نظام أسمرا يضيق على الإرتريين في الخارج بعد أن شردهم من الداخل
وتوتر مفاجئ بين أسمرا وأديس أبابا
الخرطوم – مركز “الخليج” للدراسات والإعلام بالقرن الأفريقي 10/6/2005
تصاعدت وتيرة التوتر بين أسمرا وأديس أبابا خلال 24 ساعة الماضية وتطورت إلى تبادل الاتهامات، وأعلنت أديس أبابا إلقاء القبض على مجموعة من الكوماندوز الإرتريين تسللوا داخل الأراضي الإثيوبية، وكشف البوليس الفيدرالي الإثيوبي في بيان نشرته صحيفة مونيتر الصادرة اليوم إن قوات الأمن تمكنت من إلقاء القبض على مجموعة مسلحة برشاشات وقاذفات صواريخ، وحذرت أديس أبابا نظام أسمرا من استمراره في اللعب بالنار والقيام بأعمال عدائية، وأخطرت الجهات المعنية بمحاولات النظام الإرتري الذي قام بعمليات اختراق للحدود، وإن قوات الأمن اعتقلت أعداد كبيرة من عناصر الاستخبارات الإرترية التي تقوم بعمليات تخريب بالتنسيق مع عناصر إرهابية، وأكد البيان الصادر من الشرطة الإثيوبية إن التحقيقات الأولية مع مجموعات إرهابية ألقي القبض عليها كشفت تورط نظام أسمرا في تدريب وتسليح العناصر المناوئة لإثيوبيا، واتهمت أديس أبابا أسمرا بإرسال عناصر الاستخبارات إلى عمق الأراضي الإثيوبية في مهمة التجسس ومساعدة الجماعات الإرهابية.
واعتبر المراقبون التصعيد الجديد بأنه انتكاسة في مسيرة السلام بين البلدين التي تراوح مكانها، ولاحظ المراقبون احتفال نظام أسمرا بالمظاهرات الطلابية التي شهدتها أديس أبابا مؤخراً. وكان نظام أسمرا قد سجل عبر وسائل الدعاية المملوكة له أول سابقة من نوعها عندما أعلن تأييده للمظاهرات الطلابية التي شهدتها أديس أبابا. وأبرزت وسائل الدعاية للنظام ذلك النبأ وجعلت منه مادة رئيسية في نشرات أخبارها على التوالي، وكان نظام أسمرا قد أبرز مظاهرات مماثلة شهدتها الخرطوم، وأصبح الشغل الشاغل للنظام التركيز على أخبار الخرطوم وأديس أبابا.
ويسخر المراقبون من تباكي وسائل دعاية النظام على الحريات وحقوق الإنسان في البلدين، وفتح نافذة النقاش حول الحقوق في إثيوبيا والسودان التي حققت قدر أكبر في مجال الحريات اتفق معها البعض أو اختلف معها البعض الأخر، ويستغرب المراقبون بأن تتحدث الحكومة الإرترية عن الحريات، وكانت قد قامت بعملية قمع واسعة للطلاب وقامت باعتقال المئات منهم وجمدت كل أنشطة الطلاب وحولتهم إلى وقود للحرب الجنونية، وتشير تلك الأوساط إن نظام أصحاب السجل السيئ في مجال حقوق الإنسان لازال يعتقل المئات من المعارضين السياسيين والطلاب وأغلق الصحف الخاصة وحرم كافة الحريات وانتهك كل القوانين الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وغطت الفضائية الإرترية الأحداث التي شهدتها أديس أبابا في اليومين الماضيين، وقدمت عدد من التقارير حول الأحداث، واعلنت الحكومة الإرترية تأييدها للمظاهرات التي شهدتها أديس أبابا، ووجه نداءاً إلى انتفاضة شعبية أكبر لقلب النظام في أديس أبابا، واتهمت الحكومة الإثيوبية بتزوير الانتخابات التي جرت في 15 مايو الماضي، وكان الشعب الإرتري يتطلع إلى إجراء انتخابات مماثلة في ظل النظام الديكتاتور الحالي في إرتريا الجاسم. لكن تلك الأحلام والتطلعات أضحت درباً من المحال. وتواصل الفضائية الإرترية هجومها على حكومة إثيوبيا والسودان، حيث قدمت لليوم الثالث على التوالي تقارير عن الوضع في إثيوبيا، وأصبح لسان حال المعارضة الإثيوبية التي نفت علاقتها بالأحداث الأخيرة وهو ما اعترفت به حكومة أسمرا وباركته. ووجدت ضالتها في الأزمات التي تشهدها المنطقة وتحاول صرف الأنظار عن الوضع الداخلي ومحاولة تضليل الرأي العام الإرتري وخاصة في الخارج من خلال نقل صورة عن الوضع في المنطقة وخاصة في إرتريا، وشغلت الفضائية نفسها بقضايا السودان وإثيوبيا، فيما فشلت في فتح الملفات الداخلية الحوار والمصالحة وتقييم الوضع الداخلي وعجزت عن فتح حوار مع رموز النظام الذين يدفنون رؤوسهم (كالنعامة) ويتهربون من المشاكل الداخلية وعبر الفضائية يحاولون حل مشكلة السودان وإثيوبيا ليظهروا أنفسهم كابطال بعد أن سجلوا فشلاً ذريعاً لحل مشكلة بلدهم الذي يعيش أسوأ أزمة في تاريخه .
