أفورقي يدق طبول الفتنة الطائفية
مركز دراسات القرن الأفريقي
ترجمة رسالة جهاز الأمن الوطني (قسم الأمن الداخلي) المعممة إلى أقسام وزارة الشئون الخارجية ، منها الرسالة التي بين يدينا و الموجهة لسفير دولة ارتريا في انجلترا بعنوان :
( الحفاظ على الأمن الوطني والأهداف السياسية للأحداث )
أود هنا أن ألقي الضوء حول أهم الدلالات السياسية لهذه الرسالة الرسمية .
أولا: التأكيد علي أن الذي يحكم ارتريا هو جهاز الأمن ووحداته وأفرعه وتشكيلاته الظاهرة والمخفية ، ولهذا لم نسمع بأي تصريح رسمي حول الأزمة السياسية والأمنية والعسكرية التي لم تشهد ارتريا أزمة مثلها منذ الاستقلال ، كما لم يصدر أي تصريح من رأس الدولة ، أو المسئول الإعلامي والناطق الرسمي حتى ولو كان تلقينا، أو وزير الداخلية باعتبارها أزمة أمنية داخلية وهو معني بها، فقط نقرأ رسالة من جهاز الأمن هي عبارة عن تعميم داخلي بالإجراءات الأمنية التي سوف تتخذ ضد كل من يعتقد أنهم متورطين في المحاولة ، وما كان لنا أن نحصل حتى علي تلك القصاصة لولا ثورية الجالية الإرترية في انجلترا مشكورة في اقتحامها للسفارة الإرترية في لندن .
ثانيا: وصف ما حدث من حركة الجيش في فورتو(أي القلعة) بأنه تطرف ديني و حالة من عدم الشعور بالمسئولية الوطنية ، والتأكيد على أن التحرك الذي قامت به هذه المجموعة يحظى بتأييد كبير من داخل وزارة الدفاع مما يؤكد أن الوضع في ارتريا غدى فوق أن يحتمل . كما أن المضمون الذي انطوت عليه الرسالة هو التهديد المبطن للدبلوماسيين في الخارج بأن لا يقفوا إلى جانب هذه الوحدات مما قد يكسبها دعما سياسيا ويوسع من دائرة الاحتجاجات.
الكل يعلم بأن رموز الحركة الانقلابية جميعهم من أبناء الجبهة الشعبية الشرعيين إن كان لها أبناء شرعيين ممن نشئوا وترعرعوا داخل صفوف قوات الدفاع الإرترية منذ نعومة أظفارهم ودافعوا عن هذا الوطن وأبلوا بلاءا حسنا فيه ولا يستطيع أحد مهما علا كعبه في الجبهة الشعبية أن يساويهم ناهيك أن يتطاول أو يزاود عليهم . وقد توبؤا هذه المواقع العسكرية القيادية عن قوة واقتدار وجدارة وليس منة أو عطية من أحد ، وعلي أكتافهم وأكتاف أمثالهم من الجنود المجهولين وصلت الجبهة الشعبية إلي سدة الحكم ولا تزال فيه حتى اليوم . وليس لهم ذنب أو جريرة ينتقص بها من أقدارهم ووطنيتهم كما زعم جهاز الأمن سوي أمرين هما :
1- أن من بينهم ولا أقول كلهم بعض الأسماء اللامعة من جنرالات الجيش هم من أبناء المسلمين، وهذا في حد ذاته سببا ومبررا كافيا عند النظام الإرتري للاتهام بالإرهاب والتطرف الديني، ولدى أفورقي أسوة حسنة في جورج بوش (من ليس معنا فهو ضدنا) وهذه سياسة أثبتت الأيام بوارها وكسادها لدي دول المنبع والمصدر ناهيك لمن يدور في فلكها من دول العالم الثالث وإن أدعي الاستقلال والتحرير الزائف .
2- أنهم انحازوا لمطالب شعبهم وهمومه وشواغله وهذا شان كل الجيوش الوطنية المخلصة فعندما ثار الشعب في 25 يناير في مصر علي وجه الطاغية حسني مبارك وحزبه انحاز الجيش للشعب مطالبا حسني بالتنحي والأمثلة عن ذلك أكثر من أن تحصي ، فهم لم يفعلوا سوي المطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسية ، والانتقال إلي الشرعية الدستورية والقانونية بدلا من قانون الغاب وحكم الطوارئ . والاتهام بالطائفية والتطرف فرية وكسبا رخيصا تحاول أن تختبئ الجبهة الشعبية الحاكمة خلفه من أجل كسب عواطف مواطنيها النصارى، بعد أن خسرت المسلمين في الداخل والخارج ممن هم خارج حزبها المعلول المعتوه .
وبفعلها هذا اليوم تخسر المسلمين ممن هم كانوا داخل حزبها.
ولعل أجمل وأروع ما في هذه المحاولة الانقلابية هو اضطرار الجبهة الشعبية الحاكمة للكشف عن وجهها، وسياساتها الحقيقية التي كانت تنفذها في الخفاء أن تعلن عنها في ضوء النهار( أي الطائفية الدينية) .
وأقول مخاطبا العقلاء من أبناء الشعب الإرتري المسيحي عامة والنخب السياسية والثقافية منهم علي وجه الخصوص ، أن مثل هذه الخطابات التمييزية الطائفية يجب أن يتصدوا لها ويعملوا علي كشفها وتعريتها قبل أن يغرق الجميع طوفان (الطائفية الدينية) الذي تدق الحكومة الإرترية طبوله وهذا دليل علي محدودية فرص نجاح الخطاب السياسي للحكومة الإرترية بحيث لم يبق لها إلا هذا الرهان الخاسر بإذن الله .
3- أن استمرار الاعتقالات الواسعة داخل كبار مسئولي الإدارة الحكومية وكبار ضباط الجيش والتهديد بفرض عقوبات قد تصل حد الإعدام خاصة لكبار ضباط الجيش وكبار المسئولين ليس فيه أمر جديد وإنما استمرار لسياسة مرسومة ومتعمدة سابقا لدي حكومة الجبهة الشعبية اكتوي الشعب الإرتري وقواه السياسية بما يكفيه منها ، فقط الجديد هو كون أن هذه الاعتقالات والإعدامات موجة اليوم داخل خيمة الجبهة الشعبية وفي أهم وأخص مرفق من مرافقها الحيوية هي قوات الدفاع الإرترية ، و من يزرع الشوك لا يحصد العنب.
للتواصل مع مركز دراسات القرن الأفريقي :
Hornafrica2003@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30205
أحدث النعليقات