وقفة تأمل في مقال وليد الطيب
بقلم / محمد عمر مسلم
نشر لوليد الطيب مقال في موقع فرجت ( قراءة حول قرار مجلس الأمن 1907 ضد إرتريا ) بتاريخ 25/01/2010م فكانت لي تأملات حول ما جاء فيه، من الأهداف العامة للمقال أنه دعوة ضمنية لإنقاذ النظام، وفيه أيضا موقف متطرف تجاه إثيوبيا ، وفيه أيضا استخفاف وتقليل من شأن المعارضة، واختزال حقيقة الصراع في أسباب واهية وأصحاب هذا التوجه معروفون لدينا قبل القرار وبعده، لأن الفكرة والمشروع الذي يحملونه لا يختفي بتغير أسلوب الكتابة أو بتغير الأسماء المستعارة ، فالفكرة التي يدعون إليها سوف تجدونها بين أسطر المقال جلية واضحة، وبما أنني أهتم بالفكرة أكثر من اهتمامي بكاتبها فلا أقف كثيرا عند الأسماء المستعارة ، لذلك استنتاجي يقول أن المقال يحمل في فكرته ومضمونه لمسات جماعات التغيير السلمي، وأصحاب هذا الفكر يمكنهم التلاعب بأسلوب الكتابة والأسماء المستعارة مع احتفاظهم بأصل المشروع الذي يدعون إليه وهو بمثابة البعرة التي تدل عليهم في مقالاتهم، كذلك من الأمور الملاحظة على كتاب التوجه السلمي أنهم يفتتحون أو يختمون مقالاتهم بعبارات الغرض منها التخفيف من وطأة النقد والتقليل من أثره على مشروعهم السلمي، ومما جاء في مقال الطيب ( تسخير الآلة الإعلامية المعارضة للهجوم ضد كل صوت يقف ضد القرار ووصفه بالخيانة والارتماء والعمالة في حضن الدكتاتورية.).
في البداية أتفق مع الطيب في بعض ما جاء في مقاله كالحفاظ على استقلال إرتريا ووحدة أرضها وشعبها، وهذا الأمر محل إجماع الشعب الإرتري لأنه مهر استقلال بلاده بالدم والأشلاء والجماجم، لذلك كان حري بالطيب أن يتجنب أساليب ابتزاز المعارضة بدعوى الخوف على ( استقلال ارتريا ) لكونها تتواجد في الأراضي الإثيوبية، وهو أسلوب أو فن برع فيه البعض فتارة يبتزك هؤلاء ( بالوحدة الوطنية ) حتى لا تتحدث عن مظالم وجرائم النظام الطائفي ضد طوائف الشعب الإرتري، وأخرى يبتزونك ( بحرية الرأي ) إذا أرادوا النيل والتجريح والإساءة للمقاومة ( لذا فإن المعارضة الإرترية في أثيوبيا عليها أن تتبين العدو من الصديق وأن لا تقدم الوطن قرباناً لأعدائه تحت دعوي إسقاط النظام فهذه الدعوة لا تبيح لهم التضحية باستقلال إرتريا) سؤالي لأبي الطيب من هو الصديق ومن هو العدو الذي تقصده ؟ يرى الطيب في إثيوبيا عدو أزليا لإرتريا، وهي نظرة تفتقر إلى الموضوعية، و الصحيح أن لإثيوبيا مصالح في الموانئ الإرترية كما لإرتريا مصالح في السوق الإثيوبية ويمكن جعل تلك المصالح أرضية لبناء علاقات مميزة بين الشعبين، لأنه ليس في علاقات الشعوب عداوات دائمة، بل هناك مصالح دائمة، ولو كان الأمر كما يرى الطيب لما عادت ألمانيا في حضن الدول الأوروبية بعدما فعلت بهم ما فعلت، ولكنها المصالح تصلح ما أفسدته الحروب بين الشعوب، كما أن نظرية تحصيل المصالح عن طريق القوة وفرض الهيمنة أثبت فشلها وكان الخاسر الأكبر في الحرب الشعبين الإثيوبي والإرتري، والنظام الإثيوبي يهتم اليوم بتحقيق السلام في المنطقة من خلال تعاونه المستمر مع دولها وعمله الدؤوب في بناء وتطوير بنيته الاقتصادية، ودخوله في صيغ تكاملية مع بعض دول المنطقة، لذلك لا أرى من الحكمة والمصلحة العامة إقحام إثيوبيا في الموضوع وتصويرها بأنها الخطر الذي لا خطر بعده على إرتريا وهذا و لا شك يصب في مصلحة النظام وليس في مصلحة الشعب الإرتري، فبدلا من التشكيك في النوايا الإثيوبية مطلوب من المعارضة خطوات عملية في هذا الجانب من ذلك إجراء حوارات مع الجانب الإثيوبي على جميع الأصعدة الرسمية والشعبية والأحزاب والمنظمات للتخلص من مرارات الحروب وبناء الثقة وردم الهوة والفجوة التي أحدثتها الحروب، ثم المطلوب من الجانبين وضع الأطر والتصورات العامة لتك العلاقة المنشودة بين الشعبين، وإن كان من عدو يصول ويجول ويتربص وينكل بالشعب الإرتري هو النظام الإرتري، والشعب الإثيوبي بموقفه الإنساني مع الشعب الإرتري عبر عن تلك الصداقة عمليا وهي بحاجة إلى تفعيل وتطوير.
