شياطين الا نس !؟

عمر جابر عمر

الأنسان يمكن أن يكرمه الله ويعزه فى الدنيا وبالمقابل يمكن أن يبتليه ويحرمه من نعم الدنيا – كل ذلك هو عبارة عن أمتحان لقدرة الأنسان على التحمل ومعرفة ردود فعله فى الحالتين. سيدنا أيوب أبتلاه الله وأختبره ثم عندما صبر وتوجه الى الله بالدعاء رفع عنه البلاء. لكن هناك أمتحان ( عام ) للشعوب التى وأن كا نت من شجرة طيبة ومعدنها أصيل وعزتها با لنفس عالية – الا أنها ربما تكون قد أخذتها ( غفوة ) وغلبت عليها النوايا الطيبة – هؤلاء تجد فيهم الشياطين بيئة صالحة للتجنيد ! وكما هو حاصل فى عالم البشر حيث يتم تجنيد العملاء للتجسس ضد بعضهم البعض فأ ن الشيا طين تقوم بتجنيد ضعاف النفوس من البشر لتنفيذ برنامجها ! وأرقى درجة فى سلم العمالة الشيطانية هم الفراعنة – الحكام !؟ هؤلاء الفراعنة هم شيا طين الانس – تعلو وجوههم الأبتسامة وتبدو عليهم مظاهر الصحة والشباب – بطونهم لا تشبع مهما أكلت وجيوبهم لا تكتفى مهما أنتفخت وعقولهم خاوية لا يغذيها الا المديح والنفا ق وأرواحهم لا تهد أ الا بعد أن تجرى الدماء وبعد رؤية الخصوم وهم معذبين ومشردين . هؤلاء لا يعرفون الأستقالة ولا التقاعد – من القصر الى المقبرة. أنه أمتحان لتلك الشعوب لمعرفة مدى قدرتها على تغيير ما بداخلها حتى يغير الله حالهم. أحيانا يكون الأختبار والأبتلاء

بأ رسال الكوارث الطبيعية ( زلازل – فيضانا ت ) ولكن شيا طين الانس يمثلون أختبارا يوميا ومتواصلا وردود الفعل تختلف عن تلك التى يقوم بها البشر تجاه الكوارث الطبيعية. المطلوب لمواجهة هؤلاء الشيا طين ليس هو الصبر وأنتظار الفرج – بل أن نبدأ بأ نفسنا ونعمل على تنظيف ما علق بها من صد أ وتغيير ما لحق بها من أسترخاء وأتكا لية – تغيير نمط التفكير وترتيب القيم وتثبيتها وفق أولويا تها وأهميتها. هؤلاء الفراعنة ذاهبون لا محالة – لا دبابا تهم تحميهم من المصير ولا اعلامهم المنافق يستطيع تجميل خاتمتهم – أن العظة والعبرة الرئيسية لوجود هؤلاء هى أيقاظ الغافلين وتنبيههم أن الشيطان يعيش بينهم ويتحدث لغتهم و يأ كل مثلهم – والدرس الأهم هو أن شياطين الانس يمكن أن يقفزوا الى السلطة فى أى وقت – لذا لا بد من الحذر ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين !؟

عندما نقول أن نهاية شيا طين الانس قادمة لا ريب فيها فأ ننا لا نعبر عن أمنية العاجزين أو الحالمين ولكنها قراءة واضحة وصحيحة للتا ريخ : ما بد أ معوجا لا يمكن أن يستقيم – وما بد أ بالحرام لا يصبح حلا لا.

شياطين الأنس الذين أبتلى بهم الشعب الأرترى هم الحزب الحاكم سرقوا وطنا بكل ما فيه من أ رض وثروات وتاريخ ومستقبل – ثم يتهمون المعارضين بأ نهم عملاء ومأجورين وحرامية !؟ المأساة أن أبوا قه تنشر تلك الترهات والأراجيف وترددها دون وعى أصوات نشاذ محسوبة على معسكر المعارضة أو هكذا تدعى !؟

اللص من أجل تبرير جريمته يتهم حتى الشرطى الذى يطارده بأنه حرامى يريد أن يستولى على ذلك الما ل

