هقدف المتهالك ينتظر هتافات غضب الشعب
لقد تابعنا وككل البشر في العالم يوم الغضب في مصر كيف عبر شعب مصر وبالذات الشباب عن استيائهم من النظام في مصر الذي استمر يحكم البلاد لمدة ثلاثين عاما ولم يقدم للشباب ولشعب مصر أي شيء يذكر، وزمام الأمور بيد الحزب الحاكم وثروات البلاد تركزت بيد الشلة التي تحكم وأمور المعيشة الحياتية
تتجه نحو الحضيض والحريات العامة تنسد أكثر فأكثر والتزوير للانتخابات ومنع الأحزاب في المشاركة الحقيقية في صنع الحياة في مصر وملاحقة كل من يتجرأ على هتك أسرار النظام بالاعتقالات التعسفية وتسليط البلطجية وكل تلك أدت في النهاية إلى الغليان والنزول إلى الشارع للتعبير عنها دون حساب لما يمكن أن تقدم عليه الحكومة المصرية .
نعم المصريون اتخذوا من الشعب التونسي نموذجا لان الأحوال متطابقة إلى حد ما والخلاص من الطاعة العمياء والعيش في الظروف الغامضة أصبح مطلب شعبي .
نحن في ارتريا أينما كنا لنرى في نظام هقدف الذي تربع على السلطة من غير دستور ولا قانون قيل عنها حكومة مؤقتة وحكموا عليها بأنفسهم مؤبدة قيل لنا سيكون دستور للبلاد ولكن الدستور بالرغم من انه لم يكن يرقى إلى مستوى طموحاتنا ولكن هو الآخر تم دفنه في أعماق النسيان وعدونا بأن البلاد ستكون سنغافورة أفريقيا في الرفاهية والغنى والصناعات ولم نرى سوى الفقر والجوع والبؤس والجهل .
وعود بأن البلاد ستكون من أفضل الدول في المنطقة تعتمد على نفسها وتحقق الاكتفاء الذاتي وبدلا من ذلك دخلنا في حرب حدودية أكلت خيرة شبابنا وتركت الباقين بين معوق ومشرد ودمرت الاقتصاد المتهالك.
شعبنا مع كل احتفال بعيد الاستقلال يتطلع إلى خطاب افورقي ماذا سيحمل من المفاجاءت والتباشير وما أن يسمع الخطاب إلا ويصاب بخيبة أمل عندما يقوم الرئيس بتقديم الوعودات ويربطها بالمطر تنزل من السماء .
شعبنا كان يتطلع إلى أن تكون لإرتريا علاقات متميزة مع دول الجوار والعالم ليستفيد من هذه العلاقات في خلق فرص عمل إما بتصدير العمالة الارترية أو بجلب المشاريع الاقتصادية إلى ارض الوطن من اجل أن يزدهر اقتصاد البلاد وخلق فرص لتدريب العمالة الوطنية .
ولكن نظام هقدف يشتغل فقط بمراقبة الشعب حتى عد أنفاسه حرصا على بقائه في السلطة أكثر من التفاني في خدمة الشعب إلى درجة جعل الثقة مفقودة بين الأب وأبيه والزوج وزوجته .
لقد تابعنا جميعا لعدة زيارات قام بها اسياس لعدد من الدول ومنها ايطاليا واليمن ومصر ودول الخليج يوقع على العديد من الاتفاقات ومنها دخول الشركات من تلك الدول للاستثمار ولكنها تبقى حبيسة الأوراق دون أن ترى النور وأحيانا تكون من برتوكولات الزيارة لان في ارتريا ليس هناك مناخ يسمح بذلك لا قوانين اقتصادية ولا استقرار للنظام لأنه يقف على أرضية غير شرعية حيث لا يحمل تفويضا من الشعب حتى ولو بالتزوير كما هو حاصل لدى العديد من حكومات العالم الثالث ليس هناك دستور للبلاد يحدد مهام ووظائف الحكومة بمعنى اصح ليست هناك دولة بمعنى الكلمة.
لقد تطلع شعبنا لكي تتاح له فرصة ليشتغل في المجالات الزراعية والتجارية في البلاد ولكن حتى هذا منع عن شعبنا من خلال إصدار مراسيم تضيق الخناق من خلال تشديد إجراءات الحصول على الترخيص او بفرض الضرائب الثقيلة التي جعلت التجار يقفون على قارعة الطريق بعيدا عن النشاط التجاري وذلك كله بهدف جعل السوق حكر على شركات النظام .
