هل “سقطت” فعلاً
هالني مشهد قسوة الأجهزة الأمنية السودانية في معالجتها الأخيرة لملف اللاجئين، والتي لا تتفق مع مباديء وروح الثورة التي تعاطف معها العالم باعتبارها حراك شعبي ضد الظلم والاستبداد.
صحيح .. تنظيم الوجود الأجنبي حق سيادي لكل بلد، على أن يتم وفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحفظ كرامة الإنسان وأدميته.
ما شاهدناه في الأيام الماضية أقل ما يقال عنه استعراض عضلات “دنكشوتية” ضد فئة مسحوقة من البشر تلاعبت بها الأقدار حتى غادرت أوطانها لأسباب ذاتية وأخرى قهرية.
الحملات الشعواء استهدفت تحديداً الارتريين الذين مر على وجودهم أكثر من أربعة عقود أو يزيد، إلى جانب السوريين والأثيوبيين الذين يعملون بجهد لتأمين قوت يومها وحقق بعضهم نجاحات ملحوظة في مجال المال والأعمال، ما تولد داخل السوداني العادي الغل والحسد، وانعكس بدوره على النخب من أصحاب القرار.
ندين ونشجب تصرفات الأجهزة السودانية بحق اللاجئين، كما استنكرنا من قبل عمليات الاغتصاب والتعذيب والاتجار بالبشر من قبل العصابات الاجرامية المنفلتة في ليبيا ضد المهاجرين وجلهم من السودانيين، ولا تؤخذ نفس بذنب غيرها خصوصا اذا كان ها الغير ضحية تتجاذبه الأخطار من كل جهة.
مواقف الحكومات السودانية من قضايا اللاجئين والمستضعفين جلية ومعروفة مهما تبدلت الشخوص، ولكن ما يدعو الاستغراب والأسف هو صمت قوى إعلان الحرية والتغيير “قحت” وكذلك منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والنخب المتنفذة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها في سعيها لاسقاط نظام البشير المهتري وقد تعاطفنا مع الحراك كشعوب تواقة للحرية والعدالة الاجتماعية حتى سقط النظام صوريا فيما بقيت جذوره تنمو وتعمل في صمت من خلال العسكرالذين يمثلون رأس السلطة.
خلاصة القول، السودان من أكثر دول العالم فقرا نتيجة الفساد الذي ينخر في جسده العليل رغم ثرواته الطبيعية وموارده البشرية الهائلة، حتى بات المواطن السوداني من أكثر الشعوب هجرة طلبا للعيش الكريم، فلا تكتثر أيها السوداني وجود أشخاص في بلادكم يجمع بينهم وبينكم حسن الجوار والعيش المشترك وروابط القربى والأسرة الواحدة، وعليكم عدم الانصياع لأصوات الشيفونية ضيقة الأفق التي تطلقها وترعاها الأنظمة الشمولية لاشغال الشعوب عن القضايا الجوهرية.
* موسى إدريس
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=44215
أحدث النعليقات