اللغة العربية في ارتريا

جذور الصراع حول اللغة العربية فى ارتريا

الإسلام واللغة العربية فى أرتريا من الثوابت الوطنية (خط أحمر) الإرترية بالنسبة للمسلمين فى ارتريا، ولكن حتى بعد استقلال ارتريا حال المسلمين لم يتبدل بل اصبح وضعهم اسوء بسبب اعتلاء الحكم عصابة افورقى واعوانه الحاقدين والذين هم امتداد لحزب “اندنت – نحنان علامانان” تحت اسماء واساليب مختلفة، ومحاربة الإسلام واللغة العربية لا يزال مستمرَا (امتدادا للإستعمار الإثيوبي) لإزالته نهائيا من ارتريا.

“وقد أكد حزب الرابطة الإسلامية موقفه من العربية بوضوح في قراره الصادر في عام 1948م باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد ، وأكد هذا القرار مرة أخرى بعد صدور القرار الفيدرالي في لقاء للرابطة الإسلامية في مدينة كرن في 8 إبريل 1951م .”

“وحكومات أرتريا في العهد التركي والمصري كانت تكتب وتنشر ما يخص الأهالي باللغة العربية فقط ، حيث لم تكن هناك لغة كتابة غيرها في أرتريا في ذلك العهد، ثم بعدها مازالت الحكومات التالية لها تكتب وتنشر بالعربية جميع ما يخص المسلمين سواء كانت الحكومة الإيطالية أو الحكومة الأثيوبية أو الحكومة البريطانية كما أطلعتكم على نماذج من ذلك وكما ترون في سير الإدارة المحلية وصنيع معاليكم في نشراتكم أيضا.”

ومن هذا كله يتضح لكم أن اللغة العربية هي لغة المسلمين من عهود قديمة في هذا القطر وأن من يسعى لمنعهم عنها إنما يريد أن يحارب حقوق الإنسان أكثر مما يحارب حقوق المسلمين ..

“والمسلمون لا يقبلون بديلا عنها بأي حال من الأحوال ، وإن كانوا يرحبون تعلم لغة أخرى معها ، وهذا جزء من شعورهم في هذا الموضوع ، ولأبلغكم ذلك الشعور شفهيا ثم كتابيا حضرت إلى مكتبكم ، طالبا عدم المساس باللغة العربية ، وإبقائها في المدارس الحكومية وغيرها كالسابق ، حيث أنها للمسلمين وللدين الإسلامي بمنزلة الروح للجسد ، وأقدم إليكم هذا تأدية للواجب الملقى على عاتقي منهم ، ووفاء للنصح الذي يفرضه علينا الدين الإسلامي لأمثالكم الولاة في مثل هذه المهمة. (مفتى الديار الإرترية الشيخ إبراهيم المختار)
فى هذه الورقة سوف أقدم الخلفية التاريخ عن اللغة العربية فى ارتريا وجذور الصراع حولها قديما وحديثاً، من وجه نظر مختلفة من الكتّاب، والأفراد والتنظيمات.

I) موقف النظام الطائفي البغيض فى ارتريا بعد الاستقلال:

” وقد أكد رئيس النظام في أكثر من لقاء له هذه القناعة التي لخصها في اجتماع جماهيري كبير في أسمرا بقول فيه: ” اللغتان العربية والتجرنية تم استخدامهما في إرتريا إبان الانتداب البريطاني الذي استهدف من وراء ذلك شق المجتمع الإرتري إلى كتلتين… إلى منخفضات ومرتفعات، ومسلمين ومسيحيين، وإلى عرب وتجرنيا”
ومن ثم لا مبرر للإعراض عن تساؤلات الشعب حول مسألة اللغة العربية بحجة أنها تساؤلات كما يقول أفورقي: ” ناجمة عن تراكم المفاهيم السياسية الندية التي عمل الإنجليز على تكريسها منذ خمسين سنة”
ولقد حاول أفورقي تحميل اللوم في انكماش وتقلص دور اللغة العربية على غياب المؤهلين حيث قال: ” في واقع الأمر لا يوجد في هذا البلد معلمون مؤهلون للتدريس باللغة العربية، فعند الطلب لم نجد سوى شخصين مؤهلين باللغة العربية هذا هو الواقع.
ومن التجني والتحامل أن يعتبر إسياس مطالبة المسلمين باللغة العربية نوعا من أزمة هوية ويقول:” من لديه أزمة هوية ويقول: إن هذه اللغة أو تلك اللغة ليست لغتي، وليست لغة شعبي، ولا أرغب الحديث بها، أو سماعها، وأرغب في استعارة لغة أخرى، ويريد أن يكرس ذات المفاهيم التقسيمية التي حاول الإنجليز غرسها فعليه أن يدرك أن لا مكان له في هذا الوطن”.
تتلخص رؤية الجبهة الشعبية في موقفها السلبي من اللغة العربية فيما يلي:

أولا: لا توجد قومية تتحدث اللغة العربية إلا قومية الرشايدة.

ثانيا : العامل الديني هو الذي أدى إلى اختيار العربية لغة رسمية للشعب الإرتري.

ثالثا: اللغة العربية انتشرت في إرتريا بمساعدة عوامل خارجية، وعلى رأس هذه العوامل الإسلام، ووجود مدرسين سودانيين.” (دكتور/ جلال الدين محمد صالح كتاب: الحركة الإسلامية والعمل السياسي)

ماذا قال القسيس ديمطروس فى البرلمان الإرتري عن اللغات الرسمية فى ارتريا؟
“ديمطروس قبر ماريام” (الوحدة – سرايى): إن اللغة الرئيسية هى التجرينية. وإذا كان لا بد من إضافة لغة أخرى لتكن هذه اللغة: “التجرى” أما اللغة العربية فهى لغة دين، وتكون لها مكانتها على هذا الأساس.
هذا الكلام يتفق تماما مع برنامج “تعليم لغات الأم” الذي يتبناه الطاغية اليوم فى ارتريا والهدف واضح وهو ابعاد ومحاربة اللغة العربية من خلال ادعاء “تعليم لغات الأم” وتكون التجرتية اللغة الرسمية الفعلية والعملية كما هو الحال اليوم فى ارتريا.
كلام الطاغية ليس جديد (قاله من قبل قشي ديمطروس)، هذا الكلام مسطر فى الوثيقة المشؤمة والطائفية “نحنان علمانان” التى كتبها مجموعة من 13 شخص من بينهم الطاغية افورقى، ويقولون فى الوثيقة بكل وضوح:
“لقد أصبحت اللغة العربية أحد اللغات الرسمية في إرتريا (فقط من خلال القرار الفيدرالي لعام ۱٩٥٢م والذي لم يشترك في صنعه الشعب الإريتري، ويحاول زعماء الجبهة الذين لم يستطيعوا إخفاء الحقيقة) أن يقوموا بدور عمل لفرض اللغة العربية كلغة وحيدة ورسمية للشعب في إريتريا. ”
تواصل وثيقة الكذب والبهتان وتزوير الحقائق والتاريخ، وتقول:
“فمنذ عام ۱٩٤۰م وبعد ذلك ونتيجة للقهر الأجنبي خلال القرون الماضية أنقسم الشعب الإريتري إلى تجمعين سياسيين، فقد طالب معظم المسيحيين ” بالاتحاد ” مع إثيوبيا، وطالب معظم المسلمين ” بالاتحاد ” مع السودان – وكان علي الأمم المتحدة أن تتخذ القرار النهائي لتلقي بالشعب الإريتري في محيط من المعاناة – هذه حقيقة تاريخية أخري في تطور بلادنا السياسي.”
رابط الى وثيقة (نحنان علمانان – نحن واهدافنا) باللغة العربية:
http://www.farajat.net/maktabah/NhnanElamanan-Arabic.pdf
الجميع يعلم، والتاريخ يشهد وجميع الوثائق تؤكد بأن: “طالب معظم المسيحيين “بالاتحاد” مع إثيوبيا بدون شروط وكانوا اعضاء حزب “اندنت”، وطالب معظم المسلمين ” بالإستقلال التام لإرتريا” ورفضوا التقسيم والإنضمام الى السودان. هذه حقائق لا جدال فيها ولكن يريدون تزوير الحقائق وتجميل تاريخ ابائهم المشين والمخجل.

II) من موقع (دقي بات) المشبوه – مايو 2007:

هنالك شخص يدعى هبتي ماريام أبرها* يكتب على الإنترنت في موقع dekebat)) وفى الجزء الرابع ص . ٥ – ٦) من سلسلة المقابلات التى اجراها بالتجرنية تحدّثُ فيها عن اشياءِ غريبةِ، حرّفَ حقائقَ التأريخِ وهلوس كثيرا في خصائص التاريخ الإرتري القديم منه والحديث.
هنا أوَدُّ أَنْ أُقدّمَ رده عندما سُئلَ عن حقائق ووضع اللغةِ العربيةِ في أرتريا؟
الرجل الحاقد قالَ التالي في الجزءِ الثالثِ مِنْ مقابلتِه:

“على سبيل المثال إذا تحدّثُنا عن استعمال اللغةِ العربيةِ قي ارتريا، جذوره كَانَ من صنع الإدارة البريطانيا (لا يختلف من الطاغية بما يتعلق باللغة العربية). عندما سئل آباؤنا في وقت الحكم البريطاني، أَو قبل الإتحادِ الفيدرالي: أَيّ لغة رسمية تُفضّلُون؟ ماذا يجب أن تكون اللغات الرسمية في إرتريِاُ ؟ اللغة التجرينية، الأمهرية أَم العربية؟ عندما سُأِلوا أجوبتهم كَانتْ:
عِنْدَنا لغتان إرتريتان مقدّستان التي نَشأتَا مِنْ الجئز وهما التيجريَ والتجرينية (يتفق تماما مع وثيقة نحنان علامنان). كلتا اللغتان تُستَعملُ للإتِّصال والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين بكل سهولة. أيضاً كلتا اللغتان لَهما الحروف الأبجدية. الذي نُريدُه هو تثبيت هذه اللغتين.
لكن إستعمالَ اللغةِ العربيةِ يَجِبُ أَنْ تحدّدَ لدراسةِ الدينِ وللإستعمالِ والإتصالِ التجاريِ فقط. اللغة الأمحرية ليستعملها الأمحرا، هكذا كان رد أبائنا عن اللغات الرسمية قي ارتريا.
ولكن المسلمينِ الذين يَعِيشونَ في السهولِ الغربيةِ الإرتريةِ وحتى الجبرتة، لقد رفضوا لغة ابأهم الأصلية ولغة هويتهم الإرترية الخاصة بهم، إحتقرَ هؤلاء الناسِ لغةِ التجرِى وأرادو إسْتِبْدالها بلغة أجنبية وهيا اللغةُ العربيةُ وطالبوا أن تكون اللغة الرسمية الثانية الى جانب التجرينية وذلك بسبب الوشوشة (متأثرين ومُوَجّهينَ) مِن قِبل بريطانيا العظمى، السودانيون ومسؤولو الحكومةِ المصريةِ، والبَعْض منهم بدون علم بغفلة طالب بهذا المطلب.
بالتأكيد، منذ القدم أغلبية الشعبِ الإرتريِ كان يستعمل للتفاهم والإتصال اللغتان التيجرينية والتجري.
من المأكدَ بأنّ الساهو والبلين لهم لغاتهم الخاصة مستعملة من قبل العديد مِنْ الناسِ. ولكن لغة التيجري مستعملة من قبل المنسع وفى جميع مناطق الساحل والسنحيت ماعدا البلين، والبركة وحول منطقة السمهرجميعهم يتحدثون لغةَ التجريَ.
إنّ اللغةَ العربيةَ تُستَعملُ أساساً للتعليم الإسلاميِ وتُوْجَدُ في دراسة القرآن الكريمِ فقط.
بخصوص القرآن، يقَرأَ الأتراك القرآنَ الكريم باللغة العربِية ولكنهم لَيسوا عرب وهم يَسمون (أتراك). من له تشابه واشياء مشتركة مع العرب: الأتراك أَم الأرتريون؟ من ناحية الدينِ والتقاليد الأتراك أقرب إلى العرب. لكن لأن القرآنَ باللغة العربِية الأتراك لن يَصْبَحوا عربًا.
في باكستان، الهند، سريلانكا والبلدان الآسيوية التي يوجد فيها أغلبية مسلمة يتعلمون القرآنِ الكريم باللغة العربية ِولَكنَّهم لا يَدّعونَ بأنهم عرب بسبب الدينِ الإسلامي.
لكن بسبب الإدارة بريطانية التي إخترعت جعل فكرة اللغةِ العربيةِ لغة رسميةِ إرتريةِ الى ِجانب اللغةِ التجرنية، وهدفهم كَانَ أَنْ يَخْلقَوا نزاعَ وشقاق في المجتمع الإرتري، لسوء الحظ حتى الآن اللغة العربية مستعملُة كلغة رسمية في إرترية.
لَيسَ هذا فقط، بل المؤشرات تشير بأن اللغة العربية ربما تَتوسّعُ نحو تجراي وإثيوبيا.
ما هو مدهش هو قبول الناس أثناء الكفاح المسلح اللغة العربية بدون تساؤلات وتكتم على مشاعرُهم الأخلاقيةُ. بسبب سياساتِ زعماءَ الجبهة والشعبية الغير واثقينِ بأنفسهم الذين كَانوا يَدّعونِ بأنّنا عرب، اليوم نحن نوجدُ في مثل هذا الوضع.
حتى اليوم اللغة العربية مستعملة في ارتريا وذلك بسبب اعتمادها من قبل حكومةَ جبهة الشبية للعدالة والديمقراطية وليس بسبب ارادة الشعب الإرتري.
ولكن مَنْ المستفيدُ من ذلك؟ عما قريب سوف يُصبحُ واضحة أكثر ونحن سَنَرى النَتائِجَ.”

* هبتي ماريام أبرها – كاتب المقال كان من جنود وعملاء هيلى سلاسي مثل تدلا عقبيت من بقايا “اندنت” متشبع بكراهية الإسلام والمسلمين واللغة العربية. التحق بالثورة بعد ان رفضهم منقستو، واليوم يعتبر من (المعارضين!) للنظام ولكنه بما يتعلق باللغة العربية موقفه يتطابق مع موقف الطاغية افورقى، بل اكثر تشددا، وعلى الجميع ان يتنبه بأن ليس كل من يدعي “معارض” للنظام هو عادل ومنصف لحقوق الشعب الإرتري وتطلعاتهم المشروعة.

ذكر لي صديق من السويد عن اجتماع للمعارضة حضره قائلا: “لقد حضرت اجتماع للراحل سيوم عوقبى مكئيل (حرستوت) قبل سنين فى السويد وأحد الحضور سأل سيوم قائلا: الحكومة الإرترية تدرّس لغات الأم اليوم ولكن غدا لو نجحت المعارضة وحكمت ارتريا ماذا سيكون برنامجكم بالنسبة للغات التعليم؟ هل ستعلن اللغتين العربية والتجرنية كلغتين رسميتين، أم ستستمرون بنفس برنامج (لغات التعليم)؟ اجاب سيوم قائلا: على حسب برنامج حزبنا اللغتين التجرتبة والعربية هما اللغتين الرسميتين لإرتريا، ولكن هذا ليس شيء مقدّس ويمكن ان يتبدل. التجرنية طبعا لغة وطنية ولكن ممكن ان يستفتى الشعب الإرتري بالنسبة بما يتعلق باللغة العربية.” الشخص السائِل كان من المتحدثين بالتجري البروتستنت ومن المتعصبين للتقرايت وسؤاله كان بسسب خوفه من اللغة العربية. من هنا يتضح جليا موضوع اللغة العربية حتى من بعد الأحزاب والتنظيمات الإرترية المعارضة للنظام غير محسومة. الواحد يتساءل “لماذا الإستفتاء للعربية فقط؟؟؟

III) مسودة ماتنسو ونقاشات حول اللغة العربية فى البرلمان الفيدرالى الإرتري ؟

” النقاش حول مسألة اللغات: المادة 40 – اللغات (المسودة)

1 – يسمح باستخدام اللغات التى تتحدث بها المجموعات السكانية المختلفة فى المعاملات مع الدوائر الحكومية على نحو ما جرت عليه العادة.
2 – يسمح باستخدام هذه اللغات للأغراض الدينية أو التعليمية وكل أشكال التعبير عن الرأى.”