إن شعبنا تطلع إلى قيام دولة ترعى أبناؤه وتوفر لهم سبل التعليم والتدريب من خلال بناء الجامعات في كل المحافظات الذي يؤهلهم ليعيشوا حياة كريمة وكغيرهم من أبناء الشعوب الأخرى ولكن نظام هقدف بدلا من ذلك ساق شبابنا نحو ميادين التدريب القتالي تحت ذريعة الخدمة الوطنية وراح من شبابنا أحلى أيام عمرهم التي من الممكن أن ينتجوا فيها اقتصاديا أو يحصلون فيها على أعلى درجات التعليم وصاروا الآن عالة على ذويهم لا يستطيعون حتى من الزواج وبناء الحياة الأسرية .
حتى وان ضاقت عليهم في الوطن لا تتاح لهم فرصة الخروج والسفر إلى الخارج وذلك كله تضييق مقصود حيث وضعت قيود على خروج الشباب وسفرهم الى الخارج للتعليم أو العمل .
أما أبناء قيادات النظام فإنهم يتمتعون بكل المزايا ويسرحون ويمرحون في البلاد كيفما شاءوا ويقضون إجازاتهم في السياحة الخارجية وهناك عدد من الوزراء عائلاتهم تعيش في الخارج وآخر أسرة هي عائلة وزير الإعلام علي عبده.
إن شعبنا قد تطلع إلى أن يجد خدمات صحية وتعليمية وطرق معبدة ومياه شرب نقية في ظل دولته الفتية ولكنه لم يجد من نظام هقدف إلا الحثالة فتجد شعبنا يخرج إلى السودان طلبا للعلاج ، والتعليم يشهد أسوء حالاته في البلاد والطلبة في المدارس بدون كتب ولم توفر الحكومة المعلمين المؤهلين ونظرا لصعوبة الحياة المعيشية فقد اتجه العديد من أبناءنا للبحث عن لقمة العيش لكي يحافظوا على حياتهم والمنح التي تعطى لإرتريا كمساعدات من الدول تعطى لأبناء هقدف .
أكثر مما سبق فشعبنا قد تطلع إلى الاستقلال لأنه عشق الحرية وأبى على المستعمرين إلا أن يكون عزيزا ولا يرضى بالاهانة والذلة فثورة شعبنا لم تكن من اجل إقامة دولة لمجرد أن يحمل جواز سفرها أو يكون له علما بين الأمم يعلق على مقرالامم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو لتكون له دولة للانتماء بدون استحقاقات أو تكون دولة فقط تقيم الجسور وترصف الطرق فالمستعمر الايطالي قد جعل من ارتريا روما إفريقيا ولكن شعبنا رفض كل ذلك لأنه عشق الحرية ولو كنا قبلنا بهيلاسلاسي لجعل من بلادنا جنة أيضا ولكن شعبنا أراد كرامته ودفع لذلك الثمن غاليا .
وفعلا تلك الدماء والأرواح التي راحت هي من اجل الكرامة والعزة والحرية والعدل ، فأين نظام هقدف من هذه المفردات فالمواطن الارتري في الداخل والخارج مهان من خلال التعامل الفظ الذي يقابل به ، ذليل من خلال عدم إعارة شانه أية أهمية ودائما عندما يتقدم بطلباته في شانه العام يسمع الإجابة عندنا ما هو أهم من ذلك ، إنني أتساءل ما هي وظيفة أي حكومة في العالم إن لم يكن المواطن هو محل اهتمامها وإذا أردت أن تحكم على أية دولة نجاحها من فشلها فانظر إلى المواطن ووضعه الاجتماعي والاقتصادي ومدى رضائه .
وأين العدل في حكومة هقدف وكيف يتأتى العدل بدون وجود مقوماته وهي الدستور والقوانين وإرادة الشعب المتمثلة في برلمانه ووجود القضاء المستقل الذي يفصل بين الشعب والحكومة في حالة حدوث التظلم باعتبار الحكومة كيان اعتباري ووجود الصحافة السلطة الرابعة التي تسلط الضوء على الحياة العامة وأداء الحكومة حتى يقف الشعب على حقيقة ما يجري بحيث يتمكن من محاسبة الحكومة ويسقطها متى ما أحس أنها عاجزة عن تحقيق رغباته .
كيف يمكن أن يقوم عدل إذا كان رأس النظام هو من بيده مقاليد الأمور ومستحوذ على كل السلطات ومن مكتبه تدار كل شئون الوزارات وحال الوزراء فقط مهمتهم تلقى التعليمات والتنفيذ ، كيف يمكن أن يكون عدل إذ لا احد من الحاشية يجرؤ على مخالفة رأي اسياس فقد رأينا بان السجون في ارتريا قد ملئت بكل من خالفه الرأي حتى ولو كانوا من المقربين منه .
إنني أتساءل أين موقف الشعب من كل ما يجري في البلاد ، اسياس لا يدري إلى أين هو ذاهب وشعبنا مغيب تماما عن شان بلاده بقصد لان الحكم صار احتكار بيد اسياس وشلته .
