هل هي إشاعة من صناعة اسياس؟
كلنا فيما مضى من الأسابيع القريبة تعاملنا مع الإشاعة التي اكتسحت الشارع الارتري وهي تتعلق بمرض اسياس افورقي وفقدانه السيطرة على السلطة وما صاحب ذلك من حراك محموم مزعوم في وسط الجيش الارتري فيمن يخلف اسياس بعد وفاته الذي كان شبه مفروغ منه لاستعصاء المرض الذي باسياس على الأطباء الذين زارهم خارج ارتريا حسبما صاحب الإشاعة .
وأنا لست مقتنع بان الحكاية كما سماها المذيع الذي اجري المقابلة مع اسياس هي إشاعة من صناعة اسياس وجماعته وأميل إلى القول بان الإشاعة يكون مصدرها جهات أخرى في داخل نظام اسياس وهذا هو مبعث الغموض وتشتت الآراء حول الحكاية والاختلاف في تحديد مرامي وأهداف الحكاية .
وقبل الاسترسال في الموضوع أحب أن أقول بان الوضع في ارتريا قد وصل إلى مرحلة ميئوس منها ورجالات النظام أنفسهم قد وصلوا إلى نفق مسدود في الأفق ، ووضع الشعب الاقتصادي والتذمر المتنامي وما بدأت تبثه الفضائية الارترية بنفسها لبعض الشكاوى من المواطنين كمتنفس بدا يلقي بظلاله على السلطة القائمة وبمرور القوت ما عاد شعبنا يستسيغ مبرر الوياني ومشكلة الحدود كشماعة تعلق عليها كل مشاكل البلاد ، والهروب بالأعداد الهائلة المتنامي وسط الشباب والمخاطر التي اكتنفت اللاجئين من موت وضياع وسجون ومعتقلات في البلدان المجاورة وغيرها قد تحول إلى الأم وأحزان معاشة في أوساط شعبنا .
فمن الطبيعي في ظل هذه الأوضاع والغموض المتعمد الذي يقف وراء النظام والذي يلف بالوطن بان تظهر أشياء وتختفي معظمها ومتأكد بأنه بعد زوال النظام وسقوطه ستظهر بلاوي كانت مستخبية وسوف يعجز الإنسان عن تصديقها عندئذ
وبعد أن ظهر اسياس على الشاشة الارترية يوم 28/4/2012م وهو يكذب الإشاعة وهو من الدلائل التي تشير على أن الفبركة ليست من النظام نفسه لان المقابلة لم تكن مدبرة ومحبكة وكان الأجدر بان ينقل التلفزيون الارتري مشاهد حية لحياة الرئيس وهو يزاول أعماله على الطبيعة تكذيبا للإشاعة ثم إن ما ورد في المقابلة من كلام الرئيس لم تجد رضا من الجماهير التي استاءت من حديثه الذي برهن إلى أي درجة يعيش الطغيان في رأسه ، عاد الجميع إلى الحديث عن الإشاعة في حد ذاتها فمنهم من خلعها من رأسه ومنهم من ذهب بعيدا في التحليل ودراسة ما عرض على الشاشة من اجل الحكم عليها حتى لا تكون هي الأخرى أيضا فبركة فمنهم من اقتنع ومنهم من لا يزال يؤكد على الإشاعة بأنها الأقرب إلى الحقيقة ولكل حججه ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف صارت الأمور في الشارع الارتري جماهير ومعارضة .
