بيـان شبكـة “إدعـم” ردا علـى “قرنوليـوس عثمـان”

فى الأول من سبتمبر 2012 وبينما كان جموع الوطنيين الإرتريين من مختلف المشارب والتوجهات وفى جميع أنحاء العالم يحتفلون بالذكرى الحادية والخمسون لإنطلاق الكفاح المسلح  أصدر قرنوليوس عثمان ، قائد الحركة الديموقراطية الإرترية لتحرير الكناما بيانا مسيئا لرمز تلك المناسبة المجيدة – الشهيد البطل حامد إدريس عواتى.

في حين إن الحقيقة التي لا مراء فيها بأن عواتى قد إستحق لقب البطولة الوطنية وهالة التقدير والإحترام التى يتمتع بها حتى اليوم بفضل مساهماته الفذة وجهوده الفريدة فى اطلاق الشرارة الأولى للكفاح المسلح مع مجموعة من رفاقه الطليعيين ، الأمر الذى قاد فى نهاية المطاف إلى تحقيق الاستقلال التام وقيام دولة إرتريا . لهذا فإن تاريخه ليس بحاجه لمن يدافع عنه لأن إسهاماته البطولية كفيله بالتعبير عن نفسها، وهي وحدها التي سمت بصورته ووضعتها في مصاف فوق كل الشبهات . لذا لا يستطيع كائناً من كان أن يسلبه هذا الشرف أو المكانة المرموقة التى ثبتها تأريخه فى ذاكرتنا الجمعية رغم بعض محاولات التشويه والتى كان آخرها ما صدر عن قرنوليوس عثمان.

إن المسئولية الوطنية تحتم علينا ونحن أمام مثل هذه التجنى والاتهام الذى لا أساس له من الصحة والذى يروج له قرنوليوس عثمان وأمثاله ، أن نضع الأحداث التأريخية فى إطارها الصحيح.

إن الإحتفال سنويا بذكرى الأول من سبتمبر إنما هو إحتفاء بلحظة هامة فى تأريخنا مهدت للكفاح المسلح الذى أوصلنا لإستقلال إرتريا والذى لا تكتمل صورته دون إبداء التقدير والإحترام لرمز تلك الإنطلاقة والدور الرائد الذى لعبه عواتى كمفجر للثورة وقائداً للكفاح المسلح ، وفي هذا السياق  التاريخى يأتي الإحتفاء بعواتى كبطل وطني ،  وأى تنكرلما قدمه أو تشويه لمكانته لا يمكن إلا أن يعد تنكرا وتشويها لمجمل العمل النضالى الإرتري من أجل التحرير.

أمابخصوص الجدل الذى أثير الآن عن الأحداث التى كانت سائدة فى فترة ما قبل الكفاح المسلح ودور عواتي فى ذلك، فنرى إنه من الطبيعي أن تكون للناس رؤى مختلفة بصدد الأحداث التأريخية وذلك حسب خلفياتهم وتصوراتهم ولكن الحقيقة الكاملة لا يمكن إستخلاصها إلا بعد إخضاع كل الدعاوى لتحقيق موضوعى تجريه  لجان محايده و متخصصة لتقصى الحقائق فى الفترة الانتقالية وأن يتم ذلك كجزء من عملية مصالحة شاملة لمعالجة الأضرار التى لحقت بالنسيج الاجتماعى الارترى، وأن تكون عملية المصالحة الوطنية التى يرتجى إطلاقها من أجل الوصول إلى الحقيقة  لتنفيذ متطلبات العدالة الانتقالية لصالح المتضررين من الأفراد والجماعات ومحاسبة كل من اقترف جرماً فى حق المجتمع. وحتى يحين ذلك الوقت ، على جميع الشركاء الكف عن التشهير والإبتعاد عن كل ما من شأنه أن يولد توتراً و يخلق  إستفزازات لا داعى لها.

