قراءة تحليلية لفهم الأيدلوجية السياسية للنظام ( 2 )
بقلم / محمد عمر مسلم
2012/8/3
هي محاولة متواضعة لمعرف أيدلوجية النظام السياسية من خلال الوقوف على التصورات والأفكار الواردة في بيان الطغمة الحاكمة ( نحن وأهدافنا ) الصادر في عام 1969م، من خلال التحليل الذهني والفكري لاستيضاح العلاقة بين ما جاء في البيان وسياسات النظام ومخرجاتها على المشهد الإرتري،
كان للخطاب الماركسي ( في عهد الثورة ) بريق يخطف الأبصار وعبارة تأسر الألباب وإيقاع يشنف الآذان هذا ما كان يحتاجه المشروع الطائفي ليمرر على الشعب ،،، ومما ساعد على التمرير تبني أو صمت البعض لينال لقب التقدمية، وأما من علق الجرس محذرا من شؤم المشروع ألحق بالرجعية والتخلف والقبلية،،، وما بين الهروب من الرجعية واللهث خلف التقدمية المزعومة شق المشروع الطائفي طريقه نحو سدة الحكم والتمكين.
الأيدلوجية السياسية للنظام إمتزج فيها نفس ماركسي وأخر طائفي فأثمرت سياسة إنقلابية على المنظومة القيمية والاجتماعية والثقافية والحقوقية للمجتمع واصفة إياه بالجهالة والرجعية، هذه الأيدلوجية كانت طائفية في تعاملها مع كل ما له صلة بالمسلمين ( من دين وثقافة وقيم ولغة ) بينما كانت متسامحة ومحتضنة لكل ما له صلة بالمسيحيين ( من دين وثقافة ولغة ) وما كان إستثناء في تلك الحميمية في ( عهد الدولة ) كان لرفض بعض سياسات النظام كالتدخل المباشر في شؤون الكنيسة على سبيل المثال لا الحصر،
النفس الطائفي كان وراء مواقف متطرفة تجاه كل ما له صلة بالإسلام والعروبة في إرتريا، عادوا الجبهة لغلبة العنصر المسلم فيها قيادة وجندا، ورموها بكل نقيصة من جهل ورجعية ( وعلي الرغم من كل الإريتريين أيدوا المقاومة المسلحة بقيادة حامد إدريس عواتي ، ولكن جميع الذين التحقوا به في منطقة بركة كانوا من المسلمين. وفي ذلك الوقت لم يشترك سكان المرتفعات في المعارك التي دارت في الميدان – وذلك لأسباب وظروف جغرافية لم تتح لهم الاشتراك في العمل المسلح لأن المبادرة كانت من المسلمين تلك الادعاءات ليست كما يقال صحيحة ) ( 1 )
الظروف الحقيقية التي أعاقت سكان المرتفعات من المشاركة في النضال في وقت مبكر نترك أمرها للمهتمين بكتابة تأريخ النضال الإرتري،، ما يعنيني هو إثبات أن النظام الحاكم قام منذ نعومة أظفاره على أيدلوجية معادية لكل ما له صلة بالإسلام والعروبة في إرتريا ،،،
النفس الطائفي كان وراء تجريد الجبهة من وطنيتها ورميها كذبا بأنها قامت على دعاية إسلامية كانت سببا في حصر النضال في المحيط المسلم (واعتقدوا أنهم سيدعموا موقفهم بفعالية أكثر إذا قاموا بدعاية إسلامية، و لذلك فقد قيدوا انطلاق الحركة ( النضال ) في محيط الإسلام، وبرمجوا عملهم في الداخل والخارج علي هذا الأساس ) ( 1 ) .
النفس الطائفي كان وراء الترويج بأن الجبهة قامت على عمل جهادي استهدف مسيحي إرتريا ( لذا فمن خلال النضال المقدس ( الجهاد في سبيل الله) نشرت الدعاية المعادية للمسيحية والتي كانت تتعارض وتنحرف بالنضال عن الخط الوطني للتحرير لقد أدي انتشار تلك الدعاية والتوجيه غير الصحيح إلى اعتبار المسيحي الإريتري كافر وهوجم علي أساس أنه عدو خائن ) ( 1 )
النفس الطائفي في ( نحن وأهدافنا ) كان مقصودا لذاته لتحقيق أهداف بعينها الأهدف الأول/ استقطاب النخب المسيحية الكبساوية خاصة تلك التي كانت تعيش في بلاد الغرب ،، وقد وقع الكثير من تلك النخب في فخ الدعاية الطائفية فتبنوها وقاموا بتسويقها دون التأكد من حقيقة وجودها ودون النظر والتأمل في مألآتها على الوحدة الوطنية والتعايش السلمي الهدف الثاني/ استدرار عطف ودعم الدوائر الكنسية الغربية للتصدي للدعاية المعادية للمسيحية في إرتريا على حد زعمهم.
موقف الأيدلوجية من الثنائية الدينية: وصفت الثنائية الدينية بالتناقض وبأنها عامل تهديد لوحدة الشعب ( ولكن المجموعات الرئيسية تعتنق ديناً مختلفاً، لذا يبدوا التناقض الرئيسي داخل إريتريا دينياً — أنه من الخطأ تقسيم الشعب الإريتري علي أساس ديني والتأكيد علي وحدة الشعب الإريتري ) ( 1) كل تناقض مصدره الثنائية الدينية يكون عامل استقرار إن أحسن إدارته ،، والعكس صحيح ، فالتهديد لوحدة الشعب لم يكن مصدره الثنائية الدينية بل العقل الاقصائي الذي تعامل مع الثنائية من منطلقات عنصرية وطائفية، ففي ظل الثنائية الدينية ( قبل ظهور أصحاب المشروع الطائفي) كان الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي واقعا معاشا في إرتريا ،، كان الهدف من الانقلابعلى الثنائية الدينية، هو التمهيد لإقصاء أكثر من نصف المجتمع ( المسلمين ) وحرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية، من صور الانقلاب في مرحلة الثورة استهداف القيم والأخلاق والروابط الأسرية والاجتماعية صاحب ذلك تجريف ديني وقيمي وثقافي منظم لكل ما له صلة بالمسلمين لإيجاد أرضية لمشروع التجرنة .