المعارضة الارترية في معظمها تعاملت مع الشارع الارتري الذي تأثر بالإشاعة وصار بتناقلها عبر كل وسائل الاتصالات ولم يكن بإمكان المعارضة نفي الإشاعة أو إثباتها ولكن اختفاء اسياس عن مسرح الأحداث المتعمد إن جنحنا إلى أن الفبركة للعملية تمت من قبل مخابرات النظام. فالشارع في أي مكان يجبر أيا كان للتعامل معه فكان لابد لهذه التنظيمات أن تتعامل مع الشارع واتضح ذلك من خلال انتهاز الفرصة حيث أظهرت الجماهير حتى التي كانت محسوبة على النظام كرهها الشديد للنظام والمتمثل في رأسه اسياس ، واستغلت المعارضة الفرصة ووجدت أذنا صاغيا واستجابة وتجاوب من الشارع فخاطبت هذه الجماهير بما تريد أن يتم من الترتيبات ما بعد زوال النظام وأوضحت في بياناتها بان موت اسياس لا يغير من الوضع ولكن هدف المعارضة هو إسقاط النظام برمته مع الأخذ في الاعتبار بان تواري اسياس عن ممارسة السلطة سواء كان نهائيا بالموت أو عجزا لمرض سيسهل من عمل المعارضة لان في شخص اسياس كانت الحكومة مختزلة فهو المحرك الأساسي للعملية برمتها
فالشائعة بغض النظر إن كانت من كذبة ابريل أو من فبركة أي طرف فهي قد خدمت المعارضة من ناحية أن ما حدث في الدول المجاورة من تهاوي الطواغيت قد يحدث في أي حين في ارتريا أيضا لاسيما مع الوضع المتأزم أصلا بالداخل حيث شعبنا يشتكي من الغلاء الفاحش للسلع وندرتها وانعدام الأدوية وتعطل الكهرباء وشح البنزين والغاز وغلاء في الفحم والحطب فقد أفاقت المعارضة من غفوتها وتسعى الآن لمضاعفة جهودها لتكون مستعدة للعب دور ايجابي في أي لحظة يمكن أن يحدث فيها فراغ في ارتريا .
هل النظام استفاد من إطلاقه لهذه الإشاعة فرضا إذا صدقنا انه هو وراءها .
فالجماهير الارترية والتي وصلت في كرهها إلى درجة لا توصف وذلك بسبب فشل النظام في تحقيق ابسط متطلبات الحياة فإذا فرضنا أن الإشاعة كان الهدف منها هو تحييد هذه الجماهير من السماع لصوت المعارضة وعدم تصديقها فيما تقول فهذا لم يتحقق بالعكس نحن نعيش في وسط هذه الجماهير حتى الذين كانوا يقسمون بحياة النظام قد اقروا بان رحيل اسياس سيكون خير على ارتريا وقد تناولوه بالقدح والتجريح والسب والشتم إلى مالا نهاية متطلعين إلى وضع أفضل بعد رحيله
من ناحية أخرى عندما نتساءل لماذا النظام لجاء إلى نشر مثل هذه الإشاعة فلا يفهم منه إلا انه قد وجد الشارع الارتري قد تجاوب مع خطاب المعارضة وصارت حركتها تسير بوتيرة متسارعة وهذا طبعا يلحظه من يتابع الأحداث ويعود لجوءه إلى مثل هذه اللعبة التي يبرع هو في صناعتها وإدارتها منذ كانت الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا لأنه فعلا وصل إلى فشل ذريع في إدارة الدولة حيث تم عزلها عن محيطها القريب والبعيد ولم يتمكن من الوفاء بوعوده التي يكررها كل احتفال بأعياد الاستقلال وصار التذمر يسري في روح كل موظفي الدولة وحتى القطاعات العسكرية وصار واضحا تماما للجميع مدى المتعة والرفاهية التي يعيش عليها رجالات هقدف المقربين من اسياس ، فهو بلجوئه إلى مثل هذه الأباطيل يعلن عن فشله الذريع وخيبة أمله في كل المشاريع التي يسميها الإنمائية فأراد أن يشغل الجمهور الارتري لفترة من الوقت مع الإشاعة والجدل حولها وبالتالي يستفيد من الوقت ليطرح خدعة أخرى اكبر منها .
