نداء السلام هل من مجيب

في هذه الأيام وعلى اثر قرار إثيوبيا بترسيم الحدود مع ارتريا في منطقة بادمي المتنازع عليها طبقا لاتفاقية الجزائر والتي جاءت ضمن باقة من القرارات في إثيوبيا منها رفع حالة الطوارئ  وإخراج السجناء السياسيين  كلها تؤذن بتوجه جديد لرئيس الوزراء الإثيوبي الشاب ابي احمد  وهي دلالة ومؤشرعلى إستراتيجية جديدة لإثيوبيا التي يبلغ سكانها أكثر من مائة مليون والقائد الجديد يحس بمسئوليته تجاه هذه الملايين التي هي بحاجة إلى المسكن والى الغذاء والى التعليم والى سوق العمل ، ويدرك تماما بان القيام بهذه المسئولية الكبيرة تحتاج إلى فتح مناخ سياسي جديد داخليا وخارجيا وكل متابع ناهيك عن الذي ينتمي إلى احد هذين الدولتين إثيوبيا وارتريا يدرك تماما حاجة هذه الشعوب إلى وجود الاستقرار بالمنطقة وإنهاء حالة النزاع  (حالة اللا حرب واللا سلم ) التي استمرت لأكثر من عشرون عاما حرمت هذه الشعوب في حقها في العيش المشترك وتحقيق المصالح المتبادلة بينهما ، لاسيما وان هذه الشعوب التي بينها أواصر الصلة والقربى والمصاهرة  .

فالعلاقة بين الشعبين ليست كعلاقة الشعوب الأخرى  فكلا الشعبين عانى من  ويلات الحروب والاستبداد  وغياب الأمن والديمقراطية والهيمنة وضيق المعيشة والظلم بشتى أنواعه ،  فإذا كان الشعب الارتري ناضل من اجل الاستقلال طلبا في تحقيق كل ما افتقده في ظل المستعمرين على تعددهم  فان الشعوب في إثيوبيا قد ناضلت من اجل التغيير الديمقراطي  الذي يفسح للشعوب أن يكون لها الخيار وتنفتح على الحياة  وتعيش الحرية  وتنعم بالكرامة  .

إن كلا الشعبين الآن أيضا وبالرغم من كل الحروب التي دارت إبان حرب التحرير في ارتريا وكذلك حرب الحدود إلا أن العلائق ظلت كما هي لم تتأثر لذلك نجد كلا الشعبين يتطلعان إلى السلام وفتح الحدود وصلا للرحم وتبادلا للمصالح ، هذا كله دليل على رغبة الشعبين بان تبقى تلك العلائق بعيدا عن ما يصنعه صناع القرار السياسي في كلا البلدين  .

لا شك إن السلام والاستقرار عاملان ملازمان لعملية النهضة والعمران وتحقيق النمو الاقتصادي  وان استقرار دولة مجاورة ينعكس إيجابا على الدول المجاورة  وفي ذات الوقت فان عدم الاستقرار في أي دولة ينعكس سلبا على دول المنطقة  .

لذا نجد أن في بلادنا ارتريا ونتيجة لعدم وجود المناخ السياسي الملائم الذي لازم الدولة منذ اكتمال قيامها رسميا ازدياد زحف شعبنا نحو دول الجوار لاجئين وخاصة إثيوبيا والتي حاربها شعبنا لأكثر من نصف قرن  كدولة مستعمرة  إلا انه وللأسف الشديد ذهب إليها طلبا للملاذ والأمن ، والشعب الإثيوبي وبالرغم من انفصال هذه الدولة عنه التي تم إلحاقها بالإمبراطورية الإثيوبية بمؤامرات دول الاستكبار وبالرغم من حرمانه من منفذ بحري حيوي له دور كبير في اقتصاد إثيوبيا ، إلا أن هذا الشعب استقبل الارتريين بكل ترحاب وكانت إثيوبيا مأوى وملاذ والعديد من الارتريين وجدوا فيها التعليم والعمل ، كما وجدنا وكدليل لإثبات حسن النوايا والتغيير نحو تدعيم العلاقة الأزلية بين الشعبين بان سمحت إثيوبيا بعودة الارتريين الذين كانوا مقيمين في إثيوبيا وتم استبعادهم عندما كانت تدور الحرب الحدودية وذلك لكي يتمكنوا من استعادة ممتلكاتهم.

