـريـدى الاٍلكتـرونى رسـالة غاضـبة مـن أحـد قـراء النهضة الكـرام، وعلى وجه التحـديـد وردت الـرسـالة بواسـطة بـريـد مجلة النهضـة الغـراء والتى تفضـل الأخ الأسـتاذ/ محمـد علي شــــيا مشـكورا بتحويلهـا لشـخصى.

هـذا الأخ الغاضـب يـزعـم اننى قمـت بتقسـيم الشـعب الارتـرى الى قسـمـين، أحـدهمـا منـا والأخـرغـريبـا عنـا، يبـدو أنه خـرج بهـذا الاٍنطبـاع بعـد أن فـرغ مـن قـراءة المقطـع المظـلل الموضـح أعـلاه والـذى ورد فى مقـالى الأخيـر ,, مـن هنـا وهنـاك،، فى صـياغ الحـديث حـول فتـرة اٍزدهـار الجبهة اٍبـان الكفاح المسـلح الـذى أنتهى بالتحـريـر والاسـتقـلال.

تمـنيت لـو تـأنى الأخ الغاضـب قليـلا لـيتمعـن فى الجملة التى أغضـبته كل هـذا الغضـب العـارم الـذى أفقـده رشـده ليتهـم غيـره بقـبيح الكـلام، لـو فعـل كمـا أتمنى ـ لعلم ان الحـديث كان فى شـأن داخلى فى اٍطـار جبهة التحـريـر الاٍرتـرية، والمقصـود كان حـزبـا ,, امميــا ،، قــاد الجبهة فى فتـرة العقـدين السـابـع والثامـن مـن القـرن المنصـرم، والآ ماذا تعنى ,, جـاء فجـأة وأختفى فجـأة،، أو ,, مـن تقمص دوره كان جاهـلا يحمـل مالآ يعلم،، !!.

على أى حـال يبـدو الأخ مـن المعارضـين لنظام الـرئيـس أسـياس والحريصـين على الـوحـدة الوطـنية رغم القسـوة الـتى بـدت فى رسـالته، وحـديثه عـن شـيفونية النظـام يـرجـح هـذا الـزعـم، وهـذا الموقـف فى حـد ذاته محمـدة يشـكـر عليهـا، ولعلم الأخ الغاضـب هــذه المحمـدة هى التى دفعـتنى لكتابة التوضيـح الـذى مابـين يـدينـا الآن، وفى ذات الوقـت أعلم يقينـا ان أغلبية القـراء المشاركـين والمتابعـين والمعاصـرين لحـركة الثورة الارتـرية على كثـرتهـم، يعـرفـون التلمـيحات والاٍشـارات والتأويـلات مثلمـا يعـرفـون الواضـح الصـريـح، ولأنهم متابعـون عقـلا وجسـمـا مسـتحيـل أن يلتبـس عليهم الأمـر مثلمـا حـدث لعـزيـزنـا الغاضـب، فاليسـامحه ألله على ماجادت به قـريحته التى أتـت بتـلك الكلمـات، أو لعـل لحـرصه (الكبيـر) على الـوحـدة الـوطـنية الحاضـرة قـولا والغائـبة فعـلا، أو لأى سـبب آخـر ورد فى ذهـنه عنـدمـا قـرأ المقـال، وأنـا مسـامحه على تـلك الكلمات الغضبى التى قالهـا فى شـخصى، أما ماقاله عـن ( القيـادة العـامة) قطـع شـك ليـس رأيه فيهـا، واذا كان كـذلك فهـو مـن غيـر شـك رأى منقـول، لأن ماورد هـو حـديث اٍفـك سـبق أن رددته الجبهة الشـعـبية لشـيئ فى نفسـهـا ـ نعـم لشـيئ فى نفسـهـا أو قـل أمـرا كان بالأمـس مجهـولا ولـكن اليـوم يعـرفه بـل يـراه حتى عابـر السـبيـل بالعـين المجـردة على مـدار السـاعة الـواحـدة، وللقيـادة العـامة محامـد مثلمـا لهـا مسـاوئ شـأن كل الفصائـل او الاٍدارات على وجـه المعمـورة، ويجـدر بنـا فى هـذا المقـام ان نـذكـرٍ لهـا بعض الاٍيجابيـات ـ فهـى التى وحـدت جيـش التحـريـر الـذى كان مقسـمـا على خمسـة مناطـق اٍدارية كادت ان تفجـر أزمـات لا تحمـد عقباهـا، كمـا تـم اٍنعقـاد المؤتمـر الـوطنى الأول فى عهـدهـا وبتعاونهـا الملحـوظ مـع اللجـنة التحضيـرية التى أعـدت لأول مؤتمـر تنظيمى لثـورة تحـررية فى السـاحة الارتـرية فى نوفمبـر 1971م.

أمـا مـن جهة التقسـيم الـذى تـأفف منه الأخ الغاضـب رغم عـدم وروده فى المقال بالكيفـية التى قصـد، الآ أنه موجـود فى أشـكال اخـرى لا تعـيب شـعبنـا كمـا لا تعـيب نضاله، فالشـعب الارتـرى ينقسـم الى مسـلمـين ومسـيحـيين، وقبائـل وألسـن، والى جهـات أصلـية وفـرعية ومـدن وقـرى ومـديـريـات تسـع، وكـذلك مـرتفعـات ومنخفضـات، والى الكتلة الاٍسـتقـلالية والـوحـدة مـع اٍثيـوبيـا الأم، وأخيـرا الى مـن كان يعمـل فى صفـوف الثـورة التحـررية الوطـنية ومـن كان يقـف لعـدة سـنوات الى جانـب النظـام الاٍثيـوبى الـذى كان يـدعى أيلـولة الـوطن الارتـرى الـيه، وفى المسـتقبـل القـريب قـد ينقسـم الـوطن الى أقاليم تتمتـع بالحكم الفيـدرالـى بمختـلف أنواعه وتقسـيماته الاٍدارية.. ولـكن كل ذلك لا يلغى الاٍنتمـاء الى اٍرتـريـا الـوطن.

اٍذن كلهم منـا ونحـن منهـم، وهـذه معطيـات ياعـزيـزنـا الغاضـب، وان كان لى رجـاء او وصـية أوصيـك بهـا ونفسـى بعـد الاٍقتناع بأننـا اٍخـوة فى الـوطن والنضـال وفى الخيـر والشـر، فهى عـدم الخـوض فى لجـج الأنهـار قبـل ان نتعـرف على أغـوارهـا، وأن لا نعــادى الصـديق قبـل ان نسـتـوضـح أمـره، وان لا نعـلن الخصـومة والعـداء حـيث لا خصـم او عـدو الآ بأفعـاله.

وكل عـام وشـعبنـا البطـل موحـدا يحفه السـلام مـن يمـينه ويسـاره، واٍن شـاء ألله أنـت منـا، ونحـن منـك، والـكل مـن اٍرتـريـا الـوطن.