ويفهم من خلال لجوء النظام إلى مثل هذه الألاعيب عن مدى هشاشة النظام فمعلوم بان أي نظام ديكتاتوري عند حالة فقدان للشرعية وإحساسه بعدم قبوله لدى مواطنيه يلجا إلى التعامل معهم من خلال دس التهم وافتعال الأحداث بما فيها الدخول في حروب عبثية وذلك لشغل الناس بها حتى لا ينشغلوا به ، فهنا لابد من على كل الحادبين على الوطن من المضي قدما في إحلال التغيير وتحمل التبعات والتكاليف ولابد من تكثيف الجهود حتى لا يجد النظام متنفس يسترد من خلاله الروح ويستمر في تعذيب شعبنا.
ويفهم أيضا بان هذه الفبركة وتكذيبها لاحقا قد تكون مقدمة لاختفاء الرئيس طويلا وعندها سيكون الحديث عن غيابه تماما كما حدث حاليا وسيجد الكلام عن تعليل غياب اسياس عندئذ على انه مرض أو موت تهكما وازدراء من قبل من يسمعه فيعتقد بان الرئيس بحاجة إلى فترة طويلة للعلاج ويدرك جيدا بأنه كل شيء وبالتالي غيابه عن إدارة السلطة العليا للبلاد لفترة طويلة ربما هذا الغياب الطويل متى ما سرى إلى مناوئه في الخفاء تكون فرصة للانقضاض والسيطرة على السلطة وعليه يكون خطة للمستقبل وضعت بإحكام من قبل مخابراته الذي يعملون ليل نهار لحمايته ومن اجل بقائه .
ويبدوا لي أن من أهم الأسباب التي جعلت النظام يصطنع مثل هذه الفقاعات الاشاعية هو هروب العديد من ذوي المراتب والمناصب والذين كانوا يعملون في أماكن حساسة في الآونة الأخيرة والإفادات التي أدلوا بها للمواقع الارترية وإذاعات المعارضة من أسرار كانت مغيبة عن شعبنا كل ما ورد في تلك الإفادات يدين النظام على جرائمه ووضحت بان النظام في سبيل بقائه لا يتورع من ارتكاب أية حماقة حتى لو كانت على حساب التضحية بأعز الرفاق .
وهل وكما يقال ويتردد في الأوساط الارترية بان النظام ومخابراته لجأت إلى تفجير هذه الإشاعة الضخمة ونالت من رأس النظام بان الهدف هو غربلة من هم حول الرئيس من المخلصين والمنافقين ومن المتعاطفين مع مجموعة 15 ومن الذين ينتظرون ظهور أية فرصة للانقضاض على السلطة كل ذلك وارد طالما الحقيقة في كبد صاحبها ولكن هي محاولات للاقتراب من الحقيقة فكل تفسير قد يقترب منها بدرجة العمق في التحليل وحجم المعلومة القريبة والبعيدة منها
لكن مما يبدوا انه في الآونة الأخيرة نشط الشباب الارتري في كل شبر من العالم وحتى في الداخل في مقارعة النظام وإفشال العديد من مهرجاناته واجتماعاته ومعظم هؤلاء الشباب هم ممن كانوا في الخدمة القسرية للنظام وهؤلاء الشباب بحركتهم هذه أصبحوا خطرا عليه فلربما أراد أن يبعث برسائل كما كنا بالأمس نحن سنطال كل من يتحرك بالداخل والخارج وأراد أن يوضح لهم مقدرة المخابرات على فبركة الأحداث والتفنن في إخراج السيناريوهات
