التغيير الديمقراطى: بين جيل مغادر وآخر مبادر !؟
عمر جا بر عمر
لا أعنى بالمغادرة الرحيل عن الدنيا – فتلك سنة الحياة والأعمار بيد الله – لكنى أقصد مغادرة مواقع التوجيه والقرار والتوارى عن موقع الصدارة فى المسرح السياسى والجلوس على مقاعد المتفرجين والناصحين ولسان حالهم يقول مع الأمام على ( خذوا عنا قبل أن تفقدونا …). هذا يتطلب التواصل والأتصال وتقديم مالديهم من تجارب وخبرات سواء كان ذلك من خلال الندوات المباشرة أو غرف الحوار أو الكتابة …وبالمقابل على جيل الدولة( المبا در) البحث والأستقصاء والتنقيب عن الكنوز المخبأة فى ذاكرة جيل الثورة حتى تحافظ الذاكرة الجمعية على تواصلها ويكون النسيج الأجتماعى والثقافى متماسكا ومشدودا وقادرا على تحمل الصعاب وأ بتكار المبادرات.
ما هو حال البلاد والعباد اليوم ؟؟ أسألوا القادمين من أرض الوطن – يعطونكم ا لخبر اليقين.
النظام يعيش حالة من العجز والتحجر وعدم القدرة على الفعل والمبادرة … تسريبا ت خجولة عن ( أصلاحا ت ) قادمة ووعود كاذبة وأنتظار للمجهول …
رصف الطرق وبناء بعض المنشآت ليس ثروة قومية – الأيطاليون تركوا لنا تلك الثروة لكنهم سلبوا تاريخنا ووجودنا لأكثر من نصف قرن – كذلك فعل الأثيوبيون — هناك خسارة تاريخية أصابت شعبنا تتمثل فى ( الفاقد المعنوى ) الذى لا يقدر بثمن – جيل بكامله نشأ بعد الأستقلال وهو لا يعرف مصيره … يبحلق فى الظلام ولا يعرف موطىء قدمه ولا مسار أتجاهه. يحلم بغد آخر يعيشه فى خياله لكنه يفيق على واقع ملىء بالكوابيس المرعبة. النظام محكوم بنهج وفكر غير قابل للتفاعل والحوار مع الآ خر…صحبتهم تلك الرؤية زمنا طويلا وما أستطاعوا منها فكاكا وهى رؤية لا تساعد على المراجعة وممارسة النقد ناهيك عن النقد الذاتى لأنها بالطبيعة ضد المعرفة الأ نسانية والتراث البشرى الأ يجابى.قد يعلن بعضهم الخروج عن النظام ( المجموعة ) أو يعلن رفضه لبعض الممارسات لكن ( التنظيم ) لا يخرج منهم !؟ أنه نهج أختلال الأولويات وغرور حب السلطة والجاه دون علم أو دراية …وكما قال ( أبراهام لنكولن ) : أن الذين يحرمون الآخرين من الحرية لا يستحقون التمتع بها … ونضيف أنهم لا يستطيعون المساهمة فى تحقيقها ؟
المعارضة نتحدث عن المعارضة بشكلها العام وبمفهومها الكلى – كل معارض أرترى للدكتاتورية حتى لو كان بالدعاء … لا يهمنى وسيلته وتفاصيل حركته أذا كانت بأتجاه
أسقاط الدكتاتورية.ولكن لا أناقش من يؤيدون النظام فى تفاصيل التغيير … بعبارة أخرى لا يمكن مناقشة شخص ما فى الجزئيات أذا كان لا يؤمن بالكليات – وكما قال الشيخ شعراوى ( لا يمكن أن تناقش شخصا لا يؤمن بالله عن تفاصيل الصلاة !؟).
