هكذا قتلت الأيدي الآثمة نبض الحياة في دقى اتأتبا
بقلم / حامد محمد
في مثل هذا اليوم التاسع والعشرين من سبتمبر عام 1971م أي أن هذا اليوم يصادف الذكرى الثلاثة والثلاثون عام لتلك المجزرة .
يعود تاريخ " دقى اتأتبا " إلى عهد قديم أو تحديداً إلى العهد التركي حيث كانت عائلة كنتباي التي تحكم بيت أسقدى من اشهر الأسر في المنطقة . وقد انقسمت تلك الأسر على ثلاثة أقسام الأولى أقامت في نقفه وكان يحكمها بحر نقاش إزاز، والثانية أقامت في افعبت وكان يحكمها كنتيباى قرينت ، والثالثة أقامت في وادي عنسبا بدق اتأتبا وكان يحكمها كنتيباي تيدروس وقد توا رثت هؤلاء النظارة كل في منطقته أباً عن جد حتى جاءت النظارة في منطقة عد تكليس إلى الشيخ محمود محمد نصر الدين الذي في عهده ارتكبت هذه المجزرة .
لقد ارتكب الاستعمار البغيض جرائم بحق الشعب الإرتري طول ثلاثون عاما لا حسر لها على الإطلاق حيث أن هناك أسماء شهيرة لقرى وبلدات إرترية قتل فيها المئات بل الآلاف من أبناء شعبنا الأبرياء فعندما نتحدث عن المجازر في إرتريا هناك أسماء تخطر ببالنا من بينها عونا ، وعد إبراهيم ، وحرقيقو ، وامبيرمي ، وبسقديرا ، وأم حجر ، وعقردات ، وحبوب ، وشبّح ، وقدقد ، وعد أُكد ، وشَعب ، وغيرها من المجازر الشهيرة . ولكن هناك قرى وبلدات أخرى شهدت مجازر وإبادة جماعية ولم تجد حظها من التوثيق والتسجيل ومن بين هذه بلدة دقى اتأتبا بوادي عنسبا .
فإليكم وقائع هذه المذبة البشعة المكان ، دق اتأتبا الزمان عام 1971م
تقع دقى اتأتبا في وسط مديرية هبرو الحالية بإقليم عنسبا بالقرب من ضفاف نهر عنسبا الذي ينبع من المرتفعات الإرترية .
كانت دقى اتأتبا من أكبر التجمعات السكانية في تلك الفترة وكانت المباني تتكون من الغرف المبنية من الجالوس والغالبية العظمى كانت تتكون من القطا طي ، كما كانت توجد بها بعض المساجد والخلاوي القرآنية التي تقام فيها المناسبات الدينية . ونسبة لأن المنطقة كانت محاطة بأراضي زراعية شاسعة كان السكان يعتمدون في معييتهم على الزراعة في موسم الأمطار إلى جانب حرفة الرعي لأنهم كانوا يمتلكون عدد كبر من البقر ، والأغنام ، والإبل .
في منتصف شهر سبتمبر من عام 1971م كان هناك معارك دائرة بين مقاتلي جبهة التحرير الإرترية وجيش العدو الأثيوبي البغيض في منطقة "هبرو طليم" بالقرب من دقى اتأتبا ولكن وبعد صمود المقاتلين الإرتريين لمدة ثلاثة أيام أمام قوات العدو المدججة بأحدث الأسلحة بدءوا المناضلين الإرتريين بل انسحاب بعض وصول قوات إضافية من الجيش الأثيوبي من مدينة أفعبت ، أن سحبُ المقاتلين الإرتريين من ساحة المعركة ودخلوا قرية دقىاتأتبا وأثناء تواجد المقاتلين الإرتري في القرية وتزودهم بالماء والطعام لحق بهم الجيش الأثيوبي وكان ذلك في 29/9/1974م حيث أطلقت قوات الجبهة النار على الجيش الأثيوبي من داخل القرية لردعهم عن القرية وفي هذه الأثناء قام الجيش الأثيوبي بإطلاق النار على السكان العزل من شيوخ ونساء وأطفال وإحراق المنازل فوق رؤوس قاطنيها ، وهكذا تم إبادة القرية عن بكرة أبيها ولم ينجي إلى القليل من سكان قرية دقى اتأتبا الذين أصبحوا جثثا هامدة بعد ان تناثرت أشلاؤهم هنا وهناك ولم تستثني من هذه الجريمة النكراء حتى البهائم .
وبعد ساعات قلائل من المذبحة وصل إلي القرية أفراد من قوات التحرير الشعبية ومن بينهم المناضل موسى رابعى حيث قاموا بتضميد الجرحى وتسجيل الشهداء ودفنهم مع أفراد من الشعب . وقد أصدرت قوات التحرير الشعبية الأمانة العامة بيان خاص بالمذبحة كغيرها من المذابح التي ارتكبت بحق شعبنا . ولكن هذه المذابح هنا وهناك لم ولن تنال من عزيمة وإسرار شعبنا من اجل انتزاع حقه المسلوب في أن يعيش حرا كريما كغيره من الشعوب التي نالت استقلالها وأكدت سيادتها على ترابها الوطني .
لقد بلغ شهداء هذه المذبحة "69" تسعة وسين شهيداً في الحال وثلاثة وعشرون جرحا استشهد منهم لاحقا "17" سبعة عشرة متأثرين بجراحهم ليرتفع عدد الشهداء إلى"86 " ستة وثمانون شهيد وباقي الجرحى وهم "6" ستة أشخاص مازالوا على قيد الحياة إلى يومنا هذا " أمد الله أعمارهم " ومن بينهم امرأة فقدت ساقيها .
وهكذا تم تدمير المنطقة تماما وأصبحت كل هشيم بعد إن كانت تنبض بحياة يسودها الأمن والاستقرار، وكان أهالي دقى اتأتبا يتأهبون في ذلك الوقت لإدخال محصولهم الزراعي الوفير، وكانت المناطق الزراعية حول القرية قد اكتست حلة زاهية بقناديل الذرة والدخن، وكانت المراعي قد اخضرت بفعل الأمطار الغزيرة التي هطلت في ذلك العام، ولكن سكان دقى اتأبا لم يهنئوا بمحصولهم الوفير فلقد حصدت أرواحهم رصاصات العضو الغاشم قبل ان يحصدوا ثمار جهدهم وكدهم. وهكذا لم يأكل أهل دقى اتأتبا من زرعهم ولم يشربوا من ضرع ما شيتهم التي امتلأت لبنا نتيجة العشب الوفير في ذلك العام بسبب تلك العملية البربرية التي قام بها الجيش الأثيوبي ضمن سلسلة أحلام نظام الإمبراطور هيل سيلاسى الكهنوتي أنه وبارتكاب تلك الجرائم الفظيعة تحت شعار "نريد الأرض وليس شعبها" و "إذا أردت قتل السمك عليك بتجفيف البحر" . ولكن كل هذا الأراجيف لم تصمد أمام إرادة شعبنا في أن تذاع حقه المشروع في تقرير مسيره وإقامة دولته المستقلة حتى ترفرف رايتها في ربوع هذا الوطن الغالي الذي دفعنا من أجله العديد من الشهداء من خير أبناء وبنات هذا الشعب الذي لا يرضى الذل والهوان.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8658
أحدث النعليقات