بشير إسحاق وعلي هندي يحاضران في ندوة فرع الحركة الفيدرالية ببريطانيا
رصد خدمة قبيل – من لندن
12 فبراير 2012م
عقد فرع الحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية بالمملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية ندوته المفتوحة تحت عنوان ” الحل الفيدرالي في إريتريا ” مساء يوم السبت 11 فبراير 2012م وحاضر فيها كل من الأستاذ الصحفي علي هندي والمناضل بشير إسحاق السكرتير العام للحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية .
وفي كلمة ترحيبية بإسم فرع الحركة الفيدرالية في لندن شكر الزميل إسماعيل حدقاي الحضور والمحاضرين على تجاوبهم مع الدعوة، رغم حالة الصقيع والبرودة الشاملة التي تعيشها لندن والقارة ، آملا أن تشهد القاعة سخونة الطرح والنقاش لتسرية الدفء في الروح والأبدان .
بدأت الندوة بمحاضرة الأستاذ علي هندي التي إرتكزت على ثلاثة محاور رئيسة تمثلت في :_
– النظام الفيدرالي وتوافقه مع الطبيعة البشرية في التعايش والشراكة
– تجارب فيدرالية :_ الهند – يوغوسلافيا – إثيوبيا
– مقاربة الواقع الإريتري والتجارب السابقة.
في المحور الأول أوضح الأستاذ هندي إن المجتمع الإنساني ومنذ بواكير نشأته الأولى سعى لوضع أسس التواضع على علاقات تحفظ مصالحه المشتركة ، وتنظم علاقاته الداخلية ، وتضع وتضبط العلاقة بينه والآخر ، وعلى ذلك تم ترسية كيفية إدارة البنى الإجتماعية عبر التاريخ ، حيث كرست قيمها وتقاليدها وأعرافها عند تحكيم قضاياها، ومن المفارقة أن أرقى أشكال التواضع بين المكونات المتعددة عرقيا وثقافيا ولغويا في عصرنا هذا أن نراه مستلهما أركانه من سعي الإنسان لتحقيق الإستقرار الدائم وصيانة الحياة ونظمهاعبر التراضي بعد أن قضى دهورا من الصراع والفوضى والحروب ، وهو التراضي على إدارة نفسه بنفسه عبر النظام الفيدرالي المعاصر ، وبالتالي خلص إلى القول : يمكننا أن نعتبر الحل الفيدرالي ليس فقط أرقى أشكال الحكم في عصرنا ، بل أكثره تواؤما مع الطبيعة الإنسانية والأبعاد الإنسانية بجميع صورها.
في استعراضه لتجربة الهند – والتي إبتدرها تفكها بعدم وجود علاقة مباشرة بين إسمه والدولة موضوع التجربة – أوضح الأستاذ علي أن الفيدرالية الهندية تعتبر تجربة فريدة في توحيدها لشعوب تعد شبه قارة في مساحتها وبتوعها العرقي والقومي والثقافي واللغوي وإمكاناتها ومواردها الهائلة من جهة ، وقدرتها على توحيد تعدد طبقي وإثني يصعب وجوده في مجتمع إنساني آخر في عالم اليوم ، ليشكل دولة معاصرة تترقى يوما إثر آخر إلى آفاق أرحب بدل التفكك والإنهيار ، وما كان لها أن تحقق ذلك لولا تفتيتها للسلطة في البلاد عبر النظام الفيدرالي، وتكريسها للديمقراطية السياسية والتداول السلمي للسلطة.
وبشأن يوغسلافيا وأسباب تفككها كدولة فيدراليةبين إن ذلك كان نتاجا لتغييب الديمقراطية السياسية، في ظل هيمينة حزب واحد على مقاليد الأمور فيها ، وتزكية النزع القومي والطائفي فيها، ولم يكن نتاج النظام الفيدرالي الذي فرض عليها من قبل السلطة من أعلى بأكثر مما كان خيارا حرا لشعوبها، وبالتالي أوضحت هذه التجربة عمق العلاقة بين النظام الفيدرالي والديمقراطية ، وإرتباط كل منهما بالآخر ، فلا فيدرالية دون نظام ديمقراطي والعكس أيضا صحيح ، فالفيدرالية لا تقوم إلاَ على توافق شامل بين مكونات المجتمع ورضاه بما يتوصل إليه بمحض إرادته الحرة ، كما عكس عمق التطور الذي حققته كرواتنا في فك أزماتها بتبنيها النظام الفيدرالي في معالجة أوضاعها الإجتماعية والسياسية والإقتصادية بعد إستقلالها عن يوغسلافيا.
