ميناء عصب والاطماع الاثيوبية
كثيرة هى الغرائب والعجايب في منطقتنا الافريقية ، لم تستقر على حال فكل ما اطفئت نار فتنة اشعلت اخرى ، واثيوبيا تمثل النموذج الاكثر وضوحا في هذا الشأن ، فهى بلد المتناقضات بلد يفوق تعداده المئاة وعشرون مليون نسمة متعدد
الثقافات والاعراق ولكنه ظل على الدوام في حروب داخلية ومازال وحروب مع جيرانه كحرب الثلاثين عاما مع ارتريا والتي انتهت بهزيمة ماحقة وانتصرت ارادة شعبها الباسل ، وحروبها المستمرة من وقت لاخر مع السودان الشقيق فيما اسمته ملكيتها على الفشقة الواقعة في على الحدود الجنوبية الشرقية للسودان ، حروب مدمرة لم تكسب منها اثيوبية التي ورثت ثقافة العنف واخضاع الاخر من اباطرتها امثال الامبراطور يوهنس الذي قتله جند الثورة المهدية (الدراويش) في القلابات وسلم رأسه مفصولا عن جسده الى الخليفة عبدالله التعايشي في امدرمان ، والامبراطور منيليك الثاني الذي توسعت في عهده ما عرف باثيوبيا الحالية ورسمت الحدود مع كل جيرانها، ومن الجدير هنا ان نذكر بان اقليم بني شنقول الذي يتبع اليها هو اقليم تم الحاقه من الاراضي السودانية اليها باتفاقية بين منيليك وحكومة الامبراطورية البريطانية التي كانت تحتل السودان ، وهو الاقليم الذي مازال يقاتل المركز من اجل الانفصال عنها ، والامر كذلك بالنسبة لاقليم الصومال الغربي (اوغادين) كما ان هناك مناطق متنازع عليها مع كينيا في الحدود الجنوبية لاثيوبيا. وفي الداخل الاثيوبي نفسه فقد اخضع منيليك كل القوميات والمجموعات السكانية بقوة الحديد والنار ولم تكن اثيوبيا دولة واحدة تحكم من مركز واحد قبل ذلك ، وعند مجيئ الامبراطور (تفرى) اى هيلى سلاسى وتعني قوة الثالوث ، جاء متكئا على ارث سلفه التوسعي فكانت المؤامرات التي نعرفها جميعا بشأن ارتريا والالحاق القصرى الذي صدر بالقرار الاممي 350أ/ 5 او ما عرف بالقرار الفدرالي ليقوم الامبراطور فيما بعد بالغائه واعلان ضم ارتريا لتصبح واحدة من محافظات الامبراطورية الاثيوبية الامر الذي قاومه الشعب الارتري واسقطه في النهاية وانتصرت ارادته واعلان الاستقلال الوطني عبر استفتاء شعبي باشراف الامم المتحدة ومراقبة الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ، تم ذلك بعد ان اجبرت الجيوش الاثيوبية المحتلة الخروج عنوة من التراب الارتري تجر اذيال الهزيمة والعار .
ذكرنا كل هذا للتدليل على عقلية من يتداولون السلطة في اثيوبيا ، ففي الاسابيع القليلة الماضية كثر الحديث عن ضرورة ان يكون لاثيوبيا منفذ بحري ، خاصة بعد المواقع التي يطلقون عليها مستقلة في صفحات الفضاء الاسفيري ومحسوبة على نخب قومية الامهرا ومثقفيها ، وقد نسبت بعضها حديث قالت انه لرئيس الوزراء الدكتور ابي احمد قال فيه حسب ما اوردته تلك المواقع طلب من الاثيوبين الاستعداد لاستعادة ميناء عصب حتى لو ادى ذلك الى استخدام القوة ، وذكر ان اثيوبيا تعدادها تعدى ال 120 مليون نسمة ومن غير المعقول ان لا يكون لها منفذ على البحر ، واوردت بعض المصادر المحسوبة على الحكومة الاثيوبية بان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السيد دمقى مكنن حسن اجتمع بالدبلوماسين الاثيوبين المتقاعدين وطلب منهم المشورة القانونية عن القانون الدولي بخصوص المنفذ البحري خاصة ان عصب لا تبعد كثيرا عن الحدود الاثيوبية حسب زعمه .
موضوع عصب وتبعية سيادته قد حسم والى الابد وان الشعب الارتري الذي قدم الالاف من الشهداء من اجل تحرير ارضه موجود وله الاستعداد لتقديم التضحيات الان ، وان الاحلام التوسعية لنخب الامهرا وحكام اثيوبيا لن تجدي نفعا وعليهم ان يفكروا اكثر من مرة قبل الاقدام على ماينون القيام به لان الشعب الذي اخرجهم صاغرين وهزم اعتى الامبراطوريات وشتت شمل جيوشها الجرارة قادر ان يفعل ذلك للمرة الالف ان ارادوا اعادة الكرة، اما الاستفادة من الموانئ الارترية في اطار اتفاق تجاري بين الدولتيين الجارتين امر تحتمه المصالح المتبادلة بينهما ، ولكن اتفاق على رؤس الاشهاد وبموافقة ومصادقة الشعب الارتري عبر ممثليه في البرلمان المنتخب بارادته الحرة .
وهنا اود ان اتناول موضوع الحدود بين الدولتين وكما ذكرنا رسمت الحدود بين الامبراطور منيليك الثاني وحكومة الاستعمار الايطالي التي كانت تستعمر ارتريا في ذلك الوقت وقد تم ذلك في العام 1890 واكتمل في العام 1902، وبعد التحرير في العام 1991م كان من المفترض ان تخرج اثيوبيا وهنا اقصد جيوش الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب اثيوبيا ( اهودق ) من كل التراب الارتري وهذا ما لم يحدث لتبقى بعض النقاط الحدودية خارج السيادة وعلى راسها (بادمى) ، بعد الحرب التي عرفت بحرب الحدود او حرب بادمي وصدور قرار المحكمة الدولية لم تلتزم اثيوبيا بتطبيقه وكنا نتوقع ان يتم ترسيم الحدود بين الدولتين بعد مجيئ الدكتور ابي أحمد واعلانه الموافقة على اتفاقية الجزائر وقرار المحكمة الدولية ، ولكن وبدلا من ذلك تحالف النظامان لضرب الجبهة الشعبية لتحرير تقراى التي كانت تحكم اقليم التقراى المجاور لارتريا من الناحية الجنوبية ، وهى الجبهة التي كانت تحكم اثيوبيا في تحالف مع اربعة احزاب ؛ (تحالف الاهودق) حتى العام 2018م ، والان المطلوب هو انسحاب اثيوبيا من كل الارارضي التي حكمت لصالح ارتريا وترسيم الحدود بوضع العلامات عليها لتستقر المنطقة ونعيش في سلام مع جيراننا الاثيوبين، وهذه هى المهام الرئيسية الان وعلى الجميع الضفط للوصول الى ذلك.
أما عصب يجب على النظام ان يقوم بعمل دبلوماسي برفع شكوى رسمية للامم المتحدة والمنظمات القارية كالاتحاد الافريقي وغيرها وفضح نوايا اثيوبيا واطماعها الغير مبررة اطلاقا، والامر كذلك بالنسبة للمعارضة الارترية ان تقوم بدورها في تعرية النوايا التوسعية بحشد الجماهيرالارترية والرأى العام المحلي والاقليمي والدولي .
النصر حليف شعبنا الارتري البطل
علي محمد صالح شوم
لندن – 24/07/2023م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46829
أحدث النعليقات