المجلس الوطني…بين الآمال والأحلام!
في هذا الشهر (مارس) سوف يعقد اجتماع “التحالف” واتمنى ان يحسم امر “التحالف” نهائياً، ليس من المقبول هذه الإزدواجية الغير منطقية والغير عملية بين “التحالف” و”المجلس”ان تستمر!!!
الشعب الإرتري حائر بين نظام ديكتاتوري قمعي إرهابي فاشل وبين معارضة ضعيفة وغير فعّالة “تراوح مكانها” منذ أكثر من عشرون عاما. ففي 24 مايو عام 2011 احتفلنا بمرور 20 عاما على تحرير الأراضي الإرترية ولكن الإنسان الإرتري لم يتحرر بعد، بل أصبح يعيش في وضع مأساوي يصعب وصفه. المعاناة، الخوف، السجن، مشاكل اقتصادية، ذل وهوان…الحياة في ارتريا اصبحت سلسلة من الكوارث.. لذلك عشرات الألاف من الشعب الإرتري (وخاصة الشباب) بدأوا يغامرون بحياتهم ويلجؤون الى دول الجوار ومنها الى العالم المتحضر بطريقة شرعية أو غير شرعية واثناء ذلك يتعرضون للموت والهلاك في الصحراء أو البحار أو في كهوف سيناء. الإنسان الإرتري اصبح كالقطيع يباع ويشترى من قبل السماسرة وتجار البشر ابتداء من داخل إرتريا (عصابات النظام مثل المدعو “مانجوس” وغيره من حراس الطاغية أفورقي)، ثم بعد ذلك تجرى صفقات مع عصابات رشايدة البالية الإرهابية، ثم رجال الأمن السودانيين الفاسدين، وسماسرة من الإرتريين واثيوبيين المجرمين وغيرهم في معسكرات اللاجئين، ورجال امن مصريين وبعد ذلك بدو سيناء المتوحشين…لقد اصبحت مأسات شعبنا مادة اخبارية محزنة ومتكررة في جميع وسائل الإعلام العالمية. شيء مأساوي ومحزن، ان يتعرض الشعب الإرتري، بعد نضال وتضحيات بطولية واسطورية التى استمرت لمدة 30 عاماً، الى مثل هذا المسير الذي لا يسر لا الصديق ولا العدو. |
لا أحد يتوقع خيرًا من نظام المتغطرس والغير شرعي الطاغية افورقْ، لذا الأمل معقود على الشعب الإرتري ان “يثور” ويدافع عن حقوقه وكذلك على المعارضة الإرترية ان تقوم بدورها المنشود.
استبشر وتفائل الشعب الإرتري بإنعقاد الملتقى الوطني للتغيير الديمقراطي في أغسطس من عام 2010 في العاصمة الإثيوبية اديس ابابا، وبعدها التفائل والأمل ازداد بعد انعقاد المؤتمر الوطني للتغيير الديمقراطي في ديسمبر من عام 2011 في أواسا في جنوب اثيوبيا والذي حضره حوالي 600 شخص من جميع انحاء العالم، وخرج المؤتمر بقرارات طموحة مثل أختيار مجلس وطني يتكون من 127 عضوًا یضم القوى السیاسیة (التحالف وخارج التحالف) والمنظمات المدنیة والمرأة والشباب وقدامى المناضلین ومن ثم اختار اللجنة التنفيذية مكونة من 23 عضوًا.
بعد أكثر من ثلاثة شهور، اللجنة التنفيذية لم تتحرك بعد، ولم تقدم نشاطات تذكر واتمنى ان لا يطول هذا السكون… لأننا نتوقع ونتمنى من المجلس الوطني المنتخب الكثير والكثير.
ولكن ما دفعني كتابة هذا المقال هو مشاهدتي أعضاء من اللجنة التنفيذية “للتحالف” يجتمعون بالجماهير في مدن اوروبية واعضاء من المجلس الوطني يجتمعون ايضاً بالجماهير في مدن اوروبية آخرى. لقد انزعجت، تعجبت، اندهشت وبدء اليأس يتسرب الى قلبي (كثير من غيري من المتابعين)، لأن هذا يعتبر أمر غير منطقي ومقبول. لماذا هذا التشويش؟ لماذا هذه الإزدواجية؟ هنالك خلل.. يحتاج الى معالجة فورية، سريعة وحاسمة لأن الشعب الإرتري سئم من هذه التناقضات، فنحن نريد ان نتقدم بجدية ولا نريد ان نعيش في “حلقة مفرغة” بين “التحالف” و”المجلس” (مثل قصة – الفأس من سرقوا).
