الحاج صالح إندقوا ، الشاعر السيهاوي الوطني المخضرم
بقلم: حامد سفر
الحاج صالح شاعر وطني في مقدمة الشعراء الوطنيين الذي حملوا لواء التعبير عن هموم شعبهم ووطنهم. عرف الحاج صالح بسلاسة شعره ، وجزالة عباراته ، واتساق معانيه. ينتمي الحاج صالح إلى أسرة عرفت بالشعر والفضل. إشتهر بوطنيته ، وتغنيه بأمجاد أرتريا. تنوعت مواضيع شعره من حكمة ، ورثاء ، ومواعظ ، وقضايا وطنية. وقد طغت القضايا الوطنية على شعره بصورة كبيرة ، حيث كان مفعما بحب وطنه ، ومتفاعلا مع الأحداث السياسية ، ومناديا أصيلا لإستقلال أرتريا. وقد عاصر الحاج صالح كل الأحداث السياسية من فترة تقرير المصير إلى بدايات التحرير. ولذلك يكاد شعره يكون ديوانا وسجلا تاريخيا. وأشعار الحاج سهلة العبارة ، وتكثر فيها المفردات العربية ، ولها جرس موسيقي له وقع جميل على الأسماع. وكان للحاج حاسة عجيبة ، ظهرت في أمور تنبأ فيها ثم ظهرت فيما بعد ، وله أدعية ظهرت فيها الإجابة. أشعار الحاج كثيرة ، وكان يرتجلها حيثما اتفق ، وكان الناس يطلبون منه أن يقول شعرا أينما حل. ولعل الكثير من شعره قد ضاع ، وما بقي فهو مما حفظه الناس وتناقلوه بينهم. وقد جرت محاولة لجمع شعره في شريط ولكنها كانت محاولات مبعثرة. ولا زالت أشعاره بانتظار من يجمعها ويحققها، فهي تراث ليس للساهوا فحسب ، بل للوطن الذي نذر شعره له. وفيما يلي إطلالة سريعة على مقتطفات سريعة من شعره ، مما اسعفتني الذاكرة ، وبجوارها الترجمة باللغة العربية. والترجمة ليست ترجمة حرفية ، وإنما إجمالية تقريبية ، والأشعار تفقد رونقها حين تترجم.
عاش الحاج صالح متنقلا بين عدة بلدان ، واستقر أخيرا في السعودية ، حيث توفي ودفن فيها.
مختارات من قصائده الوطنية:
1-قصيدة في رفض إلغاء ضم أرتريا:
هذه قصيدة قيلت في أيام حكم أسفها ولد ميكائيل وقراره الجائر بإلغاء الفيدرالية :
إرتريا يدهب سفـوا – أرتريا المنسوجة من ذهب
إثيوبيا دى تمرفـوا – تلحق بأثيوبيا!!
توانيك أكمينا تعرفوا – لا تتركوا هذا الأمر يتم
ولا بري أبا إيدجدفوا – وإن أدى إلى قتل الإبن أباه
تباروا سورا تحالفوا- لتقم الثورة[1] في هذا البلد
تلا كا عركى كا يجدفوا – ليكن حتف تدلا[2] على يد صاحبه
أسفها حدجى هينم كفوا – ليبقى أسفها[3] بلا عقب
2- قصيدة في وصف حال أرتريا ومعاناة الناس:
هذه قصيدة قالها الحاج أثناء زيارة له لمقديشوا حيث سأله مضيفه الأرتري عن أحوال أرتريا فقال:
كعدوا مرو نباروه مرتي – لتكن معيشة عدوك معيشة بلدنا
ينجدوا تانى نجـديتـي – عجز التاجر عن ممارسة تجارته
يحرسوا تانى حرستيتي – وعجز الفلاح عن حرث أرضه
فر إشم كوكبا عشكرتي – يفعل فيك العسكري ما شاء
إشلامد أسرا كشتانتي – يشحذ المسيحي من المسلم
كشتاند أسرا إشلامتي – ويشحذ المسلم من المسيحي
سيود بكيتى قميميشتي – تقطعت عن النساء ثيابهن
3- قصيدة في زيارة هيلي سلاسي لمصوع:
هذه قصيدة قالها الحاج أثناء زيارة هيلى سلاسى لمدينة مصوع حيث كان يقيم الحاج صالح:
