نداء انساني بخصوص عمليات اختطاف الاجئين اللارتريين في معسكرات الشجراب

نداء انساني بخصوص عمليات اختطاف الاجئين اللارتريين في معسكرات الشجراب ، موجه الى كافة اصحاب الضمائر الحية في الحكومة السودانية ، والمعارضة ، وكافة منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية السودانية.

 

كما هو معلوم فإن العلاقات الشعبية الارترية السودانية هي علاقات ضاربة في جذور التاريخ ، يردفها التداخل السكاني على ضفتي الحدود حيث نجد قبائل البنى عامر – الهدندوة – الحباب وغيرها ، والأمر لا يتوقف على أواصر الدم والرحم ، بل تتجاوزها الى الانتماء الى الطائفة الختمية المنتشرة في البلدين ، إن دماء قوات دفاع السودان التي سالت في معركة مدينة كرن في السعى لتحرير ارتريا من الاستعمار الفاشي ، تعطي لهذاالعلاقة بعد خاص ، وإذا تذكرنا أن معظم مؤسسي الثورة الارترية الذين جعلوا من ارتريا دولة ذات سيادة هم من الذين كانوا ضمن قوة دفاع السودان ( الأورطة الشرقية ) عليه لن نجانب الصواب أن قلنا أن العلاقة بين الشعبين هي علاقة رحم ودين وحضارة وتاريخ .

 

هذه العلاقة هي التي دفعت عدد كبير من الارترين للتوجه الى السودان من أجل الدراسة ، او السكن أو الانتقال الى مناطق أخرى في الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي ، وهي ذات الأسباب التي دفعت الارتريين للجوء الى السودان عندما تعرضوا الى حملات إبادة منظمة في عهد الامبراطور هيلى سلاسي مضافاً الى تلك الاسباب ما عرف عن أهل السودان من صفات الكرم ، والمرؤة والشهامة. ولهذا شهد السودان حملات اللجوء بعشرات الالآف في عام 1967م ، حيث استقبلهم وزير الداخلية في ذلك العهد السيد عبدالرحمن نقدالله. ورغم تغيّر الحكومات ، وما يترتب عليه من تغيّر السياسات تجاه القضية الارترية ، ظلّ السودان مقر الثورة ، وسندها الاستراتيجي حتى تحقق النصر والتحرير في 1991م.

 

إن وجود لاجئين منذ 1967م يعنى ان هنالك اجيال ارترية عاشت وترعرعت ودرست في السودان ، بمساعدة المنظمات الدولية من جهة وكرم وطيب نفس السودانين الذين قاسموهم الأرض ، هذه الحقيقة التاريخية لم يستطع حتى تحرير ارتريا أن يجعل حد نهاية لها ، نعم هنالك اعداد كبيرة عادت الى ارتريا بعد التحرير ، ولكن الحقيقة الأخري أن عدد كبير أيضاً فضل البقاء لإختلافهم مع الجبهة الشعبية التي تحقق الفصل الأ خير من مرحلة التحرير على يديها ، وقررت عدم اشراك اى قوى وطنية أخري في السلطة ، وعليه ظلت قضية اللاجئين في السودان واحدة من الملفات المعقدة لدى المنظمات الدولية ، وللأسف نجد أن الامم المتحدة جردت معظمهم من صفة اللجوء ، وهو ما ترتب عليه ايقاف المساعدات وتجريدهم من مساحة الأرض التي كانوا يزرعونها لعقود مضت وهو ما فاقم معاناتهم الاقتصادية ، والقانونية ، اما الذين استمرت لديهم صفة اللجوء فقد تم تجميعهم في معسكرات أم قرقور – الكيلو 26- الشجراب – ود شريفي وغيرها من المعسكرات في شرق السودان حيث أنهم يعانون من مشاكل كثيره.

 

إن الحرب الارترية الاثيوبية 1998-2000م ، كانت لها آثار كارثية على المجتمع الإرتري نتيجة الطريقة التي إدرات بها الحكومة الأمور خلال الحرب وبعد الحرب ، حيث ضيقت الحريات أكثر مما كانت عليه ، واغلقت الجامعة الوحيدة ، واجبرت الشباب الى الالتحاق بالخدمة العسكرية الغير محدودة في سن مبكرة ، وهو ما ترتب عليه موجات لجوء جديدة غالبها من الشباب الذي كان يعيش في المدن وتعود على حياة المدينة ، وقد فاقم من مآساة هؤلاء الشباب إضافة الى الهجرة الاجبارية من بلادهم ، طبيعة معسكرات الاستقبال التي لا توجد فيها ابسط الخدمات – معسكر الشجراب – ومعسكر الكيلو 26 ، وبالتالي بدأ هولاء الشباب رحلة البحث عن بيئة مثيلة فبدأت رحلاتهم الى المدن السودانية خاصة الخرطوم كمنطلق لرحلاتهم لدول العالم من أجل البحث عن مستقبل افضل حرموا منه في وطنهم.

 

أن افواج الهجرة الجديدة لم تكن ابدا محل رضى الحكومة الارترية ، وللحد منها اختطت سياسة القتل لكل عابر للحدود ، وجندت كل عملائها فبدأوا بعملية اختطافات منظمة ، وايضا التعاون مع عدد كبير من أفراد قبائل الرشايدة الذين يوهمون الشباب الهارب بأنهم سوف يوصلهم الى الحدود ثم يعيدوهم الى النظام ، ولكن ما زاد الملح على الجرح مرارة هو ان السلطات الولائية في كسلا ، ابعدت ولا تزال تبعد عدد من هؤلاء الشباب برغم كافة المناشدات الانسانية لإيقاف الابعاد ، وهي تعلم علم اليقين أن مصير هؤلاء الشباب سيكون التعذيب وربما القتل.