إن السياسة التي تتبعها الدولة الإثيوبية تؤكد دوما بأنها تسعى إلى تحقيق رغبة الشعب وتحقيق الديمقراطية والمشاركة الحقيقية في السلطة  كيف لا وتلك الشعوب تمارس سلطاتها الكاملة المتمثلة في البرلمان الإثيوبي مما يعني بان الحكومة  لا تقدم على عمل إلا إذا كان قد وجد المصادقة من البرلمان ، وان ما قام به رئيس الوزراء الجديد من زيارات لدول الجوار والتي أظهرت اهتمامه بالرعايا الإثيوبيين في تلك البلدان قد أدرك أيضا بان السلام مع ارتريا وإنهاء النزاع الحدودي والدخول في شراكة حقيقية لإيجاد الاستقرار هو لصالح البلدين والشعبين ويحقق أمالهم في تحقيق التعاون الكامل الذي سيساعد  في تحقيق النماء والنهضة الاقتصادية .

وللأسف الشديد فان الشعب الارتري والذي يتوق أكثر من غيره من شعوب المنطقة للسلام فانه يفتقده داخليا ، فالبلاد تقبع تحت سيطرة الرجل الأوحد الذي يقرر ما يشاء في صورة من صور الديكتاتورية الممقوتة فالشعب في ارتريا غير موجود حيث انه مغيب من ممارسة حقوقه المصيرية والمعيشية ، فالسياسية الداخلية والخارجية يطبخها أسياس وزمرته التي تعيش في ردائه رغبة في تحقيق مبتغاهم ومصالحهم الخاصة ، فشعبننا الارتري يئن تحت وطأة هذه الطغمة الحاكمة التي تعمل في معزل عن العالم وقوانينه ومنظماته  .

لذا على الشعب والحكومة في إثيوبيا أن يدركوا  بان صناعة السلام لن تتحقق في ظل وجود هذا النظام الذي لا يمثل إلا نفسه  وليس بمقدوره الإسهام في صناعة السلام  إذ أن طبيعته العدوانية لا تسمح له العيش ألا في ظل وجود بيئة فاسدة  وأجواء سياسية متقلبة فالسلام والاستقرار مهدد قوي لبقائه ، لذا ومن اجل بقائه يمضي في إتباع  سياسية المحاور التي تخدمه .

فإننا نوجه النداء إلى الشعوب التواقة للسلام في إثيوبيا وحكومته إلى المضي قدما في صناعة السلام ونحن يهمنا أن تعيش إثيوبيا في سلام واستقرار الذي يحقق لهم تطلعاتهم وأمنياتهم حاليا ومستقبلا وهذا حق مكفول لهم ، وحتى يجد هذا الاستقرار والسلام ما يسنده في دولته الجارة ارتريا فإننا ندعوهم للعمل بكل ما تسمح به ظروفهم  لدعم عملية التغيير الديمقراطي التي يسعى لها شعبنا وان يجد ذلك حيزا عند الحديث عن وضع المنطقة مع الدول المهتمة بالمنطقة  وان السلام الكامل المنشود لا يتأتي بمعزل عن الشعب الارتري صاحب القرار والمصلحة الحقيقية ، وعلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وغيرها من المنظمات الدولية والتي لها حضور في شئون المنطقة ممارسة الضغط المطلوب وبذل الجهود في أن يمكن شعبنا من إيجاد مناخ سياسي يسمح له بممارسة حقه في داخل دولته والتي يكون لها إسهامات في بناء الاستقرار بالمنطقة برمتها من اجل أن تتخلص هذه الشعوب من الفقر والجوع واللجوء إلى الأبد بحثا عن العمل وحل المشاكل الاقتصادية  .

 

حزب النهضة الإرتري – مكتب الإعلام

16/6/2018م

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43205

نشرت بواسطة في يونيو 18 2018 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010