الشباب الهارب من ارتريا بين مـطرقة النظـام الدكتاتـوري وسندان عصابات التهريب (2 – 2)

بقلم: علي عبد العليم

5/2/2010م

توطئة:

قلنا في الحلقة السابقة إن ظاهرة الهروب نشأت مع العودة الطوعية للاجئين الارتريين من السودان ، حيث صدموا بواقع معسكرات العودة المزري وافتقارها للخدمات الأساسية ، وحبسهم فيها وعدم تمكينهم من الانتقال إلي مناطقهم الأصلية ، وتعرضهم لدعاية سياسية تهدف إلى طمس هويتهم السياسية ، وإبدالها بأفكار الجبهة الشعبية الظلامية ..

كل ذلك مع القبضة الحديدية ، والخدمة العسكرية غير متناهية الأجل ، ونذر الحرب مع دول الجوار ، تضافرت كل تلك العوامل لتجعل من ارتريا دولة طاردة لأبنائها ، خاصة فئة الشباب ، التي فضلت الهجرة إلي المجهول مع مظنة العثور علي حياة كريمة مقرونة بالحرية المفقودة ، من أن تظل تقبع في الوطن ( المعتقل الكبير ) تعاني الأمرين : ذل المسغبة وإذلال الدكتاتورية .

كما تطرقنا إلي تداعيات ظاهرة الهروب وآثارها علي أسرة الهارب والدولة والنظام ودول الجوار وغيرها من أطراف .. كذلك ما تعرض له الشباب الهارب من صنوف المآسي ، وألوان العذاب علي أيدي عصابات التهريب .. وعكسنا أثر العقوبات الأممية المفروضة علي النظام علي ظاهرة التهريب ، وخلصنا إلي أنها ستتفاقم وتتصاعد ، مما يعني اتساع نطاق نشاطات عصابات التهريب ، وبالتالي استمرار الفظائع والتجاوزات علي الشباب الهارب !!. ومع استمرار هذا الوضع تساءلنا عن ما الحل ؟. وكيف يمكننا التصدي لتلك العصابات خاصة تلك التي يشكل الرشايدة لحمتها وسداها ؟؟.

الحلول والمعالجات:-

وفي هذه الحلقة الثانية نتعرض للمعالجات والحلول التي نعتقد أن من شأنها مكافحة ظاهرة الهروب وتوفير الحماية للشباب الهارب ..

  • · الحل الناجع :-

إن أفضل الحلول وأنجعها لظاهرة الهروب بل لكل معضلات وأزمات ارتريا ، هو التخلص من النظام الدكتاتوري ، وإرساله إلي مذبلة التاريخ !. وليس في ذلك حل لمشكلات الشعب الارتري فحسب ، بل ولمشاكل المنطقة التي نجد أصابع النظام في كثير من تفاصيلها ، وإذا تعذر الوصول إلي هذا الحل الشافي لجميع أدواء ارتريا ، والكافي عن غيره من الحلول ، في المستقبل المنظور ، فان حزمة متكاملة من الحلول يمكن الأخذ بها ، في محاولة لإنهاء ما تسببت به ظاهرة الهروب من مشاكل ومآسي ، وصولا لاستئصالها من جذورها علي المدى البعيد ، بعون الله وتوفيقه .

  • · حزمة حلول أخري :-

إن ظاهرة الهروب وتداعياتها هي قضية تمس الوطن بأسره ، ولابد من التصدي لها من قبل المعارضة الارترية ككل ، وعلي ذلك فان المنتظر من التحالف الديمقراطي الارتري أن يلتقط قفاز التحدي ويتحمل مسئوليته الوطنية تجاه هذه القضية ، وان يعمد إلي تشكيل لجنة عليا يوكل إليها أمر هذا الملف ، تخطيطا وتنفيذا وحشدا للجهود المختلفة ومتابعة وتقييما وتقويما إلي حين القضاء علي ظاهرة الهروب وتأمين الشباب الهارب ..

  1. 1. اللجنة العليا لمكافحة ظاهرة الهروب ودرء آثارها :-

تشكل قيادة التحالف الديمقراطي اللجنة العليا – كما أسلفنا – من مختلف القوى المنضوية تحت مظلة التحالف ، ويراعى توزع أعضائها علي أوسع رقعة في العالم لخدمة ملف الهاربين ..