لم تفسح مسودة “ماتنسو” مكانا للغات الرسمية، بل تحدثت بصورة عامة عن اللغات الإرترية. وعندما طرح الأمر للنقاش، قدمت توصيتان لتعديا المادة. كانت الأولى تقترح جعل التجرينية والعربية لغتين رسميتين فى إرتريا، على أن يسمح لأى شخص باستخدام لغته للأغراض التعليمية أو الدينية أو لغيرهما من الأمور. أما الثانية التى تلتقى فى كثير من النقاط مع الأولى فقد اقترحت استخدام التجرنية والعربية وحدهما فى المسائل الرسمية (الحكومية)(1)

ونظرا للخلاف حول إجازة أى من التوصيتين، فقد كان يتم تأجيل البت فى الأمر عن طريق التصويت من يوم لأخر. ثم جرى نقاش حاد فى القضية فى الجلسة 32 المنعقد يوم 11 يونيو 1952، لقد قال أوائل المتحدثين هو النزماتش “ولديوهنس قبراقزئ:
“أن معظم الدول يستخدم لغة واحدة وعلما واحدا وسلطة واحدة. وبما أنه لا يوجد فى إرتريا من لا يجيد التجرينية، لتكن التجرينية اللغة الرسمية. ونظرا لأن اللغة العربية هى لغة دين، فهى لغة أجنبية. وهى لا ينبغى أن تستخدم فى المعاملات الرسمية.”

وكرد مباشر على هذا الكلام، قال “برهانو أحمدين” من دائرة “قزا برهانو” (أسمرا):
” ما دام الأمر كذلك، فلتكن اللغة الرسمية اللغة العربية وحدها.”

وبغرض تقديم صورة متكاملة عما جرى بعد ذلك، فإننا نقدم ملخص النقاشات التى تمت على ألسنة قائليها. ونوردها فيما يلى حسب الترتيب الذى جاءت عليه:
ناصر أبوبكر باشا (الرابطة – أكلى قوزاى): اللغة العربية لغة قديمة وتتداولها دول كثيرة. أما التجرينية فهى لغة المرتفعات (لإرترية) ونحن نستخدمها كلغة تواصل.

“حدقمبس كفلوم” (الوحدة – أكلى قوزاى): جاءت اللغة العربية مصحوبة بالدين. لتكن التجرينية اللغة الرسمية. ولكن بما أننا سندخل فى علاقة فيدرالية مع إثيوبيا، لتكن اللغة الأمهرية اللغة الثانية. وهذا يعنى أن نستخدم التجرينية فى الداخلية والأمهرية فى الشؤون الفيدرالية. لنستخدم اللغة التجرينية فى شؤوننا الداخلية والأمهرية فى الشؤون الفيدرالية. لنستخدم اللغة العربية لفترة محدودة، وذلك حتى يتعلم إخوتنا التجرينية.

“تخلى هيمانوت بخرو” (الحزب الديقراطى – أكلى قوزاى): أن آراء الشعب حول هذا الأمر متباينة. لنقرء المادة كما جاءت فى المسودة. وليس كل إرترى يجيد العربية والتجرينية…

“تدلا بايرو” (رئيس الجمعية – حماسين): رغم أن الشعب ينقسم الى ديانتين، على أعضاء الجمعية أن يكونوا موحدين. أن الانقسام داخل الجمعية ستترتب عليه نتائج سيئة داخل لشعب.

محمد عمر أكيتو (الحزب الديمقراطى – دنكاليا): لا أتفق مع الرأى القائل بأن النقاشات مع الشعب حول هذا الأمر لم تنته. لقد قال الشعب رأيه. إذا أجيزت المادة كما جاءت عليه فى المسودة، فإن ذلك يعنى أن تعيش إرتريا حالة هرج ومرج توجد لغتان – التجرينية والعربية. لنقبل الاثنتين.

“إمبايى هبتى” (الوحدة – كرن): لنترك الخلافات الدينية جانبا، ولنغلب مصلحة الشعب. لقد وضعت مسودة الدستور بالإنجليزية والعربية والتجرنية. لذلك، لتكن العربية والتجرنية اللغتين الرسميتين. كذلك، فإن اللغات الأخرى يستخدمها الشعب فى معاملاته اليومية مع الدوائر الحكومية.”

القاضى على عمر (الحزب الديمقراطى – أكلى قوزاى): ليست العربية أكثر غربة من التجرينية. فأصول اللغتين يمنية. قال مفوض الأمم المتحدة فى نقاشاته الجماهرية أن اللغتين ستثبتان. وكان ينبغى له أن يتبنى ذلك فى المسودة. وإذا أريد إضافة الإنجليزية والإيطالية إلى جانب التجرنية والعربية، فأنا لا أعارض ذلك.

“ديمطروس قبر ماريام” (الوحدة – سرايى): إن اللغة الرئيسية هى التجرينية. وإذا كان لا بد من إضافة لغة أخرى لتكن هذه اللغة: “التجرى” أما اللغة العربية فهى لغة دين، وتكون لها مكانتها على هذا الأساس.

“ماتينسو”: إن هذه هى إحدى النقاط المثيرة للجدل. وهذا ما دعانى لأن أكون حذرا فى صياغة المادة. وانا الآن ألاحظ داخل الجمعية خلافات مماثلة. ينبغى أن يكون الدستور عنصر وحدة. ليست المسألة مسألة صياغة القانون، إنما أن يؤدى القانون إلى الوفاق. وما دامت رغبة قطاع واسع هى أن تصبح اللغة العربية لغة رسمية، فالأفضل هو قبول حل توفيقى…وبما أن هذا الدستور يحاول أن يوفق بين مصالح متباينة فإنه أصبح مثير للجدلب. لذلك، فإننى مدفوعا بروح الوفاق أقبل التعديل القائل بأن تصبح اللغتان التجرينية والعربية رسميتين.

لم يتخذ فى تلك الجلسة قرارا، ورفعت الجلسة لتنعقد فى اليوم التالى.
فى جلسة اليوم الثانى تحدث عضو حزب الوحدة بلاتا “دمساس ولدى مكئيل” من دائرة “أبا شاول” (أسمرا) فعندما قال بأنه لا ينبغى الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية، بدا الأمر على إثره وكأنه عاد إلى المربع الأولى. وفجأة قام الدجزماتش “برهى أسبروم” عضو الحزب الديمقراطى من “معربا” (أكلى قوزاى) فاقترح رفع الجلسة لفترة قصيرة، وذلك كى يتمكن الأعضاء من إجراء مشاورات غير رسمية فيما بينهم، ورفعت الجلسة فعلا.

ثم التأمت الجلسة من جديد، وتحدث بلاتا “دمساس” الذى كان قد اعترض على اللغة العربية. فبعد أن أوضح أنه يتحدث باسم كثيرين من أعضاء الجمعية، أضاف أنه لكى يطمئن الأعضاء ويسود الوفاق بينهم فإنهم يؤيدون إقرار اللغتين، العربية والتجرينية لغتين رسميتين، وثناه الدجزماتش “برهى أسبروم” ثم قدم “ماتينسو” المادة 39 المدلة للتصويت. وأجيزت بأغلبية الأصوات. وحملت المادة 39 فى المسودة الرقم 38 فى الدستور، وقرئت على النحو التالى:

” 1 – التجرينية والعربية هما اللغتان الرسميتان لإرتريا.
2 – تمشيا مع العرف الراسخ فى إرتريا يسمح بإستعمال اللغات التى تتكلمها وتكتبها فئات الشعب المختلفة فى إرتريا فى التعامل مع السلطات العامة وكذلك فى الأغراض الدينية والتربوية وفى كل أشكال التعبير عن الأفكار.”

بهذه الطريقة، إذن، أمكن اللغتين التجرينية والعربية أن تصبحا فى العهد الفيدرالى لغتى إرتريا الرسميتين.
وثمة نقطة ذات أهمية فى هذا المجال. لقد حدث الاتفاق على اللغة العربية بعد أن تحدث فى الأمر الدجزماتش “برهى” وآخرون من جانب وبلاتا “دمساس” وآخرون من جانب آخر خارج الجلسات الرسمية للجمعية. أما فكيف تم الاتفاق، فهذا ما سيتضح فى الفقرة التالية الخاصة بممثل رئيس الحكومة.” “( صفحة 171 – 175 فيدرالية إرتريا مع إثيوبيا من أنسى ماتينسو إلى تدلا بايرو (1951 – 1955) ) تأليف: ألم سقد تسفاى (تجرنيا) ترجمة: إبراهيم إدريس توتيل (عربي) الطبعة الأولى 2009المركز القومى للترجمة (القاهرة) إشراف: جابر عصفور)
” لقد لاحظنا فى ما سبق أن الاتفاق الذى أبرمه الدجزماتش “برهى أسبروم” خارج جلسات الجمعية هو الذى أدى إلى حل الخلافات حول اللغات الرسمية.
أن عضو الجمعية عمر أكيتو يشرح النقاش الذى جرى خارج الجلستة على النحو الآتى:

“كنا قد قررنا من جانبنا أن نقاطع جلسات الجمعية ونترك كل شئ إذا لم يقبلوا اللغة العربية. وكنا منذ البداية نرفض ممثل للإمبراطور فى إرتريا. وقد أصبحت القضيتان تدريجيا متقابلتين. ثم بدأوا يقولون لنا: (اقبلوا ممثل الإمبراطور لنقبل اللغة العربية) لقد تحادثنا كثيرا خارج الجلسة. وفى الأخير قلنا (إذا كان هذا هو قدرنا فإننا نقبل ممثل الإمبراطور، وذلك من أجل شعبنا ووحدتنا.) وقبلوا بدورهم اللغة العربية.
أن ما تم الاتفاق عليه فى فترة الاستراحة خارج الجلسة هو ما كان قد تم التوصل إليه قبل ذلك.” (فبخلاف ما قاله بلاتا “دمساس” أمام الجمعية بعد العودة من فترة الاستراحة بأن تصبح التجرينية والعربية لغتين رسميتين، فإننا لم نعثر على معلومات تفصيلية عن تلك الجلسة – المؤلف).

يقول مستشار الإمبراطور هيلى سلاسى، الأمريكى الجنسية “جون سبنسر” إنه أمكن وجود ممثل للإمبراطور فى إرتريا لقبول الحكومة الإثيوبية اللغتين التجرينية والعربية ووجود علم لإرتريا. ويضيف “سبنسر” أنه علاوة على ذلك، فقد اعتبر وجود جيش إثيوبى لحماية وحدة الفيدرالية وللدفاع عنها أمرا مفروغا منه (2). ” ( صفحة 178 – 179 فيدرالية إرتريا مع إثيوبيا من أنسى ماتينسو إلى تدلا بايرو (1951 – 1955)

ملحق

جواب مبعوث الامم المتحدة على وضع الحكومة الاثيوبية فيما يتعلق بتفسير قرار الامم المتحدة حول مستقبل ارتريا.

اللغة، أو اللغات الرسمية في ارتريا

بت أن مسألة اللغة الرسمية هى احدى اعوص الامور التى اثيرت اثناء مشاورات المبعوث مع سكان ارتريا ولكثرها اثارة الجدل. وفى الواقع ترغب مقدمة القرار في ان يضمن الارتباط بين اريتريا واثيوبيا لسكان اريتريا اعمق الاحترام والضمانات للغاتهم. ومن خلال عمل المبعوث في ارتريا وجد ان اللغتين التجرينية والعربية راسختان وثابتتان فى البلاد وهو على وعى تام بان التجرينية هي لغة الغالبية العظمى من السكان المسحيين. وبأن العربية هى لغة الطقوس الدينية للمسلمين، الذين يتكلم معظمهم التجرى، لكنه لا يستطيع تجاهل الرابطة الدينية للعربية. وهو واع الى ان الميول الدينية هي عامل هام في هذه المرحلة من الحضارة الاريترية. وبالرغم من ان المسلمين قد لا يستخدمون العربية في اعمالهم اليومية، لكنهم يتعلمونها لارتباطها بدياناتهم. ولهذا تؤلف بالنتيجة لسانا مشتركا بين قطاعات السكان المسلمين يتفاهمون به رغم اختلاف لغاتهم ولهجاتهم. وفق هذا تستخدم العربية كثيرا كلغة تجارة للبلاد.

58 – ثمة عوامل أخرى تبين اتساع استعمال العربية في ارتريا. فالجرائد مثلا تصدر بالعربية كما تصدر بالتجرينية، وقد حدثت مشاورات مبعوث القوى الأربعة الكبرى، ثم مشاورات بعثة الامم المتحدة الآولى. ثم مشاورات هذه البعثة، كلها بالعربية والتجرينية، يضاف الى هذا ان التوثيق الرسمي لهذه الهيئات ترجم الى التجرينية والعربية. ومن المستحيل على المبعوث ان يتجاهل هذه الوقائع.” “( صفحة 407 – 408 وثائق عن أريتريا – طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976)

” المشاورات الرسمية مع السلطة المديرية حول موضوع مشروع دستور اريتريا

القرار 390 أ-5 القسم أ . الفقرة 12

9 – فأشار المبعوث الى ان المسألة الثانية (المسألة الأولى – العلم الاريترى) المثيرة للجدل هى المتعلقة باللغة أو اللغات الرسمية. ورأى ان اللغة التجرينية لم تبلغ بعد الدرجة العالية المناسبة من التطور المناسب للدراسة العليا. اما اللغة العربية فقد لاحظ انها مقصورة على قلة ضئيلة تنطق بها فى أريتريا، ولكنها لغة الاسلام ومفهومة لدى الكثيرين. فضلا عن ذلك فأن كلا من العربية والتجرينية لقيتا اعتبارا متساويا في تقرير اللجان السابقة التى زارت اريتريا، كما فى تقرير لجنة ذاتها، وبالتالى فان من الخطورة بمكان تجاهل تلك الوقائع. ولم يقترح ان يتضمن الدجستور اي نص يحدد لغة واحدة أو أكثر كلغة رسمية، وانما اقتصر على تضمينه نصا يؤكد حماية اللغات المتداولة في اريتريا، وذلك وفق بنود القرار. وان الزمن والتجربة سوف يكشفان عما اذا كان ينبغى اعتماد العربية ام التجرينية ام كلتيهما كلغة رسمية. واضاف انه سوف ينتظر ردود الفعل من البرلمان الاريتري.

10 – فقال كبير المديرين أن ليس ثمة بد من مواجهة الحقيقة وهى انه ليس في أرتريا لغة واحدة مقبولة من الجميع. وانه يتضح بترك أمر تقرير مسألة اللغة للمستقبل لتبرهن أي من اللغتين ستلقى أعظم الأهمية ولذلك فأنه يوافق على اقتراح المبعوث. “( صفحة 410 – 411 وثائق عن أريتريا – طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976)

” الامم المتحدة – التقرير الختامي
لمبعوث الامم المتحدة في أريتري

الجمعية العمومية – السجلات الرسمية: الدورة السابقة
الملحق رقم (A/1288) 15 نيويورك: 1952

88 – وبخصوص اللغات الرسمية لاحظ المبعوث انه اكتشف، خلال مجريات عمله ان اللغتين التجرينية والعربية كانتا راسختين بقوة فى البلاد ورغم ان اللغة العربية ربما لم تكن قيد الاستعمال اليومي لدى السكان المسلمين، فان لها منزلة دينية قوية لديهم. يضاف الى هذا كله ان كافة مشاورات مبعوث الامم المتحدة وبعثته كانت كلها جرت باللغتين العربيي ة والتجرينية. وانه لا يمكن التغاضي عن هذه الوقائع رغم انه مستعد للموافقة على عدم تضمين مشروع الدستور نصا محددا يتعلغ باللغات، وعلى ترك القرار للجمعية الوطنية الاريترية. “”( صفحة 437 وثائق عن أريتريا – طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976)

(5) نقاط عامة:

(أ‌) ما هي اللغات التي يجب أن تكون لغات أريتريا الرسمية ؟

165 – في البداية طالبت الاحزاب السياسة المسلمة بالعربية والتجرينية لغتين، بينما فضلت الاحزاب المسيحية ذات العواطف الوحدوية اللغة التجرينية وحدها، مدعية ان العربية هي لغة لا تستعمل الا للأغراض الدينية فقط وأنها غريبة عن المنطقة. كما وردت وجهات نظر فردية أيضا، منها رأي بتبني التجرينية والتجرية. وفضلت أحدى الجاليات الاجنبية تبني الانكليزية لغة ثانية بعد التجرينية واخرى أعتبرت وجوب تبني اللغتين المحليتين يضاف اليهما تبني لغة اجنبية اوروبية لمصلحة الاقليات.

167 – ونظرا للموقف الذى اتخذه معظم المسيحيين من اللغة العربية فقد حدث تصلب ملحوظ في موقف المسلمين، فمع انهم اقترحوا في البداية العربية والتجرينية لغتين رسميتين، فأنهم بعدئذ رفضوا التجرينية.

168 – أما الحزب الوحدوي،فترك الباب مفتوحا للتوفيق، قائلا في مذكرته الخطية أن الوقائع والعقل يحتمان تبني لغة واحدة لاريتريا، لكن مسألة اللغة يجب الا تسهم في تفريق الشعب الاريتري بدلا من ان بين فئاته، فالحزب الوحدوى يأمل بكل اخلاص، ان يتم الوصول الى اسس مقبولة عند كافة الفئات المعنية. ثم أعلن ان يترك مسألة اللغة لتحلها الجمعية الوطنية. “( صفحة 448 – 449 وثائق عن أريتريا – طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976)

القسم الثالث: تحليل مفصل للمناقشات التي دارت في الجمعية الوطنية

حول مسودة الدستور. التعديلات التي أجريت على المسودة..