وفي التجربة الإثيوبية أوضح إن أعظم وأكبر إنجاز يعود لهذه التجربة يتمثل في توفيرها للشعب الإثيوبي درجة من الإستقرار والسلم الأهلي الذي لم تشهده إثيوبيا في كافة عهودها السابقة ، إضافة إلى التقدم الملموس الذي تحققه في نموها الإقتصادي والسياسي ، وسعيها لتكريس الديمقراطية السياسية ، وكذلك صناديق الإقتراع كطريق وحيد لتداول السلطة في إثيوبيا. ولا يعد هذا إنجازا فقط على الصعيد المحلي فقط ، وإنما على صعيد منطقتنا بصفة خاصة وإفريقيا بصفة عامة .
بعد ذلك قام الأستاذ هندي بمقاربة الواقع الإريتري مع الأسباب والدوافع التي جعلت من النظام الفيدرالي الحل الأمثل لمعالجة مشكلات التعدد الإثني والثقافي واللغوي في إريتريا ، مستدلا بالنتائج التي وصلت إليها التجارب الناجحة لتطبيق الفيدرالية الديمقراطية ، وقدرته لتوفير فرص أكبر لنمو المشتركات الوطنية الإريترية والمكتسبات التي حققت في تاريخ إريتريا المعاصر، مبينا إن الأرضية متوفرة لترسية نظام فيدرالي يراعي الخصوصيات الإريترية ، ويطور من آفاق مستقبل الوحدة الوطنية الإريترية.
أما المناضل بشير إسحاق، وبعد أن تناول بصورة عامة طبيعة الأزمة الرئيسة التي تعيشها إريتريا ، لعدم توافق شعبها بكافة مكوناته على الطريقة التي تدار بها البلاد بعد تحقيق إستقلالها ، داعيا إلى ضرورة تواضعهم على الحوار الشامل والمنهجي الذي يرسي المكتسبات ويضمن مستقبل الوحدة الوطنية للشعب الإريتري ، بدلا عن الإقصاء والتهميش وفرض الأمر الواقع ، فقد ركز في عرضه على ثلاث محاور أساسية تمثلت في :_
– الفكر السياسي الإريتري ما قبل قيام الحركة الفيدرالية
– الفدرالية والحقوق العامة والخاصة
– الفيدرالية ومسألة تقرير المصير .
في المحور الأول أكد بشير إن المرحلة التي سبقت تأسيس الحركة اتسمت بضعف البنية الفكرية للأطروحة السياسية العامة لقوى المقاومة الإريترية ، وتوزع خطابها بين مفردات الصراعات التاريخية للثورة الإريترية ، ودغدغة المشاعر تجاه النهج الذي كرسته سلطات أسمرا منذ ليها لعنق التحرير الإريتري ، وبصفة عامة فإن أطروحاتها العامة كانت تحمل قدرا كبيرا من ذات البنية التي ارتكزت عليها السلطة في فرضها للأمر الواقع القائم حاليا ، حيث لم تطرح بديلا لمفهوم المركزية في إدارة الدولة، سوى بعض الأطروحات العامة حول الحل الفيدرالي ودون تقديم رؤية متكاملة له كما فعلت الحركة في برنامجها المقر في مؤتمريها الأول و الثاني.
وأشار بشير إلى الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها حاليا والتي توضح إن برامج كافة قوى المقاومة لا تخلوا من أطروحة الفيدرالية بصورة واضحة أو بمقولة النظام اللامركزي المصان دستوريا ، والخلاصة أن الأطروحة أصبحت اليوم ملكا عاما في الوعي السياسي الإريتري.