كما ينشأ بموجب القرار المنشئ للجنة العليا صندوق خاص لتوفير التمويل لتحركات ونشاطات اللجنة .. علي أن تبتدر تنظيمات التحالف دعم هذا الصندوق بحصة نقدية يحدد سقفها الأدنى الملزم لكل تنظيم .. وكذلك تخاطب الجاليات الارترية بالخارج ، وتنظيمات المجتمع المدني ، والمنظمات الطوعية الارترية ، ورجال الأعمال ، وغيرهم للتبرع بسخاء لصالح الصندوق ، ولمزيد من التنافس علي الخير يحدد كذلك مقدار من المبالغ علي كل جالية أو منظمة العمل علي جلبها ، علي أن تنظم حملات لاستقطاب التبرعات من كل الارتريين لأن القضية شأن وطني قومي خالص .

مهام اللجنة العليا :-

1.وضع خطة شاملة للتعاطي مع ظاهرة الهروب ، وتحديد مسارات التعامل مع تداعياتها ، وتحديد الآليات الفاعلة للقضاء عليها ..

2. إعداد ملف متكامل عن ظاهرة الهروب وانعكاساتها وآثارها السالبة علي مختلف الأصعدة ، معززة بإحصائيات بأعداد الضحايا وأشكال المآسي التي تعرضوا إليها !!. ومشفوعة بنوع الدعم والسند المطلوب من كل جهة يقدم إليها الملف ، من حكومات وأحزاب وجمعيات ومنظمات إقليمية ودولية … الخ.

3 .تحديد الأدوار التي يمكن أن تلعبها التنظيمات المكونة للتحالف كل في المكان الذي يتمتع فيه بكثافة في العضوية وعلاقات واسعة .. وتنسيق كافة الجهود ومتابعتها إلي حين التخلص من ظاهرة الهروب وآثارها بإذن الله تعالي .

4. الاتصال بدول الجوار والدول المستقبلة للهاربين والمفوضية السامية للاجئين ، لتوفير الحماية للهارب ، وإسباغ صفة اللجوء عليه ، وإضفاء الشرعية علي هجرته ، ومنع إعادته إلي النظام لما ينتظره هناك من تهديدات خطيرة علي حياته !!. والعمل علي سد احتياجاته بالتعاون مع الأطراف الشقيقة والصديقة ..

5. التنبيه إلي التداعيات المستقبلية لظاهرة الهروب علي الأمن القومي الارتري ،

والأمن الإقليمي للمنطقة ، وانعكاسات ذلك علي علاقات التعايش وحسن

الجوار .. خاصة وأن إسرائيل إحدى الدول المستقبلة للهاربين ، ويمكن أن تستغلهم في عملياتها التخابرية ومخططاتها المستقبلية ..

6. إعداد مواد إعلامية متنوعة ، تعكس جوانب ظاهرة الهروب والمآسي التي تجرع علقمها الشباب الارتري وهو في طريق الهجرة ، وتوثق الحالات المتعددة ، و تحث المتلقي ، أيا كان ، علي التجاوب في الاتجاه الذي ترسمه المادة الإعلامية موضع البث ، علي أن تنشر هذه المادة الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام المتاحة عالميا .

7. إن الجاليات الارترية ومنظمات المجتمع المدني الارتري بالخارج لا يقتصر دورها علي توفير الدعم المالي لصندوق مكافحة ظاهرة الهروب ، بل يتعداه إلي أن تجعل منها مادة ضمن برنامجها ، تعكس آثار الظاهرة وتحض الجميع بما في ذلك الأصدقاء للإسهام في وضع علاج ناجع لمآسي شعبنا الهارب من جحيم الدكتاتورية .

وبهذه المناسبة أشيد بوقفة الجالية الارترية باستراليا،  في التصدي لمهرجان العار والتسول للنظام ، وتقديمها الدعم حتى نال أحد الهاربين (نوح عازف الاورقن) الحماية وحق اللجوء السياسي ، وليس بغريب عليهم هذه الوقفة الوطنية فقد فعلوها من قبل مرات ومرات ، لله درهم !.