1 – التجرينية والعربية هما اللغتان الرسميتان لاريتريا.
2 – طبقا للاعراف الراسخة في اريتريا فان اللغة التي تتكلمها وتكتبها فئات الشعب المختلفة يسمح باستخدامها في التعامل مع السلطات العامة ولللأهداف الدينية والتربوية ولكل اشكال التعبير عن الأفكار. (المادة 40). (صفحة 487 وثائق عن أريتريا – طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976)

(1) كان المتقدم بالتوصية الأولى الشيخ محمد الحسين حيلاى (من بركا) وبالثانية الشيخ محمد عمر إبراهيم (من الساحل).

(2) Spencer, Ethiopia at Bay, 1987, p. 245.

IV) جذور الصراع حول لغات التعليم فى إرتريا

تمهيد

ان المتابع لهذه الدراسة المتخصصة سوف يستنتج بأن المسلمين في إرتريا ما فتئوا يجاهدون من أجل توطـين اللغة العربية المعاصرة في ديارهم وإستخدامها في حياتهم التعليمية والإدارية منذ قرون ، بينما القوى الخارجية المسيطرة عليهم ظلت تمنع ذلك لأسباب مختلفة منها ما هو قومي أو ديني أو إستعماري، وما نشاهده اليوم في إرتريا من قضايا مثل “لغة الأم” ما هو إلا إفرازات لترسبات ذلك الصـراع اللغوي القديم، ولغة الأم يُـقصد بها تعليم أطفال المسلمين الإرتريين بلهجاتهم المحلية المنطوقة وكتابتها بالحروف اللاتينية أو الجئزية ، خلافاَ لما كان عليه آباؤهم وأجدادهم الذين استخدموا الأبجدية العربية في تعليمهم التقليدي والنظامي وكما كان إلغاء اللغة العربية من المنهج الدراسي الإرتري من أحد أسباب إنفجار الثورة الإرترية ، فإن تهميش اللغة العربية وإستبعادها من الساحة الرسمية والتعليمية كلغة رسمية وطنية ولغة تعليم لكافة المسلمين قد يكون من عوامل التغيير المرتقب لضمان لضمان إستقرار ووحدة الكيان الإرترى.

رأي أغلبية المسلمين الإرتريين في مشروع لغة الأم
يعتقد المعارضون لمشـروع “لغة الأم” إن ما فعله هذا المشـروع من دمار بالنسبة لمستقبل أبناء المسلمين وعلاقتهم باللغة العربية لا يمكن أن يعوض بسهولة ، وقد فاق كل الأضرار السابقة وترك المسلمون الإرتريون معرضون للتقهقر الثقافي والانعزال عن محيطهم الطبيعي ، وإذا لم يستدرك الأمر بسـرعة سوف يستمر الضـرر لعشـرات السنين ، بينما يقول القائمون على أمر التعليم في الحكومة الإرترية ، إنهم توصلوا إلى هذا الترتيب ليس جزافاً ولكن من خلال دراسات موثقة وإنّ ما توصلوا إليه هو الأنسب لمستقبل الطلاب وإن اختلف عن الثوابت الماضية، ولكن أي الفريقين على صواب ؟ وأيهم على خطأ ؟ هذا ما كان سيحدده الحوار الوطني المفقود (بل المرفوض أصلاً).

قال مسئول مسلم في وزارة التعليم الإرترية لمراسل فضائية عربية إن المنظمات المعنية بالتعليم في هيئة الأمم المتحدة تحث على تعليم الطفل باللهجة التي تنطقها أمّه ، و لكن لم يوضح ذلك الشخص عن من الذي يختار الحرف الذي تكتب به اللهجة إذا كانت تلك اللهجة التي تتحدث بها أم الطفل غير مكتوبة من قبل ، هذا إذا كان حديثة أصلا منقولا بدقة عن الأمم المتحدة. إن رأي المسلمين الإرتريين في لغة تعليم أبناؤهم كان ثابتاً وواضحاَ منذ عهد الإستعمار الإيطالي ، ثم تأكد في عهد الإحتلال الانجليزي ، ثم في عهد الفيدرالية المشئوم ، ثم في سنوات حرب التحرير ، وأخيرًا ثبت بما لا يدع مجالا للشك أثناء استطلاعات الدستور (المجمد) في التسعينيات من القرن الماضي ، حيث ثبت للمستطلعين الحكوميين بأن السواد الأعظم من المسلمين وكذلك قطاع كبير من المسيحيين الإرتريين سيما المثقفين منهم يدعمون بل ويطالبون بثنائية اللغة في التعليم كما كان سابقاً وقد تأكد صواب ذلك الرأي من خلال النتائج التي تحققت في مناهج التعليم الابتدائي في المناطق الإسلامية حتى الآن بحسب ما ورد في بعض التقارير الصحفية من داخل إرتريا ثم من الناحية الثقافية إن إرتريا منقسمة إلى ثقافتين فقط ، وهي في النهاية وحدة سياسية أوجدها الإستعمار شانها شأن معظم الدول الأفريقية ولابد من مراعاة هذا الواقع من أجل الحفاظ على توازن البلاد كوحدة سياسية. إن توحيد لغة تعليم المسلمين في المرحلة الإبتدائية ، وتوحيد لغة التعليم في المرحلة الثانوية على مستوى الوطن ، كما كان معمولا به في الماضي هو مطلب شعبي تاريخي ثابتْ وليس مزايدة سياسية آنية ويعتقد إن أي إخلال بهذه الترتيبات التي أمـّن عليها المجتمع الدولي في حينه ، قد يضاعف من متاعب البلاد السياسية. وهذا ما بدا يتأكد للجميع يوماً بعد يوم. (من كتاب: جذور الصراع حول لغات التعليم في إرتريا دراسة تحليلية أعدها: الأستاذ / أبوبكر الجيلاني)

V) تحديات مصرية أمام المجتمع الإرتري

“إن موقف الدفاع ألذي أتصدى له لأن تكون التقرنية والعربية لغتين رسميتين، على الرغم من أن أي منهما ليست لغة أم بالنسبة لي، قد يبدو للبعض نوعا من المفارقة المحيرة. كما أن فرض تطوير لغات لم يطالب بها أصحابها هو شيء محير أيضا.” (صفحة 24)

“اللغة الرسمية في إرتريا غداة – تطبيق القرار الفدرالي

وبعد أن بدأت اجتماعات دورته الأولى، كانت أول قضية تصدى لها الدستور الإرتري. وكان منطقيا أن تتأثر المناقشات بالمواقف المسبقة. وكانت قضية اللغة الرسمية في إرتريا من ضمن القضايا الساخنة التي نوقشت فى تلك الاجتماعات.
اقترح المسلمون بأن تكون اللغتان العربية والتقرنية لغتين رسميتين لإرتريا.
ووجه هذا الاقتراح بالرفض القاطع من جانب المسيحيين. والحجة التي استند اليها الرافضون كانت أن اللغة العربية لا صلة لها بإرتريا وهي بالتالي غريبة على المجتمع الإرتري. وتمسكوا بأن تكون اللغة التقرنية، باعتبارها إرترية الأصل ولها حروف تكتب بها, اللغة الرسمية في إرتريا.
وباشتداد المناقشات والطابع التحدي الذي اتسمت به، اقترح المسيحيون بأن تكون التقرينية والتقري لغتين رسميتين. أما حجة المسلمين في دفاعهم عن اللغة العربية فأستندت على أساس أن اللغة العربية هي لغة الدين والدنيا بالنسبة للمسلمين الإرتريين حيث تعاملوا معها منذ اعتناقهم الدين الإسلامي. وإن المعاملات الخاصة والعامة، وعلى وجه الخصوص لغة التداول في المحاكم الشرعية، كانت تتم ولا زالت منذ قديم الزمان باللغة العربية. ويكفي أن أول صحيفة باللغة العربية بدأ صدورها في إرتريا في عام 1907م.
وقد قرأت بنفسي في الريف الإرتري، في قرية طحرا بإقليم الساحل الشمالي، عن قضية نزاع متعلقة بالأرض فصلت فيها المحكمة واصدرت قرارها فيها باللغة العربية في عام 1925م وموقعة من والي كرن الإيطالي غاسبريني. وفوق هذا وذاك فإن لغة التفاهم والمراسلات بين المسلمين بدءا من رحيتا في جنوب دنكاليا حتى الحدود السودانية هي اللغة العربية وخاصة أن للمسلمين ثمان لغات محكية مختلفة يتحدثون بها في مواقع تواجدهم ولا تشكل إحداها قاسما مشتركا فيما بينهم.
واللغة العربية هي اللغة الموحدة بينهم وبالتالي فإن المسلمين لا يشعرون بأن هذه اللغة غريبة عليهم أو مفروضة عليهم من أحد. كمتا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم وتعلمه هو فرض على كل مسلم ومسلمة. كما أن إرتريا محاطة بالعرب الذين يتحدثون بهذه اللغة فضلا عن أن جزءا كبيرا من الشعب الإرتري يعود في انتمائه الأصلي إلى العرب الذين هاجروا من شرق البحر الأحمر قبل ألفي عام. (صفحة 36 -35)

“أما رد المسلمين على دعوة المسحيين في أن تكون التقرينية لغة رسمية، فكان بأن هذه اللغة لا يتجاوز تداولها المرتفعات الإرترية ذات الغالبية السكانية من المسيحيين وهي مساحة لا تشكل سوى مساحة صغيرة نسبة إلى المساحة الكلية لإرتريا. أما التقري فلن يطالب بها أحد لتكون لغة رسمية واهلها يطالبون باللغة العربية كلغة رسمية.
أستمرت المناقشات في البرلمان حول مسألة اللغة الرسمية قرابة ثلاثة أشهر دون أن تحسم ولكنه، أخيرا، حسمت عندما هدد متر أنزي ماتينزو، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى إرتريا بمغادرة الالبلاد لرفع تقريره إلى الأمم المتحدة ما لم يتم التفاهم حول هذه القضية. وتدخل أيضا ممثل الإمبراطور هيلي سلاىسي، بتودد اندلكاتشو ميساي، الذي نبه أعضاء البرلمان من حزب الانضمام الى خطورة التي تنطوي عليها سياسة مسألة الإصرار على رفض اللغة العربية. وحسمت المسألة في النهاية بإقرار اللغتين التقرينية والعربية لأن تكونا لغتين رسميتين للدولة الفدرالية الإرترية.
وفي هذا الشأن أدلى القسيس ديمطروس، كما يقصها المعاصرون لتلك الفترة، بمقولته المشهورة قائلا:
“إننا نقبل اللغة العربية وعيوننا تدمع دم.”
وفي أول جلسة للبرلمان، بعد أن اتخذ قرار اعتماد اللغتين الرسميتين، وفيما كانت المناقشات تدور حول بنود الاجتماع قال رئيس السلطة التنفيذية السيد تدلا بايرو الى العضو المرحوم ناصر باشا أبوبكر ظنا منه أنه لا يجيد اللغة العربية التي كان يدافع عنها بشدة:
“هلا تحدثت باللغة العربية التي ظللت تدافع عنها؟”.
فاستدرك ناصر باشا ما رمى إليه الرئيس ورد عليه قائلا:
“اعتقدت أو أردت بكلامك هذا إحراجي لأنني دافعت عن لغة لآ أجيدها ولكن عليك أن تفهم أنني اذا لم أتحدث بها اليوم فسيتحدث بها ابني غدا واذا لم يتحدث بها إبني فسيتحدث بها حفيدي في إرتريا المستقبل.”
صادف وأن جالست الزعيم الوطني المرحوم الشيخ إبراهيم سلطان سكرتير الرابطة الإسلامية وعضو أول برلمان إرتري في منزله بالقاهرة في مارس 1972م وأغسطس 1974م. وحدثني عن النضالات التي خاضها جيله من أجل استقلال إرتريا. ومن بين المواضيع التي تطرق إليها في حديثه كانت المشاكل التي صاحبت مسألة تثبيت اللغة الرسمية في إرتريا. وبعد أن روى لي كيف كانت المناقشات في البرلمان، قال لي بالحرف الواحد:
“إننا ارتكبنا خطأ تكتيكيا في تسرعنا، كمسلمين، في مطالبتنا بأن تكون اللغة التقرينية لغة رسمية إلى جانب العربية، لأن ذلك مثُل موقف إجماع من البرلمان على اللغة التقرينية فى وقت لم تحظ فيه اللغة العربية بتأييد وإجماع مماثل، إذ لم يبادلنا المسيحيون التقدير الذي منحناه أياهم. إذ توقعنا أن يبادلونا نفس المشاعر عندما طالبنا باللغة العربية لأن تكون إحدى اللغتين الرسميتين.”
يتضح من طبيعة سير المناقشات حول مسألة اللغة، بغض النظر عن مدى منطقية الحجج التي طرحها كل طرف، بأن الشعب الإرتري انقسم مرة أخرى انقساما دينيا.
هذه البداية المتسمة بعدم الانسجام في صفوف المجتمع الإرتري، غداة تطبيق القرار الفدرالي، زادت في تعميقها التطورات اللاحقة التي سبقت إلغاء النظام الفدرالي.
ففي النظام الفدرالي، وباستثناء البرلمان الذي تشكل من المسلمين والمسيحيين مناصفة، فإن جهاز الخدمة المدنية والشرطة كان يشغلها المسيحيون الإرتريون بنسبة عالية، بصرف النظر عما إن كانوا عملاء أو وطنيين. وكان للاعتبارات الإقليمية والدينية دور في عملية التوظيف.
كان المسلمون يشعرون بغبن مزدوج. فإضافة إلى ظلم السلطة المحتلة الذي كان يعاني منه الجميع، كانوا يعانون من تحيز جهاز “الخدمة المدنية” الذي كان يتشكل من المسيحيين الإرتريين بصفة أساسية. وفي لإطار تنامي هذه المشاعر جاء الإغلاق التدريجي للمدارس في الريف (مثلا: في هبرو، قامظيوا، حديث، إيرافلي، إيغيلا، هيكوتا، كيرو، كركبت، زولا، إمبيرمي، وقيرون شعب، قلوج) التي كانت لغة التدريس فيها اللغة العربية، ومقامة في مناطق يسكنها المسلمون، وذلك بدلا من توسيعها وفتح فرص التعليم أمام النشء الجديد مما عزز وعمق مشاعر الغبن والاضطهاد لدى المسلمين.
عملت إثيوبيا، في سياق سياستها الهادفة إلى طمس معالم الشخصية الإرترية، على فرض اللغة الأمحرية وإحلالها محل اللغتين الرسميتين العربية والتقرينية. ولتأكيد الأهمية التي توليها لانتشار هذه اللغة قسرا، اشترطت الحكومة الإثيوبية، رسميا، على من يرغب في التوظيف أو الالتحاق بالجامعة من الإرتريين أن يجيد الأمهرية غجادة تامة وإلا أصبح مصيره التشرد والضياع.
احتج المسلمون لدى الإمبراطور ليعيد النظر في مسألة اللغة العربية لأن في إلغائها مس بمعتقداتهم وحقوقهم (1). بيد أنه لم يبال بتلك الاحتجاجات، بل استمر في سياساته . بيد أنه
لم يبال بتلك الاحتجاجات، بل استمر في سياساته زاء اللغات الإرترية الرسمية. (صفحة40 -37) كتاب:تحديات مصرية أمام المجتمع الإرتري بقلم المناضل / أحمد محمد ناصر سبتمبر 1998م.)

(1) راجع كتاب “كفاح ارتريا” الذي أصدرته جبهة التحرير الإرترية في الستينات.

