وقفات مع صناع الإنتصار

محمد امان إبراهيم أنجابا

Nedall55@yahoo.com

في هذه الأيام تمرعلينا ذكري رجال إنتفضوا ورفعوا رؤسنا وهماتنا فوق قمم الجبال ووقفوا بكبرياء وشموخ ،إنقضي عام علي مسيرتهم ، فكيف لا نُحي ذكراهم ونكرمهم فهم خيرة شبابنا.

عندما صار الوطن أسير تحت وطئة اللئام  ومرتع الجبناء ، لا أحد يسترجل ويتقدم ويزيح من يكتم الأنفاس ويجلس علي النحور، الكل يتهرب ويتابع الأخبار من وراء البحار لايُبالون صراخ روبلي وأرهيت وصراخ من هم في الزنازين والمعتقلات، بل لزموا الصمت ، فتيةٌ قله لبوا النداء صابروا ورابطوا ، وسطروا الملاحم بإشلائهم ودمائهم ، وتدافعوا لنصرة حق ضائع وظلم وقع ،لا هواة سلطةٍ ولا دعاة جهويةٍ ولا طلاب جاه ، إنتفضوا ليسطروا عهداً جديداً بروح الإباء والشموخ ويطووا صفحة الهوان والإذلال ،غايتهم الشهادة في زمن قل فيه الرجال الشجعان.

فلسان حالهم يقول :ـــ

من كان يخضبُ خدهُ بدموعهِ ***  فنُحورنا بدمائُنا تتخضُب

لقد عاهدوا الله علي الثبات والإقدام لايهابون الموت ولا يتراجعون عن الحق ، توارثوا الجهاد والنضال عن أسلافهم وأجدادهم ،درسوا فنون القتال وفطِنوا عدوهم وأجادوا الكر والفر فوق الوديان والتلال ، لقد خبروا دروب النصر في ألواح الخلاوي وحلقات المساجد ، فكانت خطاهم تدبُ فوق الجبال الشامخات بثبات ، فإنهم رجال المقاومة الشعبيه صانعوا التاريخ في زمنٍ إلتبست فيه الحقوق ، وإنقلب الحق الي باطل ، رفضوا الخنوع  شمروا سواعدهم ليخوضوا قمارالحرب صولاً وجولاً بإقتدار .

إنتصروا لكل مظلومٍ ضاعت حقوقه  وفعلوا المعجزات وأعطوا فرعون العصر درساً وجعلوا عرشه يهتز من صدي صوت رصاصهم من قمم الجبال ، ومعسكر ( ويعا) يحكي ويروي قصة أبطالٍ داهموهُ وإغتنموا منه  زخيرةً وسلاح  في وضح النهار ، نعم هم الذين وصلت نفحاتهم شرقاً وغرباً ، وتصدرت صفحات الانترنت أخبارهم وفاحت دمائهم الطاهرة الزكية مسكاً فعطروا بها ربوع اريتريا.

لقد وفوا بعهدهم وأعادوا سنةً ماتت وأحيوا قلوباً إستكانة وكانوا مبعث الأمل والفال ، الأباء والأمهات باركوا تلك الخطوات المُباركات فكان نصيبهم الحرمان والأذي وترحال من قبل نظام العار فهذا ديدنه وهذا خصل الخسيس الجبان ، لم يتمكن من كسرعزيمتهم وثني إرادتهم وهِمتهم فهم أهل ثباتٍ وأهل سبقٍ في النضال.

لقد بنوا جسور التواصل مع أهليهم في المنخفضات وأسمعوا صوت بنادقهم وديان بركة وسهولها فتفاعلوا معهم ونصروهم ، ووجهوا ضربة موجعه للنظام.

ياترى من هم هؤلاء الرجال ربما لا نعلمهم ولكن صداهم وصل الينا في كل مكان ، وسجلوا في وقتٍ قصير إنتصارات ومواقف ومعارك وبطولات في صفحات التاريخ.

وإعتصموا بحبل الله ودفعوا أرواحهم رخيصةً لصون حرماته وصدّ عدوانه ، فها هم قامات حلّقوا الي جنات الخلد وهم أحياء عند ربهم يرزوقون .

هم إخوة لنا نحن منهم وهم منا وكُلنا من إريتريا ونعتز بالانتماء لها، لقد نشاؤ وترعروا في جبالها ووديانها ومضوا الي ربهم في ريعان شبابهم وهم يحمون ثراها من نظام العار ، فيا تري هل عرفناهم هم رجال الإنتضافة وفرسانها الذين قالوا لا للظلم لا للدنيا نعم للعزة والكرامة نعم للقاء الله نعم للموت في سبيله وفي سبيل نصرة محارمه ، فها هم أسماء كالنجوم يضيؤن سماؤنا وإرتقوا لجنات الخلد فرحين بما أتاهم ربهم ، وتبقي أسمائهم التي نسجوها بإشلائهم وجماجمهم في سجل التاريخ ، نكرمهم لأنهم أفضل منا جميعا ونُشيد بمواقفهم لأنهم نطقوا الحق ودافعوا عنه بأجسادهم وأرواحهم ووقفوا بجواره حتي ذهبوا شهيد تلو الشهيد وسجلوا أسمائهم  بأحرف من نور :

* الشهيد / عمر علي حيدر

* الشهيد / أحمد صالح محمود

* الشهيد/ إسماعيل شفا

* الشهيد / سليمان شفا محمد

* الشهيد / أحمد دين عمر

* الشهيد / صالح عثمان خليفة

* الشهيد / أحمد سليمان

* الشهيد / عمر علي يحي

* الشهيد / عثمان علي أدم

* الشهيد/ سليمان سراج

هؤلاء أسود الجبال الذين مضوا الي ربهم وصنعوا الأحداث ، وإستبسلوا أمام جيشٍ جرار ، كتائب الحق سطروا أروع الأمثال وأيدهم الله بجندٍ من عنده وزلزلوا عرش الطغيان ، وجعلوه يركع ويخضع وينصت لحديث الشجعان الذين خبروا القتال .

