نساء حول الرئيس
الحسين علي كرار
ما لفت انتباهي وجعلني أكتب في هذا الموضوع خبر صغير ورد في المواقع ولم ينتبه إليه أحد ومفاده انتحار القاضي أحمد علي جامع خريج القانون من سوريا ، وقاضي المحكمة في مدينة كرن ، وذلك بسبب منعه من قبل وزيرة العدل فوزية هاشم لزيارة والدته المريضة في السودان والتي لم يراها منذ اثني عشر عاما ، وإثبات انتحاره صعب ومحل للشك ، لأن أحدا لا يعلم الحقيقة في ظل كهذا النظام الذي يستسهل برقاب البشر، وعلي العموم شرعيا الإقدام علي الانتحار محرم لأنه يعتبر قنوط ويأس من رحمة الله التي وسعت كل شيء ، فما تراه اليوم عسرا يصبح غدا يسرا ، وما تراه غدا يسرا يصبح بعدها عسرا والله سبحانه وتعالي يقول ( إن مع العسر يسرا) ولكن ضعف الإنسان وما يتعرض له من ضغوطات الحياة يندفع أحيانا لذلك ، فما بالنا بشعب كامل ينحر بين جدران سجن النظام الأليم ، وندعو الله أن يغفر للمرحوم ويحسن مثواه ، ولكن السؤال الذي يتبادر إلي الأذهان هو هل السيدة / فوزية هاشم ترأس وزارة للعدل أم وزارة للعتل ؟ والعتل هو الخصومة الشديدة والتجبر والطغيان والقسوة والله سبحانه وتعالي يصف عتاة المشركين ( عتل بعد ذلك زنيم) ووزارات العدل تنشأ في الدول لإحقاق الحق وحماية الضعفاء من الفاسدين والمفسدين والطغاة والجبابرة الذين ينتهكون حرمات البشر ولفض المنازعات بين أفراد المجتمع والمحافظة علي الأمن وسلامة المواطن والوطن بتطبيق القانون عبر أجهزة القضاء ، فهي الجهة الرقابية علي الجميع حاكم ومحكوم ، ولكن نعلم جميعا ويعلم القاصي والداني من دول العالم أنه لا مكان للقانون في دولة ارتريا منذ ولادتها ، وما تسمي بوزارة العدل أساسا قائمة ضد القانون وقائمة لمخاصمة المواطن ، لأن السيدة/ فوزية حتى تكون وزيرة للعدل فهي ليست من أهل القانون ؟ وبحكم وظيفة الولاء التي ينعدم فيها العدل ، كانت تشرف وتدير أعتا القانونيين والأكاديميين المخضرمين في لجنتي وضع الدستور والجنسية وغيرها من القوانين ، وتعتبر وزارة العدل في الدول من الوزارات السيادية التي تعبر عن سلطة الدولة وقوتها وهيبتها ، و قديما قالوا (العدل أساس الملك) فأي عدالة هي التي تشرف عليها السيدة هاشم ؟ و حقيقة أمرها أنها جزار بساطوره يرأس الوزارة ، والوزراء الجزارين كثر ، وهم الذين يأتي بهم الحاكم في غير مجالهم وغير تخصصاتهم ، بسبب الولاء والطاعة العمياء ، فإذا تم تعينه وزيرا للعدل ضرب بساطوره الميزان فحطمه ، وإذا تم تعينه وزيرا للتربية والتعليم ضرب بساطوره شعلة العلم فأسقطها ، وإذا تم تعينه وزيرا للكهرباء ضرب بساطوره الطاقة فأطفأ ها ، وإذا تم تعيينه وزير للداخلية ضرب بساطوره رؤوس البشر فحصدها وهشمها ، وإذا تم تعينه وزيرا للخارجية ضرب بساطوره الدبلوماسية ، وتحول إلي ساعي بريدها ، وإذا تم تعينه وزيرا للمالية ضرب بساطوره خزينتها فأفلسها ، وهكذا حصاد اليباب مع وزراء السواطير ، وما يطلق عليهم في ارتريا بالوزراء إن وجدوا بالاسم فهم في حقيقتهم وزراء الحاكم جزارين بسواطيرهم ، والسيدة هاشم تربعت علي عرشها منذ الحكومة الانتقالية إلي يومنا هذا ، ربما هي والرئيس أفورقي هم المستمرون الوحيدون في وظائفهم منذ ذلك التاريخ ، علي الرغم من تدحرج رؤؤس كبيرة من قيادات النظام والتنظيم ، فبعضها وضع في السجون مظلوما مغلوبا ، وبعضها هرب إلي المنافي مجبرا ومقهورا ، وبعضها الآخر كذلك وضع في غرف الحجر والمراقبة منبوذا ، حتى الذين شرفوهم من الفصائل الأخرى بعد التحرير لا قوا نفس المصير ، والسؤال هو لماذا عين أفورقي فوزية هاشم في هذا المنصب الحساس وتركها تستمر في منصبها حتى هذا التأريخ ؟ وهي لم تكن لا من أهل القانون ولا من أهل العلم الأكاديميين وإنما مناضلة مثل غيرها من أفراد الشعب المناضل ؟ الإجابة ببساطة وهي ، عندما يزور أفورقي سرا الأقبية والسجون التي أقامها ويري جماجم الضحايا ، ويسألها بحكم أنها سلطة الرقابة فترد عليه ، هذه فواكه الشمام أحضرناها لتقديمها مع الوجبات للسجناء ، فيعلم أنها غير صادقة ، ولكنه يمنحها الثقة لأنها المطلوبة في الموقع ، وعندما يري الحراس يطبخون بعظام الضحايا ويسألها بحكم أنها سلطة الرقابة ، فترد عليه بأنه لم يركز ، فهي عيدان قصب السكر طعمها أحلي بالشوي لتقدم مع الوجبات للسجناء ، فيعلم أنها غير صادقة ، ولكنه يمنحها الثقة لأنها المطلوبة في الموقع ، وعند مروره سرا في الحارات والأزقة للبحث ألاستخباراتي بما يقوم به الأتباع للاحتياط ، ويري طفلة اختطفوا والدها وتسيل دمعة الحزن من مقلتيها ، وهي واقفة في ناصية الطريق ، ويسألها بحكم أنها سلطة الرقابة فتقول له إنها اشتبهت عليه ، فهي ليست طفلة بل هي صورة (للمونا ليزا ) كانت في طريقها ليعرضوها في معرض أسمرا ، فيعلم أنها غير صادقة ، ولكنه يمنحها الثقة لأنها المطلوبة في الموقع ، ولكن هل هي الوحيدة المضحية بالشعب والملتفة حول الرئيس والمنفذة لأوامره الدكتاتورية ، كلا ، فهنا ك نساء حول الرئيس ، منهنّ ، آمنة نور حسين صاحبة الوزارة الدائمة التي لا تغيب – واسكالو منقاريوس المبعدة والمقربة ، وسلمي حسن التي كانت حاكم إقليم عنسبا ، وطقي ريدا حاكم إقليم شمال البحر الأحمر ، وأزيب جبرآب رئيسة اتحاد المرأة ، وغيرهن ، و من الكوادر الكثيرات ، منهن أمنة نائب ، التي حصرت – في مقابلة في فضائية النظام بمناسبة عيد المرأة – كل الحريات في تحرر المرأة بفضل النظام من اضطهاد الأب الذي كان يجبر أبنته في الزواج ، و لكنها عمت عيونها عن سجينات الحرية في سجون النظام ، جميعهن يدعين أنهن يمثلن الجانب النسائي ويشغلن المناصب ويشكلن داخل النظام قوة ولائية لا يستهان بها لحماية النظام ، ويدعين بحقوق المرأة ويدعين بأنهن ّ رموزا لهنّ ، فيحتفلن بعيد المرأة ، ويحتفلن بعيد الأمومة ، ويحتفلن بعيد الطفولة ، ويظرفن الدموع من ظلم الرجال وقهر الزمان ، ويتفاخرن كيف حققن المكاسب للمرأة ؟ وكيف أعتلين المناصب في نظام الهقدف ؟ ولكن في واقع الأمر إن قلوبهن و صدورهن وبطونهن التي كان واجب الأمومة يقتضي أن يملأها العطف والرحمة والمحبة والحنان ، ملئت بالقسوة والتحجر وأصبحت أشد قسوة من الحجارة ، تدحرجت رؤوس الرفاق استنكارا لما يجري ، ولكنهن حافظن علي رؤوسهن بالسمع والطاعة ، فلم يدافعن عن الأمهات اللاتي يضطهدهن النظام ويظلمهن ويحبسهن ويغرمهن ويشردهن لأسباب ظالمة أهمها هروب الأبناء من التجبر والطغيان الذي حرمهم سعادة الحياة ، ولم يدافعن عن الفتيات اللاتي هربن ويتعرضن للاغتصاب والقتل علي أيدي عصابات الجريمة بسبب تلك الممارسات التي حرمتهن شرف الحياة الكريمة في الوطن ، كل هذه الجرائم ترتكب ضد المرأة ويدعين أنهن ممثلات للمرأة ، ويتحدثن عن تحقيق المرأة لحريتها في ظل النظام ، والسؤال هل يسكتن بعامل الخوف أو بعامل الرضي؟ و لماذا يسود هن هذا الخوف والخضوع ، ولم تقدم واحدة منهن التضحية ، لا بالسجن ولا بالحجر ولا بالمنفي ، حتى نايزكي الذي كان رجل النظام القوي لم تكن جثته مقبولة لتدفن لرفضه واقع النظام ؟ بينما تحت عدالة فوزية هاشم الظالمة ينتحر القضاة، هل منبع ذلك يرجع لضعفهن سيكولوجيا أمام قوة الرئيس ؟ أم يعشقن الدكتاتورية وهنّ سعيدات وعلي رضي بما يقوم به ؟ ومن المتابعة تجد حتى بعض الكاتبات اللاتي يكتبن في مواقع المعارضة تجدهن عندما يتناولن المعارضة ، تمرد ورفض ونطح بقرنين ، وعندما يتناولن النظام خوف وتحفظ ودمعة في الوجنتين ، حتى بهامة ومقام السيدة أمنة ملكين وهي من الرعيل الأول وأعطت شبابها وعنفوانها في تأسيس كيان الاتحاد للمرأة ، في لحظة ضعف أمام عدسة كاميرا فضائية النظام بمناسبة عيد المرأة هذا العام وهي تبرز صور نضالية عديدة وقديمة منها صورة التقطتها في كسلا لاجتماع نسائي في عهد عبود في بداية الستينات من القرن الماضي تقول إنهن كنّ يلبسن الثوب للتمويه خوفا من النظام السوداني ، فماذا كان البديل من المفترض أن يلبس؟ وماذا كانت تلبس المرأة الارترية قبل مجيئها إلي كسلا ؟ هذا ما يتبادر إلي الذهن من الوهلة الأولى ، إن الأمهات والحبوبات يتلتمن بالثوب والفوطة عبر التاريخ ، ولا تستطيع أن تشبّه عيونهن الغائرة في معاطفهما إلا بعيون السلحفاء المختبئة تحت صندوق القدح ، ومن الذي يتجرأ ويدخل يده في فم السلحفاة ليري عيونها ، أليس كل هذا من أجل التقرب والنفاق ؟ وعن أية حرية يتحدثن في ظل هذا النظام للمرأة غير الإهانةة ومعسكرات التدريب المهينة ، ولا يهمهن الشعب الذي يغلونه في الغلايات ، ويشوونه في الشوايات ، عبر القتل والخطف والسجن بلا أحكام ، حقيقة أن المرأة الارترية التي تعشق الحرية والإعتاق من عبودية ودكتاتورية النظام هي التي تسام بسوء العذاب ، في نفسها وولدها ومالها وأمنها وغذائها وفي ذهابها وإيابها ، وإنها المطاردة مثل غيرها من أبناء الشعب ، ويكفيها شرفا أنها تربي ابن الشهيد وابن السجين وابن الهارب وابن الأسير وابن المختطف وابن المعوق ، وابن من أخفوه في غياهب الجبوب ، وتتحمل عيش الكفاف الذي يتبعه النظام للتطويع ، لا تنام ليلها ولا ترتاح نهارها بهموم العيال وضنك المعيشة ، وهمها التفكير في الكيفية التي تتجنب به مطاردة سيدات النظام ، علي ألا يجبرنها بأن ينتزعن من بنصر يدها دبلة الذكريات ، إن سيدات النظام يختلفن عن سيدات القذافي ، كن مناضلات ولكن أصبحن قاسيات فاقدات الضمير والرحمة والعطف يشاركن في جرائم النظام في زراعة القتل وصناعة الموت وإفراغ الأرض من البشر ، ومصيبة الوطن ، أن النظام نحر العدالة ، ونحر العدالة يعني نحر الدولة ونحر الدولة يعني نحر الشعب ، ونحر الدولة و الشعب يعني انتحار القضاة ، وانتحار القضاة يعني النهاية المؤلمة للعدالة والدولة والشعب .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=22162
أحدث النعليقات