(2) المجلس الوطني – مرجعية الوثائق
بقلم: بشرى بركت
بالتزامن مع أحداث صناعة الأمل بالسودان هذه الأيام، ربما كان أدعى أن نبدأ حديثنا بالقول بأنّ ميلاد المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي صاحبته ظروف كان لها دور إيجابي في إقناع السلطات الإثيوبية وكان لهذه الظروف أيضاً دوراً مؤثراً على الفضاء السياسي الإرتري وقد تمثلت هذه الظروف في معطيات المنطقة التي كانت تعج بالثورات والرغبات الجامحة في التغيير الديمقراطي. وقد أجزم بأنّه كان قد ساد لدى حكم التقراي في إثيوبيا مفهوم أنّ استعار ثورات الربيع العربي ستلهب مشاعر الإرتريين (ممن هم أقرب إلى الثقافة العربية) وسيفجرون الموقف في الداخل والخارج!! وقد نتج عن هذا عدم سعي التقراي لإقصاء وعرقلة عمل التنظيمات المحسوبة على الإتجاه أعلاه والتي سعى التقراي عبر كلّ الأزمنة لإزاحتها من الساحة. وهذا يبرّر موقف التقراي العدائي من المجلس لاحقاً.
ولوضع الأمور في نصابها الصحيح لابد من التّأكيد على أنّ التكوين الطبيعي للمجلس الوطني أتى عبر تراكم المحاولات المتعاقبة للمعارضة الإرترية وجهدها الدؤوب الذي استمر لسنوات عديدة سعياً وراء تحقيق العمل الجماعي عبر سنوات سابقة وحقق من خلالها بعض التقارب وأوجب الإجتماع للإجماع، ولذلك يجب التأكيد على أنّ المجلس فرصة تاريخية غير عادية أنتجتها ظروف غير طبيعية ومن ثم لم يكن سهلاً على أي معرقل محترف الصمود أمام انطلاقة المجلس. وقد ضمن هذا الحال التأكيد على طبيعية الميلاد في مرحلة مفعمة بالأمل في التغيير الشامل في المنطقة باكملها وضمن مصداقية الحراك الذي نتج عنه المجلس، ومن ثم حقيقية النتيجة التي يندر أن تأتي في هذه الأزمنة التي يعيث فيها العابثون إفساداً وتضليلاً.
ضمن ما أنجزته لقاءات أواسا من حقائق تعيش بيننا تأتي الوثائق التي قام عليها المجلس حيث أتت معبرة عن طموح شعبنا ومواءمتها للمرحلة التي تمّ تأسيس المجلس فيها.
من المؤكّد أنّ هذه الوثائق يمكن أن تكون نواة جيدة لعمل مستقبلي أو على أقلّ تقدير يتم التعامل معها على أساس أنّها أٌسٌس توافقية للمجتمع المقاوم بعد تكييفها مع المعطيات التي تعج بها المنطقة وليكن للجميع حق الإدلاء بدلوه في سبيل تحديثها ضمن برنامج وجدول زمني يتم وضعه خصيصاً لهذه المهمة، ومن ثم اعتبارها الحد الأدني الذي يتفق عليه الجميع ثم يكون لزاماً على الكلّ أن يسعى لإنجاز المهمة ضمن الأجندة الإجماعية المتمثلة في تلك الوثائق.
وبما أنّ المجلس الوطني خيار الديمقراطيين الإرتريين و”المظلة الجامعة للمعارضين الإرتريين” المؤمنين بالعدل والمساواة والساعين للتأسيس لعملية التحول الديمقراطي التي تجتمع عليها كل مكونات إرتريا باعتبارها صاحبة ملك لهذا الوطن بالتساوي (الميثاق – الفصل الثاني) ويجتمع فيه المواطنين الإرتريين كلُّ يحمل صوته ورؤيته تتنافس بشرف في ظل نظام دستوري يضمن لوطننا ومواطنينا مستقبلا أفضل؛ وبما أنّه كذلك، فإنّ وثائقه الأساسية المحدثة يمكن اعتبارها دستوراً ومرجعاً للعمل المقاوم حتى الوصول إلى إزالة هذا النظام الغاشم ثم التحضير ضمن المرحلة الإنتقالية ومن ثم الوصول إلى الحكم الدستوري الديمقراطي واستعادة كامل حقوق الشعب الإرتري ومعاقبة كل من عبث بإرادة ومسيرة هذا الشعب.