ويتهم القاضى الذى يحاكمه بأنه مرتشى – الجميع لصوص !؟

يقولون لهم : لو كانت تلك القيادات قادرة على التغيير لما أستمر النظام حتى الأن ؟ أنها قيادات عاجزة وأن النظام ثابت لا يمكن تغييره !؟ يا لكم من قوم يسهل خداعكم – الثورة الأرترية أستمرت ثلاثين عاما وفى منتصف الطريق سقط البعض وكفر بالمشروع الوطنى – لكن الشعب أنتصر فى النهاية ؟ ما حدث لأصحاب الرسالات السماوية معروف ولكن الحق لا بد أن يسود فى النهاية . ولماذا نذهب بعيدا وما يحدث أمامكم فى المنطقة يؤكد أن عصر الفراعنة قد أنتهى وكل منهم يقول أنا لست مثل الآخر !؟

ماذا فعل هؤلاء الشياطين خلال العقدين الماضيين ؟ هناك أرض أرترية محتلة ؟ هناك كرامة وطنية مهدرة هناك أرتريون تاهوا فى الصحارى وغرقوا فى البحار ؟ هناك معتقلون بلا جريمة ولا حساب ؟ هناك قهر وظلم و أستبداد ؟ هناك فقر ومجاعة ولجوء ؟ ليسأ ل كل أرترى نفسه ويحاسب ضميره : لماذا المقارنة بين هكذ ا نظام ومعارضة تحاول جهدها أن تقول الحقيقة وتلفت أنظار العالم الى مأ ساة الشعب الأرترى ؟

أنها رسالة شياطين الأنس – يريدون القول أن الحال من بعضه وأن ( أم الكلب بعشوم ) ولا فائدة فى زيد ولا خير فى عمرو ؟ النتيجة أقبلوا بقدركم والأمر الواقع أى حكم شياطين الأنس !؟

شياطين الأنس تبث سمومها بهدف تشكيك من وهنت ذاكرتهم وتخويف من ضعفت نفوسهم – لا يهم من يهرب من الوطن ويغترب – بل يلحقون بهم ويقنعونهم للمساهمة ولو ببضعة دولارات أو المشاركة فى فعا ليات أجتماعية وثقافية – المهم أن لا يلتحقوا بالمعارضة !؟ بعبارة أخرى – لا يهم أن يعيش الأرترى داخل الوطن أو خارجه ولكن الأهم أن لا يعيش الوطن فى داخله !؟ عليه أن يعيش حالة أغتراب نفسى وروحى ويأس من أن يرى مستقبلا كان يحلم به ذات يوم. وأذا قرر الضحية الهارب أن يتخذ موقفا معلنا ضد النظام يلاحقونه ويشهرون به بل ويحاولون تصفيته وهم يقولون له : ألم نقتلك من قبل – هل أنت حى !؟ يردد الضحية الهارب مع محمود درويش ( نعم ولكننى نسيت مثلك أن أموت ) !؟ للمخدوعين والذين يعيشون فى غيبوبة أختيارية : توقفوا عن التشكيك والتشهير والتشاؤم – ألتحقوا بقا فلة التغيير حتى ولو فى مسا رها العام – ما أسهل أن يكون الأنسا ن متفرجا أو جزءا من مشكلة ولكن التحدى الحقيقى هو أن يكون جزءا من الحل !؟ السكوت فى موضعه ولأسبابه قد يكون صفة الرجال ولكن النطق با لحق فى وجه السلطان الجا ئر من أنبل الخصا ل !؟ و أذا كان الساكت عن الحق شيطان أخرس فمن يردد سموم شياطين الأنس يكون شريكا فى الأثم والجرم.

ليبد أ كل فرد من نفسه – ليكن ( أنسانا ) يؤكد أنسا نيته ووجوده فى ظل التمسك بالقيم العليا – ضد الظلم من أى مصدر كان ومع الحق أيا كان صاحبه. أما الوسا ئل والأدوات للتغيير فتلك أجتهادات مهما أختلفنا حولها فلن تحجب رؤية الحق ولا تعطل معرفة شيا طين الأنس !

كلا لن تخيفنا شياطين الأنس ولا نكترث لنعيق البوم لأننا نؤمن بأ ن تغريد العصافير هو الذى يجدد الحياة يبقى فى ذاكرة الأنسان. و

ومن يعمل بمشورة الشيا طين أو يستمع اليهم لن يفلح وستلفظه الشيا طين نفسها وتبحث عن بديل له بعد أن يكون قد أستنفذ أغراضه !؟ الى شياطين الأنس وأبواقهم والمغفلين النافعين نهدى قصيدة شا عر الشعب الفلسطينى محمود درويش :
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف شعبا
وطن يصلح للنسيان أو للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا .. والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة

= = =

كان الله فى عون الشعب الأرترى

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16086

نشرت بواسطة في يوليو 3 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010