8. إنشاء غرفة عمليات لاستقبال الشكاوي من ذوي الضحايا ، وفتح خط ساخن مع السلطات السودانية للتحرك السريع حال توفر المعلومات  ..

2. الاتصال بالسلطات السودانية :-

الاتصال بالسلطات السودانية في الخرطوم والولايات المتاخمة لإرتريا ، لشرح أبعاد ظاهرة الهروب وتداعياتها ، وكشف ممارسات عصابات التهريب من الرشايدة ، وخطورة غض الطرف عنها ، وآثارها السالبة علي التعايش السلمي للقبائل الحدودية المشتركة ، بل وعلي مستقبل العلاقات التاريخية بين الشعبين والبلدين الشقيقين ، ارتريا والسودان .

وبحث أوجه التنسيق مع السلطات السودانية ، لوضع حد لمعاناة شبابنا الهارب من جحيم أسياس ، علي أيدي العصابات الغاشمة ، خاصة وأن عصابات الرشايدة تتخذ من قرى وصحراء السودان ملجأ وملاذا ، تحبس فيه فريستها ، وتحتجز أسيرها ، لتمارس الابتزاز البشع للحصول علي مال الفدية !!..

إن تجاوب السلطات السودانية ضروري وحاسم في معالجة هذه الظـاهــرة  (عصابات الرشايدة ) ، وضروري لأي خطوة صارمة ، أو أي إجراء عنيف لمجابهة تلك العصابات ،

وضروري لمنع إعادة بعض الهاربين إلي السودان مرة أخري إلي جحيم النظام ، بحجة انتهاكهم لقوانين الهجرة السوداني ؟!.

وكذلك ضروري لمكافحة عصابات الاتجار بالبشر ، الذين يهربون الشباب إلي الدول المجاورة للسودان كمحطة ثانية للانتقال منها إلي أوروبا ، ويسخِرون بعض الفتيات للعمل كخادمات في المنازل مقابل نسبة من الأجر الشهري !.

وأيضا ضروري للتحرك وسط اللاجئين الارتريين بمعسكراتهم في السودان ، لصياغة موقف موحد تجاه ظاهرة الهروب ، وللتوعية بمخاطر التستر علي ضحايا عصابات التهريب ، والتعاون مع اللجنة العليا لجمع المعلومات ولتوثيق الحالات المختلفة .. الأمر الذي سيساعد في وضع حد لممارسات عصابات التهريب ، بإذن الله تعالى .

 

الخلاصة إن تفهُم السلطات السودانية في الخرطوم والولايات ، وكذا قيادات الإدارة الأهلية ، لمدي خطورة ظاهرة عصابات التهريب ، واستعدادها للتجاوب السريع والصادق مع الدعوات الصادرة لوضع حد نهائي للظاهرة سيعجل بإسدال الستار عليها تماما .

  1. 3. الاتصال بزعماء قبيلة الرشايدة والقبائل الحدودية الأخرى :-

تمتهن قبيلة الرشايدة التجارة بجانب الرعي ، فتقوم بتهريب السلع المختلفة عبر الحدود ، مسببة مشاكل اقتصادية وأمنية لولاية كسلا ، قامت علي أثرها السلطات بمصادرة عرباتهم (اللاندكروزر) لتحد من فاعليتهم في التهريب ، ولكن يبدو أن تهريب السلع جرى منهم مجرى الدم ، واعتمدت عليه حياتهم ، ولا يستطيعون الفكاك من إغرائه ؟!. إلي هنا قد يكون الدافع مفهوما ، أما  تهريب البشر فهذا مالم نستطيع فهمه واستيعابه ؟!. فمهما بلغ إغواء المال ، وشهوة حيازته ، ينبغي ألاَ يسمح زعماء الرشايدة وعقلائهم ، أن تتمادى عصابات تهريب البشر المحسوبة علي قبيلتهم ، تحت أي ذريعة ، ومهما كانت المبررات التي تساق .. فان لم يكن مراعاة للإنسانية وقيم الرحمة والحرية والتعايش الايجابي .. فليكن من أجل مصلحة قبيلتهم في الاستقرار وممارسة حياتهم اليومية بسلام ودون معكر ..

