وحـــــدة الـــــرؤى، : لا تلغى الخصوصـية
وهى السـبيـل السـهـل والبـديـل الأكثـر فاعلـية،
للوصـول الى الهـدف، حتى لـو تعـذر تحقـيق وحـدة الصـف.
جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم
لا شـك ان وحـدة الصـف الـرامـية الى الهـدف، هى أول أمـر حيـوى يهتـم به كل مـن يشـتـرك فى عمـل مـا أو يطالـب بحقـوق مشـتـركة، فوحـدة الصـف تؤدى الى وحـدة البـرامج الـتى توضع لتحـقيق النتائـج، أيضـا وحـدة الصـف تسـهـل مهام التنفيـذيـين وتعجــل بتحـقيق الهـدف الجماعى، وعنـدمـا تتبايـن مواقف ممارسى السـياسـة ومـن جهة اخـرى مواقـف جماهيـرهم، وبالتـالى يصـعب الوصول الى التـراص فى صـف واحـد، فالخطـوة الثانـية والعـلاج الناجـع هـو البحـث عـن نقـاط الألتقـاء ( القواسـم المشـتـركة) أو مايسـمى بالخطـوط العـريضـة التى لا تقبـل الخـلاف او الأختـلاف، كالثـوابت الـوطـنية مثـلا، وهـذه يمـكن ان نطـلق عليهـا ,, وحـدة رؤى،، الى حـدمـا، كأن يتفـق الناس حـول الأهـداف ويختـلف فى الوسـائـل والسـياسـات اليومـية المتـبعة بغـرض الوصـول الى الهـدف، ويمـكن تشـبيه ذلك بالتـالى: ( الـكل متفـق على ضـرورة الوصـول الى مـدينة مـا، ولـكن بعضهم يفضـل ركـوب الـدواب والبعض الآخـر السـيـارات او القطارات والطائـرات)، فى هـذه الحالة ليـس بالضـرورة ان نتمسـك بوحـدة الصـف، فالمتفـق حوله يفى بالغـرض ويحـقق الهـدف، وخيـر مثـال هـو ماأتـفقت حولـه الفصائـل الارتـرية الســت عشـر التى تسـتظل تحـت مظلة ,, التحـالف الـديمقـراطى الارتـرى،، على الأقـل مـن الناحـية النظـرية البحتة، والمعلـوم انهم لم يتفقـوا فى شـيئ سـوا اٍزالة حكومة الشـعـبية، وان بعضهم قضـيته الأولى والأخيـرة هى مع رأس النظـام فقـط لا غيـر، حـيث لا يتحـدث عـن العـدل والحـريـات وحقـوق المسـلمـين مـن أرض مصـادرة، وثقافة محجـور عليهـا وكافة حقوقهم المنكورة، مسـتبـدلا ذلك بالحـديث عـن الـديمقـراطـية ذات الألـف وجه وتفسـيـر، وطبعـا لا يتوقـع منه/ منهم غيـر ذلك، طالمـا ناضـل/ ناضلـوا بالأمـس ومازال يناضل/ يناضلـون اليـوم ضـد الأمة وعقيـدتهـا وثقافتهـا وأرضهـا التاريخـية، وبـديهى لا حـديث عـن الثـروة والسـلطة .. وشـك ان هـذه الممارسـات تعكـر صفـاء الأفـراد والجماعـات ولا تتـرك مجـالا للتطلـع الى مسـتقبـل جماعى، هـذا بالاضافة الى وجـود بعض السـياسـات الغـريبة والملفـات التى كان مفتـرضـا انهـا على رأس الثـوابت، وهـذه فى مجملهـا تعتبـر مؤشـرات خطيـرة لابـد ان يحسـب حسـابهـا منـذ الآن، فالـكل يعلم ان شـعبنـا يتميـز بوجـود عقيـدتـين وثقافـتين، وقبائـل مختـلفة المشـارب والموارد، واٍثنيـات غيـر متجانسـة، وتاريخ خـاص بـكل جهة او اٍثـنية او أتبـاع عقيـدة أو ثقافـة، هـذا الى جانب مقاطعـات جغــرافـية متصلة او غيـر متصلة، وقطعـا هـذه حقـائق على الارض لا فـرضـيات يبحـث لهـا عـن قـرائن واٍثباتات، وبالـرغم مـن ثباتهـا وحقيقتهـا الصارخة التى تعلـن عـن نفسـهـا بوضـوح، اٍلآ اننـا نجـد جـل الاخـوة التغـريـنيين وبعض المسـلمـين الارتـريـين يطالبون بحـذف مايتـرتب على تـلك الحقـائق، فـاٍذا أفتـرضنـا جـدلا عـدم اٍمتثـال المسـلمـين الارتـريـين الى التعليمـات والموجهـات الاٍسـلامـية، فـاٍلى مـاذا سـيمتثلـون وعلى مـاذا سـيحتكمـون، هـل سـتصبح موجهاتهم مسـيحية أم يهـودية أم لا دينية ..؟، واذا أفتـرضنـا ان لا وجـود للقبائـل أو الاٍثنيـات والمقاطعـات الجغـرافـية فى ارتـريـا، هـل هـذا يعنى ان الـكل جسـم واحـد لا أجــزاء لـه او تفـرعات، كأن نقـول مثـلا كلهم تغـريـنيين أو كلهم مـن سـكان حماسـين … ألخ..؟.