فسألوا (جهاديه) ماذا فعلوا بها الأجداد تخبركم عن الوقائع والأحداث الجسام جعلوها مقبرةً للكوماندوس، فها هم الأحفاد صاروا علي نهجهم وجعلوا كل من عدو دقا ، وربوربيا ، ودقعا ، وفوروا ، وزولا ، وأيدافلي ، وأيرو ملي ، وحديش ، وكروبيلي ، وعيبه ، وهزموا ، وديعوت ، وصُرونا ، ودقي محاري ، وجبل سويرا ، وجبل أم باسيره ، وجبل قدم ، وعدي قيح ، وصنعفي وو،،، وكل التلال والأحراش أراضاً للمعارك والنزال ، وإمتطوا أمواج البحار يقارعون العدو فهم رجاله ، فأعادوا تاريخ أجدادهم الذين تصدوا للإمبراطور وأذنابه ، من يعرف أهل تلك المنطقه يعرف كيف أهلها صمودُ أمام المذابح والدمار!! وكيف حفاظوا علي دينهم ومورثهم  وتصدوا لكل الحملات والهجمات !! وحولوها الي بطولات وإنتصارات!! ، فهم أشداء أقوايا يهابهم عدوهم ، لايخشون في الله لومة لائم.

إستجابوا لكل الحركات الوطنيه وإنخرطوا بجسارة في صفوفها ،وقدموا أرتالا من الشهداء في كل مراحل التحريرمع بقية الشعب الإريتري، ووقفوا في حلوق الغزواة كالشوكة ، فهاهم الأحفاد والأبناء يسكلون ويختارون ذاك الطريق .

كل من يقراء التاريخ لايمكن يتجاوزهم ولا يمكن أن ينكر دورهم الريادي والقيادي فهم أبناء إريتريا الأوفياء فهم إمتداد (لشرق وغرب اريتريا) وإمتداد للحاضر والماضي والمستقبل  وهم جسر التواصل بين كل مكوناتها ،هم صانعوا التاريخ حماة الوطن الذين يجمعون ولا يفرقون ، يحرصون علي وحدته ويصونونه من التمزق والتفكك .

وما ننشد إليه أن نكمل بعضنا البعض ونبني وطن شامخ كشموخ كل الشهداء الذين مضوا من أجل ديمومة إريتريا وتاريخها .

لقد إنطلقت نسائم الخير من (اكلي قوزاي) ونصروها أهلنا في كافة المنخفضات قد إمتزجت الدماء منذوا القدم وسطروها ملحمةً ضد الغزاة الطامعين فهاهو التاريخ يعيد نفسه ويمتد العطاء من مرتفعات ومنخفضات إريتريا.

لابد أن نعلم إذا أردنا أن نستعيد حقوقنا فليس هناك سوي طريق واحد نسلكه هو التلاحم والإنخراط في ثورة وإنتفاضة ومقاومة شعبيه ووطنيه ، فالحقوق لا تمنح ولاتعطي هبة إنما تنتزع  بالقوة ، فيجب أن نترك العويل والبكاء فطريق النضال والإستشهاد خلاصنا ، عندما نسينا درب العزة والكرامة عندما تراجعنا عن التضحية والفداء صرنا جبناء ، وعندما تنازعنا في السلطة وتركنا الولاء وعندما سعينا خلف أهواءنا وجهويتنا وقبلياتنا إفترقنا وصرنا عبيد لدكتاتور خسيس وشرزمة من اللقطاء .

لقد علمونا صناع الإنتفاضة كيف نستعيد كرمتنا؟ كيف نستعيد حقوقنا ؟فشكرا لكم  لقد أديتم الأمانة ونصحتم الأمة وبلغتم الرسالة ونلتم الشهادة فهنيئاً لكم .

هذا النظام لايستجيب لنداءت العقل والحوار ظلينا عشرون عاماً نحاوره ونتودد اليه حتي يعيد الحقوق ، بل تمادي أكثر وتلتخت أياديه بدماء الغلابه والأبرياء.

وفي الختام نتمني من الإعلام الإريتري الهادف الصادق وكتابهُ ينصفون التاريخ دون تحيز ، يجب عكس كل جهد وطني غيور، ونوثق  تلك الأحداث ونحي ذكرها عبر الواجهات الحرة المناضلة لنظام الطغيان ، فهاهي الإنتفاضة يمر عليها عام ، ولم نري من يسطر لها  سوي قلم أو قليمين ، فيا للعارالذي خيم علينا حتي من ذهبوا عنا وهم يدافعون عن أعراضنا وأرضنا وكرامتنا لا نكرمهم ولا نمنحهم حقوقهم الأدبيه والمعنويه.

فالتاريخ هو ذاكرة الشعوب ومخزونها.

عزاء واجب:ـ

إنتهز هذه السانحة أن أعزي نفسي والشعب الإريتري بفقدان قامتين من مؤسسي الثورة قد أعطيا واجبهم الوطني بكل تفاني وإخلاص ونكران للذات وهما:ــ الراحلان المقيمان في القلوب الاستاذا المناضل محمد سعيد ناود والمناضل الخلوق عثمان محمد عبدالله الشهير بي (عثمان سيدي)وندعوا الله أن يتقبلهم مع الشهداء والأبرار ويلهم ذويهم الصبر والسلوان ( إنا لله وإنا إليه راجعون).

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9340

نشرت بواسطة في سبتمبر 25 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010