إن الاتصال ضروري بزعماء قبيلة الرشايدة لوضع الصورة كاملة بمختلف أبعادها أمام ناظريهم ، وعكس ما خفي من ممارسات عصابات التهريب ، وتداعي ذلك ومآلاته ، وآثاره السيئة عليهم بالدرجة الأولي ، ثم علي قبائل المنطقة والسلم والاستقرار فيها .. وكذلك علي علاقات البلدين الشقيقين : ارتريا والسودان .

ثم من بعد تحميلهم المسئولية إذا لم ينتهي نشاطات تلك العصابات ، وإخلاء طرف الارتريين ( أصحاب الوجعة ) من أي مسئولية في حالة الاضطرار لاستخدام وسائل غير سلمية لإنهاء فظائع هذه العصابات ، ولقد اعذر من أنذر !.

كذلك الاتصال ضروري بزعماء القبائل الحدودية الأخرى لأن المستهدفين بنشاط عصابات التهريب وضحاياها ، هم امتداد لشعبهم ، وجزء من التركيبة الاثنية لقبائلهم .. فلن يتحول الدم المشترك الذي يجري في عروقهم سويا إلي ماء ( وعمره الدم ما يبقي ميَه ) كما يقول المثل المصري !. هي الرحم ، التي اشتق لها الرحمن اسما من اسمه ، وأرضاها بأن يصل من يصلها ويقطع من قطعها ..

إن حق الرحم ، وواجب برها ، تدعو هذه الزعامات القبلية ، لترك موقع المتفرج ، والتفاعل الايجابي مع مأساة جزء عزيز من أرحامهم وأعراضهم ، رهينة معسكرات عصابات التهريب ، وحبيسة في قراهم يسيمونهم سوء العذاب ، ويكابدونهم الممارسات الوحشية والدنيئة ، فهلا تحركت فيهم الشهامة والمروءة ، ونخوة الرجولة والغيرة علي الأعراض ، ( ولن يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق علي جوانبه الدم ) .

فان لم يحرك هذه الزعامات الرحم وقيم النجدة والمروءة وإنصاف المظلوم  ، فلتحركهم إذن مسئوليتهم الرسمية كإدارة أهلية منوط بها دعم التعايش والسلام والاستقرار بين أفراد وقبائل المنطقة ، بالضغط علي قيادات الرشايدة ، وكذلك علي السلطات لوضع نهاية لممارسات عصابات الرشايدة ، وفي هذا ما يحفظ لهم هيبتهم واحترامهم في النفوس ..

إذن المطلوب من الزعامات القبلية بما فيها قيادات الرشايدة الجلوس معا ، والتفاكر في كيفية معالجة آثار ظاهرة التهريب ، وتطييب النفوس وجبر الخواطر .. والعمل سويا يدا واحدة للتصدي لتلك العصابات واستئصال شأفتها ، دعما للتعايش والاستقرار في المنطقة بأسرها ..

ودور اللجنة العليا هو الاتصال بهؤلاء وهؤلاء وإجلاسهم مع بعض للوصول إلي تفاهمات ، وكذلك لإخلاء الطرف من المسئولية إذا وصلت الجهود السلمية لمعالجة الظاهرة إلي طريق مسدود ، وأصبح أن ليس من ملجأ من استخدام القوة إلا إليها ، باعتبار أن آخر الدواء الكي !.

  1. 4. تنظيمات المعارضة الارترية :-

إن تنظيمات المعارضة الارترية علاوة علي الدور والمهام التي تكلف بها من قبل اللجنة العليا ، في إطار الخطة الشاملة الموضوعة لمكافحة ظاهرة التهريب ، كل منها بحسب كثافة عضويتها ، ومساحة علاقاتها في الأقطار المختلفة .. مطلوب منها أيضا أن  تجعل من معالجة الظاهرة بشتى السبل في مقدمة أجندتها ، وفي صدارة أولوياتها عند تحركاتها السياسية ، فضلا عن ممارسة التوعية لقواعدها وباقي الجماهير بالوسائل المتاحة لها ، وحثها علي الانخراط في جهود مكافحة عصابات التهريب التي تتاجر بمعاناة شعبنا إلي حين القضاء عليها بعون الله .