الى رابط: كتاب “كفاح إرتريا”

http://www.farajat.net/maktabah/Kifah-1.pdf
http://www.farajat.net/maktabah/Kifah-2.pdf
http://www.farajat.net/maktabah/Kifah-3.pdf
http://www.farajat.net/maktabah/Kifah-4.pdf

VI) عروبة إرتريا حقائق ووثائق

انحياز الشعب الإرتري المسلم بكل فئاته في فترة تقرير المصير من عام 1944 ـ1950م للغة العربية أمام لجان الأمم المتحدة ، التي توافدت علي إرتريا لتحديد مستقبلها ومعرفة رأي السكان بين الاستقلال والاتحاد الفيدرالي مع إثيوبيا ، وعندما تقرر وضع الدستور الفيدرالي لإرتريا ، عينت الأمم المتحدة السيد “ما تنزو السويدي” لوضع دستور، وقد قام بجولة في كل مناطق إرتريا ، لمدة ثلاث عشرة أسبوعا في عام 1950م ، وقال أنه وجد إن سكان المنخفضات الإرترية جميعهم ، وبلا استثناء عندما سئلوا في موضوع تحديد اللغة لإرتريا ، أكدوا بان لغتهم هي العربية ، وطالبوا بأن تكون اللغة الرسمية للبلاد، ومن ناحية أخرى يقول (أنه لاحظ بأن الأقلية المسيحية انحازت للغة التجرينية) ، بالرغم من أن (الساهو والجبرتة) ، الذين يشكلون 50% من سكان المرتفعات انحازوا للغة العربية ، مما اضعف موقف المسيحيين هناك ، وجعلهم يلجئون إلى أساليب ملتوية لخداع لجان الأمم المتحدة ، بأنهم يشكلون الغالبية في المرتفعات ، مما دفع (ما تنزو) لاعتبار اللغة العربية لغة الغالبية في إرتريا ، وأن اللغة التجرينية تم إقرارها بواسطة المسلمين أنفسهم لاعتبارات سياسية ، وللحفاظ علي مشاعر الأقلية المسيحية المدعومة آنذاك من الحكومة الإثيوبية ، وللعلم أن الإدارة البريطانية ، التي حكمت إرتريا من “1941ـ1952″ لم تتعامل أصلا باللغة التجرينية في كافة المعاملات الرسمية ، سوي باللغة العربية والإنجليزية في إرتريا ، وأن المعاملات الرسمية للحكومة الفيدرالية في إرتريا ، في كل المجالات أكدت علي سيادة اللغة العربية في إرتريا ، بدليل ان الشهادات المدرسية كانت تصدرها وزارة المعارف الإريترية ، في ظل الحكومة الفيدرالية ، باللغة العربية ونقدم في عرضنا هذا صورة نموذجية بهذا الشأن في صفحتي” 123،124 ” ، وأن ما حصلت علية اللغة التجرينية من دور ومكانة في المجتمع الإرتري ، بسبب تسامح المسلمين ورغبتهم في اعتماد التعايش الديني والثقافي ، وقفل الباب أمام الصراعات الطائفية ، التي تضر بالوحدة الوطنية ، ولكن يبدو أن الطرف الطائفي لا زال يعتبر ذلك ضعفا ، ويسعى إلى استغلال ذلك التسامح لإضفاء هيمنته الثقافية علي إرتريا المستقلة.
عندما نوقـشت مسالة (اللغة) في إرتريا في أول اجتماع للبرلمان الإرتري عام (1950) ، وافقت الكتلة الوطنية الإسلامية بكل سهولة علي اعتبار اللغة “التجرينية” لغة رسمية ووطنية في إرتريا، ولكن عندما طرحت اللغة العربية باعتبارها لغة وطنية ورسمية، تعبر عن الغالبية الإسلامية في كل مجالات حياتها الدينية والثقافية والاجتماعية، وقف الطرف الطائفي وبلا حياء علي رفض اللغة العربية والاكتفاء بإقرار اللغة التجرينية فقط، وان يختار المسلمون أحد لغاتهم المحلية وهذا من باب التكرم عليهم، بالرغم إن مسودة (الدستور الإرتري) ، أقرت في المادة (38) من دستور إرتريا ، إن الشعب الإرتري منقسم إلى لغتين (العربية – التجرينية) ، وليس لهم أي بديل أخر، وضمن هذه المعطيات اعتمدت تلك المادة المذكورة، إلا انه بالرغم من ذلك الإقرار من المندوب الدولي، رفض الطرف الطائفي اعتماد اللغة العربية، وعطلوا جلسات البرلمان لأكثر من (38) يوما ، مما دفع بعض زعماء الكتلة الوطنية الإسلامية في البرلمان، للمطالبة بتقسيم إرتريا للخروج من هذا المأزق .
وفي تلك المرحلة المظلمة عام 1950م وقف المسلمون مع لغتهم العربية ، التي لم يكن للمسلمين فيها حلفاء ولا داعمين من الدول العربية ، حيث كانت معظم الدول العربية مستعمرات ، وتكافح من اجل نيل استقلال بلادها ، مما يؤكد بان انحياز المسلمين في إرتريا إلى اللغة العربية ، ليس وليد مخططات عربية توسعية ، كما تروج بعض الرموز الطائفية في الجبهة الشعبية، وانما هذا موقف له جذور تاريخية لن تحول دون تحقيقه ، حتى ولو طال بالمسلمين الجهاد لألف سنة أخرى تتوارثها الأجيال، وهي اكثر تمسكا بهويتها العربية الاسلامية وهذا ما لا يريد الطائفيين أن يعوه .
وإزاء ذلك الموقف المتوتر بين “المسلمين ـ والمسيحيين” في البرلمان الإرتري ، تدخل السيد (ماتينزوا) ، معلنا انه إذا لم يتم إقرار المادة 38 كما وردت في مشروع دستور إرتريا، فأنة سيعلن فشله للأمم المتحدة ، ويعيد القضية برمتها للأمم المتحدة ، لكي تناقش الوضع في إرتريا بأبعاد أخرى ، مما أدي إلى تدخل (هيلي سلاسي) ، وأوعز للنواب المسيحيين في البرلمان بالقبول بإقرار اللغة العربية ، كما وردت في الدستور خوفا من تنفيذ (ماتينزوا) تهديده ، وعرض القضية للأمم المتحدة، مما كان سيعرض مخططات إثيوبيا للفشل، وبذلك اعتمدت اللغتان العربية والتجرينية كلغتين وطنيتين في إرتريا، وقفل باب النقاش في هذه القضية الحيوية تماما، إلي أن ضمت إثيوبيا إرتريا وألغت كل مظاهر الاتحاد الفيدرالي، الذي كان أصلا مظهر من مظاهر الاستعمار الإثيوبي .
لقد كانت إرتريا بالنسبة للمسلمين مشروع وطني يتعايش فيه المسلمين والمسيحيين، وضرب الطرفان أروع الأمثلة لهذا التعايش في كثير من الجوانب الوطنية، مما يؤكد بان المستقبل للتعايش الثقافي الديني في إرتريا، بل و أكدت مرحلة الثورة وتلك التضحيات الباهظة، التي قدمت من الطرفان في حرب التحرير، ان المسيحيين الإرتريين اصبحوا اكثر تجاوبا مع اللغة العربية، بحكم وجود أعداد كبيرة من اللاجئين في السودان ـ والمنطقة العربية ، وسيفاجئ طغاة الطائفين بان المسيحيين الإرتريين ، سيلعبون دورا كبيرا ومؤثرا في إقرار اللغة العربية كلغة وطنية للشعب الإرتري، حيث برز لهم ذلك البعد الحضاري، الذي تمثله هذه اللغة وآثارها الحضارية والإنسانية، وهي اقدم وارقي من كل اللغات الهجينة، وما نريد ان نعلمه لبعض الطائفيين، اللذين يحاولون ان يربطوا اللغة العربية في إرتريا ، بصراع الصليبية العالمية مع الإسلام ودوره الحضاري، في قيادة مليار مسلم في العالم ، بما يحمله من عقيدة سليمة وفكر نير وتسامح مع كل الأديان، ان (اللغة العربية) كانت موجودة بجذورها في عمق الجزيرة العربية قبل الإسلام، وعرفت بدورها المتميز في مختلف مجالات الأدب والبلاغة والشعر، وعندما ( انزل الله تعالي بها الكتاب المقدس)، واختارها من بين لغات العالم ، اكتسبت قدسيتها ومكانتها وديمومتها وحيويتها، من كون ذلك الاختصاص الرباني، فالقوي النصرانية اليهودية بحسدهم وحقدهم يحاربون الله تعالي، في رفضهم للغة الإسلام، التي يتدارس بها المسلمون في كل أنحاء العالم كتاب الله تعالي، ومن يحارب لغة الكتاب المقدس عند الإسلام ، فأنة يستنفر المسلمون للجهاد، وما إعلان الكفاح المسلح في إرتريا عام 1961م ، ببعيد حينما أعلنت إثيوبيا إلغاء اللغة العربية، وإقفال المعاهد الدينية والمدارس .

اعتبار اللغة التجرينية هي اللغة الرسمية والوطنية في إرتريا ، وتجاهل اللغة العربية وإلغاء دورها ، ومكاتبت الدول والمؤسسات باللغة التجرينية ، للتأكيد علي أنها اللغة الوحيدة والرسمية في إرتريا وهذا ما يتعارض مع الثوابت الوطنية وذلك التعايش الذي ارتضاه شعبنا. (من كتاب: عروبة إرتريا حقائق ووثائق بقلم الكاتب والصحفى: محمد عثمان علي خير)

VI) من موقع: مفتى إرتريا الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر

حوادث – الصراع حول اللغة العربية في داخل وخارج البرلمان الأرتري.
ورغم هذه المكانة التاريخية والتأثير الواسع للغة العربية ، فقد دار حولها صراع طويل في أرتريا بين من يعتبرها لغة أجنبية دخيلة ، وبين من يراها لغة وطنية أصيلة. وقد ظهرت بوادر هذا الصراع بعد الإحتلال البريطاني ، وإفتتاح المدارس ، وظهور الصحف والأحزاب السياسية. وكان سماحة المفتي في خضم هذا الصراع ، وكان من أبرز من كتب ونافح عن اللغة العربية. وقد دون سماحته جوانب من هذا الصراع في عدد من كتاباته ومن أبرزها مؤلفه ” دحض الوشاة عن اللغة العربية في أرتريا والحبشة”. وفيما يلي عرض لبعض جوانب هذا الصراع نقلا من كتابات سماحة المفتي.

بدايات الصراع:
فتحت الإدارة البريطانية فرص العمل في الوظائف الإدارية والرسمية للوطنيين ، وقلدت عددا منهم وظائف مهمة ، وبالأخص الأرتريون المثقفون ثقافة بروتستانتية إنجليزية – من خريجي المدارس التبشيرية السويدية – . وكانت هذه الثقافة “مضطهدة في أيام الحكم الإيطالي” بحكم إنتماء الإيطاليين إلى الكاثوليكية * ، وتقديمهم للغتهم الإيطالية. ولم يكن بين المسلمين من يحسن اللغة الإنجليزية نتيجة “لعزوفهم سابقا عن إدخال أبنائهم في المدارس الإرسالية التبشيرية خوفا على دينهم”. فقامت الإدارة البريطانية بإفساح المجال لخريجي هذه المدارس التبشيرية “وقلدتهم مهام إدارة أرتريا”. وقد كان لهؤلاء دور مهم في التقليل من مكانة اللغة العربية ، والسعي لإستبعادها من مناهج التعليم والتوجيه ، وأقناع ضابط مكتب الإستعلامات البريطانية في عام 1945م باعتماد اللغة التيجرينية لغة رسمية لأرتريا ، واعتبار اللغة العربية لغة إضافية ، واعتماد ميزانية سنوية للجريدة التيجرينية ، دون الجريدة العربية.

وفي سلسلة محاضرات نظمتها وزارة الأخبار البريطانية ، بدأ هؤلاء في التأكيد على كون التيجرينية هي اللغة الرسمية الوحيدة لأرتريا. وكان لمحاضرات وتصريحات “إسحاق تولد مدهن” (Ishaq Twelde Medhen) – مفتش المعارف الأرترية للمدارس الوطنية – صدى كبيرا ، أحدث جدلا واسعا ، وردودا لمزاعمه. وكانت تصريحاته في المؤتمر السياسي للشرق الأوسط الذي عقدته الإدارة البريطانية في القاهرة في عام 1945م والذي أكد فيه على أن اللغة التيجرينية هي اللغة الرسمية دورها في إذكاء الصراع حول مستقبل اللغة العربية …
وقد دار بين سماحة المفتي وحاكم عام أرتريا البريطاني – الذي كان يحسن التحدث باللغة العربية – حوارا في شأن اللغة العربية ، أبلغه فيها سماحته أسف المسلمين من تجاهل الحكومة للغة العربية في إفتتاحها المدارس وأنشائها الجريدة باللغة التجرينية دون العربية. يقول سماحة المفتي : “وقد كانت دهشتي كبيرة حين قال لي أتريد من الحكومة أن تنشئ جريدة لأنفار من العرب المهاجرين: فقلت له .. إن المعلومات التي وصلتكم فاسدة ، وإستعمال اللغة العربية ليس محصورا على العرب المهاجرين ، وهى لغة المسلمين جميعا – بدون مزاحم – كتابة وقراءة. فقال لي.. إني أعلم أن السواحل كلها إسلامية ، ولكنهم لا يتكلمون باللغة العربية. فقلت له : أما التحدث بها بطريقة الكتابة والقراءة فأمر واضح لا ينكره أحد ، وأما التكلم الشفهي بها فمنهم من يتكلم بها ، ومنهم من لا يتكلم بها. فقال لي إن المعلومات التي وصلتني تفيد بأن اللغة العربية غير مستعملة ، وغير معتبرة في أرتريا لدى غير العرب المهاجرين ثم وعدني أن ينظر في الأمر…”

طرفي الصراع:
وقد ظهر الإنقسام حول اللغة العربية واضحا بين طرفي الصراع حول مستقبل أرتريا السياسي. فحزب الإتحاد إلى أثيوبيا كان مناوئا للغة العربية مناوئة شديدة ، والأحزاب الداعية للإستقلال – وفي مقدمتها حزب الرابطة – كانت من أكثر المنافحين عن اللغة العربية. وكانت قضية اللغة العربية موضع إجماع بين كل القيادات الإسلامية بكافة توجهاتها ، وأطيافها ، وإنتماءاتها ، حتى المنتمون منهم لحزب الإتحاد مع أثيوبيا كان لهم موقف مختلف عن قيادة الحزب.
وقد أكد حزب الرابطة الإسلامية موقفه من العربية بوضوح في قراره الصادر في عام 1948م باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد ، وأكد هذا القرار مرة أخرى بعد صدور القرار الفيدرالي في لقاء للرابطة الإسلامية في مدينة كرن في 8 إبريل 1951م .
وقد أصدرت الجبهة الديمقراطية – المكونة من ستة أحزاب – في 12 يوليو 1951م مذكرة إلى مندوب الأمم المتحدة تبدي فيها رأيها في مسائل الدستور حيث طلبت في المذكرة إعتماد اللغة العربية كلغة رسمية لحكومة أرتريا مع اللغة التجرينية.

اللغة العربية ومندوب الأمم المتحدة:
وقبل وضع مسودة الدستور الأرتري ، أجرى مندوب الأمم المتحدة “إنزوا ماتنزوا” مشاورات مطولة لوضع مسودة الدستور ، وقد إلتقى ضمن من إلتقى بسماحة المفتي – بناءا على طلبه – في 30 يوليو 1952م حيث قدم له سماحته شرحا ضافيا حول اللغة العربية ومكانتها في أرتريا ، ثم كتب إليه رسالة فيها المزيد من التوضيح والتفصيل (أنظر صفحة رسائل). وقد إلتقى المندوب أيضا بقيادات الأحزاب الإستقلالية والتي عبرت له بوضوح موقفها الداعي لاعتبار اللغة العربية لغة رسمية. أما حزب الإتحاد – رغم موقفه المعادي للعربية – فإنه إعتذر عن الحضور أمام المندوب وإبداء رأيه الصريح حول اللغة الرسمية لأرتريا. ويبدوا أن السبب في ذلك هو خشية الحزب من تمرد القلة المنتسبة إليه من القيادات المسلمة. ورغم هذا فقد أصدرت القيادات المسلمة المنتسبة إلى حزب الإتحاد بيانا خاصا أعلنت فيه مطالبتها باعتماد اللغة العربية لغة رسمية مخالفة بذلك موقف قيادة الحزب وكوادره. وكانت أثيوبيا عبر مناصريها تمارس الضغط على المندوب لإستبعاد اللغة العربية واعتماد اللغة الأمهرية ، وكان للبريطانيين أيضا تطلع لاعتماد الإنجليزية ، والإيطاليين لاعتماد الإيطالية. وقد قرر المندوب في نهاية المطاف ترك موضوع اللغات مفتوحا دون تحديد في مادة 4 من مسودة الدستور والتي تنص على أن:

1- اللغات التي درج على إستعمالها جماعات مختلفة من السكان يجوز العمل بها في صلاتهم بالحكومة طبقا للعرف السائد.
2- ولهم حرية استعمال هذه اللغة في أغراضهم الدينية والتعليمية وفي جميع مظاهر التعبير في الرأي.

وقد حاز هذا القرار على رضا المناوئين للغة العربية ، وسبب إستياءا واضحا لدى أنصارها.

اللغة العربية في داخل البرلمان:
أصدر حاكم عام أرتريا البريطاني في يوم السبت 19 إبريل 1952م إعلان رقم 127 لتكوين الجمعية التمثيلية الأرترية ، ونص في المادة الثالثة أن يكون التحدث في الجمعية باللغة العربية واللغة التجرينية والإنجليزية ، وقد حظي هذا القرار بموافقة الجمعية الأرترية.

