ويظل الكبار كبارا
عثمان محمد سعيد
كتب المدعو ( أحمد عامر علي ) مقالا على أحد المواقع الإرترية تطاول فيه على القامة القمة الإستاذ حسن سلمان رئيس المؤتمر الإسلامي الإرتري , وحاول فيه أن ينفث سمومه في صاحب الحضور الكبير والجميل في ساحاتنا الفكرية والدعوية والسياسية , والمقال غير أنه إفتقر إلى أدب الإختلاف فإنه ألغى بالمرة الأسس والقواعد المتبعة في عملية النقد حيث إستخدم لغة سوقية منحطة لا تعبر إلا عن أخلاق صاحبها ومستواه الثقافي , ولا أريد هنا أن أتعرض للألفاظ النابية والمخزية والإساءات البالغة , واللغة الجارحة والإستفزازية والإتهامية التي حواها المقال , لأنها معيبة وخارجة عن سياق الذوق الرفيع والأدب العام ، توقع المواقع التي تسمح بنشرمثل تلك المقالات في المسؤولية التقصيرية .
وهنا أتشرف جدا أن أسطر كلمات مستحقة بفيض من الحب ، وأن أطرز حروف واجبة بدافع من الود, لمن نحسب أنه إستثناء في واقعنا السياسي والفكري المعاصر , وإنصافا لمن نستمد منه بعض حاجاتنا الفكرية والروحية , وكل معاني الصمود والقوة والإرادة والتحدي والأمل والثقة , ونصرة لمن أوقف حياته كلها لمبادئ الحركة الاسلامية وقيمها , وتصديا لبعض أصحاب المرض والغرض والذين لديهم مشكلة في قياس القامات , والذين إمتهنوا إنتقاص الفضلاء والتقليل من مكانتهم وشأنهم , وتعرية للأقلام الحاقدة والمملوءة بالكراهية والحقد والبهتان , تحت دعاوي حرية الرأي وحق التعبير والتي صارت كقميص عثمان يلبسه الكثير من ذوي النوايا السيئة والخسيسة , والتي أصبحت تعني في نفوسهم المريضة جواز السب والشتم والتخوين ، وتعني في فهمهم السقيم الهبوط بمستوى الإختلاف في الرأي ووجهات النظر إلى درك سخيف ومبتذل , فضلا عن الإستغلال المسيئ لحق الإختلاف كفرصة سانحة للتعدي والتجني والتبلي إلى ذوات الأشخاص المحترمين ولتأجيج الصراعات الفئوية و الجهوية والعنصرية البغضية.
فمع أنني على المستوى الشخصي لست من أنصار كتم الأصوات وتكميم الأفواه ولن من الذين يؤمنون بمصادرة حق الإنتقاد والتصدي للأفكار والمواقف العامة , وقناعتي ستظل كبيرة وكبيرة جدا بأهمية وضرورة إتاحة حيز منضبط للتعبير عن الآراء والمواقف , حتى يتمكن الذي يملك رأيا أن ينشررأيه , والذي يملك صوتا أن يسمع صوته دون حرج طالما إلتزم بالضوابط والأسس النقدية المتعارف عليها .
والمؤتمر الإسلامي ككيان سياسي ذكر أكثر من مرة أن تجربته العملية تجربة بشرية محضة ليس لها أي عصمة ولا قداسة ولن تكون فوق النقد والمراجعة , ويظل إبداء الرأي وحق التعبير حول التنظيم كخطاب ونهج ومواقف مباح ومتاح , وتظل إطروحات قادته ورؤاهم بما فيهم رئيسه إجتهادية لا حقائق جازمة ومطلقة وبالتالي فهي قابلة للصواب والخطأ وللإستدارك والتصويب والتصحيح , وعرضة للإتفاق والإختلاف .