ولكني من الذين يجنحون إلى القول بان في داخل النظام وبالذات في مجموعة الصقور خلافات حادة ووجهات نظر مختلفة حول العديد من الملفات وأهمها الأوضاع المأساوية بالداخل وكيفية الخروج منها والعلاقة مع إثيوبيا لقطع الطريق على المعارضة التي صارت تزداد صحة وتجد قبولا في المجتمع الدولي ويمكن ذكر هنا زيارات الأمين العام للحزب الإسلامي في الوطن العربي وتركيا وما وجده من تفهم كبير لمطلب شعبنا وكذلك زيارة رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الارتري للتغيير الديمقراطي إلى فرنسا والاستقبال الرسمي له هناك وما قام به أعضاء المجلس من زيارات لهيئات ودول كل في منطقته ، بالتأكيد هذه الأحداث ليست مؤشر بسيط لمن يتعاطى في الشأن السياسي مع عمل مقارنة مع الأوضاع والظروف المشابهة التي تنتظم في محيطنا العربي بالتأكيد على النظام أن يعمل ألف حساب وملايين الحيل لإبطال مفعول الثورات العربية حتى لا تصل إليه وعليه أنا مطمئن جدا إلى التحليل الذي يستدعي وجود تنازع فيما بين القابضين على السلطة فكيف بالإمكان عبور المأزق بسلام وهذا إذا وضعنا في الاعتبار الأوضاع الأخيرة في السودان وتداعياتها على ارتريا
ماذا بعد هذه الإشاعة
تفاقمت الأوضاع في الداخل وتناقلت الأخبار بان حملات التجنيد مستمرة وجملة اعتقالات واسعة على طول البلاد هل هي نتاج لهذه الإشاعة أم غير ذلك الله اعلم
فإذا كان المقصود من نشر الشائعة هو التأثير على حركة المعارضة فهذا غير حاصل لأننا نشهد تحركا جيدا للمعارضة وقد استفادت من هذه الحادثة لكي تراجع خطواتها لكي تمضي أكثر عزيمة وإصرارا على التغيير مستفيدة من طبيعة الحدث وتداعياته
الجماهير الارترية وخاصة بالداخل صارت منشغلة في أمر الشائعة وتمادت أكثر في التنبيش في ما يدور بداخل النظام وقد أكد لي العديد ممن عادوا من ارتريا عن الوضع بالداخل لا يختلف عمن هم بالخارج فالكل صار يخمن بوجود شقاق غير ظاهر في داخل الطغمة الحاكمة ويقولون أيضا بأنه بالرغم من إخلاء قوات الدفاع الارترية من مداخل مكتب الرئيس إلا انه لا يزال حتى الآن بعض الطرق ممنوع ان يذهب منها المشاة وصارت تحرس من خلال رجال امن بزي مدني فهذه المظاهر الجديدة يقولون ليست من فراغ إنما بالتأكيد هناك شيء يدور في الخفاء إلى ماذا سينتهي هذا في بطن الأيام وستظهر عاجلا أو آجلا
أتباع النظام في الفترة الماضية انشغلوا بمرض سيدهم اسياس وصار هذا المرض سببا لكي يتحدثوا في المسائل الارترية برمتها وقد تفتحت أمامهم أمور كثيرة كانوا بسبب إعراضهم عن السماع والمتابعة غائبة عنهم وحتى لم يكن لديهم الاستعداد للولوج في الكلام عن الوضع الارتري والنظام ولكن الآن صاروا يتحدثون بملأ الفم عن الأوضاع الاقتصادية المأساوية والمتفاقمة والأمر انه يقابله عجز كلي من النظام ليس بمقدوره عمل شيء معين والمسالة الارترية في النهاية لا تعدوا أن تكون مشكلة سياسية في المقام الأول ومتى ما حلت المشكلة السياسية بعدها تأتي تباعا الحلول للمشاكل المتولدة عنها أصلا .
الحادثة أن قبلنا بتسميتها كذلك لكونها شغلت الناس فقد شدت اهتمام العديد من الارتريين الذي يحملون جنسيات أخرى وطال بهم المكث في بلاد الغربى وكانوا غارقين فقط في شئون حياتهم الأسرية الخاصة مع هذه الأحداث نالت ارتريا حظا وقدرا من اهتماماتهم وصاروا يتساءلون بلهفة عن الوضع ورغبتهم الأكيدة في العودة للوطن وأحسوا بان حنينهم للوطن تحرك في دواخلهم لان الذي كان قد أغلق كل المنافذ عن انطلاقها هو الكابوس والمتمثل في اسياس الذي يمثل وجهه تشاؤما ويأسا دائما .