وحسب علمنا أن تأريخ المنطقة فى فترة الأربعينات من القرن الماضى قد إتسم بمظاهر الفوضى والسلب والنهب التى قامت بها جماعات عاثت فسادا فى المنطقة مستفيدة من الفراغ الأمنى الذى حدث بعد هزيمة المستعمر الايطالى وتلكؤ الادارة البريطانية التى حلت محله فى اعادة القانون والنظام للمستوى الذى كان عليه. لذلك تميزت تلك الفترة بسيادة حكم الغاب وتفشي الغارات والغارات المضادة التى تكبدت بسببها المنطقة خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات.

 وفي تلك الفترة بالتحديد برز عواتى ورفاقه  على مسرح الأحداث بعد أن تعرضت قافلة من النساء لهجوم شائن وعملية سلب ونهب وهن فى طريقهن لأداء واجب العزاء فى وفاة طيب الذكر الشيخ سيدنا مصطفى ود حسن. وكان ذلك إستجابة لنداء من الشيخ الأمين ود سيدنا مصطفى الذى كان شخصية اجتماعية ودينية ذات تأثير كبير فى المنطقة حيث دعى فئة الشباب فى المجتمع للنهوض دفاعا عن مجتمعهم ورد العدوان، وقد كان السبب الرئيسي وراء إنشاء هذه الوحدات الشبابية هو الدفاع عن مجتمعاتها ولدرء أخطار غارات النهب التى  إستفحلت فى تلك الفترة ، وعليه فقد قامت هذه الوحدات بهجمات مضادة لإفشال الهجمات المحتملة وأيضا لإستعادة ما سلب منها من ممتلكات من قبل القوى المختلفة التى كانت تجوب أرجاء المنطقة فى ذلك الوقت.

ولقد كان من الطبيعى جداً أن تكون الشجاعة التى أظهرها عواتى ومواقفه الاجتماعية النبيلة ودوره فى مواجهة تلك الغارات قد أكسبه ثقة الناس ، كما كان لهذا الإرث  مردوده الجيد فى مهمة عواتى المقبلة ودوره كقائد لثورة التحرر الوطنى. وبالتأكيد فإن تحلي عواتي بهذه الصفات الشخصية إضافة لخبرته القيادية ومساندة الشعب له قد ساهم فى انجاح إنطلاقة الثورة كما ساعد فى حمايتها فى مراحلها الأولى من أن تتمكن من الصمود فى وجه محاولات الجيش الأثيوبى لوأدها فى مهدها. ولقد كان القرار السياسى للآباء المؤسسين لجبهة التحرير الارترية والقاضى باختيار عواتى لقيادة الكفاح المسلح  قراراً اتسم بالحكمة وبعد النظر لأن عواتى كان يتمتع بالصفات الشخصية والخبرات الضرورية المطلوبة إضافة للثقة الشعبية التي حظي بها للقيام بتلك المهمة الكبيرة. ولا شك بأن هذه العوامل كانت محورية فى نجاح الثورة وصمودها خاصة فى المراحل المبكرة والحرجة من عمر تجربة الكفاح المسلح.

لذلك فإن أى تنظيم سياسى أو قيادة تسعى لتقويض هذه الحقائق أو التقليل من قدرها ، فإما أنها تفتقر للنضج السياسى أو أنها تقحم  نفسها فى مغامرات غير مسئولة.