وهنالك أقلام عبرت بمنطق هادف وواضح في نقد المؤتمر الإسلامي كخط ومماراسات ومواقف , و كتابات رزينة ومتسامية بعيدة كل البعد عن الإبتذال والبذاءة تناولت أطروحات رئيس التنظيم وإجتهاداته بالنقد والحوار والنقاش , كانت في مجملها محل إهتمام وإعتبار من التنظيم ورئيسه , واستخدم التنظيم حقه في التصحيح والتوضيح على بعضها في حينه وبشكل هادئ ومؤسس, وفي كل الأحوال فإن النقد الذي يكشف مواقع الخلل والخطأ ويهدي العيوب والنقائص سيكون محل ترحيب وتقديرمن التنظيم بإعتبار أن ممارسته العملية وحراكه الميداني ومواقفه السياسية تظل تقديرية غير معصومة من الخطأ , ولايعني ذلك كليا الخيانة والتواطؤ وحصان طروداة كما ذهبت بعض كتابات من نحترمهم ونقدرهم , فالخطأ سيظل شيء والخيانة شيء آخر , وأن ثمة فرقا جليا وواضحا بين من يخطئ وبين من يخون .
وهنا من الأهمية بمكان التفريق بين النقد البناء والايجابي وفق القواعد والأصول المرعية كحقا غير قابل للمصادرة والإنتقاص , والنقد الإسقاطي الذي يستهدف الأشخاص ويسيئ إليهم بالكذب والبهتان سواء بطريقة مباشرة أوغيرمباشرة والذي يعتبرجريمة توجب المسآلة والمحاسبة , وهو ما يوجب بضرورة إحترام المسافات الفاصلة بين الخاص والعام ، وبين حرية الرأي والإساءة , وبين حق التعبير والفوضى، وبين النقد والتشويه , وبين الصواب والخطأ، و بين الجائز و غير الجائز , لأنه ومهما تكن المبرارات فإن حرية التعبير لا تعني تجاوز أخلاقيات المهنة الإعلامية وآدابها بشخصنة الانتقادات والإساءة للشخصيات, وإن حق الانتقاد لا يعني جواز نشر البذاءات والدسائس ونهش الأعراض وبث سموم الفرقة والجاهلية البغيضة , فأعراض الناس كل الناس ليست مباحة ولها قدسيتها المطلقة وعصمتها وخصوصيتها , وتظل الحياة الخاصة خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه و لا الإقتراب منه مع أن الإستاذ حسن سلمان لا توجد في حياته العامة والخاصة ما يخجل منه , بل هي كلها مكان فخر وإعتزاز تناطح عنان السماء شموخا وإباء.
وواحدة من الاشكالات المنتشرة في مواقعنا الاعلامية أن هنالك من يحاول أن يمارس حرية الرأي دون إلتزام وحق النقد دون مسؤولية كما فعل المدعو ( أحمد عامر علي ) والذي لايمكن تصنيف مقاله في خانة النقد تحت أي مبررأوظرف فهو مقال جائر يأتي ضمن سياق حملة جائرة ضد التنظيم ورئيسه , وفق خطة مرسومة بدقة متناهية لها أهداف وأدوات تنفيذ وثمن , تقف خلفها وتدفعها أماني الذين كانوا قد راهنوا تحت القسم الغليظ بنهاية المؤتمر الاسلامي وإندثاره في زمن وجيز لايتجاوز الستة أشهر من إنطلاقته الميمونة , والتي تمددت بركة وخيرا لأربعة أعوام مديدة , وستمتد بإذن الله إلى أن تحقق كل مبتغاها ومقاصدها النبيلة , وهم الذين مازالوا يتمنون حسدا وغيرة أن يروا المؤتمر الإسلامي ورمزه الباسق قد إنسحبا من الساحة الفكرية والدعوية والحياة السياسية كليا حتى تخلوا لهم الساحة ليفسدوا فيها على قدرحبهم للافساد ولذلك يسيئهم جدا أن يروا التنظيم شامخا بشموخ عضويته وقد حقق بعضا من نجاحاته الكبيرة وأدرك جزءا من مطلوباته الهامة , ويسوأهم أكثر أن يروا الإستاذ حسن سلمان وقد برزت له بعض مقومات النجاح والإبداع وشيء من الإجماع المقبول وكثيرمن المكانة المعتبرة , فيعمدون بكل خسة ودناءة إلى إغتيال شخصيته بكل علوها وسموها.