الاٍجـابة ب ,, نعــم،، على هـذه الاسـئلة قـد تـكون مقنعـة لبعض التغـريـنيين غيـر المنصـفـين وقـلة مـن المسـلمـين الـذين لا عـلاقة لهم بالتعاليم الاٍسـلامـية اليومـية، أو اولئـك الـذين لا يحملـون مـن الاسـلام اٍلآ الأسـمـاء التى يحملـونهـا بحكم الولادة أو وسـيـلة للمنـادات ولتعـريف الشـخص لا هـويته، فـاٍذا ظـل بعـض أعضـاء التحالـف الـديمقـراطى الارتـرى، مـرابطـا فى متاريـس اٍسـتبعـاد فقـرتى الشـريعة والحجـر على الفصائـل القومـية، هـذا سـيجـرنـا الى القـول ,, بأن الوحـدة القائمـة بـين فصائلنـا السـت عشـر، قـد تـكون محـطة اٍنتظـار حتى يهـل الهـلال، ولـكنهـا قطـع شـك ليـسـت وحـدة رؤى أو وحـدة صـف يـراد بهـا تحقـيق أهـداف مشـتـركة، ورغـم هـذا وذاك لابـد ان نتمسـك بالمتاح، ونواصـل النضال مـن أجـل اٍحقـاق الحـق حتى يسـترشـد القـوم فيسـمى الأشـياء بأسـمائهـا ويجـد الاٍنسـان الارتـرى طـريقه الى العـدل والتعايـش المنشـود.
هـذا بعض ماقيـل ويقـال فى الجلسـات العامة وتحـت سـمع وبصـر الجميـع، فهـل نتخيـل معـا مايقـال فى الجلسـات الخاصـة بعيدا عـن المحاضـر والمسـتمسـكات المسـتنـدية ..!!؟
هنـاك أكثـر مـن رأى وأكثـر مـن جماعة تتمحـور حـول نفسـهـا، او تتحالف مـع الآخـر مـن أجـل تمـريـر بـرامجهـا الخاصـة، وهـذا حقهم اذا تـم فى النـور .. فالبعض يقـول:
1/ القـوة لا تواجه اٍلآ بالقـوة، وقوتنـا تكمـن فى وحـدتنـا، والتحالـف قـوة ولا بـديـل أو تبـديـل له، اٍذن لنناضـل معـا حتى نحـقق أهـدافنـا فى الوحـدة، ومـن ثم نحـقق أهـدافنـا فى تغييـر النظـام والاٍتيـان بنظام دسـتورى يحـقق للمكون الارتـرى عـدلا عـادل وأمـن واٍسـتقـرار وسـلام، وفى سـبيـل ذلك لنتحمـل مايحـدث وماسـيـحـدث.
2/ ومجموعة ثانـية تقـول: الظـرف الـراهـن صـعب ممـا يملى علينـا ضـرورة اٍتخـاذ سـياسـة المهادنة والتـريث فى الوقـت الحاضـر، وغـدا لـكل حـدث حـديث.
