نكسة 24 مايو
بقلم : بشرى بركت
لا تقلق، فهذه قراءة واحدة من 100. ولاتنزعج فهذه زاوية رؤية من عشرات الزوايا. فقط أمعن النّظر إلى المعطيات وحلّل النتائج والتّبعات، وتذكّر أنّ سلّة المهملات تحت قدميك دون حرق لدمك، ذلك إن كنت لاتحتمل شيئا من إحتمالية أن يكون هناك زوايا قراءة متعدّدة للأحداث.
الكل يعلم يقينا بأن كلّ ثورة تحلم بالمزيد من الكرامة والعزّة والرّفعة للشّعوب أكثر من رفع علم في محفل ما. وأنّ الكفاح الإرتري يوم أن بدأ وبكل وسائله وأزمنته وضع نُصب عينيه وطناً يعيش فيه الإرتريون بعزّة وكرامة ووئام، إنطلاقا إلى العمل الدؤوب للوصول إلى حياة أفضل، هذا بالإضافة إلى العمل البناء لقيادة العمل الإيجابي في المنطقة إيصالا للشّعوب المجاورة إلى شيء من طبيعة الشّعب الإرتري المسالمة وتصديراً لحكم القانون الذي تميّز به شعبنا عبر التاريخ سواء كان عبر إلتزامه بأعرافه العتيقة أو بالقوانين المستقدمة التي فُرضت عليه من قبل توالي الإستعمار.
ثورةٌ قامت من أجل الحرية والكرامة والعزّة والأمان أعمدة يقوم عليها الإستقلال دون غيرها، ولاتقوم له قائمة إلا بها.
أُصدُق نفسك عزيزي القارئ الإرتري وبإخلاص، فالوطن وقضيته كلّ لايتجزأ، وسقوط الشهداء الواحد تلو الآخر إلى مئات الآلاف من شعب تعداده ثلاثة إلى أربعة ملايين( 100 الف بحسب النظام و300 الى 400 الف بحسب مصادر متعدّدة)، وأضعاف هذا العدد من الجرحى والمصابين والمعاقين ولك حق إستخدام آلتك الحاسبة لتعرف النسب المؤيّة، فتصل إلى المدى الذي وصلت إليه التضحيات، علماً بأنك عزيزي القارئ قد تحتاج معي لآلتك الحاسبة في لاحق حديثي الذي أتمناه خفيفاً على قلبك المثقل باعتباره واقعياً فضعها بجوارك، وربما تحتاج حبّتين بانادول أيضاً إذا كنت في لحظة ما قد أجّلت أسئلةً هامةً دفناً لرأسك في الرّمال.
فيا سيدي ويا سيدتي سقوط هؤلاء الكرام لم يكن يوماً من أجل جزء من القضية بحيث نفصّلها على الفشل والإخفاق الذي أصابنا، كم أنت متأكّد من أنّ أخي أو أخاك أو أخت أيّ منّا الشّهيد/ة، إذا ما رأو حالنا اليوم وكان لديهم فرصة إعادة عقارب السّاعة هل كان أحدهم سيُغبّر حذاءه من أجل مانحن فيه، ناهيك عن أنه سيبذل حياته رخيصة في سبيله.
إذاً لنكن واقعيّين ولننظُر إلى ما نصبوا إليه من قراءاتنا المفترض أن تتّسم بالواقعية.
صلّي على رسول الله أولاً ثم إسألني وإسأل نفسك ماذا تحقق من آمال الشعب ومن تضحياته؟
هل توقعنا حياةً أفضل من يوم 1 ؟ لا بالضرورة! إلا أنّ التّوقع لاشك كان تحقيق الأعمدة الأربعة التي كانت جوهر النّضال ومن ثّم الإستقلال والسعي لحياة أفضل بالعمل الدؤوب في ظل حكم القانون والأمان في النّفس والمال والحركة والتّفكير أحراراً معزّزين مكرّمين بين أهلنا وذوينا. أليس كذلك؟
إذاً ماذا جرى! وقد إنحدرت تلك الآمال أميالاً تحت سطح سنون الإستعمار منذ أن إجتمعنا كلّنا في عُرس 24/5 المُدّعى.
