هـل حقا سـتعود شـجـرة العـز والكـرامة خضـراء كسـابق عهـدهـا .!!
جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم
يحكى .. نعم يحكى وقصتنـا واقعية ومن صميم حياتنا المعاشـة، تحكى الأيـام ان شـجـرة كـريمة كانـت تـرمى بظـلالهـا المتـرامية وغصونهـا المخضـرة فى داخـل دار متسـع مثل اتسـاع صـدر مالكه الـذى كان مقصـد الضيوف العابـرون والسـاكنون وكل من يمـر بتلك المـدينة الحـدودية، كان اسـمه معـروفـا لـدى كل القادمين مـن شـرق المـدينة الحـدودية، كانـت ألسـنتنا لا تتوقف عن تـرديـد الـدعاء له فاللـرجل ديـن فى أعناقنا لأنه كان أبـا للكثـرة الشـابة، وأخا لآباؤنـا وكبارنـا، ومصلحا وطنيـا وشـيخا كـريمـا .. كان بشـوشـا يسـتقبلنا ويسـتقبلهم بوجه بشـوش ويقضى حاجاتنا وحاجاتهم بنفـس رضية، كان اٍسـمه رديفـا لاٍسـم الوجهة التى نأتى منها ويأتون .. كان كـريما مثل كـرم النفـس للنفـس، وكانـت شـجـرة الـدار تماثل الـرجل الكـريم فى معظم أفعاله، كيف لا وهـو الـذى غـرسـهـا ذات صبح جميل فى موضعهـا العلم هـذا ـ لتكون رمـز عـز لنـا منـذ فجـر خمسـينيـات القـرن المنصـرم، غـرسـها الشـيخ راضيـا لتكون دليـلا لنا ولكل القادمين من شـرق المـدينة الحـدودية أو المتجهون نحـو الشـرق ثانية .. كانـت جـذورهـا ضاربة فى اعمـاق الأرض وجـزعهـا العـريض متكئـا لمـن عجـزت أرجله عن مواصلة المسـيـر او مهبطـا له اذا خارت عـن حمـل جسـمه العليل، كانت باثقة، مورقة، عالية رغم اتسـاع فـروعها التى ظللت مسـاحة الـدار وجـزءا من منازل الجار والشـارع العام، كانت عالية تـرى من اطـراف المـدينة كأنها تشـيـر نحو الطـريق المؤدى الى الـدار العامـر .. وفى زمن لاحق غابت الاشـياء الجميلة .. تبـدلت الاسـماء واختلفت الافعال .. غاصت المـراكب .. تباعـدت المسـافات .. أنكـرت الارض خضـرتها والبحـر صفاء مياهه، لكـن الشـيخ الجليل والشـجـرة الكـريمة لم يبـدلوا الموال أو يغيـروا الأفعـال، وفى مسـاء يوم أغبـر غاب الشـيخ الجليل من غيـر وداع .. لم يعـد من رحلة الاسـتشـفاء التى كانت الاولى والأخيـرة عبـر رحلة عمـره المـديـد .. مضى الشـيخ وبقت آثاره الثابتة ومن ضمنها الشـجـرة الكـريمة والـدار العامـر والنسـل الطيب، ظل الأبناء حـريصون على اسـتمـرار تكية الشـيخ وسـمعته العطـرة وكـذلك الحـرص على شـموخ شـجـرة الكـرم والعـز الكـرامة، مؤكـدين بـذلك منطوق أمثال أهلنا فى مصـر ,, أللى خلف ماماتـشي ،، .. مضى الشـيخ الطيب وبقـت أفعاله بفضل الخلف الصالح الـذى حافظ على الموروث الجميل، ولـكن أبت الأيـام اسـتمـرار الفضيلة كمـا أنكـر الليل على الصبح ضياءه الوضاح .. مضى الابن البكـر .. مضى القائـد مغـدورا به مثلما حـدث لعشـرات الفتيان الأشـاوس، كما التحق به أخاه الشـهم الـذى كان ضحية قلة الحيلة وضعف الأهـل، ذهب مهموما مقهورا حـيث لم تطال يـده عنق الغادر الـذى تبختـر مغـرورا بفعلته تلك ـ بل بأفعاله الغادرة والمتكـررة، ومازال يفعل وقـد يظل كـذلك اذا اسـتمـر ضعف القوم وشـتاتهم، غاب سـيـدنا محمـد دايـر تكـروراي ثم تلاه الشـيوخ الأشـاوس حاملى كل الحـروف المضيئة تباعا …… ألخ، كما هاجر الأبنـاء مثلما هاجـرت معظم الطيور الفعالة، فلم تتمكن الشـجـرة الكـريمة مواصلة الـرحلة بعـد انفضاض الجمع، تهاوت الكـريمة غضبى وحل مكانها مالا يملك ظلا او كـرما، انه اليأس القاتل الـذى لا يقتل الآ بتنادى الجمع المسـئول عن غـرس الأشـجار الكـريمة ورعايتها.