3/ وثالـثة تقـول: بهـذا التصـرف، وهـذه الحجج، يمـكننـا تعطـيـل اٍنـدفاع القـوى المتنامـية التى تبـذل جهـدا عاليـا للعـودة الى صـدارة الأشـياء، وعنـدمـا يهـل الهـلال ـ نحـن الـذين سـنكون فى صـدارة المواقـف والأشـياء، وعنـدئـذ سـنكون فى حـل مـن الاٍلتـزامات والاٍتفاقيــات وكافة القيـود التى تحـد مـن تحـركنـا.
4/ وفـريق رابـع ينظـر تـارة ذات اليمـين واخـرى ذات اليسـار، وهـو متحفـز للوقـوف مـع مـن يهـل الهـلال على جـبينه، فيسـعـد معه وبه بصـرف النظـر عـن وحـدة البـرامج أو الاهـداف.
5/ وهنـاك فـريق خامـس لا يـدرى أو لا يـريـد ان يـدرى، مـا اٍذا كانـت العـربة تسـيـر باٍتجاه اليمـين أم ( الشـمـين).
أمـا الجماهيـر الارتـرية فهى على الاقـل فى الوقـت الحاضـر، موحـدة فى آلامهـا وأحـلامهـا، ولا تـريـد اٍلآ العـدل والاسـتقـرار والسـلام، كل على أرضه التاريخـية، ولا يهمـهـا مـا اذا تم ذلك تحـت سـيادة اٍرتـرية موحـدة او متحـدة أو حتى كشـعوب دول متجاورة.
وبـين المثقفـين الارتـريـين يوجـد البعض الـذى يتسـائـل، لمّ وجـدت لغتـان فى الأصـل، اٍذا كان الغـرض مـن اللغة هـو التعبيـر عـن الـذات والتواصـل مـع الآخـر، أليسـت لـغة واحـدة كافـية لتحقـيق هـذا الغـرض.
ويجـيب القطـب الآخـر قائـلا: اٍذا أقـررنـا بوجـود الآخـر واالتعبيـر عـن الـذات، فهـذا يعنى صحة وجـود لغــتين، بمعنى ان اللغـتين ليسـتا شـراكة بـين الفـريقـين، لأن لـكل منهمـا ثقافة، ومـرجعـية وشـريعة مسـتمـدة مـن عقيـدة سـماوية، ولـكل منهمـا أرض تاريخـية متوارثة، وعـادات وتقاليـد متبايـنة، وأمـزجة مختـلفة، ولا شـراكة بيننـا اٍلآ فى الاٍسـم الـذى نحمله جميعـا ( اٍرتـريـا) بالاضافة الى السـياسـات الخارجية والـدفاعـية التى قـد نتـفق حولهـا أو نختـلف، أمـا السـياسـات الاقتصادية فلهـا بنـود اٍتفـاق آخـر، حـيث لا يمـكن تحـديـدهـا اٍلآ بعـد تحـديـد الموارد ومصادرهـا الجغـرافـية ومنابعهـا البشـرية، ومـن ثم نحـدد مصـبهـا الأخيـر، أخيـرا وليـس آخـر لابـد مـن اٍجـراء اٍحصـاء سـكانى يمـدنـا بمعلومـات وافـية عـن التوزيـع السـكانى كمـا ونوعـا، أمـا القـول بأن سـياسـاتنـا وثقافتنـا وأهـدافنـا واحـدة او موحـدة، فهـذا قول جـزافى أكل علتيه الـدهتر وشـرب، ولا تسـنـده الحوارات المتباينة والممارسـاتنـا الكيـدية والمتبايـنة، وليـس له صلة طـيبة بيومياتنـا الـدورية وواقعنـا المـريـر الـذى نعيشـه على رأس كل سـاعة، فحقـوقنـا ثابـتة بتاريخهـا وقـدمهـا وبـدمائنـا التى لم نبخـل بهـا فى السـابق ولـن نبخـل بهـا اذا جـد الجـد، ولكننـا نـود ان تظـل الثـوابت ثـوابتـا والمتغيـر خاضـع للحـوار والنقاش والـرأى والـراى الآخـر، فـكل حـديث مبـاح فيمـا عـدا مسـائـل أرضنـا التاريخـية