 

بيد أن المأساة لم تتوقف عند هذا الحد ، حيث نشطت في المنطقة عصابات تمتهن تهريب البشر مقابل مبالغ مالية ، ولما كان التهريب في مراحله الاولى يتم برضى الشباب لم تكن الظاهرة مقلقة لكنها تطورت ، واصبحت اختطافات منظمة يقوم بها افراد من قبيلة الرشايدة ، ومن ثم ابتزاز أهل المختطف ( الضحية ) بدفع مبالغ طائلة كفدية ، وفي حالة عدم دفع المبلغ يتم بيع الضحية الى عصابات أخرى متعاونة من قبائل البدون في مصر التي تحاول ايضاً ابتزاز اهل المختطف وفي حالة عدم الحصول على الاموال المطلوبة يتم بيع اعضاء الضحية في اسوأ ظاهرة عرفتها الانسانية ، لتصبح تجارة الاعضاء البشرية تجارة مربحة وتدر على هؤلاء الذين لا ضمير لهم مبالغ طائلة.

 

غير أن ما دفعنى لكتابة هذا النداء هو أن تلك العصابات أصبحت تمارس ظاهرة الاختطاف جهاراً نهاراُ من معسكرات اللاجئين ، خاصة في معسكر الشجراب ، وكانت آخر هذه الاحداث اختطاف هذه العصابات المجرمة لثلاثة من الاطفال في معسكر الشجراب ، ولا يعرف مصيرهم حتى الآن ، إن الاستمعاء الى نداء نواح الامهات المكلومات أمر يقطع القلوب ، ولا يمكن أن يحدث ذلك ما لم يكن هنالك أطراف محلية متواطئة تغض الطرف عن هذه العصابات.

 

اننا في الأيام الاخيرة في رمضان وعلى ابواب عيد الفطر المبارك ، فأننى اتوجه بهذا النداء الى رئيس وحكومة وشعب السودان لأتخاذ الخطوات العاجلة لإيقاف هذه الظاهرة ، ومعاقبة المجرمين ، وإعادة هؤلاء الاطفال الابرياء الى أمهاتهم ، كيف يحدث هذا والسودان بلد عرف عن شعبه الكرم والمروءة ، كيف يضام ويختطف من استجار بكم واختاركم عمن سواكم ، أن هذا يتنافي مع كل قيم الدين ، والمرؤءة ، والشهامة ، وثقتنا فيكم أنكم سوف تتخذون الاجراءت الصارمة الكفيلة بايقاف هذه الظاهرة .

 

والنداء يمتد الى المندوب السامي لشئون اللاجئين في السودان ، ومعتمد اللاجئين ، ووالى ولاية كسلا ، وكافة السلطات المحلية ، الى الادرات الاهلية ، وكافة اصحاب الضمير الحىّ الذين لن ترضيهم حتماً مثل هذه الممارسات ، ونقترح أن ينقل معسكر الشجراب الى منطقة أكثر أمناً ، كما نأمل أن يتم التواصل مع قيادات ونظار قبيلة الرشايدة التي يمارس أفرادها هذه المهنة اللا اخلاقية ، والتى لا يرضاها دين ولا عرف ولا قانون حتى يجبروا كافة افراد قبيلتهم عن التوقف عن هذه الجرائم ، وتسليم المجرمين المتورطين ، وإعادة المخطوفين ، علماً أن الضعيف اليوم قد يصير قوياً غدا ، وتلك الايام نداولها بين الناس ، ومثل هذه الممارسات تسبب شرخاً عميقاً في النسيج الاجتماعي ربما سيكون له تأثيراته في سلم وامن المنطقة برمتها في المستقبل فالذين يخطفون وتباع أعضائهم لهم أهل وقبائل ، وعلى نظار الرشايدة أن يعوا مسئولياتهم التاريخية في هذا المضمار.

 

كما انني اتتوجه بهذا النداء الى أخوة عرفتهم وعملت معهم ، ادعوهم لأن يستخدموا كافة علاقاتهم ومعارفهم للإسهام في ايقاف هذا الجرائم وتوفير الحماية اللازمة والعاجلة لمعسكر الشجراب ، أخوة ثقتى فيهم كبيرة أنهم سوف يستجيبون وهم:-

 

1/ السيد حسن محمد عثمان

 

2/ السيد الفاضل حمد دياب .

 

3/ مولانا محمد احمد عبدالعليم

 

4/السيد اسماعيل ابراهيم

 

/5السيد حمد الجزولي

 

6/ د. بلال احمد

 

7/ السيد هاشم دقلل

 

ونحن من جانبنا كإرتريين مقيمين في الخارج ، تتقطع قلوبنا حسرة على أهلنا ولا نجد في ايدينا ما يمكن أن نفعله مستعدون للتعاون الى أقصى حد ممكن حتى نضع حداً لهذه الجريمة المنظمة ، والتي نأمل ان يتم القضاء عليها باسرع ما يمكن.

 

مع فاءيق احترامي

 

د. محمد خير عمر

 

باحث بيطري مقيم حاليا في النرويج

 

خريج كلية البيطرة جامعة الخرطوم

 

ورئيس قسم البيطرة والأ نتاج الحيواني في إدراة مشاريع إسكان اللاجئين بشرق السودان سابقاً

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=25210

نشرت بواسطة في أغسطس 16 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010