تتمتع بعض التنظيمات الارترية بعلاقات جيدة مع فئات الشعب السوداني والإدارة الأهلية وبعض الأجهزة الرسمية .. منتظر منها أن تسخَر تلك العلاقات لخدمة ملف الهاربين .. وللقضاء علي عصابات التهريب من الرشايدة ..

  1. 5. دور الإعلام :-

إن للإعلام بجميع وسائطه دور كبير يلعبه في الإسهام في جهود اللجنة العليا لمكافحة ظاهرة التهريب ، والتخفيف من وطأتها وآثارها الحادة علي كافة الأطراف .

إن الأنظار تتطلع إلي الإخوة في المواقع الالكترونية لقيادة الحملة الإعلامية ضد عصابات التهريب ، وكذلك إلي تنظيمات المعارضة عبر نشراتها وإذاعاتها ، و تلفزيون أخبار ارتريا ، وغيره من نوافذ في الفضائيات الصديقة ، والصحف العربية والغربية المهتمة بحقوق الإنسان والشأن الارتري ..

من الأدوار التي يمكن أن يلعبها الإعلام كشف ممارسات عصابات التهريب ، وتوثيق الحالات المختلفة من ضحاياها ، وعرضها علي الرأي العام لتعبئته واستعطافه وتحريكه في الاتجاه المرغوب فيه ..

من المهم أيضا بث الوعي وسط الارتريين ، وحث أقارب الضحايا علي عدم الرضوخ لابتزازات عصابات التهريب وتنفيذ مطالبهم .. والتبليغ عنهم حتى وان سلموهم الفدية ، والتعاون مع جهود اللجنة العليا والسلطات السودانية ، حتى يجد المجرمون الجزاء الرادع .

إن التمويل لأي نشاط هو العمود الفقري التي يقوم عليه ، لذا علي وسائل الإعلام ، خاصة المواقع الالكترونية الوطنية ، استنهاض همة الارتريين وإذكاء وطنيتهم ، وحثهم علي بذل السند والدعم المادي والمعنوي ، وابتدار حملات لجمع التبرعات ، في المناسبات المختلفة ، لصالح صندوق مكافحة ظاهرة الهروب .

 

وأخيرا ، فان كافة الأقلام الوطنية الغيورة مدعوة بقوة للكتابة لتسليط الضوء علي جوانب هذه الظاهرة وتداعياتها ومآلاتها المتوقعة ، وآثارها علي الوطن الارتري والمنطقة بأسرها .. وكذا للإسهام بالمقترحات والأفكار لمكافحة هذه الظاهرة وقبرها قبل استشراء شرها أكثر فأكثر ، وتحولها إلي طوفان يجتاح الجميع لا سمح الله .

  1. 6. منظمات حقوق الإنسان :-

إن الجهود المقدرة التي بذلت لتعرية النظام الدكتاتوري ، علي خلفية انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان الارتري ، وذلك إبان انعقاد الدورة السادسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف ، كانت مثمرة ، وتجلي ذلك في التوصيات التي خرج بها المجلس بعد مناقشته لتقرير ارتريا .

إن إعداد ملف متكامل عن أوضاع حقوق الإنسان في ارتريا وتمليكه للمنظمات المعنية والمهتمة أمر بالغ الأهمية ، والعمل علي تجديده دوريا بالمعلومات والحالات المختلفة عن ضحايا عصابات التهريب ، وحث منظمات المجتمع المدني الارتري علي إثارة هذه القضية مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمفوضية السامية للاجئين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وغيرها .. وتعبئة جهودها مع جهود اللجنة العليا ، وتنظيمات المعارضة المختلفة ، والمواقع الالكترونية ، لمحاصرة النظام الذي هو أس كل بلاء وأساس كل بلية أصابت الشعب الارتري ، وقذفت بشبابه إلي غياهب المجهول ..

  1. 7. الوسيلة العسكرية :-

نادت بعض الأقلام باستخدام القوة العسكرية لتأديب عصابات التهريب من الرشايدة ، وتحرير المحتجزين في قراهم ومعسكرات الاحتجاز التي تشبه معسكرات النازية في الحرب الكونية الثانية ؟!.