ولنبدأ بالآمال باعتبارها الشمس التى لم نر قطٌّ !
آمالنا كانت:
إبدأ معي في العدّ ولتضع نُصب عينيك أنّك تعيش لحظة 24/5/91. هل جال بخاطرك أنّ دولة القانون والحكم الرشيد شيء لانتّفق عليه وأنّه ليس أولوية تحت أي ظرف. إتفضّل قارن تلك الآمال بكل يوم في ربع القرن الذي عشنا بعده. وللنّظر في المقابل إلى الذي كان سائداً قبل ذلك تحت الإستعمار. صبراً فلم نصل إلى الإنتكاسة بعد حتى تعيد قراءة عنوان هذه الدردشة. دعك من الإمتعاض فأنا مازلت أقبل بامتِعاضك ونفورك منه.
لننتقل إلى جانب آخر من الآمال: إحترام المواطن كونه مواطناً أولاً وصاحب كلً الحقّ الأول والأخير دائما. هل تعاملت في أي وقت من ربع القرن االسابق وأحسست بأنّ الذي أمامك مسؤولاً (وليس صاحب المحل) في أي مؤسّسة وبأنك صاحب حق في تلك الخدمة (فقط) هل أحسست بأن الذي أمامك يحمل لك شيء من التقدير باعتبارك مواطنا (لم أقل بعد .. هو موظف لديك) بالمقابل كم مرة سمعت منه أنّه عمل كذا وكذا لك وأنك لا تسحقً هذا الكذا وكذا!!! ولتضع تحت “تسحقً” مايروق لك من الخطوط الحُمُر، ذلك باعتباره قادماً من مكان ما غير الذي أنت منه!! قارن معي وإبتئس مرةً أُخرى.
حرية الحركة من مدينتك إلى قريتك الأصل مثلا: كم مرّةً سُئلت إشتباهاً غير إطمئنان عليك وعلى من حولك على أساس أنك إمّا هارب أومهرّب أو ربما مخرّب، ذلك في أولى الأعوام ، ثم قارن ذلك بسنون القحط في الحركة والثقة التي ماتت بيننا و(بينهم) وكيف يزدريك السّائل بإعتبارك هارباً أوربّما سارقاً لوطن يراه هو سيده وأنت في واقع الأمر شهيده!!! لم أصل بك سيّدي إلى حرّية التجمّع والعمل المجتمعي المنظّم والسياسي المحترف لاسمح الله !!!!
ثمّ هل فكّرت في أن تقول رأياً صرفاً في شأن خدماتي بدائي في قريتك أو الحيّ الذي تقطن فيه. لن أُحاول أن أسألك عن فكر ورأي سياسي في شأن سيادي فأنت أدرى بذلك وتبعاته وقد خبرت ما آل إليه مصير من سأل عن معتقل والذي بإمكانك أن تجده في مسافة لا تبعد 100 متر من منزلك إن لم يكن في منزلك ذاته!!!
هل حاولت العمل؟! .. (في الحكومة ؟؟!! لااا!! لم أطلب منك ذلك!) فقط عمل تجاري خدمي تعليمي أو أيّ من الأعمال التي تساهم في تحسين معيشتك ورفعة وطنك أيضا؟ حاول أن تردّ على سؤالك لنفسك بصوت مسموع، ويقيني أنّك ستخجل من صوتك مهما كان الرّد. صدّقني !! إن أعملت معايير الصّدق التي نعرف بالإحساس العام فإنّك ستُصعق من هول ما تصل إليه!!! أكرر مرة أخرى، “مهما كانت الإجابة صادقة ومن القلب في لحظة نزاهة” مع العلم بأن نجاح كل فرد في مجمله نجاح للمجتمع ومن ثمّ الوطن. ولتُركّز معي على مهمّة إنجاح مسيرة الوطن، ثم أنظر إلى الدولة الفاشلة المدّعاة التي أمامنا، حتى أحسّت كوريا الشمالية بالعار من تشبيهها بها.
