كل عام وأنتم بخير
شهر التوبة والغفران والبر والصدقات يجعله ربي مباركاً على الأمتين العربية والإسلامية وأهل السودان والقرن الأفريقي وشعب ارتريا العظيم .
تمر الأيام والمشهد السياسي لا يزال ضبابياً متموجاً تضاف إليه الحالة المأساوية الذي يعيشها القرن الأفريقي ولا سيما المجاعة في الصومال .
ليس إيماناً بنظرية المؤامرة بل بإسقاط وتشريح لحالة تعيشها المنطقة بين ثالوث ( الغرب – المجاعة –الإرهاب )
فالغرب تقع عليه المسؤولية المباشرة وغير المباشرة في اختيار الحكام ونظام الحكم في هذه المنطقة والحكام وممارسات أعوانهم تؤدي إلى النظر في اتجاه واحد أي نحو كرسي السلطة فقط وعسكرة المجتمع من أجل خدمة هذا الكرسي وعيد الجلوس على هذا الكرسي الذي تصرف عليه أموال الشعب في حفلات البذخ المخملية الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل بل توقف عملية التنمية البشرية والمادية في البلاد والبدء بالاقتراض وتراكم الديون الذي يعبد الطريق إلى الركن الثاني من أركان الثالوث أي التضخم والمجاعة …..
فالمجاعة لا تحل بالمساعدات وتقديم المؤن التي لا تتعدى المرحلة الاسعافية بل بالعمل على مشاريع تنمية مستدامة تكسب المجتمع مناعة ضد الأزمات والكوارث البشرية والطبيعية
في هذه المنطقة التي ارتبط اسمها بالمجاعة منذ الثمانينات القرن الماضي واشهرها مجاعة إقليم ( ولو ) المسلم في أثيوبيا وحينها جنرالات نظام الدرق الأثيوبي كانوا يحتسون شراب الفودكا في (بنسيونات) أديس أبابا واليوم يتكرر المشهد في الصومال والمجتمع الدولي ليتفرج بانتظار إشارة الكاوبوي الأمريكي ببدء عملية توزيع الحليب للأطفال والنساء المنكوبات بحجة وجود الإرهاب والإرهابيين الركن الثالث للثالوث الذي رسمناه لتشريح الحالة التي تمر بها منطقة القرن الأفريقي، هذا الإرهاب ومحاربته التي أصبحت الحجة بل والذريعة لقمع الشعوب والتدخل الخارجي أكان ذلك من الغرب مباشرة أو بدعم منه وفي الحالتين النتيجة تدمير البلاد وتعطيل عملية التنمية في آن معاً .
وهنا نخلص إلى نتيجة مفادها أن غياب الديمقراطية هو المسؤول الأول عن هذه الكوارث في منطقتنا .
فالغرب دخل حروبا عدة قبل وبعد الثورة الفرنسية والتي أرست المبادئ الأساسية للديمقراطية ضد الأنظمة الإقطاعية والكنسية وعاد وتحارب الغرب مرة ثانية وفقد الملايين من البشر بحثا عن المجال الحيوي وانتهت هذه الحرب في عام 1945 م بإقرار المبادئ الأساسية للديمقراطية ولإطلاق عملية التنمية الشاملة ( مشروع مارشال ) في إطار خدمة الحضارة الغربية والتي أسست من أجلها أحلافا عسكرية واقتصادية وثقافية وعدلية وبرلمانية الخ …………
وفي ظل الثورة العربية يجب أن نؤسس مبادئ ديمقراطية يقوم عليها نظام الحكم في العالم العربي والشرق عموما ومشروع مارشال عربي يقود عملية التنمية في هذه المنطقة ليحافظ على الثقافة العربية والحضارة الإسلامية ونجعل لها أحلافاً ومنظمات بروح جديدة أسوة بالغرب .
وعليه ندعو المعارضة الارترية أن تبادر بطرح هذه المبادرة ومد الجسور نحو الثورة العربية ليكون لها قصب السبق في تأسيس النظام الجديد في العالم العربي بل وفي الشرق عامة كما يجب على المعارضة الأرترية تفكيك شيفرة الغرب وأن تذهب إلى العواصم الأوروبية ( بون – باريس – لندن ) وإلى واشنطن ولربما ظفرت بدعم معنوي وإعلامي واضعف الأيمان تلك الابتسامات الصفراء أو حتى ( العرفة بالبلدي ) وأن تعقد مؤتمرها المقبل في نوفمبر القادم خارج إثيوبيا وتبحث عن دعمٍ عربيٍ في الخصوص وشرقيٍ في العموم ( تركيا – إيران – الخ ……) يؤسس لإنجاح المؤتمر ويعجل بإسقاط نظام الديكتاتوري في اسمرا.
ويجب أن تطرح نفسها في معادلة الأمن القومي العربي في إطاره الجديد في عهد الثورة العربية لأن زمن الواقعية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى أو بالأحرى في الأنظمة الأخرى انتهى وأصبح الأمن بمعناه الأوسع مصلحة الجميع ومن أجل جميع الشعوب في هذه المنطقة.
وهنا يحضرني قول أحد الشعراء الصعاليك (الجاهلية)
شبع الفتى لؤماً وصاحبه جائع
نعم شبع الفتى أكثر من لؤم وجاره جائع وما حدث في الصومال لن يمر في الذاكرة مرور الكرام فمشهد الأطفال وهم يموتون في حضن أمهاتهم , تلك المشاهد التي لم نشاهدها على الطبيعة إلا في المسرحيات التراجيدية التي تحكي عن أيام خلت , وتلك الأم التي لم تذرف دمعة واحدة وهي تودع فلذة كبدها ليس لأنها لم تتألم ولكن لأن ينابيع الدموع قد جفت في مقلتيها والرموش توقفت عن الحركة من كثرة البكاء في حضرة الموت , تلك المناظر التي تجرح المشاعر وتخدش الأحاسيس وتعيب على الإنسانية وجودها في حياة الناس ……..
وعليه إن لم نؤسس معاً لأمن قومي عربي شامل ( غذائي – مائي – ملاحي – نفطي – عسكري ) فلن يكون لنا مكان في هذا العالم
ولا أدري إذا كان مسموحاً لينعم به جيراننا إن لم نستفاد منه ونشارك فيه نحن ؟؟؟؟؟!!
الصحفي: محمد نور وسوك
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16764
أحدث النعليقات