كما لا يفوتنا أن نشير إلى أن السلطة الإستعمارية الأثيوبية قد عمدت فى ذلك الوقت إلى إتباع وممارسة سياسة “فرق تسد” البريطانية سيئة الصيت بخبث ونشاط محموم ، مما عمق التناقضات الثانوية وأجج أحاسيس الكراهية بين المكونات الارترية المختلفة ، وقد نجحوا إلى حد ما فى جر أجزاء من المجتمع الإرترى للإصطفاف إلي جانبهم والعمل ضد النضال الوطنى كما كان الحال إبان فترة تقرير المصير وفترات لاحقة وذلك بإنشاء وحدات من المليشيا المحلية التى حاربت إلى جانب الجيش الأثيوبى فى مواجهة القوى الوطنية الإرترية. ولكن حتى فى ذلك الوقت كانت هناك إستثناءات ، فلا يمكن أن ننسى المناضلين الأشاوس من قومية الكناما الذين قاتلوا إلي جانب بقية مواطنيهم منذ أيام عواتي وحتى تحقيق إستقلال إرتريا. ولا يفوتنا أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض القامات السامقة من الأبطال والشهداء والقادة من قومية الكناما ومنهم الحاج محمد بادومى ، موسى شولى ، محمود بيلاى وعثمان لونقى و كثر غيرهم ممن كانوا جزءً لا يتجزأ من النضال الإرترى التحررى منذ بدايته ولعبوا أدوارا مميزة للحفاظ على الانسجام والسلم الاجتماعى فى المنطقة. وإن هؤلاء القادة من  الرعيل الأول كانوا أوسع معرفة وأعمق فهما للتاريخ وللعلاقات بين مختلف المكونات الاجتماعية فى المنطقة أكثر من قرنوليوس عثمان وأمثاله.

كما نود إن نؤكد بثبات ووضوح لا لبس فيه على موقفنا المبدئي الداعم لحقوق جميع المكونات الوطنية ، بما فى ذلك قومية الكناما ، فى ممارسة حقها الكامل من أجل تقرير مصيرها و أن تتمكن من إدارة شئونها المحلية بنفسها وأن تحصل على نصيبها العادل في السلطة و الثروة  على مستوى الوطن والحكومة المركزية ، وأن تتمتع بالاعتراف الكامل فى ممارسة حقوقها الثقافية والدينية وكل ما من شأنه أن يشكل هويتها الخاصة. ولكننا فى نفس الوقت ندعو بقوه أن تراعي جميع المكونات الوطنية واجب الاعتراف بالآخر واحترام قيمه وحقوقه ، باعتبار إن التعاون والاحترام المتبادل والتأكيد على حقوق ومصالح جميع المكونات الوطنية هو الضمانة الوحيدة للنصر الكامل وإرساء قواعد العدالة والديموقراطية. ولا تستطيع أى مجموعة تعمل بشكل منفرد وبمعزل عن بقية الشركاء من تحقيق أية مكاسب و الإنتصار لذاتها  ناهيك عن تحقيق الأهداف المشتركة . لذلك ومن أجل الحفاظ على المصالح المشتركة ، يتعين على الجميع الحفاظ على روح العمل الجماعى والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة ردود أفعال غير محمودة من شاكلة البيان الإستفزازى المقيت الذى صدر مؤخرا عن قرنوليوس عثمان.

وجدير بالذكر أن حق تقرير المصير الذى نؤيده هو من أجل تحقيق العدل والنضال ضد جميع أشكال الهيمنة من أى طرف وتحت أى مبرر.  ويجب أن لا يؤخذ هذا الحق ذريعة لتعميق الخلافات بين مكونات المجتمع وحرف جهودها المشتركة في النضال من أجل العدالة عن مسارها الطبيعي . وللأسف فقد إستغل بعض الكتاب صدور بيان قرنوليوس عثمان للنيل من المباديء الأساسية لحقوق المكونات الاجتماعية المختلفة من أجل تقرير مصيرها – وبذلك إنجروا سواء بعلم أو دونه إلى تأييد خرافة  “شعب واحد قلب واحد”. ويجب أن نتذكر دائماً بأن الوحدة المستدامة هى تلك التى تصان فيها حقوق جميع المكونات –  وحده طوعية في إطار التعدد .

التجلة والخلود للبطل حامد عواتى وجميع شهدائنا.

الخذى والعار لكل من يتجنى على شهدائنا.

عاش نضال الشعب الارترى من أجل العدالة والمساواة والديموقراطية.

الهزيمة لنظام إسياس أفورقى الدكتاتورى وحزب هقدف المتسلط.

30/09/2012

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=26221

نشرت بواسطة في أكتوبر 1 2012 في صفحة اعلانات وبيانات. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010