مازلنا في الآمال التي تلاشت تحت وطأة (الشّدّه)!!
ألا تتذكّر معي حين كنّا نقول “إرتريون نحن، نناضل من أجل وطن مغتصب” حيث وُجدنا فهُجّرنا!! تلك هي العزّة وذاك هو الإعتزاز والفخار بالشّعب وقدرته على البذل.
وبعد حصاد ربع القرن الذي عشنا، تُرى ماذا نقول اليوم حين نلتقي أحداً فيسألنا من أين أصلك وما الذي أوصلك إلى ما أنت فيه من بلاد غريبة عليك أو أنت غريب فيها أو عليها، ذلك إن كنت محظوظاً وهاجرت هجراً للوطن. وخذ وقدّم للعالم كل ما تستطيع أن تحمل من الشهرة التي تعرف بها اليوم من بحار أسماكها بطعم الدّم الإرتري وصحاري غبارها من رفات العظام الإرتري ومشاكل إقليمية ودولية من صناعة ومشاركة عقل (إرتري) وإسرد كلّ ما لديك ثمّ أعد قراءة عنواني. إن لم يرق لك بعدُ فتعال معي نُكْمل ما بدأنا.
تلاحظون أعزائي، أنني لا أتحدّث عن أُمّ الأزمات وهي الإعتقال التعسّفي والتّصفية الممنهجة لكلّ معتقل رأي أو (معتقل تجارة!!)، ولكنّي أتحدّث عن آمال الشعب ومئالاته.
الشّعب الذي كان له وطناً ويعيش مستعمراً في وطنه، ويسعى لتحريرهذا الوطن فيعيش فيه حرّا يمتلك إرادته، أنظر إليه اليوم، لم يعد له موطناً إلا أحضان الهلاك المتنوّع في كل بقاع الأرض.
الشّعب الذي كان واحداً مُوحّداً في تضحياته وفي مسيرته وآماله، مازال يعاني من كلّ ماتتخيّل حتى في وحدته التي كانت مصدر فخار له بين شعوب المنطقة وغيرها ولتتذكّر مقولتنا الرنّانة “مختلفون داخل إطارنا الواحد!!” ولكن هل مازلنا شعباً واحداً اليوم؟
أتسمحون لي أن أقول لكم كم إفترقنا اليوم، وماذا فعل بنا ربع القرن الذي إحتُفل به منذ عدّة أشهر، هل سمعتم تسريبات من كان في النظام وكيف أنّهم يُمعنون في إهانة وإستئصال طرف ما من الشّعب الإرتري فيصنعون الأزمات ثمّ يُديرونها على حسابه ومن ثمّ على حساب الشعب ووحدته وتطلعاته. ربما أجدها أسهل أن تبحث عنها إن لم تكن قد تابعتها بشكل يومي فهي تُغرق الفضاء الإفتراضي الذي يهتم بإرتريا، فقط إبحثوا في وسائل التواصل الإجتماعي واليوتيوب عن:
وغيرهم كثير. Foro 02 /Birhane Afro /Pilot / Alena
هل سمعتهم يقولون عن سهولة القتل وعن إبداع التّعذيب بصفة ممنهجة وعلى حساب طرف من مكوّنات الشّعب الإرتري لعشرون عاماً كاملة إخلتط عليهم الأمر فيما يبدوا في السنين الخمس التي لحقت فأضافوا بعضاً من الجانب الآخر من الشعب، لا أدري ربما كانت أزمة تقسيم الأسلاب التي أخذوها من فئات الشعب المستأصلة سلفاً ولا أدلّ من أنهم احتفلوا باعتقال أكثر من 1500 من مدرسي اللغة العربية والمعاهد الإسلامية في ليلة واحدة، وعلى أسوأ الفروض لم يحركوا ساكناً في حين قلبوا الدّنيا رأساً على عقب لاعتقال قسّ واحد، وكأنّ ما يهمهم فقط هو الجانب المسيحي من “دولة الشعب الواحد!!!!!”. ثمّ تابع تسلسل الإعتقالات والقتل المنظم الموجه لطرف واحد فقط من مكوّنات الشّعب الإرتري ولا أحد يهتمّ، ذلك لأنه لم يكن يوماً شأنهم. وأخيراً وبعد استفحال خلاف التقسيم للنهيبة والأسلاب هاهم يفضحون بعضهم بعضاً ولا فضائح أقوى من القتل المنظّم الذي مارسوه علينا إتّباعاً لسنّة مثلهم الأعلى “يوهانس”.
