المعتقلون :- قبور جماعية للضحايا المنسيين في ارتريا
بقلم :- محمد محمود عبد الله
ينصرم عام ويأتي آخر وأمهات المعتقلين ونساؤهم قد تقرحت عيونهن بكاء وتفطرت افئدتهن من شدة وطأة المأساة المتطاولة والظنون تذهب بهن كل مذهب فالأبناء والأزواج المعتقلون ليسوا في الاحياء فيرجون ولاهم في الأموات فيترحم عليهم انه المصير المجهول ما اصعبه على النفس انه الموت اليومي المتكرر مع كل تذكر ، وأنى له ان ينسى ، وعندما نتحدث عن المعتقلين اليوم فالكل يتألم لأنه يعرف اعدادا من الأقارب والمعارف يقاسون من وقع عذاب السجون، فلو اشتكينا كأسلاميين سيقول آخرون ونحن ايضا كعلمانيين واذا قلنا هناك شيوخ فسيقال ببساطة هناك اتباع الكنيسة الفلانية واتباع المذهب الفلاني ، ولو قلنا اننا كمسلمين فيمكن ان يذكرنا احدهم بان هناك ايضا مسيحيون يرصفون في الأغلال ، اذن المأساة انسانية وهذا كله صحيح والانسان هو الإنسان في النهاية من لحم ودم ولذا القرآن عمم الامر فقال تعالى ( من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) ومع هذا أننا نقر جميعا أن المأساة تتفاوت شدة وطولا والمصائب تنسي بعضها بعضا :
ايا جارتا ما انصف الدهر بيننا * تعالي اقاسمك الهموم تعالي
ان مشكلة المعتقلين الاسلاميين يتضاعف حزنها وألمها ، لأنها أول جريمة جماعية تقوم بها الشعبية في عهد الدولة لأنها تمت مباشرة بعد التحرير ثم ما يزيدها الما ندرة تناول المنظمات الحقوقية لها وقلة تداول اللاعلاميين الارتريين لها والأدهى والأمر ان النظام لم يكن يعترف باعتقال هؤلاء الاسلاميين اصلا الا ما ورد أخيرا في الندوة التي نظمتها مجلة الامانة في شهر يناير 2006م حيث اعترف ابرها كاسا مسؤول وكالة الأمن الوطني بصورة خجولة باعتقال الاسلاميين بعد تنكر دام سنوات في الوقت الذي تقول فيه فوزية هاشم وزيرة العدل في نفس اللقاء{اما ما يشاع عن الحبس الجماعي والتعذيب في السجون فهذه ادعاءات لايدعمها دليل ومبالغ فيها وهذا كما تم ذكره هي حملة عشواء تستهدف الاساءة الى ارتريا واهانة سمعتها } وتقول { لا يوجد شخص معتقل بسبب عقيدنه } لأن قيادات حكومة الشعبية ببساطة تعتبر الاعلان العالمي لحقوق الانسان غير ملزم ، وانهم باسم المحافظة على الوطن يجوز لهم ان يرتكبوا كل انواع الخروقات القانونية يقول يماني قبر مسقل مدير مكتب الرئيس في الندوة المذكورة {بداية اود الاشارة الى جواز الخطوات الاجرائية الرادعة والضرورية لدواعي الأمن الوطني ولإستتباب الامن } ويعتبر يماني ان حرية الافراح والحزن دليل على وجود حرية التعبير ونص كلامه: (وهاهو الشعب الارتري يعبر بحرية عن آرائه في الافراح والمآتم والمناسبات الأخرى . ليس صحيحا في تقديري الإدعاء بوجود قيود على حق امتلاك المعلومة او على حق ابداء الرأي وقول الحق وتوجيه النقد ) مجلة الأمانة العدد22 فبراير2006م
مأساة الاسلاميين
لم يكن يساورنا ومنذ تعرفنا عن كثب على اسياس ادنى شك في حقده الدفين وتعصبه الاعمى فهو يكره كل متدين وقور ، وكرهه للاسلامي اشد ، وهو ضد كل حر غيور وكرهه للمستنيرين اشد ، وهو ضد كل ثائر رافض لحياة العبيد ، وكرهه للمجاهدين اشد وما نقوله من المسلمات المعروفة وكحقائق لا تغيب عن بال احد الا انها مع العام الجديد لعلها تذكر الجميع بمعاناة قطاع عريض من المجتمع المسلم حيث مضى علينا عقدا ونصف منذ اعتقال هؤلاء الشباب ونقول:
1. الكل يعرف بان اول اعتقالات بدأ بها النظام الحاقد كانت اعتقالات الاسلاميين فقبل ان يصفي نظام الشعبية التركة الاستعمارية وبمجرد دخوله الى اسمرا اصدر في سبنمبر1991م امره باعتقال 21 من الشباب والشيوخ الاسلاميين من مدينة كرن كما قام باغتيالات شخصيات مهمة في جنح الظلام مثل الدكتور ابرا وتتابع الأمر ففي الأعوام التي تلت ذلك حيث بدأ يزج تباعا بمجموعات من هؤلاء الشباب من كل مدن ارتريا وأقاليمها المختلفة حتى بلغت اعدادهم المئات وكان من يستهدفهم دائما من يمثلون عين المجتمع المسلم مكانة اجتماعية او فكرية فكان من بينهم العلماء والمثقفون واصحاب التخصصات الهامة من قضاة وقانونيين ومهندسين واعلاميين واقصاديين وتخصصات أخرى فضلا على العلماء الشرعيين كان من بين هؤلاء المعتقلون شباب يحملون الهم الانساني حيث كانوا ضمن المؤسسات الخيرية التي جاءت الى ارتريا لتقدم العون للشعب الارتري وفق الخطة التي تضعها الحكومة ، ولم يرحم في نهجه البغيض حتى الرجال الذين ارهقتهم سجون اثيوبيا لأعوام طويلة ، بحجة دعمهم ومساندتهم للثورة ، فبما ذا تستطيع ان تصف هذا السلوك الارعن والوحشي انه الحقد الطائفي والتطهير الفكري .