كباروه أوربا ياموه تكى – مبات (الملك) الليلة صار في مقري
رابطك أيتنينم تكـــى- ما كانت تقوله الرابطة صار واقعا
أما أباه أوكي ظالم يكى – إبن أب السوء صار ظالما
أمندوا ظلمي وناه يكى – والظلم يعود على صاحبه
أكيوا كا زبن نول يكى – أصبح زمنه المكروه لزاما علينا
بري عولولكى عبر يكى – البر أصبج جوعا وفاقة
شوق جرعاكى فنكل يكى- أصبح السوق نهبا وغشا
حكمي منجركى دولب يكى – أصبح الحكم رشوة وتسلطا
أسكنيس ديكى دربت تكى – أصبح الصعاليك في كل موضع ومكان
أردي باعل حبن أف تكى – أصبحت الأرض خالية من الأزواج
شبط ريدنتي كبل يكــى – أصبح الشبشب حذاء النظار
جهاده إدي أقونم حقــى – حق علينا أن نقوم بالجهاد
أوهيدوا ربناه جناه نكـى – إن متنا يكون مصيرنا إلى الجنة
أوهيدوا نغلبه حن تكـى – وإن انتصرنا تغمرنا الفرحة
4- قصيدة في مدح الثورة والثوار:
نسورا سورا أكانم ماكا – ثورتنا ليس مجرد ثورة
جيبد قرشى بيتم ماكا – ثوارها خرجوا وهم لايحملون قرشا في جيوبهم
عريد سلاعو حبتم مكا – ولم يتركوا خلفهم في بيوتهم شيئا ذا قيمة
دولكوا حتو قيتم مكا – ولم يجدوا الدعم من الدول الخارجية
جزائر سورا دعيتم مكا – ثورة الجزائر لم تستطع هذا
ليبياه سورا دعيعتم مكا – ثورة ليبيا لم تستطع هذا
تمن طوركوا دقى أكفكا- عشرة من الطور[4] يقتحم عليهم الباب
عراه هاه ترشيه بكــا- يصفهم ثم يفنيهم بالرشاش
أمى تن سلحه مكـــا – كل هذا بسلاحهم (الطور)
مختارات من مراثيه:
1- مرثية في شهداء دنكاليا:
قال الحاج هذه القصيدة بعد مقتل الشهيد سعيد حسين وعشرة من زملاؤه المناضلين غدرا على يد بعض من ينتمي إلى الجبهة في صحراء دنكاليا :
تمرك أكمينا ربتـمــى – لا تقولوا لهؤلاء أموات
عنديه أنك أفـــرتـمى – هم الذين خرجوا (للثورة) وهم صغار
أبوب أكولا نوك جيتمـى – ونشأوا مع غير أبائهم
مكينون نينعره تمـــى – لم يكونوا ممن خرجوا من أجل منفعة خاصة
ستيند أسمرة سيتمـــى – إقتحموا (بعمل فدائي) أسمرة في الستينيات
تابى جنراولت بكتمـــى – وقضوا على الجنرالات
تنا لوه تمـن أبتنـــى – كانوا عشرة عددا
تن شجاعك شيح أبتنـى – ولكنهم بشجاعتهم كانوا ألفا
أبتن إتيوبيا تنتمــــى – فعلتم (بقتلهم) ما عجزت عن فعله أثيوبيا
سنك يرحن معيم أبتــن – قالوا (الأثيوبيين) حسنا فعلتم
حرية كني حررتمـــى- إنها الحرية التي احترقت (بمقتلهم)
تن باروا مكي أكه وعتمى – ليس بلدتهم فقط التي بكت عليهم
تمن دولا أكاه وعتمــى – بل عشر دول بكت عليهم
ماكنون محكمل ربتمــى- لم يقتلوا بناء على حكم محكمة
ماكنون معركد ربتمـــى- ولم يقتلوا في معركة (مع العدو)
دتور هين لحوا بهتنـى – (بفعلكم هذا) جئتم بمرض لا طبيب له
عدد هين عدا بهتنــى- وتحملتم دينا لا حصر له
تنسراه جبها هتمتمــى – بعدهم الجبهة إلى تشرذم
ديه جيونا تـى أبتمــى – ليلقى جزاءه من فعل هذا عاجلا
2- مرثية في مفتي أرتريا ، الشيخ إبراهيم المختار
ألقى الحاج هذه القصيدة في مجلس العزاء ببيت المفتي في أسمرة :
مختار إيـل أيوسفــــوا؟ – المختار بمن أشبهه؟!