موقف الأيدلوجية من الدين سلبي للغاية ( والذي نود أن نطرحه بوضوح أن الدين في حد ذاته ليس دافعاً وأساساً للنضال من اجل التحرر الوطني. بل أن الدين كثيراً ما يكونأداة للاضطهاد وتحقيق المطامح الشخصية، ) ( 1 ) هذا الفهم الخاطئ لمكانة ودور الدين في حياة الشعوب ينافي ما فطر عليه الإنسان ففي وقت الكوارث والمحن ومغالبة الظالمين يتفقد الإنسان رصيده الديني ليزداد به قوة وثباتا فالدين أهم الحاضرين والفاعلين في صراعات البشر قديما وحديثا وهذا الحضور للدين شاهدناه في ثورات الربيع العربي ،،،فالدين يعتبر دافعا ومحرضا للشعوب على مقاومة الظالمين والمعتدين وإقصائه من حياة الشعوب يعني فقدانهم سر قوتهم وعزتهم وكرامتهم، وشعب فقد دينه لن يكون جدير بالتمكين والحياة الكريمة.
الموقف من اللغة العربية، أيدلوجية النظام اعتبرتها لغة أجنبية( لقد أصبحت اللغة العربية أحد اللغات الرسمية في إريتريا فقط من خلال القرار الفيدرالي لعام 1952م — فهنالك عدد قليل من قبيلة الرشايدة تجول براري الساحل وهم يتكلمون العربية ولم يختلطوا بأي مجمو عات عرقية أخري ) ( 1 ) ربط اللغة العربية بالرشايدة ،، له بعد إقصائي فالقول بأنهم يعيشون في تجمعات معزولة عن بقية المكونات، يعني عزلة العربية عن المجتمع كعزلة أصحابها، و حداثة العربية كحداثة أصحابها في المجتمع ، و قليلة الانتشار كقلة انتشار أصحابها في المجتمع،،،
موقف الأيدلوجية من التوزيع السكاني: رأت عدم العدالة في توزيع السكان في إرتريا (يبلغ عدد السكان في إريتريا ثلاثة ملايين، ولا يتناسب توزيعهم مع تقسيمات البلاد الجغرافية فعلي الرغم من أنالأراضي المرتفعة تكون جزء صغيراَ من مساحة إريتريا آلا أنه يسكنها أكثر من نصف الشعب الإريتري، أما الأراضي المنخفضة في الغرب فمعظمها قاحلة ولذا يتناثر فيها السكان. )،،، المرتفعات تمثل جزء صغير من مساحة البلاد،، هذه حقيقية، لكن يسكنها أكثر من نصف السكان مسألة فيها نظر ،، المسألة الثانية ،،، المنخفضات قاحلة ،،، يتناثر فيها السكان ،،، أيضا مسألة فيها نظر .
رؤية الأيدلوجية للثقافة والتقاليد في المجتمع ( ليست هناك وحدة في مجال الثقافة والتقاليد داخل الشعب الإريتري نتيجة لاختلاف الأصول العرقية والإقليمية واللغوية، ولكن شعبنا تخطي هذه الاختلافات السطحية لتشابه أوضاعه الاقتصادية والسياسية والتاريخية والجغرافية والدينية. ونتيجة لذلك فان سكان المرتفعات الإريترية تجمعهم إلى حد كبير ثقافة وتقاليد مشتركة.وبالمثل فعلي الرغم من أن سكان المنخفضات الإريترية لديهم اختلافات جذرية في الثقافة والتقاليد، فانهم يرتبطون من خلال الدين المشترك ) ( 1 ) .
الأيدلوجية السياسية أقرت أمرين في الثقافة والتقاليد ،،، الأمر الأول أن سكان المرتفعات تجمعهم ثقافة وتقاليد مشتركة، وإن وجدت اختلافات فهي سطحية ( كالاختلاف الديني ) ولعل إلحاق الجبرتا المسلمين بالتجرنيا المسيحيين كان من هذه الزاوية بعدما اسقط الدين من المعادلة، الأمر الثاني أن سكان المنخفضات اختلافاتهم عميقة في الثقافة والتقاليد ،،، والرابط الوحيد بينهم هو الدين ،،فالقول بعمق الاختلافات بين سكان المنخفضات ( الغالبية مسلمين ) في الثقافة والتقاليد مقصود لذاته، لتقسيم المسلمين إلى قوميات ( فرق تسد ) أما الدين في منظور الأيدلوجية عامل فرقة واضطهاد أكثر منه عامل وحدة وألفة بين السكان هكذا زعموا ( أن الدين كثيراً ما يكون أداة للاضطهاد وتحقيق المطامح الشخصية ) ( 1 ) .
( 1 ) ما بين الأقواس مصدره ( نحن وأهدافنا ) الصادر في عام 1969م ومما يجعل لهذا البيان أهمية خاصة بعد 43 عام من صدوره أن من أصدروه يحكمون البلاد، بما جاء في ذلك البيان، لذلك لا يمكن فهم ما يجري في البلاد إلا من خلال فهم ما جاء في ذلك البيان ،،،
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=24977
أحدث النعليقات