التحالف يجب أن يرحل
بعد إنشاء مفوضية الحوار الوطني ومباشرة أعمالها انتظم معظم الإرتريين في لجانها وبذلوا جهداً مقدراً من أجل دفعها إلى الأمام للوصول إلى مظلة جامعة يستظل بها الناس وتنظم مسيرة العمل الوطني المعارض، وبعد عمل دؤوب انعقد مؤتمر “أواسا” وخرج بالمجلس الوطني الذي تمثلت فيه كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الإرتري. وتنفس الناس الصعداء وظنوا أن مسيرة العمل المعارض قد وضعت في طريقها الصحيح، وأفرطنا في الأمل واعتقدنا أنه طالما تمكنا من توحيد الكلمة والممثل، فإن طريق الوصول إلى الانعتاق من ربقة الدكتاتورية قد لاح في الأفق بل واقترب ونحن في قمة الفرح وعناق المولود الجديد لم يخطر ببالنا أن المجلس سيتعرض إلى طعنة غدر ممن اعتقدنا أنهم أحرص الناس عليه. قد توقع الناس أن مهام التحالف الوطني ومسؤولياته ستحال إلى المجلس الوطني إلا أن قيادة التحالف قد اجتمعت أخيرا وأكدت على استمراريتها دون أن تسوق أي مبررات مقنعة بل وتجاهلت في بيانها الإجابة على أسئلة محورية من نوعية ما هو دورهم في ظل وجود المجلس الوطني؟ ومبررات استمراريتهم مما شكّـل استفزازاً واحتقاراً لعقول الناس. إن قيادة التحالف لم تفهم بعد أن الشعب الإرتري قد تجاوز مرحلة نحن نفكر لك وما عليك إلا أن تتبعنا – لقد ظلت مكونات التحالف خلال السنتين الماضيتين تردد بأن التحالف هو الذي كوّن مفوضية الحوار وهو كلام يحتاج إلى توضيح وهو أن الحقيقة هي أنه عندما تأكد للتحالف بأن منظمات المجتمع المدني والجماهير الإرترية في الشتات وما تقوم به من دور نضالي متميز قد بدأ يتجاوز دور التحالف الكسيح. مما جعل القائمين على التحالف يفكرون في إبطال مفعول هذا الدور أو الالتفاف عليه ولهذا ابتكروا إنشاء مفوضية الحوار، والتي سرعان ما خرجت عن طوعهم. وعندما بات لهم واضحاً بأن أمر المعارضة بدأ يفلت من يدهم وأن مؤتمر الحوار القادم لن يكون كما أرادوا له، عملوا على تأخيره ولم يكن بإمكانهم أن يؤخروه أكثر من شهر واحد بعد أن عدلوا نسب تمثيلهم من 40% إلى 60% وقد قبلت بها قوى المجتمع المدني حتى لا يفشل المؤتمر. إلا أن نسبة الـ 60% لم تشبع غرائزهم الجنونية مما جعلهم يؤكدون استمرار التحالف. وهو على أي حال محاولة قتل للمجلس الوطني وأن جل مكونات تنظيمات التحالف هم أصحاب سوابق. والتاريخ الإرتري المعاصر يشهد عليهم بأنهم قد قتلوا جبهة التحرير الإرترية، رائدة الكفاح المسلح وصاحبة المشروع الوطني في ليلة ليلاء بعد أن جمعوا كل اثنياتهم ولسانياتهم ليوزعوا دم الجبهة بينهم بعد أن استعانوا بتجربة تاريخية حدثت
في صدر الإسلام الأول عندما أرادت قريش قتل الرسول (ص)، وجمعوا القتلة من كل القبائل، قد اهتدوا إلى تلك الحادثة التاريخية في فعلتهم اللعينة، مما أفقد الساحة الإرترية عنصر التوازن وجعل الشعب الإرتري اليوم يدفع ثمن تلك الجريمة دماً ودمعاً. وما أشبه الليلة بالبارحة الآن وسيول الدماء الحارقة تجري في بلادنا تضييق الخيارات فإما أن نوحد صفوفنا ونقف خلف المجلس الوطني باعتباره ممثلاً شرعياً انبثق من مؤتمر تمثل فيه الجميع وإما أن ننجرف ونفترق وتنتصر إرادة القمع والقتل السائدة الآن في بلادنا. إن الدعوة لشطب التحالف من المعادلة السياسية ليست هي دعوة لشطب التنظيمات السياسية التي لها الحق أن تكون موجودة. وليس من حق أحد أن يطالب بإزالتها. على الأفراد والقوى الطامحة في التغيير أن تدفع باتجاه إحالة دور التحالف إلى المجلس الوطني وعلى قيادة التحالف أن تقبل ذلك وبسرعة وإلا فإن التحالف سيصبح معيقاً للتغيير وحينها لا بد أن نوجه نحوه كل أنواع أسلحتنا باعتباره خط الدفاع الأول عن النظام وأنه من غير الممكن أن نهزم النظام دون اختراق خط الدفاع الأول عنه وهو التحالف الذي يعيق الآن العمل المشترك. وإن الفرص لا تتكرر وفرصة التغيير الآن أقرب من ذي قبل. وعلى قيادة التحالف أن تستوعب ذلك. إننا نشيد بموقف الحزب الإسلامي ونأمل منه موقفاً أكثر إيجابية وصرامة وذلك بالانسحاب من التحالف ولو فعل ذلك سيخسر التحالف ويكسب الشعب الإرتري وكل المستقبل.
عبد الرحمن محمود
Abdali0101@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=22255
أحدث النعليقات