وقفتا تأمل

بقلم / محمد عمر مسلم

الوقفة الأولى،،، مشكلات القرن أم مصالح الغرب وراء الاهتمام بمنطقة القرن الإفريقي؟

تعنى الدول الغربية بمصالحها أكثر مما تعنى بقضايا حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية حول العالم، أما قضايا حقوق الإنسان ورقة يستخدمها الغرب للتدخل في شؤون الدول لوضع اليد على خيرات ومقدرات شعوبها، ولقد تجاهل الغرب حروب القارة السمراء التي حصدت الآلاف لأنها لم تشكل خطرا مباشرا على مصالحه، بينما ساق الأمريكان وحلفائهم الكثير من الأكاذيب ومارسوا التضليل الإعلامي ليحتلوا العراق، واليوم يستغلون مشكلات السودان الداخلية ليجدوا فيه موطأ قدم طمعا في خيراته وثرواته، ودعم الغرب لأنظمة دكتاتورية في العالم، وانتهاكات جيوش الأطلسي لحقوق الإنسان في العراق وأفغانستان يعكس عدم مصداقية الغرب في رعاية حقوق الإنسان خارج نطاق حدوده.

اهتمام الغرب بالقرن الإفريقي لم يكن نابعا من إنسانيته بل من حرصه على مصالحه في المنطقة، فدعم النظام الإرتري للمعارضة الصومالية المعادية للسياسات الأوروبية والأمريكية في المنطقة، وترحيب النظام الإريتري  بالوجود الإيراني وحلفائهم الحوثيين على أراضه، رأى الغرب فيه تهديدا لمصالحه في منطقة القرن الإفريقي، فالحراك الغربي جاء خوفا على مصالح الغرب، ولم يأتي مواساة لشعوب القرن الإفريقي، يلتفت الغرب لمعانات الشعوب عندما تتقاطع مع تهديد مصالحه، بينما نجده لا يحرك ساكنا عندما تكون تلك المصالح في مأمن مهما تبلغ المعانات بالشعوب خارج نطاق دوله، وكثيرا ما قدم الغرب دعما لأنظمة ديكتاتورية عندما يتقاطع حفظ مصالحه مع بقائها، متجاهلا أو مسقطا من حساباته معانات شعوبها، والدليل على أن الغرب مهتم بمصالحه أكثر مما هو مهتم بمعانات إنسان القرن الإفريقي، عدم إشارة القرار الصادر من مجلس الأمن تجاه النظام الإريتري، في حيثياته إلى معانات الشعب الإرتري، وإشارته فقط إلى مسألة دعم النظام للمعارضين لحكومة شريف، ومسألة إحتلاله لأراضي جيبوتية، فان قبل النظام الإرتري الالتزام بما جاء في القرار قد ترفع عنه العقوبات ويكافأ وإن استمرت معانات الشعب الإرتري، لعل الغرب لا يرى في معانات الشعب الإرتري عامل تهديد لمصالحه في المنطقة، وإلى أن يرى الغرب في معانات شعبنا عامل تهديد لمصالحه سيظل متجاهلا على المستوى الرسمي على أقل تقدير معانات الإنسان الإرتري، بخلاف منظماته وهيئاته الحقوقية التي سلطت الأضواء على معانات الإنسان وانتهاك حقوقه في إرتريا.

 

الوقفة الثانية ،، لماذا يريد لنا الآخر الشوفيني الإقصاء والتغيب في محطات مهمة ؟

مرت القضية الإرترية، بمحطات تآمرية منها محطة إلحاق إرتريا بإثيوبيا، ثم محطة إنزال العلم الإرتري، ثم محطة القضاء على الجبهة، ثم محطة لندن قبل الاستقلال، نجد القاسم المشترك بين تلك المحطات باستثناء محطة القضاء على الجبهة، هو غياب الطرف المسلم وحضور قوي لمتعصبي التقرنيا، ما جعل مخرجات تلك المحطات تمثل طموحات وأمال الإقصائين من قومية التقرنيا، ولم تمثل بحال طموحات بقية طوائف الشعب الإرتري، المحطة التي سجل فيها الطرف المسلم حضورا قويا بخلاف الطرف الآخر هي محطة الكفاح والدفاع عن إرتريا أرضا وشعبا بقيادة جبهة التحرير، هذا الدور المشرف للمسلمين لم يكن محل رضا من إقصائي ومتعصبي التقرنيا، لذلك أسسوا الجبهة الشعبية للقضاء على جبهة التحرير ليغيب معها حضور الشريك المسلم في المحطات القادمة، وقد أنجز متعصبي التقرنيا مهمة التغيب من خلال تحالفات مشبوهة وبدعم مادي ومعنوي من الكنائس الغربية، فكانت النتيجة غياب الطرف المسلم عن المحطة اللندنية وما بعدها، وما أن وصل متعصبي التقرنيا إلى الحكم تنكروا للشراكة ومتطلبات الثنائية الدينية والثقافية، وأظهروا سلوكا عدوانيا تجاه الطوائف الأخرى، وحرموها من حقوقها المشروعة واستحوذوا على السلطة والثروة.

