نظام أفورقي بين :خلط التركيبة السكانية في إرتريا وخلط أوراق الإقليم

( محاولة  للخروج من النفق المظلم ) !!

كثيرة هي مصائب الدنيا  وعجائبها لكن أعظم المصائب  وأجلها  هي ما يتعلق بالإنسان   نفسه ذاتاً  وهويةً  ووجوداً  وكينونة  وأحسب  إن  إنسان إرتريا  قد أصيب  بهذا  فما  أعظمها من مصيبة وما أعظمه من مصاب  بيد  انه إذا تساءلنا هل يستحق  الإنسان  الإرتري  كل ذلك  ؟! الإجابة قطعاً  لا  ؟  ولكن  من الذي  يتحمل كل ما  جرى  وما يجري  ؟!  هل هو الإنسان والمواطن العادي  الذي أدى ما عليه  ودفع  فاتورة  الكفاح  في كل حقبه وبكل الأشكال  والأصناف  ؟!  أم أن الذي يتحمل  ذلك هم المثقفون والنخب  الإرترية  ؟ أم  أن الذي يتحمل  ذلك هو الخارج  وخاصة دول الجوار قديماً  وحديثاً  ؟!! أما حضرات النخب والمثقفين   وما ينضوون  فيها من تشكيلات  ومسميات  فهي بريئة  براءة الذئب من دم ابن  يعقوب  كما  يقال  ؟!!   

لست  بصدد تحديد  أحجام  الأخطاء والأغلاط وتوزيع  النسب في هذا المقال  فهو أمر يصعب أن يقوم به   فرد  أو  مؤسسة  منفردة  ولكنها دعوة  للتأمل في الذات  أولاً والتعرف على مكامن  الضعف  في النفس  ذاتاً   وجوهراً  سيما النخب  المثقفة  إذ هي الأقدر على التشخيص  والأقدر  على القيادة  والريادة  بحكم الموقع  والمسئولية  الأخلاقية ! .

ولكن  ليس   في كل الأحوال  ، ولا يمكن  أن  تنتظر الأمة الإرترية إلى الأبد  فقد يولد  من رحم المعاناة  والصبر  من يوم  بذلك  ويفتح  الله عليه بالنصر ،  وما ذلك على الله بعزيز  ، فإن في التاريخ  تحولات وتغيرات   حدثت  دون أن يكون  الذين  قادوا ذلك  التحول والعمل الجبار   هم الذين كانوا سبباً  فيه  ومن  شك  فليعد لقراءة التاريخ الإنساني ؟!

ألم  يقدم شعب  إرتريا  فلذات أكباده من أجل  الوطن والدفاع  عن العرض والأرض  ألم  تنتهك  حرماته  على يدي  الكماندوس   قديماً  ؟ ألم  تحرق  القرى  والأرياف  على يد الغزاة   والمحتلين  ألم  تسمم  آبار المياه  ؟ ألم  تجرى  عمليات  التهجير  والتطهير لشعب إرتريا في  مرحلة  الثورة  ؟!!  فهل ما يجري  الآن  وما يقوم  به النظام  الطائفي في إرتريا  من عمليات التهجير وإفراغ  الأرض  من الإنسان بعد أن  أفرغها  من المضمون والمحتوى من خلال ممارساته  الهوجاء  منذ أن وصل  إلى السلطة  فهل  ما جرى  ويجري  هو من  مشكاة واحدة ويؤدي  إلى النتيجة  ذاتها  ؟! .

 إن نظام أفورقي  يقوم بعمل مدروس  وممنهج  و يمارس  على مرأى  ومسمع   الجميع  عمليات التغيير  الثقافي  والديمغرافي  في إرتريا  وحتى لا يكون  الحديث  جزافاً إليك  أخي القارئ  هذه الأرقام الأولية   .