إن كنت تدّعي عزيزي القارئ الإرتري غير ذلك، فهل كانت التصفيات المنظمة التي يتحدث عنها فورو 02 مثلاً ضرورية للتّشارك في كل مقدّرات الوطن وتقاسم الأرض (إن كان هذا ما يريدون) أم كانت موجّهة لإستئصال فكرة الوطن في حدّ ذاتها، وهل خروج دولة تسفاطيون العلنية إلى الوسط الإرتري بقوة وبمباركة نظريّة على الأقلّ من بعض مناضلينا المعاصرين والقدامى يعني شيئاً آخرغير هدم للوطن وفكرته التي لم تكن يوماً ضمن أولوياتهم وأهدافهم. أمّا إذا كانوا يقصدون ما تقوم به دولتهم لتحقيق هدفها في وحدة الشعب بصبغه بهوية إحدى فئاته واستئصال ثقافات باقي شعبه كما ورد في التسفاطيونيات، وذلك عكس المتّبع حول العالم بإثراء الدّول ثقافات شعوبها بثقافات تستوردها ناهيك عن أنّها تبذل كل المجهود الممكن للحفاظ على ما لديها، فإنني وأنتم إذن ملتزمون ببداية عمل تحرّري جدّي من إستعمار أبشع وأسوأ وليس إصلاحاً لمسار وطن حكمته فئة غير مؤمنة بالديمقراطية كما نزعم!!
هل رأيت عزيزي القارئ، أنني لا أتحدّث عن شيء جديد لديك، فقد أجزم أنّك متضرّرٌ من ذلك بصفة مباشرة ولكنّي أحاول أن أساعدك على الوصول إلى تقييم منطقي دون دفن للرُّؤُوس في الرّمال.
ولذلك أعزائي، دعُونا نقسّم الفترة التى عشنا تحت علم إرتريا المُدّعىَ إلى أربع مراحل ونفكر في كل منها بمنطق اللحظة حتى نصل إلى فهم منطقي لما حدث فنبني بناءا سليماً لما سيحدث في المستقبل:
91 الى نهاية 94:
إعتقالات بالجملة وإختفاءات تستهدف التعليم في وقت كانت حملات التعليم باللغة الأم على أشدّها وجماعات إرهابية صنعها النظام بنسبة 100% (راجع فورو02) تعبث بالشّعب وأحد أهم أهدافها المدرسون الإرتريون القادمون من السودان لتعليم اللغة العربية، تعيث فيهم تهجيراً وتقتيلاً ثم يأتي النظام بعد إنتهاء العمليّات المُدّعاة ليكثّف من عمليات تنقية الأجواء لمشروعه، فيعتقل الأعيان المؤثّرين (راجع كل التسريبات فلا مجال لأن نفصًلها جميعاً في صفحتين أو ثلاث) عملاً في مشروعه بإستئصال أيّ ثقافة أخرى غير التي يسعى لترسيخها. فالشعب ليس المهمّ وإرادته وطموحه وتطلعاته ليست في أي من سلّم أولوياتهم، بل صناعة الفشل لمشروع الوطن المتميّز بكل مكوناته وإجهاض تلك الفكرة وصولاً لأعلى مستويات اللعنات لهذا الوطن المدّعى. فلا وطن بلا شعب ولا شعب بلا محافظة على ثقافته وتراثه وخصوصياته. ممّا يعني أن هذا المشروع هادفٌ لتقويض فكرة الوطن الإرتري من أوّل أيّامه وليس وليد أزمات. فإثيوبيا كانت في قبضة يد أسمرا حتى 95 وربّما 96 والسودان كان في ذروة تعاونه معها ثم ذهب ليغرق في أزماته وإشتراك أسمرا عنصراً فاعلاً في تلك الازمات وصناعتها ومن ثمّ إدراتها لصالح أصحاب الشأن.