هـذا ماكان منـذ الأنفضاض الأكبـر والهجـرة الجماعية، ولـكن الآن يـرى فى الاٍفق ظلال عـزنـا مقبـلا متكاسـلا، يـرى طيف الـزراع وحملة معاول الخيـر يقتـربون جماعات تلى الجماعات ، نـراهم رؤية العـين يتقاطـرون تباعا، هاهم يأتون ـ يتقـدمهم ضوء خيـر يبـدد الظلم والظـلام آمـرا القوم بالجمع، ضوء ناطق بلغة الضاد ولهجات العجم، ضوء يـدعو الى التسامح والتآخى، كما نسـمع أصواتا تـردد صـدى الضوء وفأله الحسـن، فهل هـذا يعنى ان الاشـجار الخضـراء سـتنبت فى أرضنـا اليباب من جـديـد، وان الشـجـرة الكـريمة سـتنتقل من حال الى حال، أم ان طيـر الميامن صار يضلل أتباعه ومـريـديه وان مايـرونه العطشى ,, سـراب،، فى مسـاحات الصحـراء.
كم نود عودة الطيور المهاجـرة الى عشـها الوطنى حتى نضمن عودة أيام مجـدنا عجلى، وكم نود ان تمطـر سـماؤنـا من جـديـد ـ لكـننا نعلم ان التمنى لا يحقق شـيئـا مالم يتبعه عمل متقن، وايـدى تعمل، وعقول تفكـر، وجمع مؤثـر، بالاضافة الى الغاء ممارسـة الحجـر والاقصاء، أيضا الحـذر كل الحـذر ان لا يخـرج بعضنا عن المظلة فيـدخل الخيمة هواء فاسـد ويعود موال سـبق ان قيـد تحـركنا، عنـدئـذ سـيـرتوون العطشى من غيـر شـربة ماء، وتشـبع عيون الجوعى قبل بطونهم ، وسـتنبـت الشـجـرة الكـريمة المضيافة من جـديـد، وكـذلك سـتفعل بقية الأشـجار مقـررة العودة الى سـابق عهـدها.
التحية للمجتمعون فى ثـرى السـودان الحـبيب مع تمنياتنـا لهم بالفأل الحسـن، هـذا اذا أحسـنوا التـدبيـر وأسـموا الاشـياء بأسـمائها بعيـدا عن المـزايـدات وتـزكية النفوس والمـداورة واللعـب على الـذقون، أما اذا رفضت كـريت الـرجوع الى البـيت فهـذه المـرة سـوف لا تعاد الكـرّة حميـدة مثل كل مـرّة، وكل سـيأتى داره بمجهوده التجانسـى ـ واسـعا كان ام ضيقا ومن أقصـر الطـرق .. والجمع افضل من الفـرقة اذا كان ميـزانه عادلا .. وياغـريب يـلا لبلـدك .. أخيـرا وليـس آخـر التحية والأجـلال لجماعة مبادرة،، التى ناضلت فأحسـنت النضال، ثم غيـرت اسـلوب نضالها لتتمكن من مضاعفتة بمـرونة عالية، ياحبـذا لو اسـتفـدنا من هـذه التجـربة .. والسـلام لا الاٍسـتسـلام ختام، واننا ان شـاء ألله فى درب الوحـدة والعـدل والسـلام ماضون.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6258
أحدث النعليقات