1-                    أجرى  النظام  عمليات  مسح لتوطين  حوالي  (8) آلاف  أسرة  في مناطق  ( أم حجر  ، قلوج  ، تبلدية  القرقف  ، صابوناي  ألخ  … )

2-   وطّن عقب  النزاع  الحدودي  مع إثيوبيا   بين عامي ( 1998م  – 2000م  ) حوالي (5) آلاف  أسرة  في منطقة   شلعت  الواقعة إلى الشمال  من مدينة أوقارو  بجنوب  القاش  . 

3-        يجرى  استعداد  لنقل  حوالي   (6) آلاف  أسرة  من مناطق المرتفعات   إلى  مناطق ( كركبت ، وربدة في  خور بركة ) 

4-  ترحيل  حوالي  (1500) أسرة  من  مناطق   زالمبسا  وطرونا  إلى تبلدية  ، والمناطق  المجاورة لها . 

وجاء في جريدة الراوية العدد  55 (يناير 2001م ( بأن النظام   قام بتوطين   حوالي (10) آلاف   مواطن نصراني   في منطقة  سبر  .

وإذا  ما تم تجميع  هذه الأرقام بعدد الأسر  فإنها تعادل  حوالي (20.500) أسرة  .

وإذا  ما تم  ضربها  في متوسط  حسابي  لأفراد  كل أسرة  ولنفترض  بأن  كل أسرة تتكون  من ( 8) أفراد  في المتوسط  .

فإن إجمالي   العدد  سيكون  (164) ألف  نسمة  يزاد إليها  (10) آلاف   فتصبح   حوالي   (174)آلاف نسمة  هذا  ما تمكنت  من رصده رقمياً  من الأرشيف  الذي توفر  لدي  أما الذي لا نعرفه ولم نتوصل  إليه  فنعتقد بأنه  أضعاف  ذلك فإن من اغتصب أرضاً  ودولة بأكملها يمكنه أن يفعل  فيها ما يريد  خاصة   في غياب  الرقيب أو القانون  أو الردع  والعقاب  الزاجر  لأمثال  هؤلاء  الذين تحكموا  في البلاد  فعاثوا   فيها فساداً  وجوراً  .

إن  إيراد  هذه  الأرقام  وذكر  هذه المناطق  وهي  مناطق  وأراضي  المسلمين  يتم توزيعها  الآن لغير أهلها  ، إن ذكر  هذا أو غيره  لا يعني   دعوة لطائفية أو تفريقاً  بين  أهل  البلد  الواحد  ، وإنما هو  تنبيه   وتحذير  بأن مثل  هذه التصرفات  واستخدام السلطة  طوعاً  أو كرهاً  ، وأخذ  حق  الغير  بدون وجه  حق  هو الذي يفتت  الوحدة  الوطنية  ، وهو  الذي يورث  البغضاء ويؤدي  إلى الاحتقان الذي ينفجر  في أية لحظة    ، فممارسات  نظام أفورقي وتطاوله على حقوق  المسلمين المواطنين  الإرتريين   واستلاب  كافة حقوقهم الثقافة و التعليمية  ، والمجتمعية  ، وسن قوانين  الأرض  وتحويل  الخرط الجغرافية  في الأقاليم  بالضم أو  التفريق  إن  كل  هذه الممارسات  لن  تمر  دون توقف  ومحاسبة  ومساءلة  مهما طال  الزمان فالذي نريده  من الشريك  الآخر  في الوطن  مجتمعاً  وتنظيمات   أن تكون مواقفهم  واضحة  من  هذه  الممارسات  ونريد  أن  نسمع  أصواتاًَ  تتعالى   هنا وهناك  ، فحقوق  الإنسان في إرتريا  لم  تنتهك بعد اعتقال  مجموع  الـ  ( 15)  أو  مجموعة   الصحفيين  أو (مغنية الكنيسة )  أو ممثل سفارة  الدولة الغربية  أو  مواطنها الزائر  وإنما  تم  انتهاك  حقوق الإنسان  في إرتريا منذ  أول يوم وصلت  فيه الجبهة  الشعبية  إلى السلطة ، واستفرارها بالقرار  السياسي  ورفض  عودة شعب المهجر إلا وفق  مزاجها  فمنذ ذلك يوم  تم  انتهاك  حقوق  الإنسان وليس   عقب الخلاف الذي ظهر  بين أقطاب  النظام  الذي لا يعدو أن يكون  خلافات  في الأولويات  وليس  خلافاً  في  الفكرة  أو الاستراتيجية  أو البرنامج  فإذا  ما أريد  لإرتريا  الاستقرار  والسلام الاجتماعي فليكن الموقف واضحاً  مع القضايا  الكلية والجوهرية.