ولنتذكّر دائماً سادتي آمال وتطلعات شعبنا مع كلّ لحظة نتذكّر فيها ما جرى.
من 94 الى 98 أو مصير الدورة الخامسة من الخدمة الوطنية باعتبارها معبّرة عن المرحلة:
المحور الأوّل دولة المؤسّسات الموعودة والقوانين التي قيل إنه سيتمّ إعدادها والدستور الذي سيقف سيداً فوق كل الرؤوس على السواء والشّعب الذي سيختار من يشاء لإدارة شؤونه. مما يعني أنها يفترض في أسوأ الاحوال أن تكون فترة نضج العملية الانتقالية برمّتها، يكون بعدها الشعب سيّداً على كل شيء وقد استلم زمام أموره، هذا الحلم البسيط المتوقع حدوثه من كل أفراد شعبنا أين هو وماذا كان البديل له، تعالو لنعدّد سويا
أولا مشروع الإستئصال الثقافي لبعض فئات الشعب وإختياراته إستمرت بوتيرة أعلى من الأعوام التي سبقتها وأصبح عنصر الأمن سيّداً ومالكاً للقرار في كل المدن والقرى ثم إن الخوف الذي استشرى في كل ربوع البلاد كان مروعا حيث الاحساس بأن الذي بجوارك قد يكون عنصرا أمنيا مما أوصل بعض اللاهثين وراء الأمان للإنخراط في ذاك الجهاز القذر تأميناً لأنفسهم وذويهم مقابل كرامة كانت هي الأولى في يوم قد مضى، كنّا نقول عليه من أيام الإستعمار السيّئة السُّمعة.
– أصحاب المشاريع ورؤوس الأموال كانت تلك فترة ذلّهم وسرقة أموالهم وأفكارهم ثم الزجّ بهم في غياهب المجهول فلا مشروعا شخصيا نجح ولا شركة غيرالتي تتبع ال09 إزدهرت ولا تاجراً وصل بمشروعه مرحلة الإنتاج. إن كنت تعلم شيئأ سار عكس ذلك فبالله عليك عزيزي القارئ قل لي حتى أرى بصيصاً من النّور في بحر الظلمات الذي نعيش.
-الحركة منعت تحت أيّ بند لكلّ المُواطنين وتم إحكام إغلاق السّجن الكبير ولم يتمكن أي من البشر من الخروج من البلد إلا بإحدى ثلاث: التهريب والرشوة والعمالة لجهاز القتل كما أسمته التسريبات والإعترافات التي تملأ الفضاء الإرتري اليوم.
-الموت العابر للحدود إنتشر على يدي نظام يدّعي تمثيله لشعب هو الأكثر مسالمة، (ربّما أكثر الشعوب في كل أرجاء المعمورة). فإرتريا تدعم التّمرّد بكل تشكيلاته في السّودان وإثيوبيا والصومال وجيبوتي واليمن والكونجو وإفريقيا الوسطى وحروب رواندا وبورندي جيئةً أو إياباً.
شباب الخدمة الوطنية المغلوب على أمرهم بدأت عليهم عمليات التشغيل القسري لصالح الشركات الأجنبية ومن ثم يحصد النّظام وأركانه المال المقدّم مقابل هذا العمل.