في المحور الثاني أوضح بشير إن أطروحة الحركة للحل الفيدرالي لم تستند فقط على التحليل العام لوقائع تاريخنا الإريتري المعاصر فقط ، كما لم تجعل من مفردات وقائع الواقع الحالي مبررات نظرية للخلاف السياسي في الساحة الإريترية بعموميتها ، بل إنها جعلت من الإقرار التعدد الإريتري عرقيا وثقافيا ولغويا أساسا لمعالجة الواقع الحالي ، جاعلة من الحل الفيدرالي الذي يجب أن يقره الشعب الإريتري بكل مكوناته وعبر إرادته الحرة المدخل الضامن ليس فقط لمعالجة الواقع القائم ، وإنما لمستقبل التعايش الإريتري المشترك.
ولهذا فإن الحركة جعلت من الحقوق العامة والخاصة والحريات الأساسية ركنا لا حيدة عنه في السعي لإحداث التغيير الشامل في إريتريا، وليس مجرد استبدال سلطة بأخرى ، ولذلك كانت مواقفها المبدئية والسياسية في مسيرة العمل الوطني المقاوم طوال العقد الماضي، حيث أسهمت بوضوح في بلورة وحدة قوى المقاومة في شكلها العام الذي نعايش اليوم، وعلى طريق خلق الإجماع الوطني بين هذه القوى ستسهم في معالجة كافة القضايا والمواضيع التي تتسم بالبعد الخلافي ، وتحديدا عبر المؤتمرات الوطنية العامة لهذه القوى ، وحسب متطلبات كل مرحلة نضالية.
وفي المحور الثالث والأخير تتناول السكرتير العام الموقف من الأطروحات السائدة حاليا في ساحة قوى المقاومة الإريترية حيال حق تقرير المصير والموقف منه حقوقيا وسياسيا ، مبينا أن الشرعية الدولية نصت عليها وعلى كيفية ممارستها في الواقع العملي ، موضحة طبيعة كل حق وكيفية معالجته وفق معايير قائمة على أرض الواقع ، فتصفية موروثات الحقبة الاستعمارية ، هي غير معالجة مشكلات التعدد والاضطهاد المفروض من سلطات بعينها ، وعلى العموم إن البعدين الحقوقي والسياسي تتم في واقع إجتماعي وإقتصادي وسياسي مستقر .
وأضاف إن المسألة مطروحة في إطارها المطلبي العام ، والناجم بصورة أساسية عن المظالم التي ترتكبها السلطة القهرية القائمة في أسمرا، ولم تتعد بعد سياق الشعار العام ، حيث لا توجد قوى إريترية اليوم تضعه كبرنامج عمل سياسي لا حيدة عنه في حركتها اليومية والتحالفية مع بقية القوى السياسية المناضلة، كما أن الممارسة السياسية القائمة اليوم في ساحة قوى المقاومة الإريترية تقوم على المشتركات العامة التي بلورتها المواثيق القائمة مثل ميثاق التحالف الديمقراطي الإريتري والمجلس الوطني ، بل إن التحالفات السياسية التي تجري بينها تختلف كثيرا عن واقع منطوق الكثير من الأطروحات النظرية.
وفي المقابل أوضح إن الذين يتصدرون الحديث عن الوطنية وثوابتها دون حقوق منصوص عليها كمشتركات إريترية في معالجة الواقع ، يدافعون بشكل وآخر عن الأساس الذي تقوم السلطة القائمة اليوم ، إما لما يرونها منافع متحققة ويجب الحفاظ عليها ، أو يريدون الإبقاء على السلم الذي صعدت عبره ، لتكريس تغيير سلطة بأخرى شبيهة لها في النهج والممارسة ، وإن خالفتها في التكوين . وعليه فإننا نرى في التوجهات التي تثيرها حاليا توجها لصرف قوى المقاومة عن برنامج عملها المرحلي الأساس وهو حشد كافة قواها في مواجهة السلطة القهرية والتعجيل بالتغيير الديمقراطي ، كأساس لممارسة كافة الحقوق المصانة إنسانيا ووطنيا ودوليا.
وبعد الاستماع لعديد التعقيبات والمداخلات القيمة التي تقدم بها المشاركون – الذين بلغ حضورهم عدد مقدر برغم إكتساء عاصمة الضباب بالجليد والبرد القارص – أجاب الزميلين على الأسئلة والاستفسارات ، ونالت ردودهم التقدير والإشادة من المشاركين .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=20593
أحدث النعليقات