في وقت تشهد فيه أسمرا بأديس مزيداً من التوتر فإن علاقتها مع الخرطوم لا تقل عن سخونة بعد أن تورطت إرتريا في زعزعة الجبهة الشرقية للسودان، حيث اتهم وزير داخلية السودان عبد الرحيم حسين في مؤتمر صحفي عقده في الرباط، نظام أسمرا بالقيام بأعمال تخريبية في شرق السودان وغربه. وقال إن عملية عدم الاستقرار التي يشهدها غرب السودان وشرقه تقف الحكومة الإرترية من خلفهما، مشيراً إلى أن نظام أسمرا يدعم علناً متمردي دارفور وإن الحكومة السودانية لديها كل الوثائق بتورط نظام أسمرا الذي يسعى لتمزيق وحدة السودان.
وفي نفس الاتجاه اعترف الأمين محمد سعيد سكرتير الجبهة الحاكمة في أسمرا تدخل بلاده في الشئون الداخلية للسودان . وقال إن إرتريا لن تلتزم موقف المتفرج فيما يجري في السودان ولها مصالح استراتيجية. وقال إن تدخلها كان من أجل إنهاء المظالم وتحقيق العدل في السودان على حد زعمه، وأكد دعم بلاده للمعارضة السودانية والتعاون معها لمنع الانفلات الأمني في السودان، وأعلن دعم بلاده لأي فصيل سوداني تؤمن إرتريا بعدالة قضيته. إلا أنه حرم على السودان تقديم دعم للمعارضة الإرترية واعتبره أمر مخالفاً للقوانين الدولية، فيما اعتبر دعمهم للمعارضة السودانية حق مشروع. وامتدح دعم الجبهة الإسلامية للثورة الإرترية، وكشف عن دعم جبهته لتثبيت نظام الإنقاذ.
واختتم الأمين تصريحاته مع صحيفة الرأي العام السودانية مؤخراً التي حملت الكثير من الاستفزازات والانتقادات والهجوم على الحكومة السودانية مستغلاً حرية الصحافة في السودان التي حرمها في إرتريا.
ويندهش المراقبون من هجوم حكومة أسمرا على السودان وإثيوبيا التي توجد فيها أكثر من 700 ألف إرتري ومنهم 200 ألف في إثيوبيا الذين تأثروا مباشرة من سياسة النظام واليوم يفتعل أزمة بعد أن شهد أوضاع الإرتريين تحسن ملحوظ في إثيوبيا في الشهور الماضية. وإن استمرار العدوان ضد إثيوبيا والسودان يؤكد إن النظام أسمرا لا يخشى أن تلحق أضرار بمصالح الإرتريين في تلك البلدان. ويعتقد المراقبون إن نظام أسمرا ينتهج سياسية التضييق على الإرتريين في الخارج بعد أن شردهم من الداخل هذه هي مأساة حقيقية كان ينبغي لمعالجتها من قبل النظام الإرتري.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=4551
أحدث النعليقات