ثم المصيبة الأكبر وهي إستدعاء كل من شارك في الخدمة الوطنية من الدورات السابقة وأصحاب الحظ العاثر أعضاء الدورة الخامسة الذين أكملوا اليوم عامهم العشرين في الخدمة الوطنية التي يُفترض أن تكون ثمانية عشر شهراً دون مخرج من هذا إلّا إلى التراب، فيما بدا أنه إستعداد للإحتراب على السيطرة بين الأخوين أبناء الشقيقتين ملّس وإسياس ممّا أتبع الحصاد المرّ حصاداً أمرّ منه.
98 الى 2000 حرب إبادة لشبابنا من الطلبة الذين ضُيّعُوا تقتيلاّ وتعطيلاً وهدراً لمستقبلهم والمتخصصين الذي خرجوا من تخصصهم الى الأهوال والدّمار المؤكّد لمستقبلهم، والفلّاحين الذين بارت أرضهم، الأمر الذي أهدر أي إحتمال لمستقبل معقول لإرتريا.
فإن لم تعلم فإليك إحدى الصور من قلب هذه الأزمة التي صنعها الحاكم وأعوانه ويستفيد مرة أخرى فيستمر فيما سماها حالة التهديد الاجنبي الذي تعيشها البلاد مما قوى عزمه على إبتزاز وإستغلال شبابنا، فهذا الشاب يرى أمه وأباه يموتان جوعاً وهو يعمل في مشروع الإستعباد الوطني عشرون عاماً، ممتهن الكرامة فاقد العزّة والأمان وتلك أخته التي تمنى يوما ان يسابق الدنيا كلها لاسعادها تعمل جارية في بلاط أحد العناصر القيادية الأمنية والعسكرية الموالية. وذاك الفلاح يرى ارضه وربما يسير بجوارها ولا ينظر اليها مقهورا بالرغم من أنها قد بارت وشقّقتها الوديان فلا هي تصلُح للزّراعة ولا هو يقوى على العمل فيها بعد دمار أصاب صحته ومستقبله وحتى أولويات حياته ومفاهيمه، عشرون عاماً يتغيّر كل شيء في الأمم ناهيك عن الفرد الضعيف المغلوب على أمره.
وبهذه المناسبة وبالرغم من أخبار التّشجير التي أغرقونا بها ليل نهار فإن التصحّر اليوم أصاب كلّ أرضنا الزّراعية وهو سيّدٌ على كلّ أركان البيئة الإرترية حيث دمار البنية الزّراعية والرّعوية والثروة فلا أحد هناك ليعمل في أيّ منها أو صيانتها كما كان عليه موروثنا.
الأمر الأخير وهو الأرض والبيئة وما أصابهما، هل تذكرون أخليلو تفنّو وأغنيته زورّا إمّو هقركا؟! ، داعياً لك أن تتجوّل بين ربوع وطنك مستمتعاً بثرائها الطبيعي عائشاً بين أفراد شعبها الشّجاع المكوّن من تسع قوميّات الخ ، اليوم سادتي بلادي وبلادكم في عمق المناطق التي غزاها التصحّر فوصل تصنيفها من مناطق السافانا إلى الصحراوية في كلّ الخرائط الصادرة من المؤسسات المهتمة بالبيئة ، وبما أنّ أحد المهام التي يقوم بها عناصر الخدمة الوطنية هي تقطيع الشجر لبناء العشش وأحياناً لشغل فراغهم حتى يتم توجيههم لسخرة الشركات الأجنبية فإن البيئة، وخاصة في مناطق يرونها لاتعنيهم ولا يرونها الا مصدراً للتّعدين لاغير. وللعلم فإن من لم يحافظ على أرضه ومكوناتها البيئية فإنه سائر في دروب المهالك. ففساد البيئة وعدم صونها تترتّب عليه أوخم العواقب. وعليه أرجوكم سادتي إن رأيتم شيئاً غير ذلك فإسعفوني به وإلا أعينوا أنفسكم وأعينوني بالنظر بواقعية على عنوان دردشتنا فلربّما أمكننا من الوصول إلى نقطة إنطلاق واقعية لدردشتنا المقبلة وصولاً إلى الإجابة السليمة للسؤال الأهمّ، ماذا إذن نحن فاعلون؟.
