موت وخراب ديار : الطلاق لمن غيبهم النظام
فرجت : 24 اغسطس 2006م
منذ عام 1993م تعمد النظام الارتري زرع الخوف والرعب في الشعب الارتري ، وذلك من خلال ممارسته للسياسات التعسفية ضده، ومنها الخطف الليلي والاغتيال وفرض الاتاوة وانتزاع المحلات التجارية ومصادرة الاراضي الزراعية وشهد عام 1993م الموجة الأولى من المختطفين والمعتقلين والذي كان الغرض منها تصفية القيادات الاسلامية التي يمكن ان تمثل عقبة كأداء امام سياساته الاستطيانية والعنصرية ثم تلتها الآعوام 1994 و 1995 وهي مرحلة تصفية الكوادر السياسية الشابة للتنظيمات الارترية التي تناست خلافاتها مع الجبهة الشعبية ودخلت الى ارتريا للمساهمة مع رفاقها في بناء الوطن وتعميره وبناء مؤسساته السياسية والتشريعية والقضائية ، فما وجدت من النظام الا الخطف والتنكيل والاغتيال . وبعد ان تخلص النظام من انداده قام متسلطا على رقاب رفاقه الذين صمتوا وخنعوا، واستمرأ الديكتاتور القتل والاغتيال فوصل به الحال الى التشريد وهدم الاحياء السكنية وعبودية الشباب الارتري في معسكرات السخرة وارتكاب المجاذر جهارا نهارا وتحديد علاقة الناس بربهم بفرض اتاوات على اوقاف المسلمين وقفل المعاهد الدينية وتشريد معليميها ، ومنع الكنائس الصغيرة التي لا تتماشى وهوى النظام والتدخل في شؤن الكنيسة الارترية بتعين بطرياكها واثاقفتها!
كل هذه السياسات ادت الى نزوح اعداد كبيرة من الارتريين خاصة الشباب الى الدول المجاورة مثل السودان واثيوبيا وجيبوتي وليبيا. وعندما تأكد للنظام ان فرار الشباب من جحيمه متواصل عمد الى ادخال الرعب والخوف الى نفوس الاسر باعتقال الاباء والامهات وجعلهم مسؤلين عن غياب ابنائهم حتى وان تم فرار ابنائهم من المعسكرات الحدودية اى معسكرات العبودية والسخرة أو معسكرات المسخرة الصيفية للطلاب المدارس والجامعة أى في عهدة الحكومة وان فرارهم والذي هو فشل بكل المقاييس لسياسة الحكومة التعسفية وان التنكيل والاضطهاد ممهما بلغت درجته ان روح الحياة والمقاومة ستدفع الكثيرين من تحدي سياسة القهر والموت الى آفاق اكثر رحاب وحرية حتى وان كانت محفوفة بالمخاطر. وهنالك الكثير من القصص التي تحكي عن هذه الحياة : منها غابت طالبة في مدرسة ثانوية في مدينة كرن عن المدرسة لمدة اسبوعا فجاء زبانية الحكومة واخذوا الأب من السوق بحجة تهريب ابنته وعند سؤاله عن هرب ابنته تعجب منهم وقال ان بنته لم تهرب، قالوا لدينا معلومات مؤكدة لا تحاول الانكار وبدؤو ا في تقيم موقفه المالي وعما اذا كان باستطاعته دفع مبلغ الخمسين ألف نقفة ووقف الرجل هائجا رغم محاولات اجلاسه بالقوة وقال بصوت مخنوق ” ان ابنته مريضة باليرقان والملاريا وانها طريحة الفراش في المنزل ” ، فأخذو ه بالعربة الى منزله ورغم صدمة زوجته التي رأت بعلها في قبضة الزبانية واسئلتها الحيرى ، الا انهم شقو طريقهم الى الغرفة ليطالعم في آخرها هيكلها العظمي طريح ” العرقىًٌَُﱠ “؟!
قصة أخرى تتعلق بطالبة أخرى من ” قزا ورقت ” في كرن تم اختفائها بارادتها وعدم علم أهلها لرفضها الذهاب الى ساوا لأكمال تعليمها الثانوي والتدريب العسكري بها فجاء الزبانية الى أمها المسنة وتم أخذها الى المعتقل وتم التحري والتحقيق معها عن اختفاء ابنتهها وقالت صادقة انها لم تراها ولا تدري اذا كانت البنت ذهبت الى اقربائها في اسمرا ، ولكن لم يصدقها الزبانية وبعد فشلهم في ترهيبها بالاهانة والسجن قالوا ان الغرامة المقررة عليك خمسين الف نقفة يجب دفعها كاملة .
وتبدأ اتصالات الاقارب بابنائها في الخارج واقربائها لتوفير المبلغ بسرعة وعدم اهانة الأم العجوز اكثر من ذلك. وفعلا قام ابنائها واقربائها في كل من السعودية واستراليا والولايات المتحدة بجمع المبلغ وارساله الى ارتريا لتخرج الأم بعد دفع المبلغ كاملا .
في هذه الاثناء كانت البنت تحاول الهرب ولكنها لم تخرج خارج ارتريا ، ليتم القبض عليها في المديرية الغربية . وهي تحاول العبور الى السودان. فتم اعتقالها وتوجيهها الى ساوا وبعد اكمال العقوبة المقررة قامو باجراء امتحان تجريبي لتقييم مستواها الدراسي في حالة النجاح تواصل التعليم في ساوا وفي حالة السقوط تصبح من اعضاء ما يسمى بالخدمة الوطنية ، ولكن اجتازت البنت الامتحان ولكن لغيظهم وحنقهم قالوا لا بد من دفع ثلاثة ألف رسوم مدرسية لأنك كنت هاربة ليصبح مجموع فاتورة الهروب 53 ألف نقفة. لنفترض ان الهارب أو الهاربة من هذا الجحيم كان من الارياف ذوي الدخل المحدود جدا والذين لا اقارب لهم في الخارج! الآن تخيل كم عجوز وعجوزة في سراديب سجون النظام.؟
ان اختفاء الابناء والبنات اصبح ظاهرة عادية جدا فمن لم تره أكثر من يومين فهو هارب ورغم ان البعض قد يكون قابع في سجن من سجن النظام أو انه أختطف وهو في طريقه الى العمل أو المدرسة. ونتيجة لاختفاء الكثير من الاباء والا زواج ليس الابناء وحدهم جعل وضع بعض النساء المسلمات في ظرف صعب جدا ما بين الطلاق و الزواج ، هذا مع الظرف الاجتماعي والمعيشي الصعب ولبرهنة الحالة يمكنك مطالعة صحف النظام الصادرة هذه الايام المليئة باعلانات المحاكم الشرعية غالبا ما تجد اكثر من اعلان واحد في العدد الواحد من الصحيفة التي لا يتجاوز عدد صفحاتها الثمانية! واليكم العدد 230 الصادر في 19 يوليو الماضي والعدد 235 الصادر يوم 26 يوليو 2006م. ان الانسان في ارتريا بكل سهولة يمكن ان يموت أو يعتقل أو ينفى أو يهرب بجلده من جحيم النظام فتلدغه حية في الصحراء أو يبتلعه موج في البحر الأبيض والأحمر ؟ ألى متى يا ترى تكون اسرته في انتظار رسالة منه أو رجاء عودته اليهم. ان ما يحدث هو بعينه خراب بيوت… يا مولانا القاضي أسألوا الحكومة عنهم قبل تطليق النساء.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5752
أحدث النعليقات