وعلى إعلام المعارضة والذي بدا تأثيره على النظام عليه الاستمرار على نفس الوتيرة في فضح النظام وكشف مساوئه وسياساته الهدامة والتعسف والاستبداد الذي يمارسه على شعبنا بشتى الصور وعلى الإعلام المعارض أن يخاطب هذه الجماهير التي قد صحت تماما بالخطاب العقلاني المتمدن بما يتماشى مع التطور الذي بلغه الإنسان وان تكون اللغة التي تستخدم لغة متقدمة والخطاب ينبغي أن يتوجه على المستقبل القادم ولابد من ترسيخ فكر إمكانية التغيير وعدم استحالته ولابد من التصدي لإعلام النظام الذي افتضح أمره وانكشف أمام الارتريين بممارسته للتضليل وإخفاء الحقائق عن الجمهور الارتري والذي صار يتحدث عن أمريكا ودول مجاورة متغافلا عن ما يكابده شعبنا في لقمة عيشه ومصورا الوضع الداخلي بأنه الأفضل على مستوى العالم .
وهنا أتذكر عندما كنا صغارا وفي أيام هيلاسلاسي كانت أغاني تنال من الإمبراطور وتتحدث عن موته وقبره وهو حي على كرسي الحكم فاعتقد بان سريان الإشاعة بهذه السرعة وتمنى العديد من الارتريين وهم الغالبية العظمى الموت للرئيس مع انه لا ينبغي تمنى الموت حتى لمن تكرههم ولكن في اسياس كل الناس أرادوا أن يكون المرض الذي أصابه نهايته فيه فحقا فكما أن التفاؤل في أحاديث الناس يكون فتحا نحو مجيء الخير والسلام كذلك تشاؤم الشعوب أيضا يجلب المكروه فانا أرى أن هذه هي الأجواء بما حملته توحي بحدوث شيء في القريب العاجل جدا جدا .
المعارضة الارترية كيف تعاملت مع الحدث
في البداية أحب أن الفت نظر القاريْ الكريم بأنه لا يمكن وضع المعارضة في مقارنة مع النظام والتصور بأنه متساوية معه في إمكاناتها ومقدرتها هذا كما حاول بعض الكتاب مع احترامي لهم بتوجيه التهم إلى المعارضة والنيل منها وحاولوا محاسبتها على أنها لم تستطيع التأكد من صحة الخبر وأوغلوا في حديثهم قائلين بان المعارضة تكذب عندما تقول بان لديها نشاط بالداخل ماضين في قولهم بأنه لو كان لهذه التنظيمات وجود بالداخل لكانت قدرت في وقت وجيز جدا من نفي ا واثبات الإشاعة وما كانوا تركوا الجماهير تعيش القلق أو التفاؤل الجم في قرب الانفراج وان بياناتهم التي أصدروها تناولت ماذا سيكون بعد سقوط النظام .
مهلا يا إخواني يستحيل أولا وضع مقارنة بين الطرفين وذلك لفارق الإمكانات ولفارق الخبرات والمتمثلة في الكفاءات البشرية والمادة اسياس وحكومته يتحكمون بالبلاد لهم أكثر من عشرون عاما ومسيطرين سيطرة تامة على كل مقدرات البلاد وهم يأخذون ما يشاءون من الشعب تحت ذرائع مختلقة ومختلفة فإعلامهم يعد الأقوى بالمنطقة وهم ولمعرفتهم بدور الإعلام قد وضعوا جل قوتهم وإمكاناتهم فيه ويجدون تسخيرا جيدا من قبل دولة قطر ممثلة في قناة الجزيرة وبالتالي ليس بالإمكان وضع إعلام المعارضة في مقارنة مع إعلام النظام ومن ورائه المخابرات وإذا كان هذا من ناحية لكن ينبغي ألا نغفل بان الإعلام يحاول أن يصل إلى الحقيقة والبداية دائما تكون الإشاعة ومن ثم تتوالي التغطية حتى يتم الوصول إلى جوهر الشيء ثم انه ولعلم الجميع ليس هناك حقيقة مطلقة يمتلكها جهة معينة والكل يسعى أما الكذب واختلاق الأخبار فهو جزء مهم في المعركة مع الخصوم وحرب الإشاعة معروف بين الدول قديما وحديثا .