2000 الى 2016 ثم إلى ما شاء الله
-أولاً الهجرة غير الشرعية وطريق الموت غرقاً أو عطشاً أوتقطيعاً للأوصال ومن ثمّ سلعة لتجار الأعضاء البشرية، نحن الوحيدون الذين يتم شراءنا من داخل منازلنا والبائع لا شك أحد أركان النّظام العسكرية والأمنية.
نحن الوحيدون على مدار هذه الفترة الزمنية (الملتزمون) بنسبة تُؤهّلنا للمركز الأول أو الثاني لاغيرهما في في عدد اللاجئين والغارقين حول العالم بالإضافة إلى الخصوصية التي تعنينا نحن فقط وهي التّجارة بالأعضاء والبيع والشراء لشبابنا وشاباتنا إنطلاقاً من قلب مدننا وقرانا وصولاً إلى صحاري سيناء وليبيا. هل سمعتم قولاً واحداً من أحد القائمين على البلاد بالقبض على ضابط أو حتى عسكري مداناً بأي من تلك الجرائم رغم أنّنا نعلم يقيناً ومن منطلق خبراتنا الشخصية وخبرات أهلنا وجيراننا وأصحابنا بأنّ من يقومون بتلك الأزمات ويهربون النّاس ثمّ يبيعونهم على الحدود ليسوا إلا ضبّاطاً في عناصر النّظام العسكرية والأمنية. إذا ما وصلك عزيزي القارئ شيء غير مانرى ونعلم جميعاً فالرجاء دائماً المشاركة به حتى نرى شيئاً غير مانرى.
-ثانياً وصل ضنك العيش بشعبنا مراحل ترى فيها اليوم الكرماء أبناء الأكرمين يتملّقون حوالة من المعارف الأقارب أو أي كريم مُحتمل يمكن أن يسنده. ذلك التجويع الممنهج والإهانة المستهدفة لأبناء شعبنا الكريم ليست إلا هادفة لأن يكفر الشعب الإرتري بغاياته الأسمى وهي العيش بكرامة في بلده حرّا ينعم بالأمان والمساواة والمسيرة الناجحة لبناء دولة ناجحة صديقة لجوارها والعالم. مثالية في الحفاظ على خيراتها الغزيرة محافظة على بيئتها الطبيعية راعية لصناعاتها الوطنية ، موقرة رغد العيش لمواطنيها وللجوار.
-الحريات هل رأيتهم منبراً صحفياً حرّاً في بلادي وبلادكم على مدار الأعوام الخمس وعشرين التي أمضيناها تحت علم إرتريا المدّعى؟ هل سمعتم (لا) واحدة حتى في إطار مبادئ الجبهة الشعبية بات صاحبها في منزله ليلةً واحدةً بعدها! من سمع أو رأى فليقل لي حتى أتجاوز شيئاً من مما أعاني من الخذلان الذي صنعت لنا تلك ال24مايو!! من يجرؤ اليوم في المبيت في قرية لا يعرفه ويؤمنه فيها أحد من عناصر الأمن المنتشرين في كل ركن وزاوية. حتى الضيف الذي يأتيك تسجّل كل تفاصيل هويته ومن أين أتى وإلى أين يتجه وكم يوماً سيمكثها معك ومن سيلتقي وما إلى ذلك من سخيف الأسئلة لابد أنّ تستجوبه من خلالها حتى تتمكّن من إستضافته وتقدّم التّقرير إلى الأمن في ساعة مبكّرة من يوم وصوله وإن لم تفعل فعليك ما على المتواطئ لتهديد الأمن العام من عقوبة . ينطبق ذلك حتّى في أحياء بعض المدن وفي كلّ الفنادق والإستراحات.