فمشكلتنا مع نظام أفورقي ليس في طريقة إدارة  الدولة و الديكتاتورية  فحسب  وإن كانت هذه ليست  بسيطة  ولكن  القضية أكبر وأعمق من ذلك  !

والمشكلة  ليست  مشكلة  مسلمين  ونصارى  أو مرتفعات ومنخفضات  فهذه  خيارات لا دخل  للمرء فيها ولا يمكنه  أن يحدد أين  يكون ؟ ولماذا  كان كذلك  ؟!

وإنما المشكلة  تكمن في  نظري في الاعتراف المتبادل بمكونات  الشعب  الإرتري كما  خلقه  الله في  هذه الأرض والتعامل  مع قضايا  الحقوق و الاختلاف بتعقل  ومسئولية  دون  عواطف أو أمنيات  ورغبات  من هنا وهناك  وليس  من مقصود  هذا المقال إن النصارى  لم يتضرروا مؤخراً  من نظام  أفورقي ، نعم  تضرروا وتفرقوا  شزر مزر  وهاهم في الفيافي  والقفار علهم  يدركون  الجرة قبل  أن تنكسر  ولكن تضررهم  ليس  كما تضررنا  فنحن فقدنا قرانا وأما  هم فقراهم  ومزارعهم  مشيدة بل  ومتطورة  من قديم   الزمان  واليوم بقوة السلطة، ولكن  قرانا مهجرة  ، منذ  مدة  ، وأهلها  حرموا من العودة إليها ، وحتى  الذين عادوا  وضعوا  حصرياً في معسكرات جبرية فهل الضرر متساوٍ مالكم  كيف تحكمون  ؟! 

فإذا أردنا أن نعيد المياه إلى مجراها الطبيعي ، وأن تسير الأمور  بصورة  حسنة فلا بد من تأسيس العلائق على التراضي والتوافق  والحقوق  المثبتة  بالقانون وفي الدستور أما كلنا أبناء  وطن  واحد ، وكلنا  أخوان ثم يمارس علينا  الظلم باسم  النضال  تارة  أو في ظل  الدولة الآن  .

وبعد أن عاث أفورقي الفساد في الداخل  وغير كل معالم إرتريا  أرضاً  وشعباً وثقافة  بدأ الآن  يلعب دوراً  جديداً على مستوى المنطقة  فها هو  يتدخل   في الصومال  ليزيده  فرقة ومآس فوق  ما  هو  فيه  ويتولى زمام  مبادرة حل مشكلة  شرق  السودان ، و الآن يحقب حقائبه ليكون  له دور  في مسألة   دارفور  بغرب  السودان  وهكذا  على  مستوى الإقليم  بأسره؟

فهل ما يقوم  النظام الإرتري  وبعد خلط  الداخل الإرتري  وجعل  إرتريا على حافة  الانهيار  فهل  ما يقوم  به حالياً  هو محاولة  للخروج  من النفق  المظلم ؟  أم أنها  بداية  لنشهد الأمبراطورية الأفورقية  في القرن الأفريقي  ؟!! 

أم  أنها  بداية  لأفول النظام الطائفي القائم الظالم  في إرتريا وما يحدث  الآن وما هو  إلا  الشهقة قبل الأخيرة  ؟! 

علي   محمد

alisaed30@hotmail.com

19/ رجب/  1428م

2 /أغسطس /2007م

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7486

نشرت بواسطة في أغسطس 2 2007 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010