لضمان أستمرار النضال من أجل التغيير لا بد من تحقيق التواصل والتفاعل بين جيل الثورة وجيل الدولة … على جيل الثورة أيصال الرسالة وضمها الى أرشيف الذاكرة الجمعية للوطن … تمهيد وتواصل وأرسال ثم أ لتقاط وفهم للرسالة وأتمامها.هنا يبرز الدور التخريبى الذى مارسته وما تزال الجبهة الشعبية – أنها فصلت بين الأ جيال وحاولت هدم وقبر الماضى وأ نشاء الجيل الجديد على أو هام سيادة القومية المختارة وتفوقها …
أنه صراع مزدوج ومتواصل وتحدى تاريخى يتطلب أستحضار كل قدرات وتراث النضال الأرترى وقدرته على تجاوز الصعاب …كيف يكون ذلك ؟؟
1- لا يمكن ولا يجب أن ننافس الجبهة الشعبية فى أمتلاك وممارسة شعاراتها ونهجها وهى معروفة ومعلنة ( الأحتكار – الأقصاء – التمثيل الأنتقائى – عدم ممارسة النقد والنقد الذاتى – عدم الأعترا ف بالآخر …)
2- يجب جمع ما هو أيجابى ومتاح من كل معارض – كذلك البحث عن الأبداع الأرترى فى كل مكان – فى الأدب والرياضة والفنون الخ وتوظيف ذلك لجعله قدوة للجيل الجديد ورفع الروح المعنوية والحس الوطنى والأنتماء لدى الفرد الأرترى.
3- تشجيع المبادرة والأقدام – حتى التقدم للمواقع القيادية فأنه يعكس روح التحدى والأستعداد لتحمل المسئولية – أ فسحوا لهم المجال ودعوهم يمسكون ( الجمر ) – القيا دة – بأيديهم ففيها الخبرة ومنها العظة والعبرة.
4- توظيف التنوع الثقافى والتعدد العرقى والأختلاف الدينى فى أتجاه بناء الوحدة الوطنية الطوعية مع وجود مساحة التعبير عن الحقوق الخاصة سواء كانت دينية أو قومية.
5- الحوار ثم الحوار بين أصحاب الطريق الواحد والأتجاه المحدد – أى التغيير الديمقراطى
البحث عن القواسم المشتركة أسهل وأكثر فائدة من اثارة قضايا جانبية وهامشية.
أ ننا نتوجه الى الجيل الجديد أ ن ينهل من موروث الجيل القديم بما يتناسب وتكوينه العقلى وأستعداده النفسى وأن لاتكون هناك قطيعة معرفية مع ذلك الموروث. يمكن أن نطوى صفحة الماضى دون أن نمزقها ونفتح صفحة المستقبل دون أن نفرضها.
أننى أفهم أن فى نفوس الجيل الجديد ( ألم وحسرة ) من مآلات صراعا ت جيل الثورة – فلا الدولة أ صبحت دولتهم ولا المعارضة الحالية يجدون فيها أملا وبصيصا من نور !؟ أصبح سؤالهم ليس ( من يحكم أرتريا ) بل ( كيف تحكم أرتريا ) ؟
أقول لكل هؤلاء – لاتيأسوا وأمامكم التاريخ وبين يديكم قصة ( يوسف وأ خوته ) :
أرادوا قتله – فلم يمت …ثم أرادوا أخفائه فأرتفع شأنه ثم بيع ليكون مملوكا فأصبح حاكما !! الجيل المغادر هو الذى أشعل النار … والجيل المبادر هو اليوم الذى يقبض على الجمر … لكنى أؤمن مثل الشاعر التركى ( ناظم حكمت ) أن أجمل الأطفال لم يولدوا بعد وأجمل الأزهار لم تتفتح بعد …
وأردد مع شا عر فلسطين ( سميح القاسم ) :
أسمع .. أسمع .. وقع خطى الفجر
لن أعدم أيمانى
فى أن الشمس ستشرق
شمس الأ نسان
ناشرة أ لوية النصر
ناشرة ما تحمل من شوق وأمان
كلماتى الحمراء …
كلماتى الخضراء …
كان الله فى عون الشعب الأرترى
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=21192
أحدث النعليقات