ونصيبنـا فى الثـروة والسـلطة والثقافة الشـاملة ( عقيـدة ولسـان وعـادات وتقاليـد وغيـره)، خصوصـا وان أعـراف بعضنـا قـد أسـتبـدلـت الحقائـق كمـا أسـتبدلت مسـميات الأشـياء، فالثـوابت فى نياتهم ويومياتهم وربمـا أعـرافهم أصبحـت متغيـرات، والمتغيـرات اصبحـت ثـوابت، ومعلـوم لـدينـا ان بعض أصحـاب هـذه الـرؤى يقولـون فى مجالسـهم الخاصة، طالمـا الأمـر الآن هـكـذا، لابـد ان يسـتمـر على نفـس هـذا النمـط الموجـود/ الاٍسـتحواذ، وفى خلوات اخـرى وهى الأكثـر تشـددا ووضوحـا، نجـد مـن يقـول: طالمـا يصـر بعضنـا على حسـم السـيادة لصالحه بحـق او مـن غيـر حـق، اٍذن الـرأى العقـلانى هـو ضـرورة الاٍختيـار مابـين أمـرين، تطبيـق النظام الفيـدرالى الـذى يعطى الـحقوق لأهـله فى ظل دولة متحـدة، أو تقسـيم الأسـم بـين الاطـراف المتنازعة، يقولـون تقسـيم الاٍسـم وليـس تقسـيم الأرض، حـيث لا شـراكة او نـزاع على الارض، لأن كل طـرف مـن المكون الارتـرى، يعـرف أرضـه التاريخـية التى تحمل فى باطنهـا رفـاة أسـلافه وآبـاءه، وعلى ظهـرهـا يـقف الوريـث الشـرعى الـذى لا شـريك له فى أرضـه اٍلآ ألله مـالك الأرض والسـماء ومابينهمـا، كمـا يعـرف أشـقاءه وشـركاءه وجـيـرانه التاريخـيين الـذين لا يخـلطـون مابـين ممتلكات موسى وفـرعـون.
فاليعلم القـارئ الكـريم أننى لسـت مـن المتشـائمـين ولا اريـد اٍذكاء فـتنة بـين القـوم، ولكننى أطـرح على المـلأ مايقوله بعضنـا فى خلواتهم الخاصة، وهى قـراءة صحيحة أو قـل نقـلا صادقـا مـن قلـب الحقـيقة، وهنـاك مـن أجـرى مقارنة مابـين منطـق وسـلوك حكومة نظام الشـعـبية بممارسـاتهـا اليومـية واهـدافهـا المعلـنة، وبـين سـلوك ونهج بعض اعضـاء التحالـف الـديمقـراطى الارتـرى، ويؤكـد هـذا البعض ان هؤلاء الناس هم وجهى عملة واحـدة ويحملـون نفـس النيـات، ويناضلـون لتحـقيق نفـس الاهـداف القـريبة والبعيـدة، ممـا يـدل انهم هنـا للتعجيـل بتحـقيق أهـدافهم المشـتـركة، ويسـتطـرد هـذا البعض قائـلا، اٍذا افتـرضنـا جـدلا انهم مختلفـون، فالاٍختـلاف ليـس فى الاهـداف، بـل فى مـن يقـود المسـيـرة التى تكفـل حماية ( أهـدافهم) المتـفق عليهـا، وكأنهم يـريـدون الاسـتـرشـاد بالمثـل السـودانى العـامـى القائـل، أحمـد هـو الحـاج أحمـد سـواء حـج أو لم يحـج.
هـذه بعض السـيناريوهـات الارتـرية التى تحـاك فى الغـرف المغلقة أو كواليـس الاٍجتماعـات، ولـكن نتمـنى على القيادات التشـريعـية والتنفيـذية فى التحـالف الـديمقـراطى الارتـرى، ان يكـذبـوا هـذا وذاك ويكـذبونـا معهم، فيـأتـوا بقـرارات تخـالف ذلك ـ ومـن ثم يسـعـوا للتعجيـل بتنفيـذهـا على أرض الواقـع. … والسـلام ختـام.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6760
أحدث النعليقات