يوجد في الساحة الإرترية: – تنظيمات واحزاب من التحالف وخارج التحالف. – التحالف الوطني الديمقراطي الإرتري (يتكون من 11 تنظيمات واحزاب) – المجلس الوطني يتكون من تنظيمات واحزاب السياسية (التحالف وخارج التحالف) والمنظمات المدنیة والمرأة والشباب وقدامى المناضلین (يمثل الجميع).
“التحالف” جزء ومكون اساسي من “المجلس الوطني الإرتري” لذلك نشاطات “التحالف” لا بد ان تتوقف فورا أو تكون بتنسيق تام ومعرفة من المجلس الوطني وبإسمه. تخيل معي عزيزي القارئ: الجماهير تحضر اجتماع “التحالف” اليوم وبعد اسبوع أو شهر تحضر اجتماع “المجلس الوطني”؟ وبعد يومين اجتماع التنظيم أو الحزب. ماذا سيكون خطاب التنظيم/الحزب و”التحالف”؟ وما هو الفرق بين الثلاثة؟ وبالنسبة للدبلوماسية ولقاءات مع الدول والمنظمات…ماذا سيقولون لهم؟ نحن نمثل “التحالف” الذي هو جزء من “المجلس الوطني” الذي هو…هذا تعقيد لا داعي له وغير مثمر اطلاقًا. يمكن شخص ان يمثل تنظيم/حزب، التحالف والمجلس!!! بإسم من سوف يتحدث؟ وماذا سيقول؟ وجود التنظيمات/الأحزاب شيء معقول (مع انّ العدد كثير جدا) ولكن وجود “التحالف” و”المجلس” معاً في نفس الوقت…بلا جدوى ولا معنى.
في هذا الشهر (مارس) سوف يعقد اجتماع “للتحالف” واتمنى ان يحسم امر “التحالف” نهائياً، ليس من المقبول هذه الإزدواجية الغير منطقية والغير عملية. لا بد “التحالف” ان يحدد موقفه من “المجلس” لا يمكن ان نعيش هذه التعقيدات بعد شهر مارس 2012. وعلى الجميع ان يعلم، لا مكان للطموحات والبطولات الشخصية أو الحزبية على حساب مصالح الشعب، ومن لا يريد ان يلتزم بقرارت المؤتمر الوطني لا بد ان يواجه بكل حزم وبدون مجاملة. الشعب الإرتري وضعه لا يتحمل خلافات ومهاترات في امور ثانوية. المطلوب من الجميع “التضحية” من اجل مصلحة الوطن المكلوم.
لا بد ان تكون مصلحة الشعب فوق طموحات الأفراد، التنظيمات والتحالف…نريد “المجلس الوطني” ان يمثل المعارضة العريضة…ندعوا الشعب ان يدعم ويلتف حول “المجلس” وندعوا “المجلس” ان يتحرك ويلعب دوره المفروض والمتوقع منه، هذا ما نريده وهذا ما نتمناه.
نرجوا من “المجلس الوطني” ان ينسق مع الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية (الشيخ خليل محمد عامر) الذي يقوم بجولة سياسية ناجحة في جمهوية مصر العربية، لكي يمثل (المجلس) المعارضة الإرترية كما كان الحال في ليبيا بالأمس واليوم في سوريا. كذلك نتمنى “المجلس” ان يزور كل من تونس، ليبيا جزائر ودول آخرى بعد مصر في اسرع وقت ممكن. وهنا اشكر وفد الحزب الإسلامي للعدالة والتنمية بقيامه بهذه المبادرة الناجحة ونرجوا ان يكون دليل ورابط بين جمهورية مصر و”المجلس الوطني” ونتمنى جميع التنظيمات/الأحزاب ان تدعم “المجلس الوطني” ليكون “المظلة” الوطنية العريضة للمعارضة الإرترية.
من الممكن ان تتحرك التنظيمات والأحزاب ولكن لا بد ان يكون تحت مظلة “المجلس الوطني” لكي نخطو خطوة الى الأمام، فأما “التحالف” اصبح مكرر لذا لا بد ان يحسم امره في هذا الشهر، لأن الشعب لا يقبل ولا يتحمل تعقيدات وخلافات لا معنى في مثل هذه الظروف الكارثية التى يعيشها الشعب الإرتري في الداخل والخارج .
وكتبه: محمد صالح أحمد
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=21257
أحدث النعليقات