مواجهة ليدز … تمييز بين الخبيثَ و الطيبِ

مواجهة ليدز…والتفريق بين العذب الفرات والملح الأجاج

 

حدثٌ وقع في مدينة ليدز بالمملكة المتحدة في العشرين من أغسطس 2011 … وحقاً أراد به اللهُ ليميز منَّا الخبيثَ من الطيبِ. وقبل أن أخوض في سرد القصة وما تخللتها من أحداث أحيطُ القراءَ علماً بأنني أعاهد الله أن أنقل الحقيقة والحقيقة فقط لأنني لا أروم إلا الحقيقة وأنني ربما لم تسعفني إمكاناتي لرسم الحدث وتجليته وإظهاره كما حدث كوني لا أمتلك الملكة الفنية التي تؤهلني لرسم الصورة في ثنايا الحروف ….فما دام كذلك سأتحرى في مقالي هذا الصدق قدر المستطاع لأنني متيقّن بأن الكذب سيذهب ببريق ما حدث ويحطُّ من قدر ما بُذل… ولا أخفي القراء سراً بأنني منبهر ولم تصدِّق عيني ما رأت من استماتة الخيرِ مقابل الشرّ في تلك اللحظة.

تبدأ القصة بزيارة غير رسمية  قام بها سفير الدكتاتور (أسياس) بالمملكة المتحدة إلى المدينة المنصورة بأهلها (المعنيين) إنشاء الله لأنه “ما النصر إلا صبر ساعة” وقد صبروا الساعة فكانوا منصورين.حضر اللقاء جمعٌ من مؤيديه بل والساعين لإقامته والرافضين له بل ومناوئيه وحتى من أهل البرزخ (الذين يريدون أن يلبسوا لبوس الفريقين وسعوا للفوز برضاهما وربما باءوا بغضبهما). كان الموعد المعلن لبداية اللقاء الواحدة ظهراً إلا أن الضيف ثقيل الظل على البعض خفيفه على الآخر لم يكن في الموعد المعلن لكنه أتى ولو بعد حين… وسط تصفيق حار من مناصريه وتجاهل مناوئيه. قدمه أحدهم طالباً من الجمهور الإنصات والتوقير متوعداً لمن يخالف ذلك بالويل والثبور.. وما أن تناول السفير المايكروفون محاولاً البدء في الحديث إلا وكان مناوئوه له بالمرصاد ولم يتمكن من التفوه بكلمة حيث أمطر بوابل من الأسئلة لم يكن المقصود منها الحصول على إجابات لتلك التساؤلات لأنه لم يعهد الجمهور أن حصل على مثلها وإنما تعكير جو هذه اللقاء المعكر أصلاً وعدم تركه تمرير رسالته وأجنداته دون أن يكون له من يردعه. هذه المرة كان الأمر مختلفاً فقد كسر الشباب حاجز الخوف… فلو تهاوى كل صاحب حقٍ وقضيةٍ عادلةٍ بسبب بعض الصعوبات والظروف القاسية المحيطة.. لتوقفت الحياة، ولما وجد الحق له أنصاراً يذودون عنه، ولبقي الباطل يصول ويجول في قلوبنا وعقولنا وجزئيات حياتنا كلها، دون رادعٍ يواجهه.. ولا يمكن للمرء أن يرضى بهذا، خاصة إذا كانت تنبض فيه روح الإنسانية ويحمل أمانةً نبيلةً سامية، ينبغي له أن يؤديَها حق أدائها.. صدم الضيف مما رأت عينه فغر فاه من الدهشة ولمعت عيناه من الحيرة وامتلأ فؤاده من الغيظ والحنق حتى تجلى ذلك على جبينه.. طلب ومناصروه من المتحدث (السائل) أن يسكت ويعطي سعادته الفرصة للحديث أولاً ثم يأخذ الكل فرصته في وقت لاحق، لكن للسائل المزعج (في نظرهم) أيضاً أنصاره الذين وقفوا وقفة رجل واحد وطالبوا الإجابة على سؤال صاحبهم الذي استوضح عن سبب إعدام اثني عشر مواطنا رمياً بالرصاص في (عدي خوالا) في الأيام القليلة السابقة إلا أنه وكعادة السلك الذي ينتمي إليه لا يمكن أن تصدر عنه إجابة ناهيك عن أن تكون كافية ووافية. فبينما الحال على حاله والقوم يحاول إسكات السائل وهو وأصحابه يريدون للحصول إجابة.. لم يكن هناك ما يرجح كفة الطرف الآخر .. استدعيت الشرطة وحضرت إلى داخل القاعة لكن لم يكن بمقدورها حل القضية.. طلب السفير وأعوانه من الحضور الخروج إلى من القاعة وطلب من الشرطة مساعدتهم في إخراج الجمهور من القاعة حتى يتسنى لهم إدخال من يروق لهم ومنع من لا يروق لهم من الدخول .. لبى الطلب مؤيدو النظام الطلب بالخروج  في حين بقي المناوئون داخلها ورفضوا مغادرة القاعة حتى ينفض أنضار الديكتاتور من أمام القاعة خشية منعم من دخولها إذا خرجوا منها..ظل الحال على ذلك لأقل من ساعة حتى أعلنت الشرطة بإلغاء هذا اللقاء، خرج على إثره من كان داخل القاعة من المناوئين واحد تلو الآخر مكَّنوا خلاله السفير وأتباعه بأن يسجلوا شخوص مناوئيهم في ذاكرتهم وأجهزة التسجيل، هذه الصورة التي ستظل عالقة في ذهن سعادته إلى أن يشاء الله وستظلُّ تزعجه، ويمكنه مراجعة ما ذهب منها في أجهزة التسجيل عند الضرورة.