اسياس وفي حديثه عام 87م كان يتحدث عن مستقبل الثورة الارترية وكان يؤكد على انتصارها ومن العوامل التي بني عليها حتمية الانتصار هي أن منجستو نظام عسكري شمولي ديكتاتوري ونحن نحمل مبادئ الديمقراطية ونؤمن بان الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه ولكنه الآن يتحدث وبتبجح إلى كل وسائل الإعلام في العالم بان بين الديمقراطية وشعبنا قرون .
إنني ادعوا شعبنا الارتري وبالذات الشباب في الداخل والمهجر إلى انه قد حان الآن أن نسمع صوت الشعب المجلجل لاسياس المتهالك فلقد وصل إلى مرحلة الإفلاس واليأس وليس لديه ما يقدمه لأنه فشل في إدارة البلاد وأكد عجزه تماما من خلال عدم قدرته على تقديم رؤية إستراتيجية تمكن الارتريين من بناء وطنهم وتؤكد الأوضاع على الأرض بأنه قد وصل إلى حالة لا يقوى فيها الحفاظ على نظامه.
الجنرالات يتهافتون على بناء مستقبل أبنائهم من خلال نهب ثروات الشعب وتشغيل الشباب سخرة في مزارعهم الخاصة والعمل في التجارة من خلال واجهات متعددة لان لديهم إحساس بان بقاءهم أصبح بعدد الشهور وان تشاءمنا فلن يطول عن عام بالمعطيات الواقعية .
ليست هناك حكومة في ارتريا تحيط بكل ما يجري في البلاد بل هناك عصابة أمنية برئاسة اسياس هي التي تلاحق وتتابع كل من يقع عليه شك من خطورته على النظام وهدفها فقط إطالة عمر بقاء اسياس وحاشيته على السلطة وذلك لحماية أنفسهم.
الفوضى صارت هي السمة الغالبة والرشوة صارت على المكشوف بعد أن صار الموظفون متيقنين بان ليس في الأفق أمل في زيادة مرتباتهم فلجئوا إلى الرشوة والغش من اجل أن يعيشوا لأن المرتب لا يكفي لسداد إيجار الغرفة الواحدة والمعلمون في المدارس صاروا يعتمدون على الأهالي في توفير المأكل والمشرب .
المرضى لا يجدون العلاج بينما المرضى من أركان النظام وزبانيته يأتون إلى السعودية ودول الخليج ودول أخرى يتلقون فيها العلاج .
وكما يؤكد الخبراء في الإدارة العامة فان انحدار الدول ووصولها إلى السقوط يكتمل خلال عشرون عاما إن لم تتدارك الحكومة نفسها من خلال إشراك الكفاءات من أهل البلاد من اجل الحيلولة دون السقوط إلى الهاوية واسياس افورقي كلعبة الشطرنج يحرك من حوله من الرجال كالدمى تماما ويغيرهم من وزارة إلى أخرى لكنهم لا يفلحون .
لقد اكتملت كل ما يمكن أن يحرك شعبنا تماما كما تحرك شعب تونس ومصر وألان جاء الدور علينا فلنتحرك صوب التغيير في بلادنا فنحن الشعوب احرص على بلادنا من اسياس وزمرته ولنتحرر من الخوف الذي لا يمكن معه أن تتغير أحوالنا وأوضاعنا إلى الأحسن فلنحث الخطى نحو صناعة حياة نستحقها ولنقل جميعا لاسياس حياة بمواصفاتك ومقاساتك لا نريدها .
وحدة شعبنا وأرضنا وكرامتنا واستقلالنا نحن اقدر على حمايته من اسياس وزمرته، والوطنية تبقى بعيدة عن المزايدات فالوطن وشرف النضال واستحقاقاته يفهمها شعبنا أكثر من اسياس وحاشيته، لان الشعب هو من دفع الثمن ليكون الوطن حرا مستقلا ، فالي تفجير الغضب وليمضي زلزال الشعب من خلال الإعتصامات والإضرابات في وسط الطلاب والعمال في الداخل وعلينا نحن في الخارج أن نوقف دفع الضرائب إذا لم يستحب النظام لرغبات الشعب في إجراء التغييرات وليستمر الزلزال حتى يصل إلى سدة حكم اسياس ويجعله يتهاوى صريعا وعلى أنقاضه نبني ارتريا بدستورها وبرلمانها وقضائها وننعم بالحرية التي وهبنا الله إياها فالحرية فعلا غالية وتستحق الثمن مهما كان .
أبو عبدالرحمن الجبرتي
السبت الموافق 29/1/2011م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10496
أحدث النعليقات