بالله عليك ، هل ترى أي من أسباب الحرية التي حلُمنا بها. وأين يقع الإستعمار مما نعيش. إن كنت لاتراه في كل يومياتك ويوميات أهلك عزيزي القارئ، لك أن تسأل ضميرك فيقيناً أنّك في إحدى مناطق الأمان التي لا نعلم. وكلّنا آذان صاغية لنعلم كيف أوجدتها.
-الإعتقالات، لا أودّ أن أوغل فيها بالرغم من أنّها أكثر الأمور التي يمكن أن نسرد، إلا أنّني أُحاول أن أجملها في أنّ من لم يعتقل ويربط (اُوتُّو) ويعلق (هيليكوبتر) ليل نهار فإنه معلق بكرامته ذليلاً في بيته مهاناً في حركته فاقداً لكل أسباب حياته مما يجعله يتساوى مع المعتقل في كل شيء ما عدا حجم السجن فذاك سجين في حفرة الموت تعذيبا وامتهانا وهذا أيضا سجين يضطر لصنع حفرة سجنه ليموت فيها بالأسباب ذاتها. إنها بالفعل انتكاسة بكل المقاييس لنضالات شعبنا على مدار الأعوام المريرة وصولا لنتيجة أمرّ. لعنة الله على تلك ال24 وما أتت به!!!
فحتى الحياة في عزلة في الدولة الفاشلة أصبحت جحيماً. لعن الله الدّولة التي تملك من العلاقات الدولية إلا مع من يطالبها بزجّ أبنائها في حروب بالوكالة . أما غير ذلك فأين العلاقات الدّولية المرجوة من نظام (نكسة 24 مايو) والذي يقود شعباً هو أول من مارس الديمقراطية في إفريقيا وهو الذي قيل عنه أنّه يحافظ على القانون ويلتزمه أكثر من أيّ من شعوب المنطقة بأسرها. اللّهم أغث شعبنا فلا ملجأ لنا اليوم إلّا إليك.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38097
تسميع رائع للتاريخ …. ولكن الرؤية عن المستقبل غائبة … هل تحكي لنا عن وضعك بعد 20 سنة؟؟؟؟؟؟
التجربة عندما تكون تبدو كامل الحقيقة و تجربة الثورة الإرتيرية الخالدة أتت بحقيقة واحدة هي تحرير الارض من الاستعمار البغيض و الذي أذل الشعب و نهب البلد و 25 مايو هو التجسيد لكل ما ذكر .
أما الحديث عن تجربة الدولة و التي لابد ان تكتمل بحرية و تنمية ارتريا و الانسان الارتري فنحن هنا نتحدث عن مسيرة اخري علي الناس الان تحمل مسئوليتها كما فعل الاخوة و الاباء و اخيرا نعم هي الحرية .
مقال رائع يحوى حقائق وطن تقوده عصابه كاهله فاشله بقيادة رجل متأمر وحاقد على شعب اواه وإحتضنه بل وأحسن إليه. ان المدعو اسياس ال زفت الكلام عنه لأي فيد ولايجدى والسؤال الحقيقى ماذا نحن فاعلون وأن لم نفعل شيء سوف يظهر مشروعه التآمر 2017كما ذكر أحد قدامى المناضلين
كلام رائع وجميل لمن يفهم
كلام في الصميم… سرد واقعنا بعناية فائقة… لكن هذا الواقع في رايي يحفزنا على العمل من اجل استرداد هذا الوطن من هذه الايادي العابثة …
هذا الواقع المؤلم لا يجعلنا نلعن الرابع والعشرين من مايو… بل يدفعنا الى استكمال الاستقلال بتحرير الانسان الارتري وبناء دولة العدل والقانون.
مقال رائع …. والو خيرت أن اختار عنوانا لهذا المقال لأخترت …… لعنة الله على ما أتت به ال24!!!