وبعد إفتتاح الجمعية الأرترية في 4 شعبان 1371هـ الموافق 28 إبريل 1952م بدأ النقاش حول مسودة الدستور فطالب النواب المناصرون للعربية مناقشة مادة اللغة الرسمية أولا ، فحاول المناوؤن تأخير النظر في هذه المادة يساندهم رئيس الجمعية – من حزب الإتحاد – ، ولكن نتيجة لإصرار المناصريين على مناقشة هذه المادة وتشبثهم بموقفهم بدأ النقاش فيها في 18 رمضان الموافق 11 يونيو واحتدم النقاش بين الطرفين وتصاعد تصاعدا كبيرا. ولم يتوانى المعارضون من وصم اللغة العربية بأنها لغة أجنبية لا يتكلم بها إلا الحضارم واليمنيين. ومن المفارقات العجيبة أن الطرف المعارض مع وصمه للغة العربية بأنها أجنبية كان يطالب – كما صرح مقدمهم القس ديمطروس ، رئيس الجمعية – باعتماد اللغة الأمهرية مع التيجرينية ، رغم أن الأمهرية كانت مجهولة في أرتريا أنذاك.

وقد حمل نائب عصب محمد عمر أكيتو** مندوب الأمم المتحدة مسؤولية ما حدث في الجمعية من إنقسام نتيجة لسكوته في مسودة الدستور عن تحديد اللغتين الرسميتين رغم أنه سمع بوضوح مطالب الشعب الأرتري في ذلك. وأكد النائب القاضي علي عمر أن العربية أصل للغات التي يطالب أعداؤها باعتمادها ، فالتيجرينية وليدة اللغة الجئزية وهي لغة منسوبة إلى اليمن. وقد زادت حدة النقاش من عزم النواب المناصرين للعربية على الثبات على مطلبهم وعدم المساومة فيه حيث قرروا بعدم قبول ” أي إقتراح أو تأجيل أو أي بحث في باقي مسودة الدستور قبل الموافقة على إدخال العربية في دستور أرتريا ، وصمموا على رفض الفيدرالي ومقاطعة الجمعية التمثيلية إن لم تتم الموافقة على العربية”. وهنا أحس الطرف المناوئ خطورة وجدية الأمر ، فوافقوا – بناءا على نصح المندوب وأخرون لهم – بقبول تعديل الدستور وإدخال اللغة العربية. وكان لموقف أولئك النواب الصلب دور أساسي في إحداث هذا التحول المهم. يقول سماحة المفتي مشيدا بموقف أولئك النواب “وبذلك سجلوا التاريخ المشرف الذي لا يمحوه كر الجديدين”. وكانت الصيغة المعدلة للدستور (مادة 39) تنص على:

(1) تكون اللغتان التيجرينية والعربية اللغتان الرسميتان في أرتريا.
(2) على حسب العرف المتبع في أرتريا سيسمح باستعمال اللغات المكتوبة والمنطوقة لدى مختلف عناصر الشعب عند الإتصال بالسلطات العامة كما يسمح باستعمالها للأغراض التعليمية والدينية ولجميع أوجه التعبير عن الرأي.

ورغم أن هذه الصيغة المعدلة كانت تحقق مطلب المناصرين في المادة الأولى منها، إلا أنهم لم يرضوا بالمادة الثانية ، ولم يروا ما يدعوا اليها وأحسوا أن ورائها محاولة للإلتفاف على اللغة العربية وتهميشها. ولذلك إنقسم المناصرون فيما بينهم ما بين أقلية معارضة ومؤيدة ، وأغلبية متحفظة. وكان إثنان من أبرز المنافحين عن اللغة العربية – النائب ناصر باشا *** ، والنائب القاضي علي عمر – مع الطرف المؤيد. أما الطرف المناوئ للعربية فقد رضي بالتعديل حيث وجد في المادة الثانية ما يحقق مطلبه.
جرى التصويت على هذه المادة في 23 رمضان 1371هـ الموافق 16 يونيوا 1952م ، فأيد التعديل 37 عضوا ، وعارضها إثنان ، وامتنع عن التصويت 28 نائبا ، وكان الساكتون والمعارضون كلهم من المناصرين للغة العربية.

ورغم هذا الإنتصار التاريخي المهم فإن الحكومات المتعاقبة – والتي كانت تحت سيطرة حزب الإتحاد – لم تتوانى في وضع العراقيل أمام الإستعمال الرسمي للغة العربية ، حتى أحكمت حكومة الإمبراطور قبضتها على البلاد واستبعدت العربية والتيجرينية وفرضت قسرا اللغة الأمهرية على الجميع. ولم تكتفي حكومة الإمبراطور بذلك بل حاولت فرض الأمهرية على المحاكم الشرعية ، والمعاهد الإسلامية ، وهنا خاض المسلمون صراعا طويلا للدفاع عن العربية في مؤسساتهم الإسلامية ورفعوا في ذلك الكثير من العرائض والمذكرات

رسائل – خطاب المفتي إلى مندوب الأمم المتحدة في أرتريا حول اللغة العربية
حضرة صاحب المعالي مندوب الأمم المتحدة بأسمرة ،

بإلإشارة إلى محادثتنا الشفاهية لدى مكتبكم في 30 يوليو 1950م وطلبكم مني كتابة ما قلته لكم شفاهيا في موضوع اللغة العربية أتشرف بإفادتكم ما يأتي:

أولا – يوم حضوري لديكم قد أطلعتكم على عدة نماذج من المطبوعات العربية من الصحف والقوانين وغيرها التي طبعتها الحكومة الإيطالية والأثيوبية والبريطانية في هذا القطر وفي الحبشة، وما أطلعتكم عليه نموذج من الصحف العربية التي طبعت في أرتريا منذ إبتداء الصحافة إلى هذا اليوم.

ثانيا – بعد رجوعي من مكتبكم قد قرأت في بعض الصحف العربية عدة مقالات ومباحث في اللغة العربية وأحوالها وتاريخها في هذه البلاد، وإكتفاء بذلك كنت أميل بترك الكتابة إليكم في موضوعها حيث أصبح الواقع معلوما لديكم من قراءتها أراء الشعب الإسلامي ، غير أني وفاء لواجب العهد فقط أحرر إليكم هذا.

ثالثا – اللغة العربية هى اللغة الحقيقية لمسلمي أرتريا والحبشة ، كما أنها أقدم جميع اللغات الموجودة الآن في أرتريا واللغة الوحيدة التي يستطيع الأرتريون أن يتصلوا ويتفاهموا بها مع شعوب ودول أفريقيا وأسيا وغيرها من القارات الأخرى ، بخلاف سائر اللهجات الموجودة في القطر والتي كانت كلها لسانية فقط إلى ماقبل سبعين عاما حيث أن الكتابة بها حديثة في طور الإنشاء ومسافة إستعمالها في داخل أرتريا محدودة …

رابعا – الطائفة الإسلامية في أرتريا تتكلم وتكتب وتقرأ باللغة العربية وتستعملها في جميع أمورها المختلفة من عصور بعيدة المدى ، أذكر لكم أمثلة من استعمالاتها بين المسلمين:

أ‌- يستعملونها ثقافيا في مختلف مدارسهم سواء كان تدريسا دينيا أو تدريسا علميا..، وجميع صحفهم تصدر باللغة العربية. وتاريخ إبتداء الصحافة في أرتريا منذ أربعة وعشرين عاما تقريبا، ومن ذلك الحين إلى هذا اليوم ما زالت تصدر الصحف بالعربية كغيرها حتى بلغ عدد الصحف التي صدرت بالعربية من بدئها إلى هذا اليوم أربعة عشر صحيفة ما بين يومية وأسبوعية وشهرية، منها خمسة حكومية والباقي صحف حزبية وفردية. وحكومات أرتريا في العهد التركي والمصري كانت تكتب وتنشر ما يخص الأهالي باللغة العربية فقط ، حيث لم تكن هناك لغة كتابة غيرها في أرتريا في ذلك العهد، ثم بعدها مازالت الحكومات التالية لها تكتب وتنشر بالعربية جميع ما يخص المسلمين سواء كانت الحكومة الإيطالية أو الحكومة الأثيوبية أو الحكومة البريطانية كما أطلعتكم على نماذج من ذلك وكما ترون في سير الإدارة المحلية وصنيع معاليكم في نشراتكم أيضا.

ب‌- المسلمون يستعملونها دينيا وأخلاقيا حيث يوجد في أرتريا حوالي خمسمائة مسجد وأربعة آلاف خلوة قرآنية وجميع أذكارهم وتلاوتهم للقرآن وأذانهم للصلوات فيها كلها بالعربية. ويوجد في ما بينها أربعين جامعا يلقي الخطباء فيها أربعين خطبة بالعربية أسبوعيا في كل يوم جمعة، وهي كلها في تقويم أخلاق العامة وتحذيرها من الأعمال المخالفة للدين والقانون والنظام والآداب

ج- يستعملونها عائليا فإن جميع الوصايا وأنسابهم وتواريخ أجدادهم ومراسلاتهم كلها بالعربية.

د- يستعملونها تجاريا وفي المعاملات فإن جميع عقودات المسلمين من شركات ورهونات وديونات وحسابات تجارية كلها تكتب بالعربية.

هـ- يستعملونها قضائيا فإن جميع المحاكم الإسلامية تكتب وارداتها ومحاضر قضاياها وسجلاتها وأحكامها ومراسلاتها وغير ذلك باللغة العربية. وتوجد في المحاكم المذكورة اليوم سجلات مضى عليها قرابة قرن في القضايا وغيرها، ويوجد منها في محكمة مصوع وحدها فوق ستين مجلدا وكلها قبل العصر الإيطالي، الذي كانت فيه {محكمة مصوع} مرجع الحقوق القضائية في تلك المدينة قبل العصر الإيطالي وإلى هذا اليوم.

و- يستعملونها إجتماعيا فإن جميع المنظمات الإسلامية سواء كانت ثقافية أو رياضية أو سياسية أو قومية إنما تكتب دساتيرها ولوائحها ودفاترها ووثائقها وتلقي محاضراتها كلها باللغة العربية كما يشهد لكم بجميع ذلك الواقع المحسوس وكتب التواريخ.

ومن هذا كله يتضح لكم أن اللغة العربية هي لغة المسلمين من عهود قديمة في هذا القطر وأن من يسعى لمنعهم عنها إنما يريد أن يحارب حقوق الإنسان أكثر مما يحارب حقوق المسلمين .. وثقتنا في عدالة معاليكم وعدالة هيئة الأمم المتحدة عظيمة ومتينة الأركان لنيل المسلمين حقوقهم كاملا.

حرر في صباح يوم الخميس 25 ذي القعدة 1370هجرية الموافق 27 أغسطس 1951م

مفتي أرتريا وقاضي قضاتها ورئيس محكمة الاستئنافات الشرعية.

رسائل – خطاب المفتي لطلب إستمرار تدريس اللغة العربية
حضرة صاحب المعالي نائب حاكم عام أرتريا فيتوراري تسفا يوحنس

في تمام الساعة الرابعة من مساء يوم الخميس 7 جمادى الثانية 1383هـ الموافق 23 من أكتوبر 1963م ، قد تحادثت معكم في موضوع اللغة العربية ، وقلت لكم ورد إلى المعهد الديني الإسلامي خطاب مزيل بإمضاء مفتش المدارس الخاصة والتبشيرية أتوا مسجنا المدوم ، ومعه نشرة محتوية على 9 فقرات لنظام التعليم الصادرة من وزارة التعليم الإمبراطورية الإثيوبية ، وهي تتضمن أنه إبتداءا من مسكرم 1956م سيكون إعطاء الدروس باللغة الأمهرية إبتداءا من الفصل الأول ، وقد أطلعتكم على نفس الجواب والنشرة ؛ وخطاب المفتش طلب من المعهد تنفيذ ذلك ، رغم أن مدرسي المعهد لا يعرفون شيئا من اللغة الأمهرية ، فضلا عن تدريس القرآن والعلوم الإسلامية بها.
ومن ناحية أخرى فإن صحيفة الوحدة الحكومية اليومية نشرت في عددها الصادر يوم 10 من أكتوبر 1963م ما يأتي :

(بموجب البرنامج الجديد ستدرس جميع المواد في المرحلة الأولى باللغة الأمهرية) فالنشرتان المذكورتان قد أدخلت في نفسنا الخوف لئلا يتجاوز أثر ذلك إلى الدين الإسلامي في هذا القطر ، حيث أن تعاليمه كلها تستمد من اللغة العربية ، وحرمان الناشئة الجديدة من تعلمها سيؤدي حتما إلى ضعف نفوذه في نفوس تلك الناشئة ، وفي الأجيال المقبلة تدريجيا. وكما لا يخفى عليكم فإن اللغة العربية لمسلمي هذا القطر ، هي لغة التعبير العام بمختلف وجوهه دينيا ودنيويا ، كما أنها لغة التفاهم العام مع الشعوب المجاورة لهذه المنطقة من أبعد العصور إلى هذا اليوم ، حتى الإستعماريين في عصرهم لما رأوا أنها لغتهم الوحيدة قد أصدروا مرسوما لتعليمها لهم بصفة إجبارية ، علاوة عن المراسيم الصادرة بعد ذلك في شأنها بإجماع سكان هذا القطر كما هو معلوم لديكم ، ولذلك فإن من حقهم على الحكومة أن توفر التربية والتعليم بها ، حيث أنها أقوى من غيرها في تنمية الشخصية الإنسانية لهم ، وذلك طبقا للمادة (26) وغيرها من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م ، ومادة (29) من ميثاق أديس أبابا لمنظمة وحدة الدول الإفريقية التي جعلت أسبقية التعبير للغات الإفريقية التي في مقدمتها العربية. والمسلمون لا يقبلون بديلا عنها بأي حال من الأحوال ، وإن كانوا يرحبون تعلم لغة أخرى معها ، وهذا جزء من شعورهم في هذا الموضوع ، ولأبلغكم ذلك الشعور شفهيا ثم كتابيا حضرت إلى مكتبكم ، طالبا عدم المساس باللغة العربية ، وإبقائها في المدارس الحكومية وغيرها كالسابق ، حيث أنها للمسلمين وللدين الإسلامي بمنزلة الروح للجسد ، وأقدم إليكم هذا تأدية للواجب الملقى على عاتقي منهم ، ووفاء للنصح الذي يفرضه علينا الدين الإسلامي لأمثالكم الولاة في مثل هذه المهمة.
ثم قلتم لي معاليكم أن اللغة العربية مازالت الدراسة مستمرة بها ، وتأكيدا لذلك قد سألتم بالتلفون إدارة المعارف ، فأجابتكم طبقا لما ذكرتموه لي ، ولكن قلت لكم هذا غير كاف ، بل أطلب من معاليكم الإفادة الرسمية كتابيا ، ونشرها في الصحف تصحيحا وتوضيحا للنشرتين المتقدمتين آنفا، حتى يكون المسلمون على علم تام من مصير لغتهم التاريخية ، ومستقبل ثقافتهم الجديدة.