لم يكن مقبولا من الطيب التحامل على المعارضة والاستخفاف بدورها، فان كان هذا الأسلوب متوقعا من النظام الذي دأب على رمي المعارضة بكل نقيصة وتهمة ليجعل منها شيطانا ويجعل من نفسه ملاكا، كان حري بالطيب أن لا يسلك مسلك النظام في ذلك، أيضا من الأخطاء الفاضحة التي وقع فيها الطيب اختزاله أسباب الصراع مع النظام والمعارضة فيما سماه ( بعقد خصومات مرحلة الثورة ) وإسقاطه الأسباب الحقيقية للصراع والتي منها المظالم السياسية والثقافية والاجتماعيات والاقتصادية التي طالت معظم طوائف المجتمع الإرتري، ولا أدري إن كان هذا الإسقاط مقصودا لذاته أم أنها ذلة قلم؟ يقول الطيب (، كما أن علي الحكومة الإرترية وهي تواجه هذه التحديات أن تترك سياسة العناد والمكابرة وأن تتجاوز عقدة خصومات مرحلة الثورة في تعاملها مع معارضيها ) وهل يعقل أيها الطيب أن عداوة النظام لمعارضه مبني فقط على عقد خصومات مرحلة الثورة ؟ وبما أن الشيء بالشيء يذكر يرى حزب الشعب الديمقراطي نفس رؤية الطيب في هذه المسألة، فهل هذا من باب الصدف المحضة أم وراء الأكمة ما ورائها؟ أما إذا كان الطيب قصد بكلامه هذا حزب الشعب الديمقراطي فأتفق معه في ذلك لأنه يرفع شعار نتجاوز حزا زيات وخصومات مرحلة الثورة و من أجل فك وحل طلاسم عقد خصومات مرحلة الثورة عقدت لقاءات في عاصمة أروبية بين قيادات من الشعبية والحزب الشعبي الديمقراطي كان ذلك قبل الوحدة، أما الوضع بالنسبة للتنظيمات الأخرى يختلف فالأمر أكبر وأعقد مما تتصور أيها الطيب،، فالمسألة عند هؤلاء صراع من أجل البقاء صراع من أجل أن تكون أو لا تكون،، وليس صراعا من أجل عقد خصومات مرحلة الثورة.
يقول الطيب ( فيما يتعلق بتحالف المعارضة الإرترية الذي يتخذ من أثيوبيا مقراً له فحريٌ به أن يسجل الموقف المشرف وذلك بالإنجاز إلي الوطن وتجاوز كل الخصومات وأن يصوب بندقيته نحو العدو المشترك ثم ليتفرغ بعد ذلك لمعارضة من يشاء في وطنٍ حرٍ مستقل) يطلب الطيب من المعارضة أن تنحاز إلى الوطن، والوطن الذي يقصده هو النظام، وجاء بمفردة الوطن بدلا من النظام من باب الابتزاز للمعارضة، وطالب بتجاوز( خصومات مرحلة الثورة ) وحدد عدوا مشتركا توجه إليه البنادق ( إثيوبيا ) ثم بعد القضاء على ذلك العدو يتفرغ الناس لمعارضة من يشاءون في وطن حر مستقل، ألا تعلم أيها الطيب أن بلادنا حرة مستقلا منذ زمن بعيد، ولكن مشكلتنا في من يحكم بلادنا والعجيب في الأمر طرحت حلولا لكل شيء ولم أرك تضع أو تشير إلى حل لمعضلة النظام الدكتاتوري، فهل هذه ذلة قلم أخرى، أم أنك ترى في النظام ما لا نراه وكما قيل وعين الرضا عن كل عيب كليلة، وأحسب أيها الطيب أن أمر النظام يعنيك أكثر مما يعنيك أمر الشعب الإرتري.
يريد الطيب موقفا مشرفا من المعارضة الإرترية، وأنا أقول للطيب المعارضة لا تنازعك شرف هذا الموقف لأنها في موقف الشرف و كل من يقف في وجه النظام له نصيب من هذا الشرف كل بحسبه وجهده، والمعارضة الإرترية أشرف من النظام في كل حالاتها وأحسب أن الموقف الذي يريده الطيب من المعارضة أن تكون
لها يد في إنقاذ النظام وتخفيف حدة ووطأة القرار عليه الطيب يريد أن يصرف بندقية المعارضة عن العدو الحقيقي للشعب الإرتري ( النظام الدكتاتوري ) إلى عدو متوهم من إنتاجه وإخراجه وهو الشعب الإثيوبي، وله في ذلك مآرب لا يتسع المجال لذكرها، ولعلي أكون بهذا قد أوصلت الفكرة .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1475
أحدث النعليقات