ولقد تابعت وبإستغراب شديد مسارات تلك الحملة الظالمة والتي تستغل كل فرصة وسانحة بمناسبة وغير مناسبة في النيل من المؤتمر الإسلامي والاساءة لرئيسه , في معركة ( دنكشوتية ) لا معنى لها ولا قيمة , وهي معركة خاسرة وبائرة لا تتطلب أي قدر من الشطارة أو موهبة , و لاتكلف غير إتكاءة خاملة على كرسي وثير في غرفة باردة ثم إطلاق عنان الأصابع على ( كيبورد ) للهمز واللمز والغمز والسباب والشتائم بالكذب والبهتان والإنتقاص من القامات الفكرية السامقة العلو والتطاول على الهامات السياسية المتناهية السمو , في محاولة يائسة لإحراق صورها المشرقة, , ولنسف تاريخها النضالي العظيم .
فالإستاذ أبو البراء باستثناء كونه رمزا سياسيا وتنفيذيا للتنظيم المؤتمر الإسلامي , فهو أحد الرموز الفكرية والدعوية والسياسية , والتي لا يجهل مكانته إلا مكابر أو حاقد , عرفته الحياة العامة الإرترية بمبادراته السياسية الواعدة وبإنفتاحه على الجميع وبإتزان أفكاره وإعتدال مواقفه , وبدعمه الإيجابي لحرية الفكروالإختلاف والتسامح،و بحضوره العميق في الواقع الفكري والسياسي , ولذلك وكغيره من رموز التنظيمات السياسية يظل محل إحترام وتقدير من مختلف المعادلات السياسية والثقافية والاجتماعية الأرترية .
كما أن للإستاذ حسن سلمان بصمته الكبيرة والواضحة على الحركة الاسلامية الارترية المعاصرة عبر مختلف بوابتها الفكرية والدعوية والسياسة , ولقد عرفته ساحاتها التربوية والدعوية مربيا وداعيا وخطيبا , وعهدته ميادينها السياسية بملكاته التنظيرية وبإسهاماته التحليلية وتأملاته العميقة في الاستراتيجيات والمستقبليات التي تحقق أشواقها وطموحاتها , وشهدت له مسيرتها الظافرة ومازالت بالجدية والحيوية والحماس فى نشر مبادئها وقيمها , ولاغرابة أن يكون الإستاذ من القادة القلائل في الحركة الإسلامية الذين مازالوا يؤدون واجباتهم الدعوية والتربوية بإنتظام .
وللإستاذ حسن سلمان رصيده وكسبه المعتبر من أبناء الشعب الإرتري والذين يؤيدون توجهاته وأطروحاته والتي يجدون فيها قناعاتهم وأحلامهم وتطلعاتهم , بل تجاوز صيته وقيمته الفكرية والسياسية والدعوية خارج حدود الوطن .
و لاعجب وشخص بمثل هذه السيرة العطرة والمشرقة أن يتعرض للتطاول والنيل , فأصحاب الإنجازات العظمى عبر التاريخ كله كانوا عرضة لسياط أقلام الإفك ، وسهما لمرضى النفوس وأصحاب الدسائس والأحقاد , لم يسلم منهم حتى سيدي صاحب المقام المحمود والمعصوم , خير البشر وأفضل الخلق محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الذي زكاه ربه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) والذي قال فيه شوقي صدقا وحقا :
خلقت مبرأ من كل عيب —– كأنك قد خلقت كما تشاء
ويبقى التعجب كله كيف أن موقع محترما له تاريخ نضالي مقدر , والذي يعتبر مع مثيلاته من المواقع المعارضة قيمة مضافة ومعتبرة في تعرية النظام القمعي وفضح سياساته الهمجية , كيف سمح بتمرير تلك المقالة المليئة بالتعبيرات البدائية والهمجية والتي تضر بالموقع وسمعته قبل أي شيئ , ولا أدري مالحكمة من ترك الحبل على القارب بنشر المقالات الموظفة صراحة أو ضمنا في بث الكراهية وتشويه سمعة الكيانات السياسية المعارضة ورموزها زورا وبهتانا .
ولا يكفي و لا يعفي إدارات المواقع الاعلامية تسطيرها للعبارة الخجولة ( المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع ) من تحمل مسؤلياتها القانونية والأدبية تجاه من يتعرضون إلى السب والشتم والتحقير بالكذب والبهتان أفرادا كانوا أو تنظيمات , فالنقد أصوله وأدابه يجب أن تحترم وتلتزم , فإذا كان نقد الكيانات وقادتها حقا , فإن إحترامها وتقدير رموزها حق آخر وآكد .