حوادث – الصحف العربية في أرتريا (ملحق جدول مختصر)
منذ بدأ الصحافة في أرتريا ظهرت الصحف العربية وانتشرت في القطر الأرتري إنتشارا واسعا، وقد ظهرت أكثر من عشرين صحيفة في خلال عشرون عاما ، إما باللغة العربية فقط أو باللغة العربية وغيرها من اللغات المحلية والعالمية. وكان طابع هذه الصحف والمواضيع التي تتناولها يختلف حسب الغرض الذي أنشئت من أجله ، وحسب الجهة التي تقوم بإصدارها وتمويلها.
وقد كان سماحة المفتي من أبرز المشجعين للصحافة العربية ، وكان يمد هذه الصحف بالمقالات والمعلومات ، ويكتب إفتتاحياتها ، وقد حرص على تدوين ماصدر منها في مؤلفه وذكر نبذا عنها. وفي إشارة إلى ما يعنيه إنتشار الصحف العربية في أرتريا يقول: “وحيث أن الصحافة هى المعيار الذي يجب أن يقاس عليه مدى إنتشار لغة أي شعب من الشعوب ، ففي مدة حوالي عشرون عاما صدرت ما بين أرتريا وأثيوبيا 23 صحيفة عربية وهو مما يقيم الدليل الكافي على تغلغل اللغة العربية في نفوس مسلمي أرتريا”. ويشير سماحته أيضا إلى أن المناوئيين للغة العربية من الإتحاديين وغيرهم أصدروا صحفا عربية وذلك لعلمهم أنهم لا غنى لهم عنها من أجل الوصول إلى الرأي العام الإسلامي في أرتريا ، وهو إعتراف ضمني بمكانتها البارزة في القطر الأرتري. وفيما يلي تفصيل هذه الصحف:

الصحف العربية الحكومية وعددها (12)
الإسم: “اليومية الأرترية”
تاريخ الصدور: حوالي 1347هـ الموافق 1928م.
جهة الإصدار: الحكومة الإيطالية.
اللغة: العربية والإيطالية والتجرينية
كانت هذه الصحيفة تصدر في كل جمعة ، تارة بصفحة واحدة وتارة بصفحتين ، ثم صارت تصدر يوميا ، وهي أول صحيفة صدرت بالعربية في أرتريا.
_____________________________
الإسم: “بريد الإمبراطورية”
تاريخ الصدور: بعد إحتلال الحبشة في عام 1355 هـ الموافق 1936م.
جهة الإصدار: الحكومة الإيطالية.
اللغة: العربية.
كانت هذه الصحيفة تطبع في أديس أبابا وتوزع على المسلمين في أثيوبيا وأرتريا.
_____________________________
الإسم: ” جريدة سافويا ”
تاريخ الصدور: حوالي عام 1934م الموافق عام 1353هجرية.
جهة الإصدار: الحكومة الإيطالية.
اللغة: العربية.
كانت هذه الجريدة ذات طابع عسكري ، وكانت توزع على الجنود في أرتريا.
_____________________________
الإسم: ” جريدة العلم ”
تاريخ الصدور: عام 1360 هـ الموافق 1941م بعد رجوع إمبراطور الحبشة هيلى سلاسي الأول إلى عرشه.
جهة الإصدار: الحكومة الاثيوبية.
اللغة: العربية والأمهرية
كانت تطبع في أديس أبابا وتصدر أسبوعيا.
_____________________________
الإسم: ” الأسبوعية ألأرترية ”
تاريخ الصدور: شهر رجب 1361هـ الموافق أغسطس 1942م
جهة الإصدار: الإدارة البريطانية.
اللغة: العربية والتجرينية.
_____________________________
الإسم: ” مجلة الشهر ”
تاريخ الصدور: رجب 1363هـ الموافق يوليو 1944م
جهة الإصدار: الحكومة البريطانية.
اللغة: العربية.
كانت تصدر في 12 صفحة في غرة كل شهر أفرنجي.
_____________________________
الإسم: الجريدة العربية الأسبوعية
تاريخ الصدور: غرة شوال 1364هـ الموافق 7 ديسمبر 1945م
جهة الإصدار: الحكومة البريطانية.
اللغة: العربية.
كانت تصدر في أربع صفحات في كل يوم جمعة، وبعد أن أنشئت حكومة أرتريا الوطنية قد دمجت مع الجريدة التجرينية الأسبوعية ، وصارت جريدة واحدة وسميت فجر الحرية ، وكان محررها عبدالرحيم أحمد إسماعيل ، غير أن تلك التسمية لم تجد قبولا لدى الجهات العليا ، فأهملت وحولت إلى جريدة الزمان وعين “نمر تشمر” محررا لها بدلا عن محررها السابق عبد الرحيم.
_____________________________
الإسم: جريدة الزمان
تاريخ الصدور: 20 ربيع الثاني 1372هـ الموافق 6 يناير 1953م.
جهة الإصدار: الحكومة الأرترية.
اللغة: العربية والتجرينية.
وكانت تصدر في أربعة صفحات ، مرتين في الأسبوع في يوم الجمعة ويوم الثلاثاء ، ثم صارت تصدر يوميا باللغتين المذكورتين إبتداءا 29 صفر 1373هجرية الموافق 10 نوفمبر 1953م ، وهى أول جريدة يومية باللغتين في القطر الأرتري.
_____________________________
الإسم: الغازيتا الأرترية
تاريخ الإصدار: غرة مارس 1953م الموافق 15 من شهر جمادى الثانية 1372
جهة الإصدار: الحكومة الأرترية.
اللغة: العربية.
_____________________________
الإسم: صحيفة الأحد
تاريخ الإصدار: 13 ذى القعدة 1377 الموافق أول يونيو 1958م.
جهة الإصدار: الحكومة الأرترية.
اللغة: العربية والأمهرية
كانت تصدر كل يوم أحد ، وهى أسبوعية أقتطع لها يوم الأحد من جريدة الزمان اليومية للحكومة الأرترية ، وكان رئيس تحريرها “نمر تشمر”.
_____________________________
الإسم: مجلة المدرسين
تاريخ الإصدار: شوال 1378 هـ الموافق 17 إبريل 1959م
جهة الإصدار: الحكومة الأرترية.
اللغة: العربية والتجرينية
كانت تصدر مرة واحدة في كل ثلاثة أشهر، وكانت توزع مجانا على المدرسين.
_____________________________
الإسم: الوحدة
تاريخ الإصدار: جمادى الثاني 1382هـ الموافق 27 نوفمبر 1962م.
جهة الإصدار: الحكومة الأرترية.
اللغة: العربية والتجرينية
كانت تصدر يوميا ، وهى التي حلت محل جريدة الزمان ، وذلك بعد إلغاء النظام الفيدرالي وضم أرتريا إلى أثيوبيا قسرا.

الصحف العربية الحزبية وعددها (9)
الإسم: صوت أرتريا.
تاريخ الإصدار: حوالي 1364هـ الموافق عام 1945م
جهة الإصدار: حزب الإتحاد مع أثيوبيا
اللغة: العربية والأمهرية
كانت تصدر في أديس أبابا ، وتوزع مجانا وتقوم بنشر الدعايات لضم أرتريا إلى أثيوبيا.
_____________________________
الإسم: صوت الرابطة الإسلامية الأرترية
تاريخ الإصدار: 4 ربيع الثاني 1366هـ الموافق 25 فبراير 1947م
جهة الإصدار: حزب الرابطة الإسلامية.
المالك: بشير عثمان بشير
المحررين: ياسين محمد باطوق ، محمد عثمان الحيوتي ثم محمد عمر القاضي ثم محمد سعيد محمد.
اللغة: العربية.
كانت تصدر أولا كل يوم الثلاثاء في صفحتين ، ثم كل أربعاء في أربع صفحات ، وهى أول صحيفة للأحزاب السياسية في أرتريا ، وهي لسان حال الرابطة الإسلامية بأرتريا.
_____________________________
الإسم: الجريدة الأثيوبية
تاريخ الإصدار:13 جمادى الثانية 1366هـ الموافق 4 مايو 1947م
جهة الإصدار: حزب الإتحاد مع أثيوبيا
مديرها : السيد أحمد حسين الحيوتي ثم الشيخ سليمان الدين أحمد.
اللغة: العربية والتجرينية.
كانت تصدر كل يوم أحد في أربع صفحات، وهى لسان حزب الإنضمام إلى أثيوبيا
_____________________________
الإسم: نور أرتريا
تاريخ الإصدار: 22 ذي الحجة 1366هـ الموافق 15 نوفمبر 1947م
جهة الإصدار: الحزب الموالي لإيطاليا.
اللغة: العربية والتجرينية.
كانت تصدر كل يوم سبت أسبوعيا في أربع صفحات.
_____________________________
الإسم: جريدة أرتريا الحرة
تاريخ الإصدار: 12 رمضان 1368هـ الموافق 8 يوليو1949م
جهة الإصدار: حزب أرتريا الجديدة.
مديرها: حسب الله عبد الرحيم
اللغة: العربية والتجرينية.
كانت تصدر في أربع صفحات ، وهى لسان حزب أرتريا الجديدة
_____________________________
الإسم: جريدة وحدة أرتريا
تاريخ الإصدار: 10 ربيع الثاني 1369هـ الموافق 28 يناير 1949م
جهة الإصدار: الكتلة الإستقلالية.
مديرها: ولد أب ولدى ماريام
محررها: حسب الله عبد الرحيم
اللغة: العربية والتجرينية.
كانت تصدر في كل يوم سبت أسبوعيا، في أربع صفحات، ، ثم كل يوم أربعاء ، وهى لسان حال الكتلة الإستقلالية.
_____________________________
الإسم: الإتحاد والتقدم
تاريخ الإصدار: 2 جمادى الثانية عام 1371هـ الموافق 28 فبراير 1952م
جهة الإصدار: حزب الرابطة المستقلة.
مديرها: محمد عمر القاضي.
اللغة: العربية والتجرينية.
كانت تصدر أسبوعيا في أربع صفحات ، وهى لسان حال الفيدرالية الأرترية والأثيوبية.
_____________________________
الإسم: جريدة صوت أرتريا
تاريخ الإصدار: محرم 1372هـ الموافق سبتمبر 1952م
جهة الإصدار: حزب الرابطة الإسلامية.
مديرها: السيد أحمد حسين الحيوتي ثم صالح محمود
اللغة: العربية والتجرينية.
كانت تدافع عن الدستور وعن القرار الفيدرالي للامم المتحدة.
_____________________________
الإسم: جريدة الإتحاد
تاريخ الإصدار: 1373هـ الموافق 1954م
جهة الإصدار: شبان حزب إتحاد أرتريا وأثيوبيا
اللغة: العربية والتجرينية
كانت تصدر كل يوم الخميس ، وكان مديرها “قرسلاسي قرازا”

الصحف الدينية والثقافية والتجارية وعددها 4
الإسم: مجلة أسمرة الثقافية
تاريخ الإصدار: رجب 1366هـ الموافق يوليو 1947م
صاحبها: محمود أحمد ربعة
اللغة: العربية
كانت تصدر شهريا في 16 صفحة باللغة العربية فقط ، وهى أدبية وثقافية وتاريخية مصورة.
_____________________________
الإسم: النشرة
جهة الإصدار: الغرفة التجارية الأرترية
تاريخ الإصدار: 1370هـ الموافق 1951م
اللغة: العربية والتجرينية والإيطالية والإنجليزية.
كانت تصدر مرتين في الشهر.
_____________________________
الاسم: المجلة الإقتصادية الأرترية
تاريخ الإصدار: 1370هـ الموافق 1951م
صاحبها: توما مديني الإيطالي
اللغة: العربية والإيطالية والإنجليزية.
_____________________________
الإسم: مجلة المنار
تاريخ الإصدار: 12 ربيع الأول 1374هـ الموافق8 نوفمبر 1954م
صاحبها: صالح عبدالقادر بشير برحتوا
اللغة: العربية.
_____________________________

جدول مختصر:
إسم الجريدة تاريخ الصدور جهة الإصدار اللغة
اليومية الأرترية 1347هـ الموافق 1928م الحكومة الإيطالية العربية، الإيطالية والتيجرينية
بريد الإمبراطورية 1355 هـ الموافق 1936م الحكومة الإيطالية العربية
جريدة سافويا 1353هـ الموافق 1934م الحكومة الإيطالية العربية
جريدة العلم 1360 هـ الموافق 1941م الحكومة الاثيوبية العربية والأمهرية
الأسبوعية ألأرترية 1361هـ الموافق 1942م الإدارة البريطانية العربية والتجرينية
مجلة الشهر 1363هـ الموافق 1944م الإدارة البريطانية العربية
الجريدة العربية الأسبوعية 1364هـ الموافق 1945م الإدارة البريطانية العربية
جريدة الزمان 1372هـ الموافق 1953م الحكومة الأرترية العربية والتجرينية
الغازيتا الأرترية 1372 هـ الموافق 1953 م الحكومة الأرترية العربية
صحيفة الأحد 1377 الموافق 1958م الحكومة الأرترية العربية والأمهرية
مجلة المدرسين 1378 هـ الموافق 1959م الحكومة الأرترية العربية والتجرينية
الوحدة 1382هـ الموافق 1962م الحكومة الأرترية العربية والتجرينية
صوت أرتريا 1364هـ الموافق 1945م حزب الإتحاد مع أثيوبيا العربية والأمهرية
صوت الرابطة الإسلامية الأرترية 1366هـ الموافق 1947م حزب الرابطة الإسلامية العربية
الجريدة الأثيوبية 1366هـ الموافق 1947م حزب الإتحاد مع أثيوبيا العربية والتجرينية
نور أرتريا 1366هـ الموافق 1947م الحزب الموالي لإيطاليا العربية والتجرينية
جريدة أرتريا الحرة 1368هـ الموافق 1949م حزب أرتريا الجديدة العربية والتجرينية
جريدة وحدة أرتريا 1369هـ الموافق 1949م الكتلة الإستقلالية العربية والتجرينية
الإتحاد والتقدم 1371هـ الموافق 1952م حزب الرابطة المستقلة العربية والتجرينية
جريدة صوت أرتريا محرم 1372هـ الموافق سبتمبر 1952م
حزب الرابطة الإسلامية العربية والتجرينية
جريدة الإتحاد 1954م شبان حزب إتحاد أرتريا وأثيوبيا العربية والتجرينية
مجلة أسمرة الثقافية 1366هـ الموافق 1947م محمود أحمد ربعة العربية

النشرة
1370هـ الموافق 1951م الغرفة التجارية الأرترية العربية والتجرينية والإيطالية والإنجليزية
المجلة الإقتصادية الأرترية 1370هـ الموافق 1951م توما مديني الإيطالي العربية والإيطالية والإنجليزية
مجلة المنار 1374هـ الموافق1954م صالح عبدالقادر بشير برحتو العربية

(من موقع: مفتى إرتريا الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر (رحمه الله)

VII) الدستور فى ارتريا – فى الماضى والحاضر

دستور اريتريا-1952

(نص الدستور الاريتري الذي اعتمدته الجمعية العامة في ۱۰ تموز (يوليو) ۱٩٥٢)

المادة ٣٨ – اللغات

۱. التغرينيه والعربية هي اللغات الرسمية لاريتريا.
٢. وفقا للممارسة المتبعه في اريتريا ، واللغات المحكيه والمكتوبة من مختلف المجموعات السكانيه يجوز ان تستخدم فى التعامل مع السلطات العموميه ، وكذلك للأغراض الدينية او التعليميه وجميع أشكال التعبير عن الأفكار.

الدستور الارترى- 199

الذى صادق عليه المجلس الدستورى فى 23 مايو 1997

المادة الرابعة: الشعارات واللغات الوطنية (ص. 6)

3 – يضمن هذا الدستور المساواة بين كافة اللغات الارترية.

كلام ضبابي، عام وغامض والهدف هو ابعاد اللغة العربية بشكل منظم لتكون التجرنية اللغية الفعلية والعملية فى ارتريا، كما هو الحال اليوم فى ارتريا تحت حكم العصابة الحاكمة فى ارتريا.
ولكن دستور عام 1952 كان واضح وحدد اللغتين العربية والتجرنية كلغتين رسميتين لإرتريا.

بعد الإستقلال…الوضع أسواء، ولكن ماذا عن المستقبل؟؟؟

الخاتمة

نحن لا نستجدي بأحد ولا ننتظر الموافقة أو التكرم من احد سواء كان في داخل أرتريا أَو في أي مكان آخر للتكرم والموافق لجعل اللغة العربية لغتنا الرسمية، الشرعية والوطنية. لأننا نحن أرتريون ومواطنون أصليون واستعمال اللغة العربية كلغة وطنية ورسمية حق من حقوقنا الوطنية وهي تكون أحد أهم الركائز من ثوابتنا الوطنية ولا نقبل فيها من أحد أن يحدد ويختار لنا ماذا نقبل أو نرفض، “نحن من يحدد ماذا نريد”.
لقد فجّر أبناء ارتريا الأحرار الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال ومن أهم أسباب تفجير الثورة كان تهميش ومنع استعمال اللغة العربية كلغة رسمية ووطنية واستبدالها باللغة الأمحرنية فى المدارس. نحن كُنّا عنصر أساسى من ْ الثورةِ الإرتريةِ للحريَّةِ والاستقلال ولقد دفعنا الثمن غاليا واليوم بعد هذه السنين من النضال والتضحيات لا نقبل من أحد ان يحدد لنا خياراتنا ويفرض علينا لغات ولهجات لكي لا نستعمل اللغة العربية كلغة رسمية ووطنية.
لحِماية وحدةِ الشعب ألارتري ووحدة الأراضِى الإرتريةِ يَجِبُ على جميع الفئات الارترية أَنْ نُؤمنَ بالشراكةِ ونَحترمُ “الحقوق” “والخصوصية” “والخيارات” جميع القوميات والديانات التى يتكون منها المجتمع الارترى ، ونحن نؤكد للجميع بأننا لَسنا مستعدّينَ لتَخلّي عن حقوقنا مهما كان الثمن ومهما طال الزمن، ولا نقبل الإقصاء والتهميش.
المجتمع الارتري يتكون من اصول وثقافات متعددة ومختلفة، ولكن تبسيط الأمور ورفع الشعارات لتمرير برنامج “تقرنة ارتريا” من قبل الحكومة الدكتاتورية والغير الشرعية، مثل : “حادى هزبي حادى لبي” ألترجمة (شعب واحد وقلب واحد) فنحن يُمكنُ أَنْ نَكُونَ قلباً واحد ولكن لسنا شعبا واحدا وموحدا، الواقع يقول نحن شعب متعدد الأعراق، اللغات والثقافات.