بالنظر إلى “المنطلقات” ضمن ميثاق المجلس نجد أنها أساس سليم وملامسة مقنعة لمجمل القضايا والمظالم التي ظل يعاني منها الشعب الإرتري على مدار عقود مديدة. وعليه نجد أنّه من المنطقي والطبيعي التمسك بها باعتبارها التعريف السليم والمباشر لطموح الشعب الإرتري.
وبما أنّ المجلس قد تأسس على هذه المنطلقات وجعلها على رأس أولوياته فلا مناص من التمسك بالمجلس ووثائقه والسعي لتحقيق برنامجه المعلن بمرحلتيه ( التحول الديمقراطي/ الإنتقالية) للوصول إلى دولة القانون والحكم الدستوري.
بعد تثبيت المذكور أعلاه يكون من الطبيعي تحديث وسائل التحرك ومن ثم يتحتم على المجلس إعادة النظر في خارطة الطريق التي يفترض أن تتغير مضامينها ووتواءم مع الأحداث المتتابعة التي أغرقت المنطقة وتسير بسرعات غير طبيعية مما يعني أنّها ستأتي بنتائج غير طبيعية ومن ثم وجب الإستعداد لما سيأتي بمفاهيم تتواءم مع هذه الحالة، وربما نكون في لحظة تغيير فارقة ان صدقت بعض القراءات.
المعروف يقينا ودون شك هو أنّ المنطقة تسير عكس اتجاه أحلام الطاغية الذي يدعي أنّه مسيطر على الأوضاع، ولكن المؤكّد هو أنّه الصوت النشاز في الأسراب التي تغرّد في منطقة القرن الإفريقي، وعليه فإنّ ما يجري ليس إلّا تجريده من كروت الضغط والإرهاب التي ظلّ يٌرعب بها المنطقة. وفي المقابل، ربما، وفي أفضل الاحوال، ستعمل القوى العظمى على إيجاد مخرج آمن له لا أكثر على سبيل المكافأة.
في هذه الحالة والتي أراها الإحتمال الأكثر ترجيحاً، فإنّه لا شك أنّ أهمية الإستعداد لمرحلة انتقالية فعلية أصبحت ضرورة مع منطقية استشراف ما سيجري في القرن الإفريقي.
وبما أنّ وثائق المجلس الوطني هي أفضل ما لدينا لهذه المرحلة التي قد تأتي في أي لحظة، ولأن هذه الوثائق جاءت نتيجة جهد جماعي استمرّ سنين عدداً، ولأنّ المجلس هو خيارنا الأفضل المتاح والقابل للإصلاح فإنّ الأمر يكون في غاية الأهمية للوصول به لمؤتمره بأقصى سرعة ممكنة والعمل على تجديد الدماء فيه وتحسين وثائقه ومن ثم تأكيد وجوده على أنّه هو البديل الإنتقالي الديمقراطي.
وهنا أعيد إقتراح ما قام بعض الشباب باقتراحه سلفاً بشأن الوصول بوثائق المجلس لكل ابناء المجتمع الإرتري ومناقشتها في كل الوسائط ثم الدعوة لمؤتمر المجلس الذي يمكن أن يعقد في عدة مواقع يتم ربطها جميعاً عبر تقنية الفيديو كونفرنس، ويتم دعوة الإسفير الشبابي للمشاركة فيه بفاعلية حتى نصل إلى رؤية تشمل الجميع يتم حقن جسد المجلس بها وتعزيز طاقاته وإمكانياته.
(3) المجلس الوطني – السحب إلى القاراج … يتبع.
ب.ب
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43741
أحدث النعليقات