وفيما يتعلق باتهام المعارضة بأنه لا وجود لها بالداخل هذا محض افتراء لا يمكن الحكم عليه بمجرد حادثة كهذه لأنه لا يعني بالضرورة أن كل الموجودين بالداخل من أعضاء المعارضة هم على مقربة من الأحداث وبمقدورهم مد إخوتهم بالخارج بالحقائق وكان بالإمكان مطالبة المعارضة بذلك لو أن نشاطها أصلا بدء بالداخل ثم خرجت إلى خارج الوطن نسبة لمتغيرات سياسية وتسلط النظام هناك على معارضيه وعدم إتاحة المجال للممارسة السياسية الديمقراطية ، فالكل يعرف بان النظام الحالي دخل كتنظيم ثوري لوحده ولم يتيح المجال للتنظيمات التي كانت موجودة بالخارج للدخول بصفتها التنظيمية لأنه أنكرها تماما وسمح لقيادات تلك ا لتنظيمات ليدخلوا بصفتهم الفردية وهذا بالرغم من مطالبة التنظيمات للدخول للإسهام في بناء الوطن الذي هو بحاجة إلى سواعد بنيه في مرحلة جديدة هي البناء والتعمير والنهضة الاقتصادية.
فلو كانت المعارضة بدأت بالداخل وكانت لها مشاركة في الحكومة القائمة ولكن تم استبعادها بالتأكيد كما هو في باق الدول كان سيكون لها أناس في داخل الحكومة يمدون أحزابهم بالمعلومات من مصدرها ولكن استمرار التنظيمات بعد التحرير في الخارج للمطالبة بالتغيير ومقارعة السلطة الحاكمة من اجل إرساء الديمقراطية وتثبيت حق الجماهير في إعلاء صوتها وتلبية مطالبها يكون السبب الرئيس في شح المعلومات التي يتم الحصول عليها وعدم القدرة على البت في حقيقة ما يجري .
وإنني أتعجب من بعض الكتاب لا يجدون فرصة إلا انزلوا كل ملكاتهم الكتابية للنيل من التنظيمات السياسية ومطالبتها بأكبر من إمكاناتها وبدلا من ذلك أتوجه إلى هؤلاء لكي يدخلوا في إحدى هذه التنظيمات ليسهموا في تطويرها وتقويتها من خلال ما يتمتعون به من ثقافة سياسية واطلاع ومتابعة للتطورات الإقليمية والعالمية .
إن المطلوب في هذه الفترة هو تسخير كل طاقاتنا سواء تنظيمات أو أفراد من اجل كنس نظام اسياس برمته وهذا يعني أن ندعم كل تحرك حتى ولو كان بسيطا في جانب قوى المقاومة ومتى وجدنا خللا علينا أن نسعى الى تصويبه وتوجيه القائمين عليه بالأسلوب الايجابي البناء من اجل تنوير الجماهير وتبصيرها لما يمكن أن تسلكه ، أما تفريغ المقاومة من الدور الذي تقوم به والحكم عليها بعدم أهليتها مع عدم القدرة على تقديم الأسلوب الأمثل أو الجهة التي بإمكانها قيادة العمل التغييري فهو دوران في فراغ وخدمة للنظام ما بعدها من خدمة
ينبغي على الكتابات أن تعمل في توعية الجماهير الارترية لتكون في درب المقاومة وزرع الأمل في داخلها لتكون وثابة نحو مقارعة النظام مع التركيز على ضرورة إيجاد العمل المنظم الذي بإمكانه توظيف الغضب ليكون عامل ايجابي يسهم في تعجيل سقوط النظام وإحلال البديل الذي يستجيب لرغباتنا جميعا .
أبو عبدا لرحمن محمد الجبرتي
16/5/2012م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=23231
أحدث النعليقات