وهنا نريد ان نؤكد بأن اللغة العربية هي:
– جزءُ لا يتجزء من هويتِنا
– لغةُ ثقافتِنا وتأريخِنا
– لغةُ دينِنا وتراثنا وحضارتنا
– اللغةُ التي تُوحّدُ جميع القوميات المسلمة الإرتيرية؛ وهي لغة التواصل والتفهم الأساسيةُ والرئيسيةُ بينهم، كما كَانَت في الماضي وسَيتكُون في المستقبلِ بإذن الله.
– أكثر مِنْ 70 % مِنْ الأرتريين يَتكلّمُ ويَفْهمُ اللغةً العربيةً و إنّ عددَ مستعملي اللغةِ العربِ بإزدياد مستمر.
– اللغة العربية كَانتْ تستعمل في أرتريا لأكثر مِنْ 1400 سنة.
– كُلّ وثائقنا الرسمية: شهادة عقد الزواجِ، شهادة وفاة، أمور وراثية، مراسلات (كتابة رسائل) كَانتْ باللغةِ العربيةِ ، وفى كُلّ مراسيم الإسلامية نستعمل اللغة العربيةِ، وأغلبية الشعب الإرتري يَفْهمُ ويستعمل اللغة العربية حتى إذا لا يَستطيع الكَلام بطلاقة.
– أثناء الإحتلالِ التركيِ (أكثر مِنْ 300 سنة) وبعد ذلك إحتلال إيطالي، اللغة العربية كانت موجودة ومستعملة كلغة رسمية مِن قِبل المسلمين في أرتيريا.
– في التأريخِ الإرتريِ الحديثِ، أول حزب وطني إرتري رفع شعار ونضال من أجل الحرية والاستقلال (حزب الرابطة الإسلامية الإرترية) كَانَ يَستعملُ اللغة العربية كلغة رسمية. أبو الشهداءِ عبدالقادر كبيري ، العالم والوطنى مفتى الديار الارترية المفتي إبراهيم المختار ، أبو الثورةِ الإرتريةِ الشّيخَ إبراهيم سلطان، ومؤسس الكفاح المسلح وأبو الكفاح المسلح البطل والشهيد حامد إدريس عواتى كان يتكلم العربية…كُلّهم كَانوا يتحدثون ويخطبون باللغة العربية.
– الشّيخ إبراهيم سلطان كان يتحدث باللغةً العربيةً عند مخاطبته الجموع في الأُمم المتّحدةِ، للدِفَاع عن حقوق الشعب الإرتري. الناس الذين كَانوا يُدافعونَ عن إثيوبيا في الأُمم المتّحدةِ مثل العميل “تدلى بايرو” لن يتحدث ويخاطب الجموع باللغة التجرنية أو أى من لغات الأم المستعملة فى ارتريا اليوم.
– اليوم في إثيوبيا، بالرغم من أن ابناء التقراي يسيطرون على الحكم ِ، ألأمهرية هى اللغة الرسميةُ ولَيستْ التجرنية (لغة التجراي – تجرينيا) لأن الأمهرية أصبحت لغة الثقافة فى اثيوبيا.
– اللغة العربية جزءُ لا يتجزء من التأريخِ الإرتريِ وك مستعمل من قبل كُلّ الناس الذين دافعوا ويُدافعونَ عن الحريةِ والإستقلالِ الإرتريِ، وكانت اللغة العربية كانت اللغة الرسمية لجيشِ التحرير الوطنيً، لأنها كانت توحد وتُفهم من جميع أبناء الشعب الارتري المنحدرون من قوميات مختلفة.
– عِنْدَنا لهجاتُنا ونحن فخورون بها ويُمْكِنُ أَنْ تستخدم محلياً، لكن عندما يتعلق الأمر باللغة الرسمية لا نرضى بديلا ولا نقبل جدالا لأستعمال لغتنا العربيةَ، لأنها هى اللغةُ الوحيد التى توحد وتجمع ُ كُلّ الشعب الإرتري بدون إستثناء.
– إختيارنا للغةِ العربيةِ لَيسَ مستندا على الجنسِ أَو الأصلِ. نحن لا نَدّعي عروبةَ (قومية عربية – مع ان أغلبية الشعب الارتري ينحدر من أصول عربية)، لكن إستعمالِ اللغةِ العربيِ لغتنا الرسمية والوطنية هو خيارنا وجزء من هويتنا وكياننا ولا نرضى عن اللغة العربية بديلا.
– هو حقُّنا لتَقْرير لغتِنا مستندة على إختيارِنا فقط. في الهند على سبيل المثال، عِنْدَهُمْ أكثر مِنْ 700 لهجات، لكن إختارو اللغةَ الإنجليزيةَ لِكي تَكُونَ لغتهم الرسميةَ. وبإستعمال هذه اللغة لن يصبحوا أو يتغيروا بريطانيَين أو انجليز. أيضاً لَيسَ كُلّ الشعب الهندي يَتكلّمُ الانجليزية. لذا هو لَيسَ ضروريَ ان يتكلم كُلّ الناس اللغة الانجليزية لجَعْلها لغة رسمية. إختيار اللغةِ الإنجليزيةِ كَانَ مستند على “العملية” لأن اللغة توحد الشعب متعدد اللهجات، لغة دولية ومتطورة، ولغة العصر والعلم الخ…
– مثال آخر إستعمالُ اللغةِ الفرنسيةِ ببلدانِ (الفرنكوفونية) فى إفريقيا تَستعملُ الغة الفرنسية كلغة رسمية، مثل: بوروندي، كاميرون، تشاد، جيبوتي، النيجر، السنيغال …. . هؤلاء الناسِ بإستعمال اللغةِ الفرنسيةِ كلغة وطنية لَمْ يصبحْوا فرنسيين أَو غييرو دينَهم ولكنهم يستعملون اللغة الفرنسية مع انها في الحقيقة كَانتْ لغةَ المستعمر ولكنهم يستعملون اللغة لأسباب عملية وواقعية.
فى السودان توجد لهجات كثيرة ولكن الشعب السوداني اختار اللغة العربية ان تكون لغتهم الرسمية (هبتي ماريام تكلم عن الأتراك ولن يذكر جيراننا السودان).

وخير ما نختم بهم هذا الكتاب هو ما كتبه المناضل والوطنى الدكتور جلال الدين فى كتابه ” الحركة الإسلامية والعمل السياسي (ص. 295)” وهو يقول:

“والمسلمون في إرتريا لا يعرفون ثقافة، ولا تراثا، ولا حضارة، ولا عقيدة غير الحضارة الإسلامية، والتراث الإسلامي، والثقافة الإسلامية، والعقيدة الإسلامية، ولا معنى للوطن في عقيدتهم إذا انتهكت فيه محرماتهم الثقافية والحضارية، ولا يربطهم بهذا التراث وهذه العقيدة غير اللغة العربية، وقد أجمعت عليها مشيئتهم، وتكمن فيها مصلحتهم، مما يحتم عليهم نبذ سياسات التقسيم القومي، ولهم الحرية في أن يقبلوا ما يشاؤون، ويرفض ما يشاؤون، فإن المشيئة كما يرى رينان تجمع أقواما، وتقيم دولا.” (34)

مقدمة للمقتطفات من الكتاب: الحبشة المسلمة
كما سوف نرى في هذا الكتابِ (مقتطفات من الكتاب) الذى نشرَ في عام 1936، قبل مجيئ البريطانيينِ إلى أرتريا في 1941، المسلمين الإرتريين كَانوا يستعملون اللغةَ العربيةَ والشريعة الإسلامي في شؤونِهم وحياتهم اليومية.
هذا خلافا ما يدّعيه الطاغية الإرتري ووثيقة “نحن واهدافنا – نحنان علامانان” وكتاب موقع دقى ابات بقايا “اثيوبيا وي موت” الحاقدين.
السيد الكيلاني زار ارتريا عام 1936 (قبل دخول الإنجليز الى ارتريا) ويكتب بكل وضوع عن مشاهداته فى الديار الإرترية عن: الإسلام والمسلمين واللغة العربية.
الإسلام واللغة العربية

ولكن اليوم بعد 30 سنةِ مِنْ الكفاحِ المسلح وبعد الإستقلالِ، لماذا حالة الإسلامِ والمسلمِين أصبح أسوأ من ايام الاستعمار فى ارتريا ؟؟ لماذا ؟ وكيف حدث ذلك ؟؟ وما العمل؟؟؟

هذه بعض من الأسئلةَ التي يَجِبُ أَنْ نُجيبَ عليها. وما هو الخلاص من هذه الآزمة وهذا الإنحطاط والتدهور ؟؟ أسئلة كثيرة تحتاج منّا الأجوبة……..والعمل والجهاد والتضحية.

الى مقتطفات من الكتاب…الحبشة المسلمة – مشاهداتي فى ديار الإسلام

الحبشة المسلمة

مشاهداتي فى ديار الاسلام

لقد قام السيد: محمد تيسير ظبيان الكيلانى (منشئ جريدة الجزيرة (دمشق – سوريا)
برحلة الى الحبشة (جيبوتى، اثيوبيا وارتريا) فى عام 1936 م، اثناء الاحتلال الايطالى لكل من ارتريا واثيوبيا.
السيد محمد الكيلاني لقد ابحر من بورسعيد (مصر) الى جيبوتى فى يوم 20 مايو من سنة 1936 م ومنها توجه بالقطار الى اديس ابابا.
ولقد زار كل من ديرداوا، هرر، اسمرة (وصل يوم 26 يونيو 1936 م) ، عدوة اكسوم، اغوردات، كرن، مصوع الخ…
ولقد أَلّفَ كتاب عن هذه الرحلة، تحت عنوان:

مشاهداتي فى ديار الاسلام: الحبشة المسلمة
وكتب مقدمة الكتاب: الامير شكيب ارسلان

ويقول فى مقدمة الكتاب:
” أنا في مذكراتي التي كتبتها عن رحلة الحبشة وعن مشاهداتي في ديار الاسلام كنت اقوم بمهمة المصور الامين فاسعى لاعطاء القاريء صورا عن الحقائق التي قد تبدو متناقضة في بعض الاحيان، وانا غير مسؤل عما يبدو من التناقض او التباين في تلك الصورلانني اخذتها على علاتها وعلى القاريء اللبيب ان يمحص الحقائق ويميز الغث من السمين.”

بعض المقتطفات من الكتاب عن المعلومات والمشاهدات عن حال واحوال الاسلام والمسلمين فى ارتريا، كما وردت فى الكتاب

أهم المدن فى الاريتريا (ص ١٢١ – ١٣۰)

(اسمرا) هى عاصمة الاريتريا وهي مدينة جميلة واقعة على رواب بديعة وهواؤها معتدل جدا يشبه هواء لبنان في الصيف تماما وتعلو عن سطح البحر” ٢٣٤٧” م. منازلها حديثة وشوارعها مرصوفة بالاسفلت ومنسقة على الطراز الاوروبي.
وكانت اسمرة عند وصولي اليها تعج بالخلائق الكثيرة “واكثرهم من الجنود” حتى قدر لي بعضهم عدد سكانها في ذلك الوقت بثمانين الف ( (80,000شخص في حين انهم لا يزيدون عادة عن عشرين الفا (20,000).
ومعظم تجارها من الايطاليين والحضارمة واليمانيين واليونانيين.

واهم المدن في مقاطعة الاريتريا بعد اسمرة:
١ – مصوع وسكانها (3,500) وطني و”654″ اوروبي
٢ – عدى قيح “ومعناها البلدة الحمراء نسبة الى ترابها” وسكانها (3,500) وطني و”53″ اوروبي.
٣ – عدى اوجرى وسكانها (4,000) وطني و”125″ اوروبي.
٤ – كرن او (سنحيت) وسكانها (4,000) وطني و “200” اوروبي.
٥ – اغوردات وسكانها (6,000) وطني و “16” اوروبي.
٦ – عصب وسكانها (2,000) وطني و “58” اوروبي.
٧ – برانتو وسكانها (2,000) وطني و “7” اوروبي.

الاستاذ أسعد (ص ١٢٣ – ١٢٦)

زودني احد الاصدقاء في اديس ابابا ببطاقة توصية خاصة الى صديق له في اسمرة اسمه جرجس اسعد (وهو مصرى الاصل) ولدى وصولي الى اسمرة توجهت حالا لمقابلة هذا الشخص فعلمت انه يقوم بتدريس العربية في مدرسة البنات فانتظرته في منزله حتى جاء ولما اطلع على البطاقة رحب بي ترحيبا كبيرا.
والحق يقال ان زيارتي لهذا الاستاذ افادتني كثيرا لانه كان واسطة التعارف بيني وبين زعماء المسلمين في اسمره كما امدني بمعلومات لا يستهان بها عن حالة البلاد.
واول شخص عرفني عليه هو الشاب عمر سالم باعقيل من كبار التجار الحضارمة في اسمرة، ثم عرفني على تاجر حضرمي آخر اسمه سالم سعيد باحكيم وكلاهما من اصحاب الاعمال الناجحة في هذه المقاطعة.
ولم يكن هذان الشابان النشيطان يتعرفان بي ويطلعان على مهمتي حتى ظهرت عليهما علائم الارتياح واستبشرا خيرا واخذا بدورهما يقدمان لي وجوه المسلمين وتجارهم وشبابهم واخذت تنهال علي المآدب وحفلات التكريم فكنت اعتذر لضيق الوقت ولاضطراري الى السفر بسرعة ولكن عبثا حاولت فقد ابى علي القوم الا ان امكث وقتا كافيا. واخيراً اضطررت الى النزول عند ارادتهم ومن ثم بدأت الاجتماعات تتوالى عن طريق الحفلات.

اجتماع حافل

وكان اهم هذه الاجتماعات واروعها ذلك الاجتماع المهيب الذي عقد في منزل الوجيه الحبشي المسلم احمد حسين الحيوتي من علماء اسمرة فقد أقام حفلة شاي كبرى دعى اليها نخبة من زعماء الاحباش المسلمين ورؤسائهم وعلمائهم واعيان العرب * من حضارمة ويمانيين. وهذا نص الدعوة التي وجهها الى المدعوين انشرها كنموذج لطريقة الكتابة عند القوم:

* علمت من مسلمي اسمره ان وفد السلام الذي زار مكة المكرمة وصنعاء اليمن للتوفيق بين عاهلي – الجزيرة – والمؤلف من السادة هاشم الاتاسي الحاج امين الحسيني والامير شكيب ارسلان عرج في طريقه على اسمرة وبات فيها بضع ليالي. وقد احتفى الرؤساء المسلمون باعضاء الوفد احتفاء باهرا.
وعلى اثر العودة نشرت مجلة – الفتح – الاسلامية التي تصدر في القاهرة مقالا للامير شكيب يثني فيه على ما شاهده من تحسين حالة المسلمين في الاريترية وتمتعهم بكامل حريتهم الشخصية.
(راجع العدد الصادر بتاريخ ١۰ ذي القعدة سنة ١٣٥٣ هجرية من المجلة المذكورة)

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرات الافاضل الكرام

نرجو تشريفكم لمحلنا لتناول الشاي في يومنا هذا “الخميس” الساعة الرابعة بمناسبة حضور ضيف كريم من اهل العلم الجليل السيد محمد تيسير ظبيان الكيلاني صاحب جريدة الجزيرة في دمشق.
اسمرة في – ٢ – يوليو سنة – ١٩٣٦ الداعي: احمد حسين الحيوتي
وقد توجهت في الموعد المضروب الى منزل المذكور فرأيته غاصا بحضرات المدعوين وهذه اسماء من وعته الذاكرة منهم:

١ – كفالير عمر محمد شعباش*

*كفالير وازماش وفيتوراري وباشاي وبلاته وخليفة القاب مألوفة عند الاريتريا.

٢ – ازماش حسن علي ٣ – الشيخ عبده محمد عباسي

٤ – فيتوراري ابره حقوس ٥ – السيد ابراهيم هاشم

٦ – باشاي ابراهيم موسى ٧ – الشيخ محمد سعيد حبونه

٨ – الشيخ حامد طاهر ٩ – باشاي عبده محمد زينو

١۰ – خليفة امام موسى ١١- خليفة عطا ابراهيم صالح

١٢ – خليفة محمود محمد حق الدين ١٣ – بلاته نكو ابوبكر

١٤ – الشيخ عبدالقادر محمد صالح الكبيري ١٥ – باشاي عبدالله عمرالدين

١٦ – باشاي حسن عبدالواحد ١٧ – خليفه عبدالله موسى

١٨ – خليفه حامد عبدالله منشاي ١٩ – خليفه البشيري

٢۰ – خليفة ابوبكر برهانو ٢۱ – خليفه محمد عمر قاضي

٢٢ – باشاي محمد علي فكان ٢٣ – باشاي عبده

٢٤ – الشيخ محمد احمد باشماخ ٢٥ – الشيخ محمد احمد بامشموس

٢٦ – الشيخ علي يحيى الهمداني ٢٧ – الشيخ عبدالله صالح

٢٨ – الشيخ خادم غالب ٢٩ – الشيخ سالم باحكيم

٣۰ – الشيخ سالم باعقيل ٣١ – خليفه احمد ديريه

٣٢ – الشيخ فارح ٣٣ – الشيخ احمد باحبيش

٣٤ – صالح معلم ٣٥ – الشيخ عثمان “امام المسجد”

وبعد ان رحب الحاضرون بمجيئي اخذوا يسألونني عن احوال بلادنا ثم طلبوا القاء كلمة بهذه المناسبة فوقفت وارتجلت كلمة تنطوي على:
(١) دعوتهم الى التوحد والتضامن ونبذ الخلافات
(٢) السعي والعمل والتشمير عن سواعد الجد للحاق بالأمم الراقية (٣) الاعتصام باهداب الدين الحنيف الذي يأمر بمكارم الاخلاق وينهي عن المنكرات (٤) وجوب ارتشاف مناهل العلم (٥) الانكباب على تعليم اللغة لعربية وعلوم الدين- ونبذ اللغات الاعجمية كالتيغري والامهري….الخ.
ثم اعربت عن دهشتي واستغرابي لعدم وجود جمعيات خيرية – على الاقل لمساعدة البؤساء والمساكين والمحتاجين.
وبعد انتهاء الكلام وقف الشاب السيد عبدالقادر الكبيري من كرام التجار والقى كلمة بلغة عربية صحيحة تفيض عاطفة طيبة وشعورا كريما.
ثم انفرط عقد الاجتماع بعد ان قدم الي فريق من الحاضرين بيانا باهم المطالب ينتظرون تحقيقها.