إن الوسيلة العسكرية لا يلجأ إليها إلا بعد استنفاد كافة الوسائل السلمية والحلول التي تطرقنا إليها في السطور السابقة .. ثم لا تستطيع المعارضة الارترية استخدام هذه الوسيلة داخل الأراضي السودانية !. إذن تجاوب السلطات السودانية وتحملها مسئولياتها هو الذي يجفف مصادر عصابات التهريب ، ويقوض تواجدها ..

إن مسارات تحرك عصابات التهريب متعددة وواسعة النطاق ، فتشمل من الحدود مع ارتريا شرقا وعبر بادية البطانة إلي الخرطوم غربا ، ومن الخرطوم عبر الصحراء إلي ليبيا ، ومن الحدود الشرقية شمالا إلي الحدود مع مصر ، هذا غير المسارات البحرية بواسطة السنابك والزوارق السريعة ؟!.

إذن نحن أمام رقعة مترامية الأطراف ، وتحتاج لجهود كبيرة من السلطات السودانية ، ووسائل متنوعة لمراقبة تلك المسارات ، ولمطاردة ومداهمة قوافل وأوكار عصابات التهريب ؟ّ!.

إن تعاون أقارب المحتجزين مع السلطات السودانية ، وتوفير معلومات مؤكدة عن أماكن احتجاز هؤلاء ( الرهائن ) ، أيا كان مصدر هذه المعلومات ، ومع توفر الإرادة الصادقة يمكن أن تنفذ السلطات السودانية ، في هذا الحدود ، عمليات دهم لتحرير المحتجزين ..

مهما يكن من أمر ، فان الخيار العسكري لا ينبغي إغفاله في خطة اللجنة العليا لمكافحة التهريب .. فقد تُلجئ إليه الحاجة ، عند انسداد الطريق في وجه الحلول السلمية ، وتقطع السبل أمامها ، وحين لا يكون هناك بديل عنه الا هو ، وحينها سيكون بالكيفية والقدر الذي تحدده لجنة متخصصة تنبثق عن اللجنة العليا ..

تعويضات الشباب الهارب من جحيم النظام :-

طرح أحد الأحزاب الارترية فكرة تقديم تعويضات للمجندين في الخدمة العسكرية الإلزامية ، والذين مكثوا فيها مدد طويلة خلاف ما ينص عليه القانون .. الفكرة إن لم تكن في إطار الكسب السياسي الرخيص ، لإغراء هؤلاء المجندين وضباط الجيش للانضمام إلي ذلك الحزب صاحب الفكرة ، فإنها جيدة وتستحق الدراسة .. وفي كل الأحوال وقتها لم يحين بعد ، إنما تأتي بعد إسقاط النظام الدكتاتوري واستبداله بنظام ديمقراطي تعددي ، ينشأ في ظله صندوق قومي للتعويضات ، وفق شروط عادلة وضوابط صارمة ..

خاتمة :-

يلاحظ القارئ الكريم أن اللجنة العليا المقترحة وخطتها الشاملة لمكافحة ظاهرة الهروب .. هما عنصران هامان لنجاح المساعي والجهود المبذولة للقضاء علي عصابات التهريب ، فإذا ما تمتعا بالكفاءة والكفاية ، والفاعلية والفعالية ، فإنهما سيوصلان للهدف ، ويبلغان المراد ، بعون الله تعالي .

والتحالف الديمقراطي ، وهو يقوم بواجبه الوطني حيال هذه القضية ، فانه يجني من وراء هذا التحرك علاقات جديدة ، وبعث الروح في علاقات قديمة ، تقدمه للرأي العام عالميا .. وتملكه سلاح إضافي في معركته ضد الدكتاتور.. ورب ضارة نافعة كما يقولون !.

بجانب ذلك ، فان نجاح التحالف الديمقراطي في إدارة ملف الهاربين ، سيقربه إلي قلوب الجماهير ، ومن ثم سيظفر بدعمها وسندها .. وهذا ما سيكون له زادا في طريق النضال الطويل للتخلص من الدكتاتور..

والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل ،،،،،

Ali Abdul Aleem

alialawe2000@hotmail.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1503

نشرت بواسطة في فبراير 5 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010