هل يسير اسياس افورقي على خطى سياد بري ؟!
بقلم: علي عبد العليم
16/8/2011م
تحت نفس العنوان أعلاه، أورد موقع الثوابت الموقر ما يؤكد مضي أسياس على ذات الطريق التي سلكها سياد بري وكانت المحصلة تفتيت الصومال الشقيق!!. ومن أوجه التشابه التي أوردها: أن حظ الشعبين الارتري والصومالي متشابه ربما إلى حد التطابق في الواقع السياسي اللذان عاشاه ويعيشانه الآن، فهما يقعان في منطقة مأزومة واحدة وهي منطقة القرن الإفريقي، وسبق أن وقعا تحت قبضة احتلال أجنبي واحد وهو الاستعمار الايطالي، ومن بعد الاستقلال الوطني للصومال كان حظه أفضل من ارتريا إذ استنشق لسنوات عبير الحرية والديمقراطية، وان كانت المدة قصيرة!. إلى أن سيطر علي الحكم نظام دكتاتوري أدى، في خاتمته، إلى تمزيق البلاد إربا إربا!. أما ارتريا فقد انتقلت من الاستعمار الأوروبي الى الاستعمار الإثيوبي ومنها الى استبداد وطغيان أشد وأفظع في ظل حكم الدكتاتور اسياس، وما تزال تعاني وتكابد من وطأته..عجل الله بفرجها وخلاصها منه..
في الحقيقة هناك الكثير من الروابط والوشائج تجمع ارتريا والصومال، ففي الجانب الاجتماعي والاثني هناك قبائل مشتركة مثل الجبرته في ارتريا والجبرته الإسماعيليين ( داروت) في الصومال، وللأسف سياد بري من أحد فروعها!. كما أن هناك قبيلة المنفري والعفر بفروعهم المختلفة.. وفي الصومال حضور طاغي للقبيلة لم يفلح سياد بري في إنهائه برغم قمعه وجبروته!. وكذلك الحال في ارتريا للقبيلة سطوة لم يستطع الكثير من المثقفين تجاوزها والفكاك من أسرها!. وزادت سياسات النظام من أوار عصبيتها، مما يجعل كافة القوى السياسية والاجتماعية في تحدي حقيقي في مواجهة مهددات التشرذم والتمزق، في مستقبل ارتريا ما بعد اسياس!.
من أوجه التشابه بين الدكتاتورين أسياس وبري:
- أن كلا منهما سطا على السلطة بدون تفويض شعبي، .. فاللواء محمد زياد بري (مواليد 6 أكتوبر 1919 – وتوفي 2 يناير 1995) ثالث رئيس للصومال بعد الاستقلال. وصل الى الحكم عن طريق انقلاب عسكري في 21 من أكتوبر 1969 بعد اغتيال الرئيس الشرعي للبلاد – الرئيس شارماركي وكان حينها قائدا للجيش وقد امتد حكمه إلى عام 1991.
أما اسياس، فبعد التحرير وتسلم الجبهة الشعبية للحكم في أسمرا، وإعلان الاستقلال عبر الاستفتاء، نصب حكومة مؤقتة، نسي أن يصفها بـ(المستديمة) لأنها ما تزال تحكم بعد أن أقصى منها رفاقه الأقوياء وانفرد بالحكم دونهم!. وبدون أي رجوع للشعب وأخذ التفويض منه، باعتبار الشعب مصدر للسلطات.. وما يزال يمسك بالسلطة بقوة لحد الآن..
- كان بري يشغل أكثر من منصب في الصومال حيث كان رئيسا للدولة وقائدا للجيش وزعيما للحزب الحاكم ورئيسا للمحكمة العليا ورئيسا للجنة الأمن والدفاع في الحزب الحاكم.. وكذا الحال مع أسياس فهو كل شيء في ارتريا!.
- كان سياد لا يبالى بإصدار قرارات الإعدام بحق معارضيه، قد اعدم نائب الرئيس الصومالي بتهمة الانقلاب عليه وخمسة من كبار الجنرالات في الجيش.. ونفس الشئ فعله أسياس من اعتقال معارضيه في ظروف اعتقال لا إنسانية توفي فيها البعض، كما لم يكتف أسياس بإعدام معارضيه بالداخل بل لاحقهم في الخارج بالاغتيالات..
- وكان بري قد تبنى النظام الشيوعي الماركسي وأصدر قرارات بحظر الأحزاب السياسية والمعارضة، وقد اتسم عهده بالدموية وسلطة الرجل الواحد، كذلك أسياس تبنى الشيوعية الماوية علنا في بداية عهده، وسرا يضمر الدكتاتورية الطائفية القائمة على الأحادية الثقافية واللغوية..
- كان الدكتاتور سياد برى يحكم الصومال عن طريق حزب أسسه بنفسه وسماه – الحزب الوطني الاشتراكي الثوري – وكذا أسياس ظل يحكم بحزب الجبهة الشعبية الذي أضاف الى مسماه العدالة والديمقراطية، حتى لا يفقدهما الشعب الارتري لفظا بعد أن فقدهما واقعا معاشا في الحياة عامة!.. في الحقيقة لم يؤمن أسياس يوما بالتعددية السياسية وهو صاحب المقولة إن الساحة لا تحتمل أكثر من تنظيم!. فالطبع الاقصائي وإبعاد الآخر وهدر حقوقه طبع متأصل فيه!.