فئة صابرة

أثبتت هذه الفئة الصابرة للنظام بأن لا خوف بعد اليوم ..وقف السفير أمام الحضور يتفحصهم ويرسل إليهم نظرات ملؤها الوعيد الشديد .. لم تستطع أن تثني إلا شخصاً واحداً كان بقي على استحياء داخل القاعة لكنه لم يستطع أن يصمد أمام نظرات سعادته السابق ذكرها، فخرج من القاعة لينضم إلى أعوان النظام، مما جعل إخوانه يذوبون خجلاً أمام أقرانهم لما بدر منه من الارتداد بالرغم مما يعانيه أهله ويلات هذا النظام الفاشي العنصري.

الحيلة لم تنطلِ على الثوار

أراد سعادة السفير أن يلقي كلمته (أوامره ونواهيه) ليجيب بعدها على ما يروق له من الأسئلة (هو على دراية مسبقة بها وبمن يلقيها) ولكن الناس خَبِروه فالحيلة لم تعد تنطلي عليهم فأردوا أن يكون الإجابة على الأسئلة أولاً قبل إلقاء الكلمة، وهذا ما لم يرق لسعادته لأنه لا يستطيع الإجابة عليها وليست هناك إمكانية تجاهلها.. فكان إصرار كلٍّ على ما أراد

سلاح التهديد .. وانقلاب السحر على الساحر

درج مسؤولو النظام الحاكم في أسمرا ـ على اختلافهم ـ في استخدام التهديد والوعيد في لقاءاتهم الجماهيرية كان ذلك في الداخل والخارج، كما جرت العادة أن يطأطئ أفراد هذا الشعب رؤوسهم ـ إلا ما ندر ـ كلما قام مسؤول حكومي يلقي إليهم الأوامر وينهى عن المحاذير، ويحاولون  جاهدين تجنب وقوع عينه عليهم خشية أن تبقى صورتهم عالقة في ذاكرته والتي أقلها لا منفعة ترجى منها وأكثرها شرٌّ يحاذر. وفي العشرين من أغسطس انقلب السحر على الساحر، وأمسى السفير في موقف لا يحسد عليه حيث وقع بين سندان أوامر الديكتاتور الصارمة ونظرات المواطنين اللائمة.

أقل ما يمكن أن يقال على ما حدث في (موقعة ليدز) المجيدة، والتي تتوالى نتائج أحداثها أن ميزت من مجتمعنا الخبيث من الطيب والعذب الفرات من الملح الأجاج، كما أعطت بيَّتت الانطباع بأنه ( ومن يتهيَّب صعود الجبال ** يعش أبد الدَّهر بين الحفر)

كما أدرك النظام وأتباعه (بأن دولة الظلم ساعة… ودولة العدل إلى قيام الساعة) ونحن طلاب العدل الساعون إليه الذائدون عن حماه.. والكل أدرك بأن الحق منتصر ولو بعد حين.  فهذا أول الغيث .. وأن الحرب بالعودين تذكى ** وأن الحرب أولها كلام

ورسالتنا إلى كل من يقدم رجلاً ويؤخر أخرى بأنه آن الأوان لأن يكسر حاجز الخوف فهو كما قيل: من لم يمت بالصيف مات بغيره ** تعددت الأسباب والموت واحد، ومن العيب بل من العار الانتظار لحصد ما زرع الغير.. وعلى الجميع المشاركة لبلوغ المرام ووصول الغاية.

والله من وراء القصد

 

حركة الشباب الارتري للتغيير _ شمال انجلترا

للتواصل :

Eyfc_ne@yahoo.co.uk 

 

2011/9/2

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39367

نشرت بواسطة في سبتمبر 2 2011 في صفحة الأخبار, المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010