ما جعلني أعود بالذاكرة إلى الوراء أولا لأن الشيء بالشيء يذكر، وفهم الماضي يساعدنا في فهم حاضرنا، ثانيا نحن على أعتاب محطة جديدة، يحاول فيها متعصبي التقرنيا تكريس ممارسات الماضي من إقصاء وتهميش التي أجادوها في المحطات الماضية، لتغيب أو تحجيم دور طوائف الشعب الإرتري التي كانت ضحية الإقصاء والتهميش والحرمان على يد الجبهة الشعبية، حدد المتعصبون الإقصائيون من قومية التقرنيا العمل في ثلاثة جبهات لتحقيق أهدافهم

الجبهة الأولى،،، العمل على تغيب دور جبهة التضامن بالكلية أو حجبه أو تحجيمه في المرحلة القادمة، وذلك من خلال حملات منظمة تولى كبرها تنظيمات لها مواقف مسبقة من تنظيمات جبهة التضامن، ومنظمات مدنية أنشئت لذات الغرض والقائمين عليها ذو صلات بالجبهة الشعبية، ومواقع مشبوهة جميعهم رموا جبهة التضامن بكل نقيصة كالإرهاب والطائفية والقبلية، أيضا مارسوا السلوك الإقصائي في ندوة بروكسل في حق التنظيمات الإسلامية والقومية وكأن الأمر لا يعنيهم، وكان للمشاركين في الندوة دور في هذا الإقصاء، وما سطروه دفاعا عن موقفهم دليل على التورط في عملية الإقصاء.

الجبهة الثانية ،،، العمل على العودة بالعلاقات بين النظام الإرتري والحكومة الإثيوبية إلى سابق عهدها، حيث ظهرت وساطة سويدية وأخرى نرويجية وخلف تلك الوساطات عناصر من التقرنيا، إضافة إلى ندوة لندن التي كان موضوعها العلاقة بين الشعبين، الملفت أن من قام بالتنظيم والإعداد للندوة هم ممن لهم صلات بالجبهة الشعبية، وكان البعض ذات يوم سفرائها في الغرب لجلب الدعم، الحضور المسيحي كان الغالب في الندوة، بينما كان مراعى في حضور الطرف المسلم القلة و الولاء وحضوره كان من باب التبرك وإعطاء الشرعية لما يتم إقراره في الندوة، وسوف تتبع ندوة لندن ندوات أخرى ما يعني أن الجماعة شغالين ليلا على نهار.

الجبهة الثالثة،،، العمل على لم شمل فرقاء التقرنيا وتوحيد صفهم في معسكر المعارضة، كمرحلة أولى وقد تحققت بميلاد حزب الشعب الديمقراطي، الذي جمع شتات المدرسة الإقصائية في المعارضة، قد يقول قائل معهم مسلمون نعم وهم قلة والقلة تتبع الكثرة ووجودهم من أجل تكملة البروستيج وجلب البركة وإعطاء الشرعية لسياسات الحزب، كما فعلت الجبهة الشعبية بالقلة المسلمة، ولا أظن أن تلك القلة المسلمة تملك عصا سحريا أو حق النقض داخل الحزب ليكون لها دور مؤثر في توجه ضفة الحزب، بل المتوقع من تلك القلة المزايدة على القيادة الفعلية لتبرهن على ولائها وتفانيها في خدمة برنامج الحزب لتضمن بقائها في مواقع ديكورية متقدمة، المرحلة الثانية من لم الشمل ستكون بين حزب الشعب الديمقراطي والنظام الحاكم، وبهذا تتم عودة الأبناء من غربتهم إلى حضن الجبهة الشعبية، وهو هدف كانت تعمل له التنظيمات المكونة للحزب الجديد، ومعهم السدريون الجدد، الذين شاركوا في الحملة التي شنت ضد التحالف وجبهة التضامن والحركة الإسلامية على وجه الخصوص، وقد تم تدشين المرحلة الثانية من لم الشمل بعقد لقاءات بين قياديين من حزبي الشعب والديمقراطي ومسؤولين من الجبهة الشعبية في عاصمة أرووبية في الفترة الماضية، وكما جاء على لسان مسؤول هقدفي استبعدت من تلك اللقاءات المعارضة ذات الصبغة الإقليمية والقبلية والطائفية على حد زعمه، ما يعني الإقصاء لتنظيمات وطنية إسلامية كانت أو قومية، ولكن لا غرابة عندما يأتي الإقصاء من أهل الإقصاء والعصبية والنزعة الشيفونية الأمر الذي أثبت للجميع أن الهقدفيين وحزب الشعب الجديد وجهان لعملة واحدة في مسألة الإقصاء وممارسة السلوك العدواني والنزعة الشيفونية تجاه تنظيمات التحالف الأخرى، التي يراد تهميشها وإقصائها وتغيبها في هذه المحطة المهمة من محطات قطار القضية الإرترية.

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=40595

نشرت بواسطة في يناير 10 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010