- ارتكب سياد إبادة جماعية في بعض الأقاليم التي تريد الانفصال عن الصومال، ونفس الشئ فعله سياسبحق شعبنا في مختلف الأقاليمأسياس بحق شعبنا في مختلف الأقاليم، خاصة بحق أهلنا العفر والكوناما!. إضافة الى اغتصاب أراضي المسلمين وتمليكها لمواطنيهم النصارى، ومنع أصحابها الأصليين من العودة، وقهر المتواجدين تحت حكمه القمعي ومصادرة ممتلكاتهم وإعاقتهم في معاشهم وأرزاقهم، وإحالة حياتهم الى جحيم لا يطاق!. دفعا لهم نحو الهجرة حسبما هو مشاهد الآن في جحافل الهاربين من جبروته وبطشه..
- في الوقت الذي هيمن أقرباء سياد وأصهاره على الحياة السياسية والاقتصادية، حتى أنه لم يفرط في البنك المركزي (خزينة الدولة) جعلها في يد إحدى بناته!.. هيمنت طائفة أسياس وأبناء إقليمه ( الحماسين) وجبهته الشعبية على مقاليد الأمور كلها في ارتريا دون أن تتيح للآخر هامشا.. فاقتصاد البلد والسلطة مرتهنان لدى تلك الفئة تماما!.. ومارس التخريب المتعمد لاقتصاد البلاد ونهب خيراتها لصالح أسرته وزمرته وحولها الى مليارات الدولارات في حسابات بنكية في الخارج.. وأورث باقي فئات الشعب الفقر والمسغبة والمرض!.
- خاض الدكتاتوران بري واسياس حربا مريرة ضد جارتيهما إثيوبيا، الأول بغية استعادة إقليم (اوجادين) الصومالي المحتل من قبل إثيوبيا، والثاني لاستعادة (بادمي)، ولكن فشل بري بعد تدخل من المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي، كما فشل اسياس لخيبته وتهوره!.
إذا كانت تلك بعض أوجه التشابه بين الدكتاتورين أفورقي وبري، فان بعض الاختلافات موجودة بينهما، وهي بالطبع في الجانب المظلم، فالكفة راجحة لصالح أسياس من حيث فظاعة أساليب القمع والسحل والقتل، والتمييز الطائفي والثقافي واللغوي.. بخلاف الصومال الواحد في دينه ولغته وثقافته.. فاسياس ولا شك أشد بطشا وأشد تنكيلا!.
إن نظام سياد كانت مشكلته مع إثيوبيا فقط بسبب إقليم الأوغادين، أما اسياس ليس هناك من لم يصادمه ويناوشه عسكريا كاليمن والسودان وإثيوبيا وجيبوتي.. باختصار كل دول الجوار عانت من تدخلاته السافرة في شئونها وبلبلته للأوضاع فيها، كما ثبت دعمه للجماعات المتمردة على الحكومة الصومالية وزعزعته للاستقرار في إقليم القرن الإفريقي: (التفجيرات في يوغندا وإثيوبيا واستهداف مؤتمرات القمة الإفريقية…الخ.)، مما دفع مجلس الأمن الدولي أن يفرض عقوبات عليه، ويمددها للسنة التالية لعدم تحسن سلوكه تجاه دول المنطقة واستقرار الأوضاع فيها.. الأمر الذي جعله يعيش في عزله إقليمية ودولية نتيجة لتصرفاته الغير مسئولة.
وكان موقع الثوابت قد نوه الى التشابه في أسلوب ومنطلقات النظاميين الدكتاتورين في ارتريا وفي الصومال إثناء حكم سياد بري ولا غرابه في هذا التشابه فنظام سياد بري كان داعما كبيرا للجبهة الشعبية وكانت العلاقة بينهما وثيقة جدا ولربما يكون اسياس أفورقي قد استقى منه كثيرا من الأساليب القمعية خاصة في مجال محاربة اللغة العربية والهوية الإسلامية في ارتريا.. بل نجزم أنه توفق عليه فيها، لتفتق عقليته الإجرامية عن ألوان من الوسائل الوحشية يعجز الشيطان نفسه عن ابتداعها!.
وكما سار أسياس بالبلاد على خطى سياد بري في كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، سيسير بها حتما الى نفس النهايات والمآلات التي سار سياد بالصومال إليها، حيث أضاع الدولة الصومالية ومزق النسيج الاجتماعي وأحال الشعب الى قبائل وعشائر متقاتلة ومتناحرة، والوطن الى ساحة مستباحة للتدخل الدولي والاستخباري العالمي، وذلك بعد أن انهار نظام اللواء محمد سياد برى عام 1991 اثر انقلاب عسكري قبلي قام به مجموعة من كبار قادة الجيش على رأسهم اللواء محمد فارح عيديد، وبعد هذا الانقلاب ذهب الرئيس سياد برى إلى منفاه في نيجيريا وتوفي فيها عام 1995. فمتى يأتي اليوم الذي يغادر فيه أسياس ارتريا دون أن يضيعها كما ضيع رصيفه سياد الصومال الشقيق؟. ليكون هذا أهم اختلاف ايجابي بينهما، وفي هذه المرة لصالح اسياس؟!.
علي عبد العليم:alialawe2000@hotmail.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16865
أحدث النعليقات