كا أبا عالم كينى كايك بسوا – كان والده عالما قبله
معهد ميننا كايك باســـوا – ما كان هناك معهد قبله
مفتي ماننا كايك باســـوا – ولا كان مفتي قبله
نجوسيه حنكا ما ينكســوا – لم يطأطئ رأسه للملك
عزوما بيتوا ما كسكسـوا – ولم يتهافت على الموائد
قرآن توهدود ما رفــوا – ما باع القرآن للأرثوذكس
كا زبند ألفيش ماورسـوا- في زمنه لم ترث أيلفيش[5]
شيطن أكييشوا ما وسوسوا – ما طمع الشيطان في إغوائه
تشبان جرلى تنكسفـــوا – حق لهؤلاء الشباب أن ينكسفوا
علما جرلى تتأسفــــوا – حق للعلماء أن يتأسفوا
وعنيمه إنتي ما ربســوا – مهما بكينا فلن يرقأ دمعنا
نرحوا مديعنا أجد كســوا – لا ينبغي لنا أن نقول أي أمسية هي هذه
نبي كلا حى كايك باسـوا – لقد رحل النبي من قبله
تنا ملائكة تيونســــوا- لتكن الملائكة سميرا له (في قبره)
تن دلا تن عرا تورسـوا – ليحل أبنائه محله
متفرقات:
أشعار الحكمة:
كعدوا يكوا دولار ديكى – ليكن عدوك عبد الدولار
تو لتى إدسوا يهليكـى – هذا الذي يملكه يكدح من أجل الإستزادة منه
توهنتي تيجيوا يهليكى – وهذا الذي لا يملكه يكدح من أجل الحصول عليه
عالمكوا علمى تلكليكى – تزعزع العلم من العالم
عاقلكوا عقلى تلكليكى – وتسلب العقل من العاقل
توه أينمكوا بودد سيكى – وبعد كل هذا ينتهي الأمر به إلى حفرة
نصيحة لقبيلتين متنازعتين:
حدث نزاع على قطعة أرض بين قبيلتى منفرى وحزوا وكاد القتال يشتعل بينهم ، فقال:
منم يكمكوا حديم يكــوا – ما كان لمينفرى ليكن لحذوا
حديم يكمكوا منيم يكـوا – ما كان لحذوا ليكن لمينفرى
ستك راعنتا سككلكــوا – إبتعدوا عن التعاند
أمحره إيروا عريشنمكوا – حتى لا ينتهي الأمر بنا إلى خدمة النصارى
مدح عمل بطولي:
أحمد علي كان ممن عرفوا بالشفتا (الخارجون على القانون) ولكنه كان متميزا عن غيره ، وقد قام باقتحام سجن حول حرقيقوا وإطلاق سجنائه ، وأخذ ما كان فيه من سلاح ، واعتبر الحاج هذا عملا بطوليا فقال:
جري سيوك زمم بيــا – البعض يخطف الزمام من النساء
جري أجدكوا بركت بيا- والبعض يسرق الخبز من مخازنه
أحمد علي أبم قيـــا- ما فعله أحمد علي عمل ممدوح
منفرى بري أمنجد وريا- ابن منفرى دائما هو متميز
توارى أحمد عليه يوهبيا- أوصلوا هذا الثناء لأحمد علي
هذه عجالة لا تليق بمقام شاعرنا ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ؛ أرجوا أن يكشف مقالي هذا ناحية مجهولة من تراثنا ، وأرجوا أن تشمر الجهود لجمع أشعار الحاج وغيره من شعرائنا الوطنيين. رحم الله الحاج صالح وأسكنه فسيح جناته.
– قال الحاج هذا قبل قيام الثورة في عام 1960م[1]
– تدلا ، المقصود به تدلا عقبيت ، رئيس البوليس الأرتري ؛ وقد قتل على يد أصحابه –الأثيوبيين- كما دعا الحاج. [2]
– أسفها ، المقصود به أسفها ولد ميكائيل ، رئيس الحكومة الأرترية الذي باع البلد ، وقد مات دون عقب كما دعا الحاج.[3]
– المقصود بالطور الجيش الأثيوبي[4]
– هذه قضية إرث وقف فيها المفتي موقفا شجاعا ، خالف فيه رغبة الحكومة[5]
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10148
أحدث النعليقات