المعارف فى الارتريا

لاحظت اثناء الاجتماعات المتكررة بوجوه المسلمين انهم لا يرسلون ابنائهم الى المدارس الحكومية (ولا يوجد غيرها) وذلك لعدم عنايتها بتدريس اللغة العربية……ن الدين لذلك كان طلاب هذه المدارس من الاحباش المسيحيين والايطاليين فقط.
وقد طلت من الحكومة ان تسهل لي زيارة المدارس. وفي يوم الثلاء الواقع ٣۰ يونيو قمت بهذه الزيارة وقد صحبني الدكتور فرانكي مدير قلم المطبوعات والاستاذ اسعد فزرنا اولا المدرسة الكبرى حيث استقلنا مدير المدارس العام – ووظيفته تماثل وظيفة مدير المعارف عندنا – وهو شاب ايطالي وقد علمنا منه ان المدرسة مقفلة الان بمناسبة العطلة الصيفية.
حديثه فيما يلي:
ان المداس فى الارتريا على نوعين:
(١) مدارس خاصة بالايطاليين وهذه تسير على الاصول والقواعد المتبعة في مدارس ايطاليا نفسها.
(٢) مدارس خاصة بالاهليين. وهي موجودة فب المراكز الاتية: اسمرة، جندع، مصوع، اديوغري، سكانيت، عادى كيح، كرن، اغوردات، عصب.
وهذه المدارس انشئت للمسلمين والمسيحيين من الاحباش على السواء وتدرس فيها العلوم الاتية: اللغة الايطالية، الجغرافيا، التاريخ، العلوم الطبيعية، الحساب والرياضة البدنية.
وتوجد مدارس صناعية لتعليم الطباعة والنسخ على الالة الكاتبة والتلغراف والميكانيك والتجارة.
وتوجد مدرسة زراعية في اديوغري.
وتدرس اللغة العربية في المدارس التي يكثر فيها عدد الطلاب المسلمين والا فيستعاض عنها بالتيغرية والامهرية.
ولما ذكرت لهم شكوى المسلمين من عدم الاهتمام بتعليم اللغة العربية: اعترف لي بانه يوجد شيئ من الاهمال في الاعوام الاخيرة لعدم وجود اساتذة اكفاء ولكنه تلقى تعليمات جديدة تقضي بوجوب العناية التامة باللغة العربية.
وتعتبر مدرسة “اسمرة” اكبر هذه المدارس وارقاها فهي تضم (1,100) تلميذا بينهم (130) فقط من المسلمين.
وهناك كتاتيب قرآنية صغيرة تمدها الحكومة بالمساعدة ولا تشرف عليها الا من الناحية الصحية.
ولما سألته عن السبب في اهمال تدريس الديانة الاسلامية اظهر استغرابه وقال: بالعكس نحن نعني عناية خاصة بتدريس الديانة الاسلامية التي يزداد فيها عدد الطلاب المسلمين ففي المدارس الآتية يوجد اساتذة لتعليم الديانة الاسلامية خاص وهي: مدرسة مصوع، كرن، اغوردات، عصب.
وبهذه المناسبة شكالي مدير المعارف ما يلقاه من الصعوبات بسبب تعدد الاديان والطوائف في المدارس فهناك: المسلمون واليهود والكاثوليك والبروتستانت والاورتوذكس…الخ.
ولما كان النظام الايطالي يقضي على الطلاب ان يستهلوا اعمالهم بالدعاء قبل مباشرة دروسهم فقد اضطر المدير المذكور ان يضع دعاء يلائم جميع الاديان والطوائف ولا يتعارض مع تعليمها وقواعدها وهذا نصه:
“يا رب بارك اعمالي في هذا اليوم، واحفظ والدي ورؤسائي ووطني”
وقد اردت ان اداعبه فسألته: أي وطن تعني في هذه الدعاء ايطاليا ام الاريتريا!!؟
فاجابني ضاحكا: كلاهما وطن واحد!

فقدان اساتذة اللغة العربية
وقال لي ايضا بمناسبة كلامنا عن اللغة العربية ان اشد ما نلقاه هو عدم وجود اساتذة اكفاء لتدريس اللغة العربية، وقد اضطررنا ان نستعين في احدى المدارس باحد —— ليقوم بتدريس هذه اللغة لان الحكومة احتاجت الى الاستاذ المختص وعهدت اليه ببعض اعمال الترجمة.
فقلت له: ان البلاد العربية وخصوصا سوريا ومصر تعج بالشباب الناهض المثقفين حملة الشهادات الذين يمكنهم اعطاء الدروس العربية ويمكنكم الاستفادة منهم والاستعانة بهم بهذا السدد.

مدارس خاصة للمسلمين
ثم سألته عما اذا ممكن انشاء مدارس حكومية خاصة بالمسلمين دون غيرهم فقال لي: هذا امر متعذر اذ اننا نضطر حينئذ لانشاء مدارس خاصة ايضا لابناء الطواائف الاخرى وفي ذلك من الصعوبة ما فيه.
قلت: اذن فلا تمانعون في انشاء مدارس اهلية خاصة بابناء المسلمين: قال ان الحكومة لا تعارض في ذلك ولكن لم يتقدم حتى الان من المسلمين احد بهذا الطلب.

اغردات (ص ١٣٧ – ١٤۰)

قيل لي انه من الضروري جدا زيارة مدينتي اغوردات وكرن لأنهما مدينتان اسلاميتان كبيرتان واقعتان في الشمال الغربي من اسمرة.
وفي صباح الخميس الواقع في يوليو اخذت القطار الصغير المعروف هناك باسم (اللوترينا) وهو عبارة عن عربة صغيرة “فقط” تستوعب نحو ثلاثين راكبا والطريق بين اسمرة واغوردات مخيف جدا لا سيما لمن يجتاذه لاول مرة لانه عبارة عن خط حلزوني يتألف كله من “اكواع” ومنحنيات وانحدارات مزعجة.
والمسافة بين اسمرة واغوردات تبلغ – ٢۰۰ – كيلومتر قطعناها في خمس ساعات بعد ان انتظرنا في محطة كرن عشرين دقيقة.
واغوردات مدينة اسلامية تماما، وليس فيها من المسيحيين الا عدد ضئيل جدا واهلها – كما رأيـت – متعصبون لديانتهم ومتمسكون بالتعاليم الاسلامية.
واهميتها الخاصة ترجع الى كونها مركزاً للحركة المرغنية وفيها يقيم شيخ الطريقة السيد جعفر المرغني “ابن شقيق السيدة شريفة” وقد زرته زيارة خاصة وهو معروف بالورع والزهد والتقوى.
وتعلو اغوردات عن سطح البحر نحو – ٦٥۰ – مترا فقط لذلك لقد كنا نتململ كثيرا من الحر الشديد وقد بلغ الدرجة الاربعين بالظل.
ويبلغ سكانها نحو السبعة الاف ومعظم تجارها من العرب الاحباش والمسلمين وليس فيها من الاوروبيين الا عدد قليل لا يتجاوز العشرين او الثلاثين.
اما اليهود فليس لهم “خبز” في هذه المقاطعة وقد قال احد كبار الموظفين الايطاليين ليس لدينا سوى يهودى واحد لا ادري ان كان يستطيع البقاء ام سيضطر الى الرحيل؟؟
زرت المسجد وهو منشأ منذ ثلاثين عاما، ثم توجهت الى المحكمة الشرعية فزرت فضيلة القاضي واسمه الشيخ محمد نور ابو علامة يتكلم العربية جيدا واخبرني انه تلقى دروسه الدينية في مكة المكرمة، وحدثني عن حالة المسلمين وكيفية اصدار الاحكام الشرعية وتطبيقها، وقال ان الاحوال الشخصية عند المسلمين تراعى فيها قواعد الشريعة الغراء تماما وتستأنف الاحكام الى المحافظ وهو بدوره يحيلها الى مجلس مؤلف من بعض الاعضاء المسلمين.
وسألته عما اذا كانت للمسلمين مطالب خاصة فقال: انني ارى ان يكون للقضاء مرجع اسلامي كبير وحبذا لو تنشيئ الحكومة في اسمرة مجلسا اسلاميا اعلى يرجع اليه القضاة وحكام الشرع فيما يعترض لهم من الشؤون.
ثم زرنا القومنداتور “ديجلل الحسين” رئيس عشائر بني عامر وهي عشائر كثيرة العدد تمتد حتى اواسط السودان. ولقب القومنداتور انعمت عليه الحكومة الايطالية كما انعمت عليه الحكومة
—- بلقب “بك”.
ليس في اغوردات فندق ولا مطعم وقد تناولنا طعام العشاء على مائدة المحافظ في دار الضيافتة التابعة للحكومة.
والمحافظ شاب لطيف يسمى “تومازيلي” مهذب ولطيف جدا وقد اعرب لي عن اعجابه الشديد باخلاق الرعايا المسلمين ونظافتهم ووفائهم.

كـرن

وفي صباح اليوم التالي توجهنا الى كرن وهي تبعد نحو ساعتين عن اغوردات ونزلنا في فندق صغير “ولا يوجد سواه” وقد اعجبتني جدا هذه المدينة الجميلة —-طاعتي ان افضلها على جميع المدن الحبشية التي زرتها في رحلتي.
وفيها الحدائق الغناء والمياه العذبة والفواكه المتنوعة والهواء المعتدل.
يبلغ عدد سكانها – 4000 – منهم – 200 – اوروبي و 500 حبشي مسيحي والباقي مسلمون.
قد سرني ان ارى المسلمين في هذه البلدة اقوياء ونشيطين لهم تجارات واسعة —-ي طيبة واملاك كثيرة تدر عليهم بالارباح الجسيمة.

وقد دعاني الدليل الذي كان يرافقني واسمه عبدالنور ان نزور بساتين المدينة ——ت معه وزرنا حديقة واسعة لاحد الوطنيين المسلمين اسمه “ادريس امان” وهو من الجبرتيين يتكلم العربية جيدا وقد رأيته منهمكا هو ونجله بحراثة الاراضي ….الاشجار فاستقبلنا بلهفة واخذ يطوف بنا في انحاء الحديقة التي تحتوي على الفواكه والثمار وقد ذكر لي طائفة منها وهي كما تسمى في تلك البلاد:
الرمان، الباباي، “فاكهة تشبه البطيخ الاصفر” ماندرين “اليوسف افندي” القشطة، ارانج “البرتقال” شيدور “يشبه الكباد” الموز، الزيتون “صغير يشبه التفاح ويسمى في مصر جوافه” بهاش “ثمر يشبه الليمون” تمر هندى، باباناس “يشبه البرتقال الكبير لذيذ الطعم” التين، الليمون الحلو.
وفي الحديقة انواع الخضر والحشائش والبقول اذكر منها:
الدخان، البسباس، السلاطه “الخس” الباذنجان، الشيكوريا، السيد……”نوع من الحشائش يوضع مع الرز واللحم” فينوكيا “حشيش يشبه الطرخون بوسيمولي “بقدونس”.

فى كل واد اثر

بينما كنت اتجول مع المترجم عبدالنور في شوارع كرن عرفني على رجل سوري اسمه (سليم قبلان جميل) من بكفيا (لبنان) وهو من قدماء التجار الذين استطاعوا ان يجمعوا ثروة لا يستهان بها وقد اخبرني انه كان يتعاطى بنوع خاص من تجارة العمائم الشامية المطرزة (الاغباني) وغيرها من المنسوجات السورية.

مصوع (ص ١٤٣ – ١٤٤)

……..الاريتريا الوحيد وفيها ترسو السفن الايطالية التي تنقل الركاب والبضائع من (الى) الاريتريا وكانت نفوسها قبل الحرب الحبشية الاخيرة لا تزيد عن ثمانية الآف كلهم من المسلمين ماعدا عدد ضئيل من الاحباش والاجانب (الايطاليين) اما الان فيتعذر تقدير عدد سكانها بسبب كثرة الوافدين اليها بعد حرب الحبشة وقد قيل لى انهم يزيدون عن 60 الف نسمة.
وفيها ثلاثة مساجد كبيرة بناها المصريون اثناء حكمهم لهذا البلاد وهي:
– مسجد الحنفي
– مسجد الشافعي
– ومسجد الانصاري
وفيها عدة زوايا وتكايا ومراقد للاولياء ويوجد فيها الطرق المرغنية والقادرية والشاذلية وفيها ايضا جمعية خيرية للمسلمين تأسست عام الف وتسعماية وسبعة وعشرين (1927) يرأسها السيد جنبلاط الذي تقدم ذكره (وهو مصري الموطن منحدر من اصل تركى) ولها نظام خاص مؤلف من 32 مادة وهي تعمل على مساعدة الفقراء وتسفير الغرباء ودفن الموتى المحتاجين وتفكر الان بتشييد مأوى للعجزة وعلمت بان الحكومة تشجع هذه الجمعية التي تكاد تكون الجمعية الاسلامية الوحيدة في الاريتريا و تعطف عليها حتى ان الرعايا الايطاليين انفسهم يمدون لها يد المساعدة ويعتبرعون لها بقطع النظر عن مساعدات الحكومة.
ويوجد للمسلمين في مصوع اوقاف كثيرة يستقلون بادارة شؤنها وهي تنفق على اصلاح المساجد والبنايات الخاصة بالاوقاف وللمسلمين في هذه المدينة عادات غريبة اذكر منها توديعهم لرمضان بالطبول والزمور (شأن بعض البلادالاسلامية) ويستعيضون عن تلقين الميت بقراءة القصيدة المرغنية، وبعد مرور ثلاثة ايام من الوفاة يقيمون احتفالا باهرا تشترك فيه الطبول والزمور.
ومن عاداتهم في الزواج انهم يغطون جسم العروس بملاءة حمراء (اذا كانت بكرا) وبثوب ابيض (اذا كانت ثيبا) وعندما تبلغ منزل العريس يحملها احد اقاربها اليه كأنها مائتة ويضعها على اريكا عالية يسمونها (عرات) ولا يجوز للعريس ان يرى وجهها الا بعد مدة اسبوع ويجب عليها قبل مبيتها معه ان تستعد لمقاتلته وذلك بان تطيل اظافرها حتى تتمكن من تخميش وجهه وتمزيق ثيابه.
ومن عاداتهم المألوفة ان الزوجة لا تقوم باعمال المنزل حتى تضع مولودا فاذا لم تحبل ولم تلد فهي غير مكلفة بالخدمة هذا فضلا عن انتشار العادات الاخرى كتخييط الفرج وغيرها.

التقسيمات الجديدة في بلاد الحبشة
(ص ١٤٧ – ١٤٩)

رأيت ان اختم هذا الكتاب بمعلومات وافية عن النظام الجديد الذي تدار به مملكة الحبشة (افريقيا الشرقية) الآتية كما نشرته الصحف الايطالية فالى القراء ….بالحرف الواحد.

(1) حكومة الاريتريا وعاصمتها اسمرة وتضم عدا عن السكان الاصليين مستعمرة القديمة سكان التيغرى والدناكل واوسا حتى حدود الصومال الفرنسي من جهة ومن الجهة الاخرى حتى الحدود السودانية.
( 2 -5)

ان جميع هذه الحكومات المؤلفة على هذه الصورة تصبح مستقلة تماما ويكون في معية كل حاكم امين سرعام وقائد من القوى المسلحة التي تحترم النظام السياسي والعسكري.

(2) يتمتع المسلمون في هذا التنظيم الجديد بالحرية التامة بينما كانوا مضطهدين اضطهادا شديدا في عهد حكومة النجاشي وستتخذ جميع الضمانات الضرورية لاصلاح جوامعهم واوساطهم الثقافية وفتح مدارسهم.

وستدرس اللغة العربية بصورة اجبارية في جميع الاماكن التي تؤلف فيها السكان المسلمون الاكثرية ويحكم في القضايا الاسلامية قاض مسلم يتمش في احكامه على الشريعة الاسلامية.

أُمُّةٌ لَا تَعْرِفُ تَاَرِيِخَهَا ، لَا تُحْسِنُ صِياغَةُ مُسْتَقْبَلُهَا!

إعداد: صفحة / حامد إديس عواتي – فيسبوك (بمناسبة اليوبيل الذهبي للثورة الإرترية)

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18540

نشرت بواسطة في نوفمبر 2 2011 في صفحة التاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010