دبري زيتي… شباب للانقاذ والتغيير
بقلم: هاشم سمرة 9/8/2012
جاء مؤتمر الشباب الارتري الذي انعقد مؤخرا في مدينة دبري زيتي الاثيوبية في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الارترية حراكا سياسيا مناهضا لنظام الحكم في اسمرا ، وهو الحراك الذي لم تحققه المعارضة الارترية لفترة طويلة بعد ان اقعدتها التناقضات الثانوية ، والمماحكات التنظيمية ، وغياب التنسيق بينها ، والحديث عن”المفترض أن يكون” بدلا عن العمل من أجل تحقيق هذا “المفترض”وجعله شيئا ملموسا ، وأمرا على الواقع المعاش.
الحراك الارتري السياسي بدأه الشباب في المهجر في محاولة للتصدي لانشطة النظام المختلفة التي تدر له مردود مالي ، وتحقق له مكاسب سياسية يسجلها ضد المعارضة من خلال الانكار بوجودها ، أو التقليل من تأثيرها ، ووصفها بأنها ما هي الا عناصر ترتهن لقوى خارجية، لكن حيل النظام لم تنطلي على الشباب الارتري المهاجر حيث بدأ ينظم صفوفه عند كل مناسبة وطنية كانت او من بدع النظام وحده فيواجهها حتى تفشل، أو تسجل أدنى مردود مما يرجوه منها النظام ، ويمكن تسجيل حق الاقتراع لهذا التصدى للشباب الارتري في استراليا ، وتحديدا في مدينة ملبورن الذي ما فتئ يتصدى لمهرجانات النظام حتى طور عمله بتأسيس منظمة هدفها مناهضة أنشطة النظام.
هذا الحراك الشبابي أقلق مضاجع النظام في اسمرا ، فعمل النظام على تأسيس منظمة شبابية أسماها بالانجليزية ” young pfdj “ypfdj”
” لكن المعارضة الارترية بكل أطيافها لم تنتبه لهذا الحراك ، ولم تلحظ وجوده على الساحة السياسية حتى تلقفته مؤخرا أثيوبيا الجارة والحليف الاوحد للمعارضة الارترية ، فقررت العمل معه.
مؤتمر”دبري زيتي” الذي جرى في الفترة ما بين 7 يوليو وحتى 17 منه لهذا العام وحضرته وفود شبابية ارترية تمثل 38 منظمة شبابية تنشتر حول العالم هو التمهيد الذي قامت به أثيوبيا من أجل ان تلتقي هذه المنظمات الشبابية ثم تتفاكر وتتباحث في وسائل نضالية أكثر فاعلية لاسقاط النظام.
الحديث عن امكانية المعارضة الارترية في تغيير النظام سابق لاوانه والا لما تحملت اثيوبيا نفقات باهظة من أجل استضافة مؤتمر شبابي يزيد وفده المائتي عضو قادمون من مختلف بقاع العالم ، ويقتصر دورها على التنظيم والاستضافة مقارنة مع ما سبق من سمنارات ومؤتمرات ارترية نظمتها واستضافتها واشرفت عليها لكن يبدو ان مردود كل تلك المؤتمرات لم يتجاوز حدود القاعات ولذلك ربما ارادت من مؤتمر الشباب ان يصل صداه الى مشارف أسمرا حيث معقل الديكتاتور اسياس فورقي.
اثيوبيا تعلمت الدرس من فشل المؤتمرات السابقة ، فحرصت على أن يكون هذا المؤتمر ناجحا بكل المقاييس من اجل ان يواكب متطلبات المرحلة الحالية التي شرطها الاول اسقاط النظام ، وطرد فلوله ثم اقامة دولة المؤسسات والقانون، لذلك اطلقت اثيوبيا العنان للشباب لوضع مسارات المؤتمر ، وقد تلاحظ حجم محاولات الاختراق التي استهدفت المؤتمر من قبل القوى التنظيمية المعارضة من أجل استقطاب الشباب للصالح التنظيمي على حساب الصالح الوطني.
ولما كان وعي الشباب قد بلغ مداه ، فقد حرص المؤتمرون على العمل من أجل انجاح المؤتمر ، فمضوا طوال ايام المؤتمر يتناقشون ويتحاورون حتى أفضى بهم الأمر تأسيس اتحاد جامع لكل الحركات الشبابية ، تقوم على رئأسته قيادة من مجلس وتنفيذية مدتها عام ومهمتها الاعداد والتحضير لمؤتمر شبابي.
مؤتمر”دبري زيتي” نال ما نال من التشكيك على مختلف جوانبه ، ونالت معه أثيوبيا ما يكفي من العتاب حتى وصل الامر الى تحميلها مسؤولية فشل مشروع المعارضة الارترية ، واراد البعض أن يقول لاثيوبيا “كفى” تدخلا في الشأن الارتري ، وهذ أمر جميل لئن صدقت النوايا ، لكن ان يأتي من افراد تقلدوا مناصب تشريعية او تنفيذية او ما بينهما من خلال سمنارات ومؤتمرات مماثلة تقف اثيوبيا على كل أركان نجاحها او فشلها ، فهو أمر مستهجن ، لا يخدم الا النظام وأعوان النظام، ولابد من إبدال ذلك بعبارات القبول والترحيب ولو في شكلها المجامل وذلك من أجل خلق روح الفريق الواحد في العمل المعارض ، لا روح التناحر والتناقض التي الفتها وعاشتها تنظيمات المعارضة الارترية كما أسلفتُ آنفا.
ولكن”فاقد الشئ لا يعطيه” كما يقال، فان القوى السياسية التي تزاول العمل السياسي المعارض لا حول لها ولا قوة الامر الذي جعل أثيوبيا تتجه الى دول العالم للتنسيق مع الشباب المرابط أمام سفارات وقنصليات نظام أسمرامام، ويبدو أن أثيوبيا ايضا حريصة كل الحرص على عدم التفريط بالقوى المعارضة بغض النظر عن حجمها ، وما يعزز هذا ان قيادة الشباب في جولتها مؤخرا قامت بزيارة الى وزارة الخارجية الاثيوبية ثم مكتب محور صنعاء وانتهاء بمكتب المجلس الوطني الارتري للتغيير الديمقراطي حيث بددت زيارة الشباب للمجلس كل المخاوف المشروعة وغير المشروعة من شاكلة اثيوبيا أوجدت البديل وسوف تتخلى عنا عما قريب. الرافضون للمؤتمر، ولما تمخض عنه لم يقدموا أسبابا تسند حججهم، بل هم أقرب الى ما يشبه بمن يمارس الابوة ، ان الساحة السياسية مفتوحة على مصراعيها ويمكن لمن يأنس في نفسه الولوج اليها ، والخوض في غمارها ، ليست هنالك حتى الآن مكاسب يمكن الدفاع عنها ، بل هنالك مكايدات ، وتحايل ، ونظريات المؤامرة ، وممارسة الاقصاء ضد الآخر ، اذن على أي المكاسب يأتي الحرص ، انها أقرب الى المزايدات ، لكن الشباب في”دبري زيتي” قال كلمته ومضى ، وعليه أن يأخذ في الاعتبار حجم المسؤولية التي يجب أن يتصدى لها في نضاله من أجل التغيير الديمقراطي ، لا أن يكون مجرد رقم يضاف الى الكم الهائل من القوى السياسية التي تعج بها ساحة المعارضة الارترية.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=25102
أحدث النعليقات