2. ان اول اعدامات جماعية قام بها النظام بعد التحرير نفذها على عدد من شيوخ ونظار عدد من القبائل ، ماهي جريرتهم ياترى؟ لماذا لم يحاكموا امام القضاء سواء كان قضاء دولة او قضاء ثورة ؟ ولماذا لا يقال ان ذنبهم كان كذا وكذا ؟ الأمر واضح جدا وهو ان المسلمين يجب ان يكونوا من غير قيادات اهلية كما قرر ان يجعلهم من غير علماء ومثقفين
3. دارت معارك بين المجاهدين والنظام كانت سجالا وقد كان القتل في الطرفين وهو وضع طبيعي مادامت هناك معارك تدور بغض النظر عن مقبولية مبرراتها وامكانية تحاشي اسبابها ولكن اذا خيضت فاليتحمل الجميع نتائجها الا ان حقد النظام وعدم انسانيته وتجاهله لابسط قواعد الحرب اتضحت بعد ان سقط بعض هؤلاء الشباب المجاهد في الأسر في احد المعارك التي دارت حول مدينة كرن بعد اصابتهم بجروح وانتهاء ذخيرتهم فقد علقهم في المشانق وجرحههم ينزف قلي ماذا تستطيع ان نسمي ذلك بربك ، فقط أنه الحقد الأعمى ، ومع اعتقادنا الجازم أنه لا يضير هؤلاء الشباب ما صنعه بهم وقد كان هتافهم دوما :
ولست ابالي حين اقتل مسلما ** على اي جنب كان في الله مصرعي
وذاك في ذات الاله وان يشأ ** يبارك على اوصال شـلو ممـزعــي
المقابر الجماعية
لم يكن احدا يعرف شيئا عن مصير هؤلاء المعتقلين في الفترة التي كان فيها النظام كتلة من الاسرار وفئات كثيرة كانت تناصره على ظلمه ، اما قناعة بما عنده ، أو طمعا فيما لديه وقد كان بعض هؤلاء عهدئذن يسلقوننا بالسنة حداد اشحة على الخير ، فكانوا هم لسان النظام ويده ولكن كما قيل{ من اعان ظالما سلطه الله عليه } واصبحت الاسرار تتسرب بعد ان فترت وتراخت قبضته وانفضت عنه الغالبية التي فطنت للمآلات وادركت عار ما يمسي فيه النظام ويصبح ، وبقيت القلة المداهنة الشيطانية .
بعد ان ضاق النظام ذرعا بوجود هؤلاء الاسلاميين في السجون ، كما ضاق بهم ذرعا وهم طليقون ، وزادت خشيته منهم حتى وهم في المعتقلات التي أعدها تحت الأرض فقرر تصفية بعضهم بعد ان استشار بعض المقربين منه وكلف بالأمر الحاقد { نيازقي كفلي }لينفذ خطة اعدامات جماعية ضدهم بصورة محكمة حيث اعدم عدد 74 شخصا من هؤلاء الدعاة في ليلة واحدة وقام بدفنهم في مقابر جماعية وعندما اطلع عليهم احد المارة وهم ينفذون جريمتهم النكراء أتي به ونفذ عليه ايضا حكم الاعدام والحق بهم حتى لا يكون شاهد اثبات على تلك الجريمة ومن اقترفها ، ولكنهم ما درو ان ربك لبالمرصاد وان الدماء الطاهرة الزكية سوف لا تذهب سدى ، وان كل من تعلم حرفا ، ونال علما على ايدي هؤلاء الأفذاذ الأبرياء الانقياء الشهداء ينتظر اللحظة المناسبة ، للأخذ بالثأر لهم من هؤلاء القتلة المجرمون ، وقد تم رصد كل المعلومات المتعلقة بالموضوع بما فيه الاشخاص الذين ساهموا بالفعل والرأي ، وقد حاول النظام قتل عدد ممن نفذ بهم هذه الجريمة النكراء كما يفكر في نقل هذه المقابر الجماعية وطمس آثارها ، امعانا في اخفاء الجريمة ، ولكن أنى له ذلك ؟ وقد عرف الجميع ، فأين المفر ؟؟ {وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون }{ ربي اني مظلوم فانتصر }.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=12597
أحدث النعليقات