و أقول للمدعو ( أحمد عامر علي ) أن كرت الإتهام بالعمالة للجبهة الشعبية والتؤامر مع المسيحين لضرب المسلمين أصبح كرتا باليا باهتا لا يجذب حتى البلهاء والسذج , وأصبحت عملة قديمة وكاسدة كورقة أهل الكهف غير مبرأة للذمة فهي شنشنة ممجوجة نعرفها من قديم في إطار تصفية الحسابات والفجور في الخصومات , ويكفي الإستاذ حسن سلمان شرفا وعزا ومجدا أنه من أوائل من واجه الجبهة الشعبية بسنانه قبل بيانه , بأفعاله قبل أقواله , ومازال صامدا يؤدي رسالته بكل ثقة ويقين ويمارس واجباته بكل همة ونشاط في محاربة سياسات وتصرفات نظام الجبهة الشعبية القمعي .
وحينما توجه مثل تلك التهم البهتانية للقامات والهامات الكبيرة , والتي هي فوق الشبهات والشكوك تكون بالطبع قد أرسلت للعنوان الخطأ وللنمرة الغلط , فضلا عن أن القامات الكبيرة لا تجيد طريقة ( إياك اعني وأسمعي يا جارة ) فهي تعلن مواقفها وإطروحاتها صراحة وبدون مواربة وبكل وضوح , ولا تحتاج مطلقا لتخفي في أسماء مستعارة لتمرر به قناعاتها أولتواجه به خصومها , كما فعل المدعو ( أحمد عامر علي ) , والذي ظن – وكل الظن هنا إثم – أن التخفى في إسم وهمي وعنوان كاذب قادران على إخفاء معالم جريمته , وقد فاته أن يتذكر أنه لا توجد جريمة كاملة حيث كان قد كتب قبلها بأيام معدودات مقال ردد فيها نفس الاساءات ونفس الأكاذيب وبإسمه الحقيقي المزيل دوما بمكانة وهمية أعطاها لنفسه بالباطل .
غير أن المقامات السامية لا تنزل إلى ساحات التراشق والتخوين والمؤامرات , ولن تنحدر إلى هوة التلاسن ووحل الشتائم , والتي هي مكانة تناسب ( بأحمد عامرعلي ) ومن على شاكلاته خفيفي الوزن والعقل والذين تجاوزهم التاريخ تماما ولم يجدوا متنفسا إلا عبر الشتم والسب والتجريح والإتهام والتشوية للقامات الكبيرة والتي أجاب الله نيابة عنها بقوله ( فإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) .
أخيرا : كلمات في حق الشيخ القامة والقيمة :
· مسيرتك الظافرة بالخير واليمن والبراكات وتاريخك النضالي الباهر لا يحتاج إلى برهان , فالحقيقة لن تحجب بمقال عابر أو سطور مسمومة , وستبقى أنت كما الحقيقة دوما في عليائك وسطوعك , كسطوع الشمس في كبد السماء
· التطاول على قامتك الكبيرة هو تأكيد على مكانتك العالية غير أنه ثمن واجب السداد يدفعه الناجحون دوما والمبدعون دوما .
· نثق تماما أن هذ الهراء والطنين لا يزعجك , فإن لم تكن رقما وهالة ماستهدفوك , وعهدنا بك أن الإستهداف لا يزيدك إلا رقيا وسمو .
· وقائع التاريخ وحقائق الواقع تؤكد دوما أن الذين يحاولون سفها ازالة نخلة باسقة بثت جذورها في رحاب الأرض يخسرون , والذين يحاولون اقتلاع هرم معرفي كبير من مكانه يسقطون .
· وسيخسأ مستهدوفك وسيذهبون — نعم سيذهبون إلى مذبلة التاريخ — لأنهم ليسو أكثر من زبد .
· المؤتمر الإسلامي ككيان وتوجه وجد ليبقى ولينتصر, وسيبقى وسينتصر بإذن الله .
· ستظل كما كنت بدرا ونجما وكوكبا مشرقا , ومنارة ومنبرا عاليا , تنير سموات الفكر والسياسة والدعوة والعلم .
ومطرا غزيرا ينفع الناس ويمكث في الأرض …
أبقى منتصب القامة أمشي… مرفوع الراية أمشي …
وسلام
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=549
أحدث النعليقات